نص كلمة: المرأة الرسالية من خلال منظور زهرائي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾[2]
الزهراء سلام الله عليها؛ عظمة نبوة وشرف امامة وكرم امرأة
ورد في الحديث الشريف المروي عن النبي (ص) انه قال: «فاطمة مني وأنا من فاطمة»[3].
فاطمة الزهراء سلام الله عليها التي نعيش ذكرى مولدها الشريف في الليلة القادمة اشرقت من خلال ولادتها على الوجود بنور الهدى والعلم والمعرفة والاستقامة والاخلاق والتربية، كانت وما زالت هي الانموذج الاكبر للمرأة المؤمنة فهي سيدة نساء العالمين، الفخر يحفها من كل الجوانب، فأبوها النبي الأعظم محمد (ص) وأمها أم المؤمنين خديجة وزوجها امير المؤمنين علي (ع)، امرأة هذا وضعها ما عسى أن يكون حال الابناء الذين يولدون تحت هذه المظلّة ووسط هذه الأنوار؟! عظمة نبوة وشرف امامة وكرم امرأة لم يعرف لها التاريخ نظيراً في عطائها، أبناء الزهراء سادات الوجود بعد أبيها وبعلها، فالإمام الحسن السبط الأول والامام المفترض الطاعة كريم أهل البيت، به عصم الله دماء المسلمين والامام الحسين بن علي الشهيد المظلوم الخالد، هذا الانسان الذي رسم خارطة الاصلاح في وسط الأمة ولوّنها بقطرات دم منحره الشريف في كربلاء، أخته الحوراء زينب سلام الله عليها المرأة المعصومة بالاكتساب، زينبٌ سلام الله عليها اصدق تعريف ينطبق عليها انها الزهراء الصغرى؛ الزهراء في ادبها، الزهراء في علمها، الزهراء في صبرها، الزهراء في تضحياتها، الزهراء في تربيتها، فهي زهراء مصغّرة، عندما تحدثت بعد كربلاء كانت تفرغ عن لسان أمها الزهراء سلام الله عليها، في ذكرى مولدها لابد وان نقتبس شيئاً نستفيد من خلاله في نظم حياتنا وتركيبها وتطويرها والسير نحو الافضل.
وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة
هذه القبسة او هذه الاشراقة التي نريد ان نأخذها في هذه المناسبة الشريفة هي مفردة «الأم»، الحديث الذي سمعتموه وطرق اسماعكم في بداية الكلام: «فاطمة مني وأنا من فاطمة»، أو هذا الحديث: «فاطمة أم ابيها» فيه اشارة الى مفردة «الأم»، مفردة مقدسة اولاها الاسلام الشيء الكثير بعد ما كانت المرأة ممتهنة، وبعدما كانت المرأة تذل في كل تقاسيم الحياة، عندما جاء الاسلام رفع شأنها، واعطاها موقعها الطبيعي؛ كبنت، كزوجة وكأم، في هذه المحطات الثلاث المرأة تتنقل وهي نصف المجتمع ولولا صلاح المرأة وعلم المرأة وصبر المرأة لما سلم لنا رجال علماء اتقياء شرفاء، لأنه وكما قيل وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة تؤمن له الشيء الكثير، كيف لا ومقدرات البيت والأسرة بكل حيثياتها امانة في يدها، غاية ما في الأمر على المرأة ان تكون متزنة في كل تصرفاتها، سواءٌ كانت تلك التصرفات قولية كلامية او كانت فعلية وحركة تقوم بها، بالنتيجة هي محسوبة عليها إن قول فقول أو فعل ففعل.
الآثار المترتبة على عدم الاتزان في تربية الابناء
المرأة احياناً اذا خرجت عن دائرة الوسطية والاعتدال تصبح مع شديد الاسف خارج اطار المربع الذي رسمته الشريعة لها في ان تكون أم صالحةً منتجة، في جانب التربية ينبغي ان لا يكون هنالكم افراطٌ ولا تفريط، فلا شدة منفّرة ولا تدليل يضيع الأولاد، المرأة المفرطة في دلالها لأولادها لا يمكن ان تقدم لنا أبناء صلحاء اسوياء وانما ستقدم لنا أبناء على خلاف ذلك تماماً، هذه الأم وهذه المرأة التي هي أم في دورها الرسالي الديني المبدئي إذا وضعت الأبناء وفق النصاب الطبيعي فإن ذلك سوف يقدم لنا نشأً كريماً من أولاد وبنات، ولو أن المرأة افرطت في دلالها لأولادها وبناتها ما عسى أن يكون حال هؤلاء الأبناء؟ مدلل بمعنى عندما يطلب شيئاً يؤمن له ذلك الشيء دون أن يقف الأب أو الأم (والأم بالذات) على مدى الاستفادة من هذا الشيء الذي طلبه هذا الولد او تلك البنت واحياناً ما هي الخطورة المترتبة على تأمين ذلك الشيء خصوصاً في هذا الزمن الذي تكثر فيه هذه الاجهزة الحديثة التي إذا لم تكن الأم قارئة له قراءة صحيحة واقفة على ايجابياتها من جهة وسلبياتها من جهة والا سوف يكون الضحية هو الولد او البنت.
1ـ عدم اعتماد الابناء على انفسهم
من هذه السلبيات التي تكون نتيجة الدلال بلا حساب للأبناء سواء الولد أو البنت والتي يصبح من خلالها الابناء ومع مرور الايام ليست لديهم القدرة على الاعتماد على انفسهم، اقل حدث يحدث أو اقل قضية تقع يلجأ الى أمه أو ابيه الذين مارسوا معه حالة التدليل المفرط، احيانا يستطيع الاب ان يقف الى جانبه، أو أن تقف الام الى جانبه، لكن هنالك كثير من الحالات لا يمكن ان يقف لا الاب ولا الام الى جانبه، مثلاً في الامتحان اذا كان غير قادر على الاعتماد على نفسه، حينها الام لم تدخل معه قاعة الامتحان كي تقدم له يد المساعدة، فيخفق في دراسته، او الاب المفرط في تدليله، حصلت قضية من القضايا للولد في العمل أو في الدراسة حينها الاب لا يستطيع ان يحضر لسبب وآخر او لا يسمح له احيانا، فكيف يعتمد على نفسه؟
2ـ الاخفاق في أداء المهام المسندة اليهم
الامر الثاني ضعفه عند اسناد المهام اليه سواءٌ كان في الحياة الخاصة او الحياة العامة، لماذا؟ لأنه تعود على الاخذ من ابويه وعدم الاعطاء، يعني هو كلما طلب شيء يهيؤ له ذلك فهو لم يتعود على ان يعطي او يقدم شيئا فقط تعود ان يأخذ شيئا! لذلك مثلا عندما تسند له مهمة حتى ولو كانت بسيطة مثلا يقال له اشتري هذا الشيء، أو حضر هذا الشيء، فسوف يتهرب، بالتالي هذه مهمة اسندت اليه، لكن وبما أنه غير معد اعداد مناسبا بسبب الافراط في التدليل يخفق في تحصيل هذه المهمة، هنالك ايضا امور كثيرة أخرى في هذا الجانب يمكن ان يقف عليها الانسان.
أهمية حجاب المرأة
حتى اختم الحديث لابد وان اشير الى امر مهم هذا الامر قيل وما زال يقال هو زينة المرأة وحجابها، المرأة التي تكون مصانة، والتي تكون مسورة بسياج الدين وبسياج الشرف والكرامة والقداسة، الزهراء سلام الله عليها ضربت اروع الامثلة وان كانت قاسيةً في لحظة من لحظاتها في مسار الحجاب والالتزام بالحجاب عندما عمد القوم لأخذ الامام علي (ع) الزهراء كان من اهم الامور التي كانت تكافح من اجل الحفاظ عليه هو رعاية الحجاب وصون الحجاب، والمرأة اذا خسرت حجابها خسرت كل شيء، هذه القاعة اذا كان بابها مغلق محكم من يكون خارج القاعة لا يطلع على خصائص الداخل، لكن عندما تكون مفتوحة لأول نظرة يستكشف كل ما هو موجود في داخل القاعة، المرأة كذلك عندما تسقط حجابها تسقط العفة والشرف والكرامة، الحجاب لا يعيق حركة المرأة وانما يحافظ عليها في المسار الصحيح، لذلك منذ القديم كان الحجاب يشكل عائقاً أمام اولئك الطامعين في انتهاز الفرصة للوثوب والانقضاض على المرأة وتمزيق هذا المكون المقدس.
نماذج مما قيل حول أهمية حجاب المرأة
احد الغربيين يقول اذا اردنا ان نقضي على الاسلام فلابد ان ننزع الحجاب حجاب المرأة ونغطي به القرآن! تصوروا كم هي اهمية الحجاب وما يؤمنه للحفاظ على الاسلام بما هو هو، فهذا يقول اذا اردنا ان نقضي على الاسلام لابد ان نجرد المرأة من حجابها ونجعل هذا الحجاب بينها وبين القرآن الذي هو الدستور والمحرك والسراج المنير والهادي الى السبيل، يعني هذا الحجاب يرفع عن المرأة ويوضع على القرآن كي يشكل حاجز بين الشرف والكرامة وبين الارتباط بالمبدأ وهنا ستكون الكارثة العظمى. وحتى نعرف كم هي اهمية الحجاب والمحافظة عليه وكم هو مزعج هذا الحجاب لأصحاب النفوس المريضة التي تتجرد عن ثوابت الدين وشرف المبدأ واصالته، انقل لكم شيء آخر، قيل لنابليون احد القادة العسكريين الذين شغلوا الدنيا في يوم من الايام واجتاح الدول وقتل ونكل بالناس حتى جاء الى مصر ثم سورية، فكان العائق الذي كان يعيقه كما يقول هو حجاب المرأة! وعندما سئل هذا القائد الفرنسي الكبير أي حصون الشرق الاسلامي امنع على فرنسا، يعني ما هو الشيء الذي يعيق فرنسا في ان تحتل سورية في ذلك الزمن او تجتاح مصر في مرحلة من المراحل؟ قال وبكل بساطة لكن فيها من العمق الكثير: الذي يعيق فرنسا في ان تفتح الحصون وتحتل هذه البلاد هو الامهات المحصنات بالحجاب! اذن على المرأة اليوم ان تلتفت الى هذه القضية وهي قضية الحجاب، في ان تحافظ على هذا الحجاب وتجعل منه عاملاً مساعداً في الحفاظ على شرفها وكرامتها وشرف اسرتها وكرامة اسرتها وايضا تحفظ شرف المجتمع وكرامة المجتمع. المرأة تبقى مكون له خصائصه كما للرجال خصائصهم وعلينا ان لا نخلط الاوراق ان نكون حذرين، فالذئاب المتربصة على راس كل طريق وعلى كل منحدر وفي كل مساحة ممكن لأولئك الذئاب ان يتحركوا كي ينقضّوا على فريستهم. نسال من الله سبحانه وتعالى ان يجعل الجميع محصنناً بكتاب الله والسير على هديه وبسنة النبي وآله والتمسك بحبلهم والالتزام بفتاوى وارشاد مراجع الامة والاستضاءة بنور عطاءاتهم ورشفات اقلامهم، بالأمس ربما كانت المرأة من اصحاب هذه الفئة محرومة من كثير من مسائل الفقه والعقيدة ونظم الحياة والتربية وما الى ... لكن اليوم الحمد لله الامور متاحة وهذا السيد (سماحة السيد نجيب حفظه الله) ممن نذر نفسه منذ سنوات في سبيل النهوض في هذه الفئة في هذه المجموعة الطيبة المحترمة وعلى كل واحدة منكنّ ومن يصل اليها الصوت او التسجيل عليها ان تقرأ نفسها وتعلم بان الله سبحانه وتعالى قد كرمها وان ما هي فيه لم يكن في يوم من الايام عائقا في ان تكون رائدة في بناء المجتمع وتقديم الرجال الكبار، نسأل من الله سبحانه وتعالى لهذا السيد طول العمر والتوفيق والسداد ولكم ايضاً في الاستماع والاصغاء ومحاولة التطبيق ولكل الجهود التي تقام في مثل هذه الدورات وهذه المناسبات وغيرها، نسأل من الله سبحانه وتعالى لكل واحدة منكن الحياة السعيدة وان يرزق كل واحدة منكن ما تتمناه في حياتها وان يرينا في كل واحدة منكن زينب صغيرة تسير في هذا المجتمع وتدفع عجلته وان تكون لبنةً في بناء صرح هذا الوطن العزيز، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يدفع البلاء عنا وعنكم وان يكتب لنا ولكم التوفيق وان يشرفنا واياكم بالنظر الى وجه الخلف الباقي من آل محمد الامام المهدي المنتظر (ع) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.