نص كلمة: أبعاد مدرسة الإمام الصادق (ع)

نص كلمة: أبعاد مدرسة الإمام الصادق (ع)

عدد الزوار: 905

2017-12-21

ليلة الثلاثاء 1439/3/23 هـ في مسجد العباس بالمطيرفي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

ما أخذناه من مأدبة الرسول الأعظم والامام الصادق عليهما السلام

عشنا في رحاب الرسول الأعظم ورحاب حفيده الإمام الصادق عليهما السلام ذكرى المولد الشريف لكل منهما، كلٌ منا أخذ بنصيبه من مأدبة هذين العظيمين؛ مأدبة النبوة ومأدبة الإمامة، حبل متصل بين الأرض والسماء، حيات النبي (ص) فيها الكثير من الدروس والعضات والعبر مما يشكل منهجا متكاملاً للإنسان الذي يستطيب العيش في هذه الحيات في افضل حالاتها، الامام الصادق (ع) هو فرعٌ من تلك الشجرة الوارفة الظل، حيث وصلتنا منه كميةٌ هائلة من الأحاديث الشريفة طرق من خلالها الامام (ع) جميع الابواب لم يستثني باباً يحتاجه الانسان المكلف الا وشرعه على مصراعيه غاية ما في الأمر السؤال منا لنا: ما الذي فعلناه فيما مضى؟ ما الذي نتأمله في الآت من الأيام؟ فاذا كان الماضي طويت صفحته فهل أعددنا للآتي اجندة كافية كي نستطيع ان نلج الى مدرسة هؤلاء العظماء؟

روافد مدرسة الرسول الاعظم (ص)

النبي الاعظم (ص) مدرسته ذات بعدين هامين: البعد الاول تأصيل المعتقد في وجدان الانسان المسلم، البعد الثاني تكفل ببيان ما يحتاجه الانسان في هذه الحيات من أمور لتصحيح جميع الامور المناطة به تكليفاً سواءٌ كان في الجانب العبادي او كان في الجانب المعاملي، بطبيعة الحال كان من الممكن ان تنتزع الفروع حتى من تلك الفروع ايضا وان كانت هي اولا وبالذات مندرجة تحت اصول وقواعد عامة، حيات النبي الاعظم (ص) رغم ان القرآن اكد على جانب منها ألا وهو الخلق العظيم الا اننا حتى في هذا الباب لم نتعاطاه كما ينبغي، حال ان الاهمية لهذا الجانب واضحة وبينة لذلك طرقتها السماء واكدت عليها السماء: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[2].

أسباب خلود مدرسة الامام الصادق (ع)

الامام الصادق (ع) ايضا استطاع ان يبحر بالسفينة الى ابعد المسافات فيما أتاح له الزمن في البعد الزمني الذي عاشه وقضاه في هذه الدنيا والبعد المكاني حيث التنقل بين المدينة والكوفة العلوية، في المدينة كان له تأسيس ومتابعة لما اصله الامام الباقر (ع) وفي الكوفة فتح المدرسة على جميع الأطياف، لذلك تجد في مدرسة الامام (ع) من يميل الى السلك العلوي وتجد من يميل الى السلك العثماني، لكن كان الانصهار واضح وبين والتلاقح الفكري على اشده، اما الامام الصادق (ع) كان يمسك بالبوصلة فلم تنحرف ولم تزغ خطى من كان من حوله لا يمينا ولا شمالاً لذلك خلدت هذه المدرسة، الامام الصادق (ع) بقدر ما تعددت الفنون العلمية والمعرفية في مدرسته بقدر ما أمنت من الاتساع، حتى اولئك الذين لم يكونوا مع الامام (ع) في جانب الامامة يعني لم تتفق أفكارهم مع الامام كانوا عندما يستعرضون الآراء يبدأون برأي الامام جعفر (ع)، بعضهم بالواسطة وبعضهم بالمباشرة ممن حضروا وتقلبوا وثبتوا وجودا قوياً في دائرة بحثه (ع)، بالنتيجة هذه الشذرات تستدعينا نحن ايها الاحبة ان نرجع اليها هي ليست بحاجتنا بقدر ما نحن بحاجتها.

الاستشهاد بالأقوال في الماضي والحاضر

اليوم صار الحديث غريب في اوساطنا، الموجود هو اقوال الشخصيات المعاصرة وهذا على حساب الأصل مع شديد الاسف، اليوم عندما تريد ان تستدل على قضية تأتي بقول الخطيب الفلاني أو المنبري الفلاني أو رجل الدين الفلاني، في حين في الزمن السابق عندما يستشهدون كانوا يستشهدون بقول النبي الاعظم محمد (ص)، يستحضرون القرآن بل يستظهرونه رغم ان الكثير منهم لا يحسن القراءة والكتابة لكن من كثر التردد على مجالس الامام الحسين (ع) مثلا كانوا يستغمرون الصور، اما الآيات فحاضرة، وأما بالنسبة لأقوال الامام علي في نهج بلاغته كان يجري على لسان الكبار من آبائنا واجدادنا واعمامنا وكبار مجتمعاتنا، حتى الشعر الحكمي كان حاضراً، لكن اليوم مع الأسف الموجود عندنا هو قال الملة الفلاني! من هو الملة الفلاني من اين مطيته لا ندري، بعض الناس اذا ما سمعوا صوت ملة واعجبوا بصوته لأنه بالتالي «الاذن تعشق قبل العين احيانا» فترى‌ السباق يجري عندما يأتي شهر محرم الحرام لاستضافة هذا الخطيب وفي الأغلب الأعم حتى ولي الحسينية لا يهتم لما ينطوي عليه مجلس هذا الخطيب من فائدة للجمهور الذي هو امانة بيده.

سر خلود الشيخ الوائلي

الشيخ احمد الوائلي رضوان الله على روحه الطيبة المباركة بأنفاس محمد وآل محمد لم يكن صاحب حنجرة ذهبية أبدا لكن كان صاحب لسان ذهبي، لذلك نرى بعض الخطباء ممن صنّفوا على واقع الخطاب عندما يموت أحدهم تنطوي صفحته، ولكن يبقى الوائلي خالدا وما ضر بعض الشنشنات من بعض الفضائيات المشبوهة الموبوءة ان تنال من شخصه ابدا، لان الشجرة المثمرة دائما ترمى، الشيخ الوائلي كان بهذه المثابة، فانت تسمع الشيخ الوائلي عندما يريد ان يستشهد دائما وابدا لهج اللسان حاضر البديهة من خلال ما ينطلق على اساس منه من قول محمد وآل محمد وهذه الجراء العاوية اجلكم الله‌‌ التي تحاول النيل منه لن ولن ولن يبلغوا مرادهم، لان الامة تعي ولديها ميزان تزن به الأمور. وطوبى لمن يأخذ في ذكرياتهم ولو بحديث واحد أو بحكمة واحدة أو بمفردة واحدة كي ينصهر ويتعاطى مع المناسبة.

قبس من نور الامام الصادق (ع)

نستعرض وبشكل سريع رواية مروية عن امامنا الصادق (ع) يقول فيها:

«من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب، ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة»[3]

الوضع يوم السبت جيد صلى الصلاة لوقتها، وصل رحمه، قام بموجوبات الحيات، حسن الخلق مع اهله، يأتي يوم الاحد ليس اسوأ من يوم السبت بل كما كان عليه، لكن يأتي يوم الاثنين تتبدل الأحوال أصبح فرعون في بيته، يعني صحيح هو لا يجلد بيده لكن لسانه اسوأ من السوط، فيكون يوم الاثنين ليس مثل يوم الاحد بل أسوء منه، لكن يوم الاحد كان مثل يوم السبت فتساوى يوماه فهو مغبون.

ومن كان امسه افضل من يومه، يعني يوم امس كان قد صلى الصلاة جماعة لكن اليوم اصلا هو لم يصلي، يوم امس كان قد تصدق، اليوم لم يتصدق، يوم امس كان يستقبل الناس بوجه بشر، اليوم يتلقاهم بوجه مكفهر والعياذ بالله، يعني وصلت بنا الحالة والنوبة ان نكون في محضر الموت عند الجنائز الممددة بجانب القبور والموعظة لا محل لها في النفوس، ماذا بقى وماذا ننتظر نحن حتى نصل.

ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب؛ اذا رأيت نفسك اليوم لم تزداد شيء في دينك ولم تتعلم معلومة أو رواية أو موعظة أو حكمة أو إضاءة أو فكرة أو ثقافة مرتبطة بأسباب الدين والمذهب اعلم انك تسير نحو النقصان.

ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة؛ لماذا اذن جالس انت وماذا تعمل ما دام ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾[4] اوصدت ابوابه، لا يوجد دليل للجلوس، لان شيئا فشيئا ينقص وينقص ولا يدري الى ‌اين يكون مصيره، ‌ثبتنا الله على صراطه المستقيم،‌ خاصة في هذا الزمن المضطرب، ايها الاحبة نحن اليوم في وضع صعب وحرج ومر، روايات كنا نسمعها ونقرأها ونستظهرها: «يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا»[5] كنا نستغرب لكن اليوم هو الواقع حيث نرى البعض يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ولا نعني بالكفر ان يخرج من ربقة الاسلام والايمان وانما كافر بمعنى جاحد، جاحد للمبادئ، جاحد للقيم جاحد للأخلاق ناكر للجميل... نسال من الله سبحانه وتعالى ان يعرفنا بأهل البيت عليهم السلام وان يجعلنا من الثابتين على ولايتهم ويرزقنا الشفاعة على ايديهم، انه ولي ذلك. للفقيدتين السعيدتين ومن مات على ولاية امير المؤمنين الفاتحة مع الصلوات.