نص كلمة بالمطيرفي: ظهور مهدي آل محمد مسبوق بغربلة الناس
توقيت الظهور من الأمور الغيبية
تعتبر ساعة اذن المهدي عليه السلام بالظهور من الامور الغيبية ولم يعطى سرها لأحد الا من خصهم الله بالسر ألا وهم آل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، نعم هنالك علامات، امارات، اشارات ودلالات على ان الوقت بات في حالة من القرب جراء ما يستفاد مما ذكرت، لكن بالنتيجة لا نستطيع ان نعطي قولا حاسما جازما بان المهدي عليه السلام سيخرج غداة غد، او في اليوم الفلاني، بل يبقى ذلك من الامور المنوطة بالسماء، متى ما اتاه الامر، حينها يصلح الله أمر المهدي عليه السلام في ليلة واحدة كما في الروايات، وفي روايات أخرى في يوم واحد[1]، عندها تكون كل الامور وكل المقدمات تامة ومرتبة و مهيئة للأمام المهدي عليه السلام، وقتها سوف يخلص الامام الى النتائج ويعيد الاسلام غضا طريا كأيامه الاولى التي جاء به النبي الاعظم محمد (ص)، لكن يستفاد من الاحاديث بان المسألة ليست بهذه السهولة كما يتصور البعض، مثلا في الحديث لتغربلن غربلة[2]، والمقصود هنا من الغربلة هو ادخال الانسان فيما لا يتحمل، في هذه الغربلة يمتحن الانسان حتى يتميز ويظهر معدنه، كالذهب يدخل في النار تحت درجة عالية كي يماز منه الخبث، فلا يبقى الا الصافي المصفى، الناس كذلك، لا يكفي ان يقول الانسان انا من شيعة المهدي عليه السلام او انا ممن يرتقب او يترقب ظهوره وانا في حالة الانتظار، عندما تأتي ساعة الصفر وقتها الانسان يدخل دائرة الامتحان، فاما ان يكرم واما ان يهان.
الثبات على ولاية أهل البيت عليهم السلام
{قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا}[3] الانسان يتمنى ويقول هذا القول في موردين؛ المورد الاول في عالم القبور عندما يوضع الانسان في قبره وبعد ان تأتي الملائكة ويطلب منه ان ينطق بكلمة التوحيد ولا يستطيع ان ينطقها، ويطلب منه الاقرار بالنبوة فلا يتمكن من ذلك، ويطلب منه الاقرار باللائمة، امام بعد امام ايضا فلا يستطيع، وقتها يقول {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} حتى اتعرف على هذه الامور، لكن الجواب سيكون حاسما ايضا {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا}، لان عالم القبر عالم حساب وليس عالم عمل، «فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل» كما يقول امير المؤمنين علي عليه السلام، [4] صحيفة أعمالك هي التي تكون معك، فإما ان تضيء القبر ويصبح كروضة من رياض الجنة، او يظلم القبر ويصبح كحفرة من حفر النار[5] والعياذ بالله، في تلك الساعة وفي ذلك المكان لا يبقى سوى شيء واحد ينفعنا، وهي ولاية الائمة المعصومين من أهل بيت النبوة عليهم السلام، فاذا ما خرج الانسان بها، واذا شهد المؤمنون للإنسان بعد موته وفي نعشه على انه خرج عن الولاية >اللهم اننا لا نعلم منه الا خيرا<[6] أي انه خرج من هذه الدنيا على ولاية امير المؤمنين عليه السلام وعلى الثبات والاستقرار، حينها سيفلح ويفوز.
الامام المهدي عليه السلام صاحب القيامة الصغرى
اما المورد الثاني فهو حين ظهور الامام المهدي عليه السلام، لذلك ينبغي على كل واحد منا ان يرتب اوراقه ويهيئ نفسه لتلك الفترة، فقد يكون قد حدث اعتداء على شخص، او جرى كلام غير طيب مع أحد، او اثيرت المشاكل في منطقة او... كل هذه الامور عندما يخرج الامام المهدي عليه السلام عليه ان يصفي حسابه مع الامام، يقول {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} خطاب للسماء يا الله! خلصني! وهذا الامر يعني انه قد لا يكون ظهور الامام المهدي عليه السلام فرحة للكل، لكن انشاء الله سوف يكون فرحة على الجميع الا انه قد يكون هناك من لا يسعفه عمله، فيكون عليه حسرة، لكن يبقى المهدي عليه السلام هو ميزان العدالة، فلا يقول الامام المهدي عليه السلام للذي يسكن في بيت مغصوب ابقى في بيتك، او للشخص المتعدي على جاره ابقي في محلك، او هذا الشخص الذي كان عليه ان يرعى اموال اليتيم لا ان ترعاه الاموال عليه ان يوضح للامام.
ظهور الامام المهدي عليه السلام كيوم القيامة {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[7] يقول انا لم افعل هذا لا يكفي عليه ان يأتي بشهود تشهد، ولذلك حتى اقرب المقربين للمهدي عليه السلام يدخلون في دائرة الغربلة والامتحان.
المفضل بن عمر (رضوان الله تعالى عليه) صاحب كتاب التوحيد الذي نقله عن الامام الصادق عليه السلام يقول: قال الامام الصادق عليه السلام: كأني انظر الى القائم عليه السلام على منبر الكوفة ـ من الذي يقول؟ الذي يقول هو الامام الصادق، وطبعا ان الامام الصادق عليه السلام وكما هو معروف وواضح كوضوح الشمس في رابعة النهار عندما يتكلم كلامه لا يكون مسألة تنظير بل هو واقع، لماذا؟ لانه وجميع أهل بيت العصمة يرون ما وراء الغيب وذلك بما منّ الله عليهم وبما فتح الله عليهم. وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية وهم حكام الله في أرضه على خلقه، هؤلاء كانوا عبارة عن قادة، زعماء، حملة الوية ورايات عدة اصحاب بدر يقول الامام الصادق وهم اصحاب الالوية وهم حكام الله في ارضه على خلقه، تصور شخص حامل لواء وحاكم على مقاطعة او محافظ، حتى يستخرج من قبائها كتاب فيه خاتم من ذهب، الامور لحد الان طيبة، كل واحد اصبح مسؤول عن شيء، هذا له محافظة، والاخر له مقاطعة، لكن الان الامام المهدي ادخلهم في الامتحان الصعب اخرج لهم الكتاب السري المختوم بختم النبوة عهد معهود من رسول الله (ص) فيجفلون عنه، هؤلاء ليس سائر الناس وعامتهم، بل هؤلاء الخلص فوق المخلصين ليس المخلَصين بل صفوة المخلصين هؤلاء يجفلون لما مر عليهم لان امر اهل البيت صعب مستصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان[8] وهذا الامر ليس بالشيء الهين، امرهم ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[9] في النهاية ما هذه الامانة التي حملها الانسان؟ قضية الولاية امر في غاية الاهمية ليس شيء بسيط، فيجفلون عنه إجفال الغنم، فلا يبقى منهم إلا الوزير وأحد عشر نقيبا، كما بقوا مع موسى ابن عمران عليه السلام، بعد ان ادخلهم في الامتحان لم يبقى سوى هذه الثلة واما الباقين فذهبوا عنه ولا يستغرب أحد من هذا، في زمن الامام الحسين عليه السلام وفي يوم عاشورا ماذا قال ذلك الشخص للامام الحسين عليه السلام؟ قال له: يابن فاطمة بيني وبينك عهد هل انت ما زلت عليه؟ قال له: بلي دونك البيداء النص فلوى عنان فرسه ودبر للامام الحسين عليه السلام، مشى وترك الحسين والامام يصيح امام الناس: الا من ناصر ينصرنا، الا من مغيث يغيثنا، الا من معين يعيننا، اذن علينا ان لا نقول سوى شيئا واحد ودعاء واحد وهو: اللهم ثبتنا على الولاية، فيجولون في الأرض، يبحثون عن ملاجئ فلا يجدون مأوى، ولا يجدون عنه مذهبا فيرجعون إليه، لانهم اينما ذهبوا لا يرون سوى الظلمات والمتاهات، تشهد عليهم جوارحهم تدل عليهم فلا يجدون عنه مذهبا فيرجعون اليه، والله إني لا عرف الكلام الذي يقوله لهم فيكفرون به[10] لذلك نحن عندما نقول: اللهم عجل لوليك الفرج علينا ان ننظر الى انفسنا، كيف نحن مع أنفسنا وكيف نحن مع الله ومع اهل بيتنا، بل حتى مع خصومنا! «اذا خاصمت فاعدل»[11]. نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من المحبوبين والمقربين للامام المهدي عليه السلام.