نص كلمة: أداء التكليف الشرعي ليس رهناً بالرغبات والأهواء
الامام الحسين (ع) نبراساً لمن أراد أن يعيش العقيدة بجميع أبعادها
جاء في الحديث الشريف عن النبي الأعظم (ص) انه قال: «حسينٌ مني وأنا من حسين»[2]
بارك الله لنا ولكم المواليد الثلاثة وعظم الله أجورنا وأجوركم في شهداء الذين وفدوا على ربهم في ذكرى ميلاد الإمام الحسين (ع) عرف الله بينهم وبين أوليائهم في الجنة وربط على قلوب أهلهم صبر صنوان ودفع الله الأسواء والأرزاء عن عموم المؤمنين والمسلمين أينما كانوا.
الإمام الحسين (ع) في الأحاديث الشريفة هو مصباح الهدى وسفينة النجاة، الإمام الحسين (ع) مدرسةٌ بكل ما تحمل الكلمة من معنى فيها تمازج الرافد المحمدي العلوي والفاطمي والحسني وتجلى في كربلاء وبقي إشعاع ذلك المصباح ينير الدرب للسالكين والقاصدين، الإمام الحسين (ع) رسم لوحة الخلود بدمه ودم الصفوة من أهل بيته والمنتجبين من أصحابه، قدم أنموذجاً متكاملاً لمن أراد أن يعيش العقيدة في كل أبعادها بسبب أن الإمام الحسين (ع) وهو الإمام المعصوم المفترض الطاعة جسّد معطيات الدين المحمدي الأصيل في تأصيله وكل تشعباته.
العبادة مشروع شامل وغير مقيد
الإمام الحسين (ع) أعطى للعبادة التي مارسها الكثير من المسلمين على أنها طقس ديني وليس وراء ذلك شيء المكانة المنشودة، أبى الإمام الحسين إلا وان يجعل منها مشروعا شاملا، لذلك فك أسرها، اعتقها مما أحيطت به من جدر هنا وهناك، الإمام الحسين (ع) عندما يلتفت لأحد أصحابه وهو يقول له: لقد دخل وقت الصلاة يا بن رسول الله فيجيبه الامام (ع) قائلاً: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين[3] الإمام لم يرجع الكلمة بحرفيتها لفظا أو مادة ومعنى وإنما أعطاها قدرة على العروج والتحليق في أكثر من فضاء: جعلك الله من المصلين الذكرين؛ أي الذاكرين إلى الله المنطلقين إليه، الذاكرين للعبادة وفي مقدمتها الصلاة وهي المعراج بين الإنسان وربه وبها عصمة الدين وعماده، جعلك الله من الذاكرين الذين لا تلهيهم أشد الظروف عن أداء ما هو التكليف، مع شديد الأسف اليوم عندما تتزاحم الموارد عندنا بين ما هو المهم وما هو الأهم تختلط الأوراق فلا نرتبها ولا نستخلص منها ما هو الأهم على حساب المهم وإنما في الكثير من الأحايين نرفع أيدينا عن الأهم ونتمسك بالمهم.
تقديم الأهم على المهم
أيها الأحبة المهم جيد الالتزام به، المحافظة عليه، التضحية من اجله، لكن الأهم من ذلك هو المحافظة على الأهم إذا زاحمه المهم ومصاديقه كثيرةٌ، ذكرى المواليد الثلاثة مرت علينا ولكن غلفتها حالة من الحزن وحق الإنسان في طبيعته بما هو إنسان أن يصدم بما وقع، كيف إذا كان ذلك الإنسان مسلم، كيف إذا كان ذلك الإنسان من الموالين، كيف إذا كان ذلك الإنسان ممن يعيش وطنيته، أيها الأحبة أرادوا بما قاموا به أن يئدوا الكثير من المشاريع التي تفرض وجودها، أرادوا أن يوجدوا خللاً بين أبناء الطائفة الواحدة وأرادوا أن يحدثوا شرخا بين أبناء الوطن الواحد وأرادوا أن يحدثوا مشكلا بين أبناء الطوائف فيما بينها وحاولوا أن يربكوا وضع هذا الوطن الآمن إن شاء الله لكن خاب رجاءهم وأرتد السحر على الساحر، أيها الأحبة عبر التاريخ نحن الأكثر قدرة على تقديم القرابين ولنا في الإمام الحسين (ع) قدوة ولكن هذا لا يعطينا الذريعة أيها الأحبة أن نتعامل مع الأمور في حالة من البساطة والسذاجة وعدم الرؤيا والبصيرة.
الامام الحسين (ع) عِبرة وعَبرة
استهلكنا لقرون طويلة أيها الأحبة نغلب جانب العاطفة على العقل أنا لا أقول لنرفع أيدينا عن العاطفة ولكن علينا أن نوازي بين هذين المشربين الطائر الذي أودعه الله أو أكرمه بجناحين يحلق بهما إذا عطل أحدهما لحساب الآخر بطأت حركته ربما تصل إلى حالة من عدم القدرة على الطيران لتعطيله واحد من أهم المكتسبات، في حياتنا أيها الأحبة كلنا نقول ونسمع هذا الشيء بالإمام الحسين (ع) عِبرة وعَبرة لكننا نستغرق في العبرة ولا نعطي للعبرة دورها الذي يفترض أن تكون مجنحة فيه ترفرف في أكثر من مساحة ومساحة وتضلل أكثر من بعد وبعد، الإمام الحسين (ع) أريد له أن يكون مصباح نجاة وكيف تعاطيناه أريد له أن يكون سفينة، سفينة نجاة ومصباح هدى كيف تعاملنا مع هذين، قال رجل للإمام الحسين (ع):يا ابن رسول الله أنا من شيعتكم، قال: «اتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم»[4]، شيعي هذا العنوان سهل أن يكتب، أن يشكل، أن يغنى، أن يردد لكن معطيات هذا العنوان كم لها من الفاعلية في داخلنا هذا بيت القصد، عندما تصدر كلمة مدح منهم عليهم السلام في الوقت الذي يشرّفون، في الوقت ذاته أيضاً يكلفون، عندما يقال مثلا سلمانٌ منا بقدر ما شرّف كلّف، عندما يقول فلان أنا جعفريٌ ويوأمّن الإمام على دعواه هذا تشريف لكن فيه تكليف، أصلاً التشريف لا يستقر إن لم يرافقه التكليف ويقوم الإنسان بما يستلزمه وإلا تذهب الأمور، المدعيات كثيرة، الإمام الحسين (ع) يقول: إن شيعتنا من سلمت قلوبهم، من ماذا؟ من كل غش لنرى وضعنا في البيع والشراء كيف هو؟ في حالة الاستنصاح كيف هو، هل نحن بعيدين عن الغش أو ان الغش هو سيد الموقف، الطبقة العليا حسنة أما ما تحتها سيئ وعلى هذه فقس ما سواها، وغل، البعض يحمل في قلبه الغل على أخوته، على أبناء مجتمعه، على من يعيشهم ويعشونه في دوائر عمله وتعليمه وما ... ودغل والعياذ بالله، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم، هذا يكفي، دعوى الحب والمحبة فيها قوة وضعف، والأمر سهل، لكن هذا العنوان الشريف هو المهم، لذلك أهل البيت عليهم السلام يريدون منا ان نكون زينا[5] في كل شيء مع أهلكم في بيوتكم مع الناس في المجتمعات الخاصة والعامة مع أبناء الوطن الواحد الدين الواحد الإنسانية المشتركة لابد وان تفعل هذا الجانب، نسال من الله سبحانه وتعالى أن يكتبنا وإياكم ممن يصل إلى تلك المراقد الشريفة وان يكرمنا يوم القيامة بشفاعتهم وان يقبلنا أن نكون من المسجلين في ديوانهم من شيعتهم المهم هو هذا اذا أنا ادعيها اليوم، يوم القيامة لا افقدها، المحبة الهدوء إظهار الود، لابد ان تتسيد هذه الأمور الموقف، لان المؤمن هشٌ بش يألف ويؤلف، دفع الله الأسواء عن عموم بلاد المسلمين وكف أيادي الظالمين، ونسال من الله سبحانه وتعالى أن يتغمد هؤلاء الشهداء بواسع رحمته، أن يعرف بينهم وبين أوليائهم في جنات الخلود انه ولي ذلك لأرواحهم ولأرواح من مضى من شيعة أمير المؤمنين رحم الله من يقرأ الفاتحة.