نص كلمة: التقية سبيل الحفاظ على وحدة نسيج الأمة
الخلفية التاريخية للصراعات الطائفية
تصادف الليلة القادمة ذكرى إشراقة الكوكب التاسع من كوكبة الإمامة من آل محمد(ص) الإمام الجواد ابن الرضا (ع) هذا الإمام الذي كله بركة على الأمة كما ورد عنهم عليهم الصلاة والسلام، الإمام الجواد ولد في منعطف تاريخي صعب عاشته الأمة الإسلامية حيث في تلك الفترة العصيبة بدأ النزغ الطائفي يضرب بأطنابه في أوصال الأمة ويتمدد، البعض من قراء اليوم يتصور أن الطائفية وليدة يومها جراء أحداث وتجاذبات هنا أو هناك، غير أن الحقيقة والواقع على خلاف ذلك تماما إذ ان الطائفية لها جذرها التاريخي وعمقها، في زمن المأمون انفتح المسلمون على ثقافات عدة لم تكن معلومةً في أوساطهم، تسللت إليهم جراء الترجمة التي حصلت للنصوص عند اليونانيين وهم لاهوتيين في طابعهم العام جراء كنسيتهم، نقلت النصوص بما فيها من الغث والسمين وحيث أن الفكر دخيل لابد وان يترك إسقاطاً ولابد لكل راية ترفع في أوساط البشر من أعوان ومن مريدين، بغض النظر عن تشخيص ما تخفق له تلك الراية، من يرفعها، ما هو رصيده، ما هي قيمته، أيضاً غرس بعض خلفاء بني العباس في وسط الأمة بذور الشقاق، استحدثت مجموعة من المسائل العقدية التي لم ينزل الله بها من سلطان، ولو أنهم اتبعوا ما جاء في القرآن الكريم على قلب الحبيب المصطفى محمد (ص) أو استضاءوا بنور آل محمد لما دخلوا في دوامة هنا وهناك، لكن الأمة بسوء تقديرها، باختيارها بالنتيجة وقعت في الشرك وذهبت بها المذاهب ذات اليمين وذات الشمال.
روافد الائمة عليهم السلام لحفظ نسيج الامة (التقية نموذجا)
أئمة مدرسة أهل البيت عليهم السلام ما انفكوا يبذلون جهودهم في لم الشمل ودفع غائلة التمزق سواءٌ في أتباع مدرستهم الخاصة أو في عموم الأمة من حولهم لذلك نجد أن النصوص التي تعنى بموضوع التقية كثيرة حتى ان البعض وصل إلى مستوى التصريح: «من لا تقية له لا دين له»[2]؛ «ليس منا من لم يلزم التقية»[3] ولم تكن هذه النصوص لتصدر لولا الخوف الشديد والذي كان محدقاً بأتباعهم كان الإنسان لا يجاهر باسمه وإنما يتخفى وراء الأسماء المستعارة، لا ينتمي بقبيلته وإنما يضيف نفسه لقبيلة أخرى، يتنكر للبلد الذي ينحدر منه، مرت فترات فيها شيء من الانفتاح بدأ الموالون لأهل البيت عليهم السلام يندفعون في مسارات لا تتحملها تلك الفسحة، أئمة أهل البيت عليهم السلام لم يطلقوها على عوائنها وإنما قننوا، لأنهم يستشرفون الآتي، إشكالية فينا أننا نعيش ذكريات أهل البيت عليهم السلام ولكن لا نهتدي في الكثير من هديهم ولا أقل لا نرغب في أن نطبق معطى ذلك الهدي نكتفي بالجلوات وتوزيع الحلويات وما ... ولكن نورهم، هديهم، منطقهم، رسالتهم في وسط الأمة لا زالت مكبلة والى يومنا هذا مع شديد الأسف، الإمام (ع) يدخل عليه أحدهم يقول توضأ بوضوء القوم! لانه يعرف الوضع كيف كان، نحن لنطبق هذا على واقعنا اليوم ولنرى كيف يكون الوضع، الاندفاع مهلك، التخلي عن الثابت مهلك، لكن بين الاثنين مسافة بين الأرض والسماء على الإنسان أن يقننها أن يكون واعياً في التعاطي معها أن لا يخبط خبط عشواء، أن لا يتصرف بناءاً على ما يمليه الأنا الداخلي وإنما يتصرف بناءا على الضابطة الشرعية، زمن المعصومين عليهم الصلاة والسلام الضابطة الشرعية بيد المعصوم، في زمن الغيبة الضابطة الشرعية في يد المرجع وفي يد المرجعيات، البعض أيها الأحبة حتى من هذه العاصمية في المرجعيات شكلوا منها بؤرة نزاع، وهذا يعني أننا لم نستفيد وإذا استفدنا لم نطبق فهنا تكمن الخطورة انا ارفع مرجعي سلاحا في وجهك، وأنت ترفع مرجعك سلاحاً في وجهي نتيجة ماذا تكون؟ ضياع، حرب، طاحونة لها بداية لكن نهايتها ليس بيد البادئ، النار يوقدها الإنسان لكن اطفاؤها لم يكن بيده إذا كان الايقاد عبثيا، نحن مع المحيط من حولنا في عالمنا الإسلامي أخوة يجمعنا ربٌ واحد، كتاب واحد، كعبةٌ واحدة، يجمعنا قلبٌ واحد ألا وهو قلب الحبيب المصطفى محمد (ص) من ضمن أهم الجهود التي نهض بها الإمام التاسع من آل محمد عليه الصلاة والسلام الجواد هو مسألة سد الفرج وردم الخلل ودفع الغائلة في سبيل أن يحافظ على النسيج العام كان يجلس مع أئمة المذاهب أتباع المذاهب الأخرى كان يعطي رأياً ينقادوا يترددوا الناس لهم طرائقهم في الحيات حتى النبي (ص) الخطاب يأتيه من سابع سماء ﴿لَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِر﴾[4] إذا كان النبي (ص) وهو صاحب التشريع الأول وحامل الرسالة والذي بذر البذرة الأولى الخطاب له بهذه المثابة كيف نحن نعطي لأنفسنا شيئا ليس لنا.
طرد النفاق من خلال المشاركة والتفاعل مع مجالس اهل البيت عليهم السلام
نعيش ذكرى المولد نستفيد، جميل، جلوات لذيذة فيها إنعاش للروح بالمسح العلوي، توزيع الأشياء التي تحبب النفوس وتطيب الداخل أيضاً أمرٌ مرغوب حسن، أفضل من هذه وتلك لو لم يكن في مجالسنا إلا رفع الصلاة على محمد وآل محمد لكفانا، لأنها اقل ما يمكن نتعاطاه انها تذهب بالنفاق كما يقول الرسول الاعظم (ص): «ارفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق»[5] نحن لو طردنا النفاق من أوساطنا لأكلنا من فوقنا ومن تحت ارجلنا لكن حيث هذا العدو الذي استطاع أن يتسلل إلى بيت الإمام ويدس له سماً عن طريق زوجته، عندما يقتل الإمام الجواد مسموماً هم يقتلون أمة، يقتلون وحي، يقتلون رسالة، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الزائرين للإمام الكاظم والإمام الجواد عليهما السلام الوالجين من باب المراد، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يقضي حوائجنا وحوائجكم يشفي مرضانا ومرضاكم يعيد المناسبة علينا وعليكم بفضل الصلاة على محمد وآل محمد من هنا إلى الكاظمية.