نص كلمة:الامام علي (ع) الشخصية الإسلامية القدوة

نص كلمة:الامام علي (ع) الشخصية الإسلامية القدوة

عدد الزوار: 1365

2017-05-01

مسجد العباس ليلة الثلاثاء: 1438/7/20هـ

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي قاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

﴿عَمَّ يَتَساءَلون * عَنِ النَّبَاِ العَظيم﴾[2]

علي (ع) اشراق واشراق واشراق

مر علينا ذكرى مولد مولى المتقين أمير المؤمنين علي (ع)، عليٌ الحديث عنه يضفي على الكلام جمال من نوع خاص لجمال ذات علي ولجمال عطاء علي ولجمال اشراقات علي، عليٌ (ع) لا غرابة ان يختلف الناس فيه لان اشراقه ربما أعشا عيوناً وربما أسرج قلوباً، عليٌ (ع) مكمن عظمة من مولده إلى ملحده، في مكة المكرمة الكعبة المشرفة على الرخامة الحمراء في موضع وكما يقول الشاعر: «في موضع يده الرّحمن قد وضعا»:

أنت العلىّ الَّذى فوق العلى رفعا *** ببطن مكَّة وسط البيت إذ وضعا

وأنت أنت الَّذى حطَّت له قدم *** في موضع يده الرّحمن قد وضعا[3]

فعلي (ع) اشراقته الأولى في حضن أصل الاشراق (بطن مكة) والنظرة الثانية هي عبارة عن مقابلة بين اشراق واشراق، (اشراقٌ علوي واشراقٌ محمدي)، عليٌ (ع) تلقفه النبي الأعظم (ص)، عليٌ (ع) تكفله النبي الأعظم (ص)، عليٌ (ع) هو تلكم الجوهرة التي أوجدتها السماء وتفننت في صقلها يد النبوة، عليٌ (ع) ينبوع الحكمة ونهج البلاغة دليلٌ صريحٌ واضحٌ بيّن على ما كان عليه عليٌ (ع) من بلاغة لا يجاريها إلا ما جاء في الكتاب المنزل، حريٌ بنا ان نقترب من علي (ع) من خلال نهجه، من خلال بلاغته، من خلال عطاءاته، عليٌ (ع) لا يمكن ان يختصر في حروب جرت بين المسلمين والمشركين بسيفه، لان ذلك لا يمثل الا مفردةً واحدةً من المفردات التي لا عد لها ولا حصر.

النعم التي لا تعد ولا تحصى لعلي (ع)

عطاءات علي، مفردات علي، اشراقات علي هي النعم التي مصداق هذه الآية الشريفة ﴿واِن تَعُدّوا نِعمة الله لا تُحصوها﴾[4]، نعمة علي (ع) على النبي (ص)، ونعمة علي (ع) على الإسلام، ونعمة علي (ع) على المسلمين، بل وحتى نعمة علي (ع) على المشركين المقاتلين المحاربين للنبي (ص)، ربما يستغرب هذه احدٌ من الناس! لرفع الالتباس أقول: عندما فتح الله على يدي النبي (ص) مكة دلفت الجيوش واختلفت الرايات وتقدم من تقدم عند الابطح براية وهو ينادي: «اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحرمة»! شعارٌ لم يؤلف إلا في قريش ولم يجري إلا على ألسنتهم، النبي (ص) التفت وقتها لعلي (ع) ودفع له راية الحمد وقال له: يا علي ادخل مكة من الابطح أمن أهلها، فردد عليٌ (ع) هذا الشعار: «اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة» فرحمة عليٌ (ع) لها امتداداتها وإسقاطاتها على كل المكون من حوله، لماذا؟ لان علي (ع) يمثل النبوة كأصدق ما يكون في دائرة التمثيل ولان عليا (ع) هو اللسان الناطق بعد النبي (ص) عما أرادته السماء، وما أرسلت السماء الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين إلا من اجل الإنسان بما هو هو، ولأن عليً (ع) يعني الإنسان لذلك أعطى من نفسه بعده الإنساني، أحبه من عانده وأحبه من كابر في المعاندة معه، لا لشيء إلا لأن علي (ع) هو الإنسان.

الامام علي (ع) التجسيد الكامل لمعنى الإنسانية

فحريٌ بنا ايها الأحبة ونحن نعيش ذكرى مولده الشريف ان نقتبس منه هذه الجذوة، كيف كان علي (ع) الإنسان في كل مواقفه، في كل حركاته، في كل توجهاته حتى في أحلك الظروف وأشدها عسرة عليه كان علي (ع) هو الإنسان ولم يرضى لنفسه ان يتخلى عن كينونة الإنسان بما هو هو حتى عندما تربع على صدر ابن ود وأراد ان يفصل رأسه عن رقبته استنظره فأنظره وما ذلك إلا لان علي (ع) الإنسان وإلا رجلٌ يتمكن من خصم ما عسى ان يكون أسرع في التداول والتحاول إلا ان يحرك سيفه في نحر عدوه، لكنه عليٌ الكبير، علي الكبير بإنسانيته، علي الكبير في عباداته، علي الكبير في علمه، علي الكبير في صبره، علي الكبير في التنازل عن حقه ظاهراً على ان الحق ثابت عند الله سبحانه وتعالى وهي الأمانة المودعة المنتظرة التي يخرج بها الخلف الباقي من آل محمد (ص) كي يعود الحق إلى أهله، بيتٌ لا يجاريه بيت، ورسولٌ لا يجاريه رسول، وإمام لا يجاريه إمام، وسيدةٌ لا تجاريها سيدة، وأبناء لا يجاريهم أبناء، هم أهل بيت النبوة، أهل بيت العصمة والطهارة والشرف والنجابة محمد وآل محمد، هم النخبة والصفوة والامتياز بهم نتولى ومن أعدائهم نتبرء، أيها الأحبة علينا ان نعيش علي (ع) في حبه للآخر، علينا ان نعيش علي (ع) معنى الإسلام المتجسد خارجا، علينا ان نعيش علي (ع) العبادة الصادقة بينه وبين ربه، علينا ان نعيش علي (ع) في تواضعه فهو الذي يرش الماء في دكان ميثم التمار في الكوفة، علينا ان نعيش علي (ع) في انصهاره التام في الله سبحانه وتعالى وهو القائل: والله ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الله قبله وفيه وبعده[5]، هذا هو عليٌ (ع)، فعلينا ان نعيشه، ان لا نرى في أقوالنا وأفعالنا أي أمر نقوم به إلا ونجعل الله سبحانه وتعالى نصب أعيننا، متى ما تحركنا قولا وفعلا ضمن حدود هذه الدائرة أرحنا الآخر واسترحنا مع أنفسنا، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا وإياكم من الثابتين المسلمين تسليما لعلي وآل علي، السائرين على نهجهم، الآخذين بحجزتهم، ان يرزقنا وإياكم في الدنيا زيارته وفي الآخرة شفاعته وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورُسله محمد وآل محمد.