نص كلمة بالحليلة بعنوان:بصمات من العطاء في حياة زينب الحوراء

نص كلمة بالحليلة بعنوان:بصمات من العطاء في حياة زينب الحوراء

عدد الزوار: 695

2014-03-19

زينب وعطاؤها الكوثري

اختلفت التفاسير فيما يتعلق بهذه السورة المباركة وأنا لست في صدد استعراض تلك الآراء ولا في انتقاء أيها اقرب بقدر ما أردت التبرك بها والإمساك بأحد أطرافها، أما التبرك؛ فأسأل من الله سبحانه وتعالى ان يكون قد تحقق ذلك عنده من خلال تلاوتها، وأما للأمر الثاني فأقول: ذهب البعض من المفسرين بعد أن خلصا من مسألة ان الزهراء سلام الله عليها هي المعنية في هذه السورة إلى أمر مهم ألا وهو مفردة «الكوثر» حيث حملها البعض على نسل فاطمة سلام الله عليها، وكلنا يعلم أن زينب سلام الله عليها هي من هذه الشجرة، وهي غصٌن من هذه الشجرة الطيبة المباركة، وزينب لها من الأبناء ما تفرّع عنهم ومنهم تكثرت نسب السادة على وجه الأرض وأكثر المساحات التي يتواجدون فيها هي عبارة عن الحجاز أي شمال المملكة ولهم امتداداتهم في إفريقيا في قسمها الشمالي والوسطي كالسودان و... فهي لها نسلها وهي تصبّ في مصبّ الكثرة وهنالك جانبٌ ربما أهم فيما يتعلق بالسيدة زينب ألا وهو كثرة العطاء.

مساحاته ومحاوره

أعطت زينب في مساحات متعددة وعلى محاور متعددة وبأشكال متنوعة من مكة إلى الكوفة ثم إلى المدينة ثم من المدينة إلى الكوفة ثم من الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى كربلاء ومن كربلاء إلى الكوفة ثم من الكوفة إلى الشام ومن الشام إلى الحجاز. المدينة المنورة بالحساب الجغرافي مناطق متناثرة، بالحساب النظمي والانتظامي تعني مدن في دولة إسلامية مترامية الأطراف وموحّدة المركز في كل موقع من هذه المواقع الجغرافية التي ذكرتها، بصمت السيدة زينب لها بصمة واضحة وبيّنة.

محطات من حياة زينب عليها السلام في المدينة:

تولي شؤون النساء

 في المدينة المنورة لها بصماتٌ ثلاث البصمة الأولى وقوفها إلى جانب علي عليه السلام وهو يعقد العزم على تحويل عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة المنورة إلى الكوفة حيث تولت شأن النساء ومن هنا تعتبر زينب نزلت إلى الميدان العملي التطبيقي.

خروجها مع الامام الحسين

المرحلة الثانية عندما خرجت مع الإمام الحسين عليه السلام من اجل نهضة عاشوراء الحركة الخالدة التي من خلالها تم إصلاح الخلل قدر الإمكان وأقامة العوج زينب كان لها دورها بصمتها في المدينة واضحة بيّنة.

حملها لراية النصر

المرة الثالثة بصمتها في المدينة عندما عادت وهي تحملُ راية كربلاء، لا راية الانكسار وإنما راية الانتصار، الانكسار العسكري في كربلاء قد حصل، ولا يستطيع احد أن يقول أن معسكر العلويين استطاع أن يتغلب على معسكر الأمويين بل العكس هو الصحيح، تغلب الأمويين ببطشهم، بجورهم، بظلمهم، بسحقهم لجميع المبادئ والقيم والأعراف الإنسانية بجميع معانيها، ناهيك عما يتعلق بالدين، سحق الأطفال، سحق للإنسانية، فصل الرؤؤس عن الأجساد بعد القتل، ما هو الا تجرداً من ابسط المبادئ الإنسانية، وطء الصدور لم يكن مألوفا قبل ذلك الوقت، يعني لم يحدد لنا التاريخ بان خيول المسلمين وطأت صدور المشركين وهم مشركون بينما مع ريحانة رسول الله وأهل بيت رسول الله وأنصار رسول الله ممثلا في الحسين عليه السلام جرى عليهم ما جرى من السبي وهو لا يحق في شأن المسلمين، حرق الخيام و...، رجوعها إلى المدينة رايةٌ في يدها وهي راية الانتصار لا الانكسار لماذا؟ لأنها جاءت بها من قصر الخليفة من قصر السلطان الحاكم الجائر بعد ان فلّت جميع الحجج والزمته الصمت وكانت ان تقلب عرشه عليه لولا تدخُل من تدخل: «دعها أنها امرأةٌ سجاعة» يعني تقف على أواخر الكلم فيما يتساوى في حرف العقد الأخير زينب قالت له: مه والله ما انا بسجاعة وان لي عن السجاعة لشغلا وليس هذا وقت السجع واني لاعجب ممن يشتفى بقتل أئمته ويعلم انهم منتقمون منه في آخرته وقد سمحت قريحتي بهذا[2] يعني قد يتفنن الشخص بفنون الكلام وهذه سليقة وليست من أهل بيت زقّوا العلم زقا، ثم لم يستغرب هذا في حق زينب وهي بنت سيد البلغاء وسيد الفصحاء علي عليه السلام.

لما وصلت إلى كربلاء وضعت بصمتها لو لم تكن موجودة زينب في كربلاء ورعاية زين العابدين للمشهد باعتباره اللطف الإلهي الرابط بين الأرض والسماء لذهبت الثورة ادراج الرياح ولما استطاع احد ان يوظفها لانه لم يتسنى ذلك الا بعد فترة من الزمن. من يستطيع ان يروي تفاصيل الحادثة دون واسطة هي زينب صاحبة القلب صبور واللسان الشكور والنفس الكبيرة. فزينب تكفّلت امر النساء والأطفال، الرواية تقول: بأنها جمعتهم في خيمةٌ واحدة وأدارت شؤونهم. [3]

في الكوفة المشهد واضح وبيّن في زمن علي كان لزينب دور، وفي زمن الإمام الحسين لزينب دور ولكن شتان بين الدورين هناك الإمام علي خليفة للمسلمين فهي بنت الخليفة في الحسابات الظاهرية، واحد اثنين ثلاث أربع في الحسابات الحقيقة لا علي خليفة منذ اليوم الذي غاب فيه الرسول. فزينب عليها السلام في الكوفة إلى جانب علي عليه السلام تكفلت الأمر النسوي لكن التاريخ جاني قاسي مقصر ابى إلا في ظلم زينب، إلا في تغييب دور زينب وله إبداع في هذا الأمر! أنت الآن لو تطلب من خطيب خارج دائرة مدرسة أهل بيت ان يتكلم عن زينب ماذا سيقول؟ ما يقول سوى انها خرجت مع الامام و دخلت مع الامام و... اشياء بسيطة جداً! لا هذه ليست زينب، فزينب سلام الله عليها فاطمة مصغرة ونسخة ثانية من فاطمة هذه هي زينب التي نعرفها، نعشقها في الكوفة لها بصمة، عندما كان امير المؤمنين علي عليه السلام خليفة، كان الجو يضفي هالة من التكريم باعتبار الخليفة وهي بنت الخليفة، في الكوفة مع الإمام الحسين الوضع تغير تماماً انظروا ماذا يقال لها؛ يقال لها: بنت الخارجي! انظروا كيف تبدلت الصورة طبعا هذا الدخول يختلف عن ذلك الدخول لكن لم يكسر من شموخها ومن عظمتها وإنما ألقمت الوالي في الكوفة بن زياد ـ عليه ما يستحق ـ حجرا وكبلته بالدليل والمنطق الصحيح والصريح، أصلاً اي امرأة هذه التي في الأسر تقول للوالي: يا بن مرجانة! وتقول له: ثكلتك أمك! تدعو عليه بالموت! أي امرأة مثلها؟ بصمتها في الشام؛ فيزيد خليفة من يرتضيه ودولة الإسلام تحت يديه بالنتيجة عملا هو هذا عملا يجبى له ثمرات الأرض بالدولة الإسلامية أوامره نواهيه هي التي تحكم بالنتيجة هذا الرجل الطاغية يخاطب زينب بمنطق زينب ترده أين؟ ترده في عاصمة الخلافة الجديدة، ثم عادت إلى المدينة قلت لكم عادت براية الانتصار لماذا؟ لانها فلت شوكته، أصلاً لو لم تقف زينب في الشام ولو لم يقدّر لزينب أن تصل إلى الشام، فما كان من السهولة ان ينقلب عرش الأمويين بهذه السرعة، ينقلب عليهم المروانييون وينهون وجود آخر خليفة لهم. النتيجة ان زينب أيقظت ضمائر معينة وكشفت نقاط الضعف في الأمويين لجهات أخرى، نزلت زينب في الشام وهي لم تفقد أحداً إلا ما استثني من النساء والعيال التي أستؤمنت عليهم، منهم السيدة رقية ـ على رواية ـ الا انها رجعت بالركب سالماً آمنا، أي جهد بذلته زينب انه جهد كبير.

الأخذ من العطاء الحورائي

اليوم اتفاقاً ذكرى يوم المرأة العالمي بحسب المفكرة العالمية و لدى الأمم المتحدة، المرأة إذا أرادت أن تتخذ لها نموذجاً تسير وفق معطياته لتسعد وتُسعد، تُسعد زوجاً، وتُسعد أهلاً، وتسعد مجتمعاً دونها زينب، زينب في علمها، زينب في أدبها، زينب في أخلاقها، زينب في صبرها، زينب في تضحيتها، زينب لحبها لبيتها، لتربيتها لأبنائها، زينب كما قلت لكم صورة مصغرة من أمّها، على الأخت المؤمنة أن تقترب من زينب فزينب في عالم خلود خاص علينا ان نقترب منها نقترب من زينب من خلال التردد على ما ورد في حقها من أهل بيت العصمة والطهارة الإمام السجاد عليه السلام يقول في حق عمته زينب سلام الله عليها: أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة[4] هذا المقطع لو أراد الإنسان ان يشرحه وينتزع منه المعاني سوف يحتاج الى وقت طويل في الليلة الماضية مرت علينا وعليكم ذكرى مولد السيدة الحوراء سلام الله عليها وهو مولدٌ مهم ينبغي أن نأخذ منه الدروس والعبر مع التهاني والتبريكات وبحمد الله تعالى في السنوات الأخيرة بدأ يحتفل في ذكرى مولدها لكن في السنوات الماضية ما كان هذا الأمر موجوداً ونتيجته كانت الخسارة الكبيرة على المجتمعات. تصوروا لو طرحنا موضوع السيدة زينب في ذكرى مولدها احتفلنا بها وقدمنا بعض جوانب من شخصيتها، تعرفت عليها المرأة ماذا سيحدث؟

اليوم ومع شديد الأسف الاهمال والتقصير في متابعة الابناء واضح وبين في عوائلنا، نحن نسأل سؤال بسيط جداً كم مرة زوجاتنا باعتبارهن أولالياء امور لبناتهن ذهبن إلى المدرسة كي تتابع البنت؟ إلا إذا حدثت مشكلة ما، او إذا كانت البنت نقصت درجاتها او... وهذا لا تقوم به الا الامهات الناشطات والا فالاغلب لا يعتنون حتى بهذه الأمور أيضاً، وكم مرة زوجتي او زوجتك اتصلت على مديرة المدرسة لتتابع شؤون بنتها؟

أبيات قصيرة جداً كتبتها في هذه السيدة الحوراء سلام الله عليها باسم: «قبسٌ زينبي» أسأل من الله قبولها. أقول لزينب سلام الله عليها:

 

فيك   يا   زينب   حار   العظماء
أنت   نورٌ   أم  جلالٌ  أم  صفاء
أنت    سر    الله    في    فاطمة
أنت   لطفٌ  ظاهرٌ  في  كربلاء
أنت   نص   الآل   في   إعجازه
أنت روح جسدت معنى iiالعطاء
أنت   حيث   السبط  ألقى  رحله
كعبة    عظمى   ومجد   وارتقاء
هام   أهل  العشق  في  معشوقهم
عندما   عجوا   بأصوات  الدعاء
وجرت   منهم   على  الخد  الذي
صانه    المعبود    آثار    البكاء
زينب     أنت     وهذا     موعد
فيه   للأحرار   درس  و  انتشاء
فلنصلي     كلما     لاحت     لنا
قبة   نوراء   من   أهل   الكساء
مولدٌ     لاحيت     لنا     أنواره
في  مقام  العشق  يشدو  الشعراء
لاتسل   عنها  وسل  يا  صاحبي
عن  مسار  الصبر في يوم اللقاء
ستجد     أن     الذي     أطربهم
عند رب العرش همس الأوصياء
زينب    هلت   وقد   حفت   بها
فاطم    الزهراء    حباً   واعتناء
فارفعوا    الصوت   صلاة   هذه
زينب    الكبرى   ملاذ   الأتقياء