بعض الآيات الشريفة في حق البضعة العفيفة (سلام الله عليها)

الحديث عن الزهراء سلام الله عليها حديثٌ بمساحة الدنيا بل تنقضي الدنيا وتبقى حقيقة فاطمة لما تكشف جوانبها ولما يرفع الستار عن مكامن العظمة فيها، آيات شريفةٌ تعلقت بها ﴿اِنّا اَنزَلنـٰهُ فى لَيلَةِ القَدر (1) و ما اَدر‌ٰكَ ما لَيلَةُ القَدر (2) لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن اَلفِ شَهر (3) تَنَزَّلُ المَلـٰئِكَةُ و الرّوحُ فيها بِاِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ اَمر (4) سَلـٰمٌ هِى حَتّىٰ مَطلَعِ الفَجر﴾[3] في مجموعة من التفاسير كما هو الوارد عنهم عليهم الصلاة والسلام إنها نزلت في حق البضعة الطاهرة البتول بنت النبي محمد (ص)؛ وفي موطن آخر تفردت به وهي بشارة للنبي (ص) القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يسجلها يتولوها المسلمون آناء الليل وأطراف النهار بل بعضهم جعل منها ورداً يستفتح بها أبواب الأرزاق في حياته ﴿اِنّا اَعطَينـٰكَ الكَوثَر (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحَر (2) اِنَّ شانِئَكَ هُوَ الاَبتَر﴾[4] تفاسيرٌ من الفريقين أطبقت على ان المراد من الكوثر في هذه السورة المباركة الواردة الاستحباب لقراءتها في الركعة الأولى من الصلوات الجهرية انها مخصصة في حق البضعة الطاهرة البتول النوراء حبيبة المصطفى محمد (ص) أما المواطن التي شاركت فيها أباها وبعلها والأبناء من ذريتها الحسن والحسين (ع) فهي مواطن عدة: آية المباهلة، وسورة الدهر في مقاطعها، آية التطهير، ثم ثمة مواطن ومواطن، وآيات وآيات الزهراء كان لها فيها حظوة وكان لها فيها موطئ قدم ثابتة لا تكتمل الأنجم إلا إذا كانت الزهراء سلام الله عليها ضمن منظومتها.

استنطاق البعض اليسير من سيرتها المقدسة

بارك الله لنا ولكم ذكراها وجعلنا الله وإياكم ممن يستنطق سيرتها ويسير على هديها ويجعل منها نبراسا في جميع شؤونه وأمور حياته وخصوصا في التعامل مع أبناءه، أيها الأحبة عندما نقرأ الزهراء وعندما نستنطق سيرتها ويترشح ذلك على سلوكنا ينطبع في النشء من أبنائنا وبناتنا، وعندما نغلق الأبواب على أنفسنا ونغلق بأحكام عقولنا عن الاقتراب من إشراقات فيوضها الطيبة المباركة فإننا نعيش خسرانا، لأننا نؤسس لا على هدى ونسير من غير ضياء الهدى والضياء والنور انما هو حصرٌ على محمد وفي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين، لذلك أيها الأحبة يا من أمكم الزهراء المعنوية سؤالٌ نطرحه على أنفسنا من الذي أعددناه للتعامل مع هذه المناسبة وهل ما نقوم به يتناسب وعظمة المناسبة وهل يصل بنا إذا ما قمنا به في أحسن حالاته إلى الهدف الذي نطمح ان نصل إليه من خلال ما نقوم به؟ أيها الأحبة القيام بما يتناسب وعظمة المناسبة ليس حصرا على مهرجان يقام هنا او يقام هناك، ولا على مسرح يعتريه جمعٌ هنا أو يعتريه جمعٌ هناك، وإنما الطرق الموصلة للزهراء سلام الله عليها كثيرةٌ إذا ما فعّلناها في داخلنا وأوجدنا لها مساحة، أيها الأحبة فان الفيوضات الفاطمية بقدر أنفاس الخلائق، أيها الأحبة من هنا من حقنا ان نسأل: أي بضاعة تلك التي سوف ندخل بها إلى بيوتنا ونطرحها بين أبناء الأسرة الواحدة ذكراناً وأناثا؟ هل سنحمل لهم آيات استظهرناها واستنطقناها كي نستفيد منها؟ هل سنحمل لهم بعد ان نجتمع في حلقة واحدة حديثا يتعلق بالزهراء في ذاتها، في عظمتها، في كرامتها، في علو مقامها في النشأتين لنستفيد ثم من وراء ذلك هل نقترب من مواطن المعجزي والكرامة في حياتها لنؤصل للإيمان في داخل قلوبنا بعيداً عن مشتهيات المغرضين والمشككين والفاعلين عبثا في وسط الأمة، أيها الأحبة من ثوابت ومن مثبتات الإيمان بهم عليهم الصلاة والسلام الإكثار من الصلاة عليهم فالنصلي بما يوصل هناك.

الصفة الغيبية والصفة الشهودية للزهراء سلام الله عليها

الزهراء سلام الله عليها حوراء صفة عالم غيب، وآدمية صفة عالم شهود صفتان لم تجتمعان في حقيقة واحدة إلا في ذات واحدة هي ذات الحبيبة البتول بنت النبي محمد (ص) وكفى دلالةً على عظمتها وعلو شأنها ورفعة مقامها ان تمزج بين عالمين ليس بينهما توافق لأنهما لا يجتمعان في محل واحد فان الدنيا في عوالمها التي نحسها ونلمسها ونتقلب في جنباتها أو عالم الآخرة التي لا يأتي إلا بعد هذا العالم او ثمة عالم تقدم على هذا العالم وهو عالم الخصوصيات، عالم الأنوار، عالم الاصطفاء الأول الذي تم فيه اصطفاء اشرف الخلق من قبل الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعاء وجعل فيهم ختامة الرسالة وجعل فيهم أيضاً ختامة الوصايا ختمت الرسالات والنبوءات بمحمد وتختم الإمامة والوصاية بالخلف الباقي من آل محمد (ص).

وجه تسمية الزهراء بـ «فاطمة»

1. فطمت من الطمث

 الزهراء سلام الله عليها في حياتها جوانب وجوانب وجوانب مشرقة جميل أيها الأحبة ان نأخذ قبسه واحدة من قبساتها فإنها كفيلة في ان تضيء ما تبقى من أعمارنا كفيلة بان تأخذ بنا إلا ما نحب ونرغب ان نكون عليه، فاطمة سميت فاطمة لأن الله سبحانه وتعالى في موطنين فطمها حيث لم ترى حيضا، لم ترى دما، لم ترى طمثا وهذا مقام تكريم من نوع خاص ربما يتوقف عنده البعض وربما يغمز البعض الآخر، لكن ان دل هذا على شيء فإنما يدل على عدم الإيمان المطلق والتسليم الصادق لما لله سبحانه وتعالى من القدرة، أيها الأحبة نحن لم نقل ان الزهراء أحدثت ذلك في نفسها وإنما نقول حصل لهذا بفعل السماء، بانتقاء الله سبحانه وتعالى واصطفائه والذي أبدع الوجود من عدم، فطر السموات والأرض من لا شيء قبلها أيعجزه كرامةً على من تستحق الكرامة ومن هو اشرف وأولى بهذه الكرامة وهذا المقام من التشريف إلا البضعة الطاهرة الزهراء بنت محمد (ص).

2. فطم الشيعة من النار

 الأمر الثاني يعنينا كثيراً، لأن الله فطمها ومحبيها عن النار، اللهم اجعلنا من شيعتها ومن محبيها ومن مريديها ومن الساعين لإبراز كراماتها والتعلق بأذيالها والتردد على أعتابها وطلب الشفاعة على يديها والنيل تشريفا وتكريما منها لنا، أيها الأحبة نحن لسنا كغيرنا نتحمل الكثير لا لشيء إلا لأمر واحد أيها الأحبة كي ندخل السرور على قلب الحبيبة المظلومة الزهراء سلام الله عليها لذلك أيها الأحبة علينا ان لا نبخل، علينا ان لا نتخلى، علينا ان لا نتردد، علينا ان نفعل حالة الحب في داخلنا حضورا ومشاركة علينا ان نبعث روحا جديدة في النشء من حولنا قبل ان تتخطفهم الدروب، قبل ان يتيهوا في جميع آفاق الأرض، نحن أولى ونحن بمقدورنا ان نصوغ بنشئنا، من فيهم الخير الكثير أيها الأحبة قصيدة نظمتها في الزهراء سلام الله عليها اختم بها حديثي واشرف بها نفسي واسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلها في رصيد أعمالي وأعمالكم وكنت قد أسميتها: «الزهراء هدية السماء»

بجاهك وجاه آباءك وأجدادك وبجاه الحبيب المصطفى محمد (ص).

اعتذر كل الاعتذار منكم جميعا، أسال من الله سبحانه وتعالى التوفيق لي ولكم واساله ان يعيد المناسبة علينا وعليكم ونحن وانتم والأمة الإسلامية قاطبة في حال أحسن مما هي اليوم، وفقنا الله وإياكم، رزقنا الله وإياكم زيارتها وشفاعتها، انه ولي ذلك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.