نص خطبة مدرسة الإمام الحسين (ع) بين التشفير والتهميش
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيتنا خالصةً لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
في الحديث الشريف: «ما عبد الله عز وجل بشيء أفضل من فقه في دين»([2])، وفيه أيضاً: «فقيه واحد في الإسلام أشدّ على الشيطان من ألف عابد»([3])، وفيه أيضاً: «لكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه»([4]).
ذكرى شهادة السبط الأول (ع):
مرّ بنا يوم من الأيام العصيبة على المسلمين عامة، ألا وهو شهادة السبط الأول، إمام الاعتدال في وقته، المؤصّل للمحبة والسلام بين جميع ألوان الطيف في الأمة الإسلامية، ألا وهو الإمام الحسن بن علي، ابن فاطمة بنت النبي محمد، صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد ظُلم هذا الإمام كثيراً في حياته، ولوحق بعد شهادته، وإلى يومنا هذا يقاسي سياط الظلم الممتدة لتاريخه الطويل.
والسؤال هنا: أما آن الأوان أن تستيقظ الأمة وتعود إلى الوراء قليلاً، لتستنبط معطيات تلك المدرسة؟. فلو أن الأمة سارت على ما خطه الإمام الحسن (ع) لما وقعت حادثة كربلاء، ولما ظُلم الإمام الحسين (ع) وأهل البيت (ع) لكن الأمة لم تقرأ الصلح، ولم تعِ ما فيه، حتى المقربون من أصحاب الحظوة والدرجة المتقدمة، تديّناً وسلوكاً وانضباطاً ووعياً، وقفوا في وجهه ورفضوا صلحه.
فنجد مثلاً أن قيس بن سعد بن عبادة، وهو رجل عظيم بما تحمل الكلمة من معنى، حتى أن العرب لو شاؤوا أن يتوجوا ملكاً عليهم لما عدلوا عنه إلى غيره، وهو صنيعة الإمام علي (ع)، وقف في وجه الإمام الحسن (ع) بعد الصلح.
أيها الأحبة: لا يكفي أن نطلق الأحكام والآراء ونحن في حالة من الدعة والرفاهية والأمن والصحة، فالأمور لا تجري وفق هذا المنهج، إنما يمتحن الرجال عند الشدائد، لذلك جاءت كربلاء لغربلة الناس وامتحانهم، واستخلاص المعدن النفيس من غيره. فالموكب العظيم الذي سار مع الإمام الحسين (ع) من مكة، تقلص عند بلوغه إلى زَرود، ثم تفرق وتشرذم شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى كربلاء. وهذا خير دليل على الغربلة في الامتحان. بل حتى في يوم العاشر من محرم، هنالك من قدم أوراق الامتحان وعاد بها خائباً.
الدنيا دار ابتلاء:
إن الدنيا دار بلاء وامتحان، ولا يظنّ من يظن أنه يعيش في الدنيا طويلاً، فمهما طال به الزمن فمصيره إلى الآخرة. والإنسان على نفسه بصيرة.
من هنا أهمس في أذن كل شاب وشابة يتعامل مع هذا الجهاز الصغير أن يكون في منتهى درجات الحذر، والليالي والأيام حبلى بالأحداث. ومن دخل فيما لا يعنيه حصل على ما لا يرضيه. وقد كنت ذكرت هذا المطلب، وكررته، ولكن من واقع المسؤولية، ولكثرة الأمور التي تحصل أضطر للتكرار والتأكيد.
وأنتم يا أولياء الأمور، ما أرخص أن يشتري الإنسان جهازاً بآلاف معدودة، ويقدمه لولده عند نجاحه أو لأي أمر كان، ولكن ما أثقل المسؤولية في هذا المضمار. فهل جمعت أيها الأب الحسابات؟ وهل قرأت ما قبل ذلك وما بعده؟ أم أنك ممن يلقي حبلها على غاربها، فلا يعنيك أمر الولد والبنت اللذين هما أمانة في عنقك؟ حتى إذا ما وقع المحذور قلت: يا ليت الذي كان لم يكن؟ ولذت بالصدقات وأكثرت منها، وحملت القرآن الذي لا علاقة لك به إلا في شهر رمضان، تلمس منه مدداً وعوناً؟ ثم قمت بزيارات لبيوت لم تكن تحسب لها حساباً في يوم من الأيام، لتستعين بها في موقف، وإذا بك تزج بها في مواقف الإحراج؟ ثم لا نجد إلا أماً عيونها تدمع، وقلبها يتقطع؟
فلنقرأ هذه الأمور بدقة، ولننظر ما لنا وما علينا، وأنا أعلم أنكم من أهل الوعي بلا شك عندي، ولكن من باب التذكير، أقول: إن قولي هذا منطلق من قلب يتقطع، ومحبة لا أزايد فيها على أحد منكم، فأنتم أهل المحبة وسفراؤها، ولكن لننتبه قليلاً، فليس اليوم كالأمس، ولا القادم كما هو اليوم، فلنكن من أصحاب النظر البعيد للآتي، لا ما نعيشه اليوم، فضلاً عما فات وانقضى.
فالأئمة (ع) كانوا كثيراً ما يجمعون أبناءهم، وينبهونهم لمواطن الخلل، ويأخذون بأيديهم إلى ما هو الأكمل. أليس لنا في رسول الله (ص) وآل بيته قدوة؟ وفي عظماء الأمة من صحابة وتابعين وعلماء وعظماء، قدوة وأسوة؟ على الأقل، أليس لنا في آبائنا الذين نحترمهم ونجلهم ونعظمهم قدوة وأسوة؟
فالإمام الحسن (ع) فيما روي عنه، أنه دعا بنيه وبني أخيه فقال: «إنكم صغار قوم، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يحفظه، فليكتبه وليضعه في بيته»([5]).
وإني أؤكد دائماً على طلب العلم، فأقول: إن الشهادة الدراسية ليست دائماً نهاية المطاف إن كانت جامعية، ماجستير أو دكتوراه، أو غيرها، وفي منطق الإسلام أن طلب العلم من المهد إلى اللحد. بل إن الإنسان الواعي مهما تقدم في علمه ظن أنه لتوه يبتدئ، وعليه أن يندفع لما هو أبعد.
فالإمام الحسن (ع) يوصي أبناءه وأبناء أخيه بتعلم العلم، فمن لم يستطع منهم حفظه واستحضاره وقت الحاجة إليه، فليكتبه وليحتفظ به. ونحن اليوم بحمد الله في حال أفضل بكثير جداً من هذه الناحية، بل لا معنى للمقارنة بالماضي، بوم كنا نبحث عن الكتاب وبنذل من أجله الكثير من المال، وربما أثر ذلك في مأكولنا ومشروبنا وملبوسنا. أما اليوم فبإمكان أيٍّ منا أن يحصل عليه في أبسط الأجهزة المحمولة بين أيدينا، بل بالإمكان استحضار جميع الكتب وأمهات المكتبات العالمية في شرق الأرض وغربها، ولكن ما هو حجم الفائدة التي استفدناها من هذه التقنيات العالية؟
يستغرق الكثير منا في مجال الرياضة من خلال استخدام هذه الأجهزة، ويتناقل أخبار الفريق الفلاني الذي فاز على الفريق الآخر. ثم ماذا؟ أو زيد تطاول على عمرو بكلام قادح. ثم ماذا؟ والقائمة تطول. فنحن نشغل أنفسنا بما لا أهمية له، وفي أحسن الأحوال بالمهم على حساب الأهم، حال أننا في دعوة للبحث عما هو أهم. وأصحاب الهمم الكبيرة يبحثون دوماً عن الأهم وليس المهم.
ويقول الإمام الحسن (ع): «عجبٌ لمن يتفكر في مأكوله، كيف لا يتفكر في معقوله، فيجنب بطنه ما يؤذيه، ويودع صدره ما يرديه»([6]). فالكثير من الناس إذا أراد شراء الأكل والغذاء، بحث وتفحّص كثيراً في نوع المطاعم، وجودة الأكل ونظافته، وهو أمر حسن ومطلوب، والإمام لا ينتقد هذه الصفة، إلا أن الأهم من ذلك ما يؤثر في عقلك سلباً كان أم إيجاباً، فقد يسهل معالجة ما دخل للجسم من أضرار الأكل، أما ما دخل العقل واستقر واستحكم فيه، فمن الصعب معالجته، بل قد تكون مستحيلة.
لذا يكون البحث عما يعني العقل في غاية الأهمية، بل هو أهم من الأكل والشرب. فها نحن اليوم نرى اختلاف المشارب والآراء والتوجهات التي يتبناها الكثيرون بلا وعي ولا دليل، بل الكثير منها لا تعدو كونها توجهاتٍ غوغائية، وبحثاً عن تسجيل الأسماء ليس إلا، لأنك إذا ما بحثت عن الدليل وتناشد به، فلن تجد الدليل لدى الطرف الآخر، ولا يحسن صياغته.
رأينا في قاعدة التسامح:
لقد تعرضت في الأسبوع الماضي لقاعدة التسامح في أدلة السنن، لأنها مهمة جداً في الجانب العملي، ففي الجانب النظري أُشبعت دراسةً وتمحيصاً وبحثاً، ولكن الأثر العملي قوي جداً. لذلك ترى أن القراءات والحسابات والأفعال والحركات وما يوصف بالشعيرة وما لا يوصف، كل ذلك يقع تحت مظلّة هذه القاعدة. فإن وسعنا منها في التطبيق أو ضيقنا فإن الأمور تختلف خارجاً بحسب التوسيع والتضييق.
ولذلك عقّبتُ قليلاً في الأسبوع الماضي بما يسمح به الوقت، وأعود إليه الآن فأقول: القاعدة على ما هو المختار عندي: هي عدم اعتبار ما ذُكر من شروط وضوابط للعمل بأخبار الآحاد الضعيفة، المتعلقة بالروايات التي فيها دلالة على السنن، سواء كانت هذه السنن متعلقة بالفعل المستحب، أم بالترك وهو المكروه. بحيث لو جاءت هذه الرواية في مجرى تكليف واجب أو محرم لأجهد الفقيه نفسه، ولكن لأنها لا تصب في هذا الإطار تسامح معها، فأصبحت الرواية محتضنة في ظل الفقيه.
الجانب العملي في القاعدة:
ومن النقاط التي أود أن أشير إليها أن الكثير من فقهائنا، رحم الله الماضين وحفظ الموجودين:
1 ـ أنهم أفتوا بمجموعة من الأمور المستجدة التي نتعاطاها ونتداولها فيما بيننا على أساس من روايات ضعيفة، لم تثبت وفق الموازين العلمية وأصول البحث، فلا بد أن نرفع اليد عنها، إلا أننا نأتي بالكثير بناءً على معطياتها.
وليت الأمر يقف عند هذا الحد في من مضى، إذ جاء آخرون بعدهم، فلم يجدوا أنفسهم ملزمين بغربلتها رغم ما لهم من القدرة والقوة العلمية، كالمرجع السيد الخوئي رحمه الله، الذي عشنا ذكرى رحيله، فرغم سلطنته العلمية وأنه ينتهي لنتيجة معلومة محسومة، إلا أنه في التعاطي العملي لا يركن لذلك، ودونك آثاره بين أيدينا، وغيره أيضاً.
2 ـ ما قام به بعض علمائنا، من إدراج بعض الأحداث والقضايا، كمواليد الأئمة (ع) والعقد على أزواجهم، وشراء الإماء، وما وقع من الحروب أيام النبي (ص) وبعد غيابه من فتوحات، وحادثة كربلاء، وما حصل لابن الزبير، وفي الحَرَّة، وثورة المختار، والكوفة، وغيرها من الحوادث، وكذلك أخبار الأشخاص من مدحٍ أوصلهم إلى عنان السماء، وقدحٍ أنزلهم إلى الحضيض، وليس معلوماً ما هو موقعهم الحقيقي بالفعل، فالأقلام تقدم وتؤخر، وترفع وتضع.
أقول هذا لأنني أثق في مدركاتكم ووعيكم، وأنكم تستوعبون ما أقول، ثم إن هذا الكلام يبحر في فضاءات بعيدة ويصل لمواقع بعيدة من شرق الأرض إلى غربها، لذلك أطرح مثل هذه المواضيع العلمية مع حفظ الأدب والاحترام للجميع، والبحث العلمي لا يخضع لعوامل المحسوبيات والعواطف، القبلية أو الإقليمية أو غيرها. فالآراء لا بد أن تناقش وتغربل، تُقبل أو ترفض، سواء صدرت من زيد أو عمرو.
فهؤلاء العلماء قاموا بإدراج بعض الحوادث والقضايا ذات الصلة بالمعصومين (ع) وهو ما يعنينا هنا. فهل أن جميع ما نقل عن الأئمة (ع) وورد عنهم قد وصلنا بطرق معتبرة؟ أو تم إدراج نصوص تاريخية وضعها أعداء أهل البيت (ع) في تاريخ أهل البيت (ع)؟.
لا شك أن شيئاً يسيراً من الوعي والتأمل يوقفك على هذه الحقيقة والمفارقة الكبيرة، وهي الدسّ من قبل أعداء أهل البيت (ع) في تاريخهم، لا سيما في الكتب القديمة، ومن البيّن أن الكتاب كلما كان قديماً، كانت له قيمة تاريخية أكبر، حال أنك لو وضعته على طاولة النقد قد لا تكون له تلك القيمة التي منحه إياها التاريخ. فالكثير من الكتب كان الأولى بها أن لا تطبع ولا تنتشر. فلو أنها بقيت طيّ الماضي لوفت علينا الكثير من الجهد، ولما تركت مساحة للآخر أن ينال من المقامات الخاصة لمحمد وآل محمد (ع).
ففي كتب الأدعية تجد الكثير من الإدراج، فالنص الضعيف إلى جانب النص المحكم، دون تحقيق كافٍ، يفرز على أساسه الأصيل عن الدخيل، والنماذج كثيرة، منها مفاتيح الجنان، وضياء الصالحين، وغيرها من الكتب القديمة والحديثة، فهنالك اليوم بعض الكتب تصدر تحت عنوان الأدعية والزيارات، حال أن الكاتب لا يفقه ألف باء علم الرجال والدراية، فالأموال موجودة، وكذلك الجهات الداعمة، والفضاء مفتوح، وسوف تصبح هذه الأدعية بعد فترة من الزمن من المقدسات التي يجب الاعتقاد بصحتها.
3 ـ الثقة المفرطة في الموروث الذي بين أيدينا، مع وجود الآراء المختلفة في ذلك منذ زمن طويل، لا كما يتصور بعضهم من أن باب الاختلاف والرفض والقبول جاء على يدي العلامة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله، وسار عليه بعض الفقهاء وأصحاب الرأي فيما بعد، ففي زمن الشيخ المفيد رحمه الله، انفتح باب الجدل والقبول والرفض والرد في وجه الشيخ الصدوق رحمه الله، وهو من أعاظم علماء الطائفة، وكتب الشيخ المفيد كتابه تصحيح الاعتقاد. وكان هذا بين قطبين من أقطاب الطائفة. فلم لا نتقبل اليوم مثل هذا الاختلاف؟ فهل نحن متعبَّدون برأي فقيه واحد، إذا كانت لدينا القدرة للوصول إلى ما هو خلاف ذلك وفق قواعد وأصول مقننة ومؤصّلة؟ فهذا لا يعني التمرد والخروج والانحراف، وإلا لكان الشيخ المفيد خرج على الشيخ الصدوق، والشيخ الطوسي خرج على الشيخ المفيد، وابن إدريس خرج على الشيخ الطوسي. ولكن كانت عقولهم كبيرة، ونواياهم طيبة، أما اليوم فقد اختلفت الأوضاع.
فالثقة المفرطة بالموروث مع الآراء المختلفة فيه بين الأعلام الماضين ومن جاء بعدهم، ومن نعيشهم اليوم، تسبب في استفحال الأمور.
فالأصول الحديثية الأربعة، وهي الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، مَنْ من علمائنا الماضين أو المعاصرين من لم يضع علامات الاستفهام ويرفض الكثير من الروايات؟ فلماذا نجد البعض يقيم الدنيا ولا يقعدها إذا سمع باحثاً متتبعاً يطرح رأياً في مثل هذه المسائل؟
إن هذا الأمر يدفعنا للبحث عن أمر مهم نحن بحاجة إليه، وهو أن نبحث في مصادر الأحكام بكل تجرد ووعي وثبات وصدق، مع أنفسنا ومع الأجيال القادمة، فما يطلبه أبناؤنا في الغد ليس ما يطلبه أبناؤنا اليوم.
تضييق شقة الاختلاف:
والسؤال الذي ينبغي طرحه بعد كل هذا الكلام هو: متى نرى مجلساً أعلى متعدد الأطراف للمرجعية الدينية؟ فليس بإمكاننا اليوم أن نجعل مرجعاً واحداً أعلى، فمن يقلد فلاناً من المراجع يرى أن مرجعه هو الأعلى، ومن يقلد غيره يراه هو الأعلى.
فقبل ثمان أو تسع سنوات، أيام بدايات الوكالات وأمثالها، جلست مع أحد أولاد المراجع وطلبت منه أن يثبت لي أن والده هو الأعلم ـ ولم يكن ذلك الابن للسيد السيستاني إنما لمرجع آخر ـ فقال: يشهد له أهل الحبرة والفضيلة، وساق لي بعض الأسماء. ثم خرجت منه إلى غيره، فسألته السؤال نفسه، فأجاب بنفس الجواب. ثم في مناسبة أخرى سألت غيرهما نفس السؤال، فأجاب بنفس الجواب، ولم يكن هنالك اتفاق بينهما على الأعلم. فإن كانوا لا يتفقون على الأعلم، فكيف يتفقون على الأعلى؟
أقول: إن كل واحد من هؤلاء المراجع جميعاً، يعتقد فيما بينه وبين الله أنه هو الأعلم والأعلى، ولكن حبذا لو اجتمعوا في مجلس أعلى يجمع الجميع.
لقد طرحت قبل فترة أسماء بعض المرجعيات المحلية، فقامت الدنيا ولم تقعد، فلدينا اليوم أكثر من 120 رسالة عملية في العالم الشيعي، مراجعها من العراق وإيران ولبنان وغيرها من البلدان، فلم لا يكون هنالك مراجع أحسائيون أيضاً؟ أو بحرانيون أو كويتيون أو قطيفيون؟
فمن الجميل إذن والمناسب أن يكون لدينا مجلس أعلى للمرجعية، لا يضم علماء النجف لوحدها، أو قم لوحدها، إنما يضم علماء الطائفة، فنحن في أمواج عاتية، بل (تسونامي) جارف لا يُبقي ولا يذر.
والغاية من هذا المجلس، هو توحيد الفتاوى والآراء في المواطن الهامة على الأقل، فالفقيه لا يمكن فصله عن فقاهته وحريته في إبداء الرأي الخاص به، ولكن على الأقل الإجماع في المسائل الحساسة التي تمسّ المذهب وتضرّ بوجوده، وتشوه الإسلام، كما حصل في لندن. فلو أجمع مراجعنا أعزهم الله على فتوى تحريم التطبير مثلاً، لما ترتب عليه اليوم من الأخطار ما ترتب، ولأُغلق هذا الباب، ولم يعد للحديث فيه مناسبة. وعلى ذلك قس ما سواه. كما هو الحال في الهلال وغيره.
وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.