نص كلمة الإصلاح مسؤولية الجميع

نص كلمة الإصلاح مسؤولية الجميع

عدد الزوار: 1366

2017-07-04

ليلة الأحد 1438/9/16هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله وكفى ثم الصلاة والسلام على حبيبه المصطفى وعلى آله آل الوفاء جميعا ورحمة الله وبركاته

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

بلغ العلى بكماله *** كشف الدجى بجماله

حسنت جميع خصاله *** صلوا عليه وآله

ايها الحفل الكريم، ايها الجمع الطيب، ايها الشباب الرسالي المؤمن، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

جاء في الحديث الشريف عن النبي الاعظم محمد (ص) انه قال في حق سبطه الأكبر الامام الحسن بن علي (ع): «... هو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة، أمره أمري، وقوله قولي، من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فليس مني» [2]

كون «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» ودلالاته

ايها الاحبة، ايها الجمع الطيب المبارك، احيكم بتحية الاسلام وازف لكم جميعا اسمى آيات التهنئة والتبريك في ذكرى المولد الشريف للسبط الاول لريحانة الرسول (ص) الامام الحسن المجتبى (ع) سائلا من الله ان يجعلنا واياكم من السائرين على نهجه والآخذين بحجزته والمتلمسين الخطى من وراءه، خير من يقرب لنا اهل بيت النبوة عليهم السلام كي نعيشهم واقعا هو النبي الاعظم (ص) وما الحديث الذي استفتحت به الا واحدة من الشذرات المقدسة التي تأخذ بأيدينا الى حيث يراد لنا ان نصل، حيث الغاية الكبرى من رضوان الله اولا، وان نكون في معية محمد وآل محمد، الامام الحسن (ع) ونحن في ذكراه هو سيد شباب اهل الجنة وانتم الشباب وانتم اهلها امد الله في اعماركم، مكنكم من عوامل الفكر والثقافة والتنوير وجعلكم من المدافعين المنافحين الذابين عن مدرسة اهل البيت عليهم السلام بالعلم والمعرفة والوعي واليقظة، ايها الاحبة حديث كثير ما يتكرر ان «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»[3] ومن وراء ذلك غاية وهدف، المعروف ان الطابع العام للامم الراقية هو ان تكون النسبة العظمى من مكونه البشري هي عبارة عن طبقة الشباب، لذلك اعتنى بها اهل البيت عليهم السلام جميعا والاحاديث في هذا الجانب طويلة عريضة تأخذ طابع التفصيل في الكثير من الحالات، ما علينا الا ان نقتبس من هديهم وان نعود الى منابعهم الثرية التي اذا ما استطعنا ان نقترب منها وان نأخذ منها ثم نستنطقها الا ان نصل الى ما نطمح في الوصول اليه، ان نشكل اهم طبقة في المكون الانساني المكون البشري بكل ما تحمل الكلمة من معنى لماذا؟ لان سادات الكون هم عبارة عن محمد وآل محمد (ص)، ونحن بدورنا نضاف اليهم فيقال شيعة آل محمد، فاذا كان الامر كذلك والعنوان يلفظ ويكتب بهذا الخط العريض فعلينا ان نكون ممن يحقق انطباق المفهوم على مصداقه بمعنى ان يتمثل بكل واحد منا محمد وعلي والحسن والحسين والكوكبة النيرة من الائمة المعصومين بمعنى نتحرك بهديهم، بفكرهم، بعطائهم، بنورانيتهم، بمحبتهم، بصدقهم، بتعاونهم، بتضحيتهم هذا اذا ما اردنا ان نكون نماذج ينطبق عليها هذا العنوان ويتحقق مصداق الاضافة واقعا في العوالم الخارجية كي اكون مسودا للحسن (ع) ومسودا للحسين بن علي (ع) شباب طيبٌ مبارك رساليٌ حمال للتكاليف والواجبات والمهمات بكل ابعادها الدينية، الاجتماعية وما وراء ذلك من مصاديق عدة.

المقصود من ان «الحسن والحسين امامان قاما أو قعدا»

النبي الاعظم (ص): يقول «الحسن والحسين امامان قاما أو قعدا»[4] ولم يحصل ثمة قعود من ايهما بل كلاهما قاما، اما الامام الحسن (ع) فقام في دائرة الصلح الذي هيات للقيام الاعظم على يدي السبط الثاني ولو لم تكن تلك الحالة من القيام والنهوض بجميع مشخصاته ومكوناته لما تسنى للامام الحسين (ع) ان يرفع رايته عالية وان تبقى الى يومنا خفاقة تحمل شعار الاصلاح في وسط الامة، واما الامام الحسين (ع) فهو الذي يقول: «أني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»[5]، هذه الحالة من الرغبة الشديدة في الاصلاح في واقع الامة بعد ما وصلت اليه من الانكاسة العظمى هي مسؤولية الجميع ايها الاحبة، فاذا كان الامام الحسن (ع) بصلحه اصلح الارضية للحراك اذا كان الامام الحسن (ع) من خلال صلحه مد البساط امام الاجيال فحريٌ بنا ايها الاحبة ان نتلمس دوره وان نسير وفق منهاجه ومعطياته نحمل عنوان المحبة ومن المحبة ينحل عامل الاخلاص نتحرك في وسط الامة بناءا على ما اراده النبي (ص) ملتزمين بما لهم من الثوابت.

الامتثال بنهج الائمة عليهم السلام والابتعاد عن عصيانهم

يقول الرسول الاعظم (ص): وحجة الله على الامة ونحن من آحادها ايها الاحبة، امره امري، يقول: امره امري، ويقول عليه الصلاة والسلام: وقوله قولي، قول الامام الحسن، امر الامام الحسن ان كان في مساحة الحرب أو السلم هو امر وقول النبي الاعظم (ص)، النتيجة؛ من تبعه فانه مني اما اولئك الذين يعترضون مشروعه، اما اولئك الذين يحاربون مشروعه عن وعي او عن غير وعي، ربما قد يكون احيانا عن مكابرة وغرور استقر في النفس، لانه قرا مثلا مجموعة من الكتب، او وقف على معالم بعض مدارس النقد دون وعي وحكمة وتدبر وتأمل وانات.. ايها الاحبة مهما تقدمنا في علومنا ومعارفنا، مهما تطورنا في فكرنا وثقافتنا، مهما مد لنا في عوامل المادة وعناصرها نبقى نحن لا نعادل مثقال ذرة في مجرة محمد وآل محمد (ص)، نقيض الاتباع والمحبة هو العصيان والتمرد، ايها الاخوة، ايها الاحبة الذي ينبغي لنا ان نكون عليه هو المحافظة على الخط الاول الا وهو خط المتابعة خط المودة خط الامتثال خط السير على الهدى تفعيل حالة الرسالية في اوساطنا وهي التي تعني ان نحب لاخوتنا كما نحب لانفسنا، ما نرغبه ان يكون علما شاخصا في بيوتاتنا واسرنا ومكوننا الاجتماعي، ثم ما وراء ذلك من الدوائر الاكبر التي تطفوا شيئاً فشيء على بعضها هو الذي يدعونا اذا عشناهم في واقعنا انحل الى العوالم من حولنا والا فعكس ذلك هو الضياع والخسران المبين.

الاقتداء بالزهراء سلام الله عليها

الزهراء سلام الله عليها ايضا تمثل واحدة من المفردات المهمة التي ينبغي ان نستحضرها في كل مناسباتنا وان نأخذ بمعطياتها سلام الله عليها وهي كبيرة وحيث ان جانب الاخوات المؤمنات الطيبات الرساليات لهن حضورهن فأيضا لابد من توجيه الكلام لهن: ايتها البنت ايتها الاخت ايتها الزوجة ايتها الام انتم مدارس، وكما يقال بان:

الام مدرسة ان اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق

ما هذه الصفوة والنخبة من المؤمنين الرساليين الا نتاج ما تقوم به المرأة الالف واللام ان اردتها عهدية فسقها لما عهدت وان اردتها جنسية فلها الانطباق على جميع المصاديق من النسوة ونحن لا نقلل من شأن امرأة كانت من كانت، لان لها نصيب كما للرجل نصيب في بناء الاسر وفي بناء المجتمعات وفي تشكيل الامم ايضا من حولها والزهراء سلام الله عليها ما اضيفت لشيء الا وزانته ولا اضيف اليها شيءٌ الا وزانته فحريٌ بك ايتها البنت والاخت والزوجة والام ان تجعلي الزهراء سلام الله عليها الانشودة التي ترددنيها والايقونة التي تحدقين فيها والصفاء الذي تنشدينه، الزهراء سلام الله عليها كمالٌ في كمال هي معصومة بنت معصوم وزوجة معصوم وام المعصومين عليهم السلام، فهي قطب رحى الوحود، من حولها تدور المنظومة النورانية من محمد الاول وهو الرسول الاعظم مرورا بالعلامات الفارقة والانوار المباركة حتى تختم بانوار للخلف الباقي من آل محمد (ص).

«ثلاثة أعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها: العفو عن الناس: لم يحدد اﻷجر، قال تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[6]؛ الصبر: لم يحدد اﻷجر، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ[7]؛ قال رسول الله (ص): قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به. [8]

ثلاثة اعمال ليس لها موازين يوم القيامة لعظمتها، اسمعوا ايها الاحبة والاخوات وتوجهوا هناك امور ثلاثة اذا ما قمنا بها اجرها غير معلوم هو شيء بيد الله سبحانه وتعالى، لان موازين القيامة لا تستوعبها! تصوروا ايها الاحبة! ثلاثة اعمال ليس لها موازين يوم القيامة لعظمتها، كلنا نعرف ايها الاحبة ان اثقل ما يوضع في الميزان هو عبارة عن الصلاة على محمد وآل محمد[9]، اما ايها الاحبة هذه الاعمال الثلاثة التي تقومون بها وما هو مشاهد وملحوط ومحسوس في عالم شهودنا الخارجي.

الامر الاول: العفو عن الناس؛ ما منا الا وقد حصل بينه وبين اخوته شيء أو بين البنات والبنات شيء، قدم العفو اذا عفوت ففي يوم القيامة عملك لا يوزن بميزان ولا يطرح مع سائر الاعمال كي يقيم ويرتب عليه الاثر، بل له خاصيته في ترجيح الميزان ايها الاحبة، قال تعالى ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾، اذن هو بعيدٌ عن دائرة الميزان.

 الامر الثاني: الصبر؛ سواء كان الصبر على العبادة والطاعة او الصبر في الابتعاد عن المعصية، نحن في عالم متلاطم، امواج يقذف بعضها بالآخر الى سواحل مجهولة او تجر الانسان الى قعر سحيق في محيطات لها مبتدا ولا متنتهى لها، ايها الاحبة علينا ان نكون متسلحين بسلاح الصبر، قد يتقول علينا البعض فعلينا ان نصبر وقد يتطاول علينا البعض فعلينا ان نصبر، قد ينزل البعض في محاربتنا والتخلص منا فعلينا ان نصبر، اذا كان الآخر لا يستطيع الصبر والتحمل، فعلينا نحن ان نتسلح بسلاح الصبر والتحمل، لان اسوتنا وقدوتنا في هذا هو صاحب المناسبة، الم يقف عليه احدهم ويقول له: «يا مذل المؤمنين!!» هل لنا كرامة اكثر مما للحسن على الله سبحانه وتعالى وعند الله رغم ذلك تحمل وصبر بل قدم العفو امام ذلك، أو هذا الآخر الذي يترصده في ساباط مظلم ويطعنه بخنجر في فخذه ويقول له كلمته المشينة، وما كان من الامام الحسن (ع) الا العفو والصبر، ابتلي ائمتنا بالجهلة من الناس ايها الاحبة علينا ان لا ننخدع بالعبادة وطول المسابح وآثار السجود في الجباه والمحابس في الايدي ربما تعوده البعض من الناس، ربما كان يمثل جزءا من تشكيله الخارجي، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ يعني لا يوجد هناك ميزان، كأن تقول عشرة بعشرة أو مائة بمائة، وانما الميزان مفتوح تفيض الحسنات من جوانبه فلا يستطيع احد عدها!

اما الامر الثالث فهو الصوم؛ هذه العبادة التي نعيشها شرعها الله سبحانه وتعالى كي نسمو ونرتقي ونترفع على كل الصغائر، ايها الاحبة الحديث القدسي يقول: «كل عمل بن آدم له الا الصوم فانه لي وانا اجزئ به»، لا نطيل عليكم، اقدم شكري للاحبة كافة واخص بالشكر الاخ الاستاذ علي، اشكر حضوركم واصغائكم وتوجهكم، اسال من الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا واياكم بمثل هذه المحافل الطيبة التي تشملها عناية محمد وآل محمد، اعتذر منكم جميعا عن كل تقصير والتمس من الاخوة الافاضل مثل ذلك، نسال من الله سبحانه وتعالى ان يجعل هذا في ميزان اعمالنا، ان يجعلنا ممن ننتقل من حال الى حال بناء على منتج هذا الشهر الفضيل، اسال من الله سبحانه وتعالى ان يجعل قلوبنا موطنا لآيات الله سبحانه وتعالى وان يترشح عطاؤها على اقوالنا وافعالنا في القادم من ايامنا ان شاء الله، اسال من الله سبحانه وتعالى ان يبلغنا الصيام كاملا وان يتقبله منا وان لا يجعل منا فاقدا ولا مفقودا، ان يعيد المناسبة والشهر الفضيل علينا وعليكم انه ولي ذلك، قبل اطبعها على راس كل رجل وامراة كبير وصغير وكلكم كبار ومحلكم في القلب، جمعنا الله واياكم على محبة محمد وآل محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.