نص خطبة: مدرسة الإمام الجواد عليه السلام تؤمن التعامل مع مختلف الفئات

نص خطبة: مدرسة الإمام الجواد عليه السلام تؤمن التعامل مع مختلف الفئات

عدد الزوار: 390

2014-10-05

مدرسة الأصالة والتأصيل:

في الحديث الشريف عن الإمام التاسع، محمد بن علي الجواد (ع) «أن أمير المؤمنين علي (ع) قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزَّل في تلك الليلة أمرُ السنة، ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي، أئمة محدَّثون»([3]).

بالأمس القريب كانت ذكرى شهادة الإمام الجواد (ع) الإمام العظيم في جميع جوانب حياته، وفي كنه ذاته، المفترض الطاعة على البشرية جمعاء، الذي أذعن وأقرَّ بفضله علماء المسلمين من الفريقين. فمدرسته متعددة الأدوار، وتراثه أصيلٌ ومؤصِّل. فإن دخلت من بابٍ، أو تمسكت بحلقةٍ من أبواب مدرسته، أخذت بيدك العروة التي بعدها، لشدة التماسك في منظومة مدرسته.

على أنه عاش في واحد من أشدّ الأدوار قسوةً وعنتاً على أئمة أهل البيت (ع) وأتباعهم، رغم أن التمظهر من خليفة عصره أن الأمور تسير على خلاف ذلك، وربما استفادوا من مجريات ولاية العهد لأبيه الإمام الرضا (ع) ولكن جرت الرياح أخيراً بما لا تشتهي السفنُ. لذلك أخذت أبعد وأقصى ما يمكن أن تصل إليه، ولو لم يكن إلا إفراغ الساحة والمشهد من الإمام الرضا (ع) لكفى، حال أن الدور لم يقف عند هذا الحد، بل رُتِّب عليه أثرٌ حتى انتهى الأمر إلى إنهاء حياة إمامنا (ع).

ولولا تلك الخطة المحكمة من المأمون العباسي، التي ورثها من جاء بعده، لما انتهى المعتصم إلى ما انتهى إليه من التخلص من الإمام الجواد (ع).

فبقدر ما كان المأمون يحمل من الفكر والوعي والثقافة والانفتاح ظاهراً، إلا أن نفسيته كانت تنطوي على الكثير من الحقد الدفين على مدرسة أهل البيت (ع)؛ لذا انتهت الأمور إلى ما انتهت إليه.

معالم مدرسة الانفتاح:

وهنا نكتفي بإشارات لمعالم مدرسة الإمام التاسع (ع):

1 ـ حركة التفسير القرآني: وكان يرسم معالمها من خلال قصر المفردات، وعمق المعاني، وهذا إذا ما أُخذ فيه بعين الاعتبار أن مدرسة التفسير لم تتقدم كثراً بعدُ، لوُجد أن الإمام الجواد (ع) قد أسس لمعالم مدرسة ما استشرفتها مدارس الإسلام إلا في العصور المتأخرة عند الفريقين، وأعني بذلك التفسير الموضوعي، فقد كان الإمام الجواد (ع) ينحو هذا المنحى، بل ـ بعبارة أدق ـ يؤسس لمدرسة تفسير أساسها وقوامها من القرآن وإليه.

وهذا اللون من التفسير يحتاج إلى الكثير، من استحضار النص القرآني واستنطاقه والقدرة على توظيفه.

ومما يلاحظ أن الإمام الجواد (ع) كان في السابعة إلى العاشرة من عمره يُفرغ الكثير من العلوم، وفي مقدمتها ما كان في هذا الجانب، مما بهر عقول الآخرين من حوله، وفرض عليهم إقراراً وتسليماً، ولا أقل من المجاراة، وإلا فإنه لوى الكثير من الأعناق، ولكن لا بقوة الفتك، إنما بقوة البيان والبرهان والحجة، وإن فتشت عن مثل ذلك، فلن تجد له عيناً ولا أثراً إلا في مدرسةٍ هذا أصلها، أو في من تمسك بحبال مدرسة محمد وآل محمد (ص) فطوبى لمن تمسك بها.

2 ـ العقيدة: ففي زمن المامون، راج الكلام في العقيدة، واضطربت الآراء، واصطدمت الأهواء، وتقطعت العلاقات بين الكثيرين من أبناء الملة الواحدة، ملة الإسلام. ولم تكن الخلافة العباسية في منأى عن هذه النتائج، بل إنها رسمت ودفعت، ثم وظفّت.

إن تلك المدرسة الكلامية فيها ما يتعلق بذات الصانع، وهو الله سبحانه وتعالى، وما يتعلق بكتاب الله المنزل، وما يتعلق بالنبوة والإمامة والعدل الإلهي والمعاد.

في هذه الأبعاد كانت تلك المدارس والمذاهب تتحرك، فتصطدم فيما بينها تارةً، وتتخندق تارة أخرى، وقد سالت بسببها أنهر من الدماء، وقتل فيها وغُيِّب الكثير من الأبرياء، وأوتمت الكثير من الأطفال، ورملت النساء.

وخلاصة الأمر أن الأمة دخلت في أتون واقع أُملي عليها، لم تكن ملتفتة إليه، وربما ما نعيشه في هذه الحقبة يحكي لنا جانباً من جوانب ذلك المشهد، الذي كان في منتهى الخطورة.

لقد كان الإمام الجواد (ع) في تلك الفترة يفكّ الكثير من المعضلات، ويربط بين ما تم فصله بين الفئات، وهذا هو الدور الذي ينبغي أن يتوجه ويلتفت إليه رجالات العلم والدين، ومن يفترض بهم أن يكونوا الطليعة في وسط الأمة، وأن يأخذوا من الإمام الجواد (ع) في ذكرى استشهاده قبساً ينيرون به داخلهم، ليستطيعوا أن ينيروا دروب الأمة من حولهم. فما لم نأخذ الدروس والعبر، ونكتفي بأن نجتمع ونحتفي ونبكي، أو نرفع الأصوات بالصلوات في ذكرى مولد أو مصاب، فإن ذلك لن يرفع من رصيدنا أكثر من الثواب، وهذا ما لا أقلل من قيمته، ونحن في مسيس الحاجة إليه، لكننا لم نُنتدب لهذا فقط، فلدينا رصيد ضخم، ربما نستعيض به عن كثير من الممارسات قولاً وعملاً، ولكن ينبغي أن يكون المرء في دينه عملياً، وهو ما أراده الرسول الأعظم (ص) وآله الأطهار (ع) بقولهم: الدين المعاملة.

فمتى ما أبرز الإنسان واقعاً جدياً لعملٍ يتطابق مع ما هو المؤسَّس في كتاب الله بواسطة النبي (ص) أو ما جاء في السنة المطهرة، بواسطة آل النبي (ع) عندئذٍ أمكننا أن نقول: إننا ممن يعظِّم شعائر الله، وإلا فإن الشعيرة تبقى معطلة وإن مارسناها في الظاهر على شكل مراسم ومهرجانات وغيرها.

لقد أمسك الإمام الجواد (ع) بجميع عناصر ذلك الوضع، وخلص بهذه المدرسة إلى ما انتهت إليه.

ومع شديد الأسف، لا زالت أبواب مدرسة الإمام الجواد الكلامية مغلقة تماماً، فلا تُدرَّس على نحو الاستقلال في حوزاتنا، وبمقدورها أن تؤمّن للجيل الحوزوي الكثير من المفاتيح، التي يستطيع من خلالها أن يفتح الكثير من المغلقات. كما أنها لم تجد طريقها عند الآخر الذي أبى إلا أن يعيش فكراً أحادياً، وهذه واحدة من المآسي. وإذا ما ضممنا تلك إلى هذه، فعلينا أن ننعى أنفسنا، وننعى الأمة.

3 ـ المدرسة الفقهية: ففي مجال التفريعات الفرعية وفك المعضلات، كان للإمام الجواد (ع) أسلوبه وطريقته، والقاعدة التي كان ينطلق منها هي أن الرسالة التي جاء بها النبي الأعظم (ص) هي رسالة التسامح والمحبة، فتحرك على هذا الأساس، وفتح أبواب مدارس الفقه، وكانت آراؤه منفتحة، وفي الوقت نفسه أصيلة، وفي منتهى الأصالة، ولا يمكن أن نقول غير ذلك.

ولا زالت لمسات الإمام الجواد (ع) على النص الفقهي إلى اليوم لم تحظَ بالعناية الكافية أيضاً، وربما لعوامل يحسن الحديث في بعضها، مع التحفظ على البعض الآخر، لأن البعض يتصور أنه الحارس الوحيد على موروث أهل البيت (ع) وكأنه انتدب من الناحية المقدسة ليكون على الناس ولياً، حال أن ذلك لم يتأتَّ لمن هو أكبر وأقدم وأقرب وأكثر علماً وفهماً وإدراكاً. فلا يمكن أن يدعي النيابة الخاصة عن المعصومين (ع) إلا مغرض، ولا يمارس هذا الدور إلا دكتاتور.

إن ابتعادنا عن موروثنا الديني يسقطنا في الهاوية، وعدم محاولة محاكاة معطيات مدارس أهل البيت (ع) يأخذنا إلى حافة الانهيار. لذا فإننا نعتزّ ونفتخر أن لنا الملاذ والطود الشامخ الذي متى ما لذنا به، ونهلنا منه، أمّن لنا الحصانة التامة، ألا وهم الكوكبة النيرة من محمد وآل محمد (ص).

أمير المؤمنين (ع) رائد السلام: 

إن التاريخ وإن كان قد مضى يجرجر أذياله، إلا أن حضوره لا زال فاعلاً، وما زال يغربل الكثير من مواقفنا، ويخلط الكثير من أوراقنا، ويسبب الكثير من الإزعاج لنا، فكم فرَّقَنا التاريخ العفن، الذي سطرته أقلام مأجورة! وأمَّنته أموال مسروقة! ولا زالت الأمة إلى اليوم تدفع الضرائب، كلٌّ بحسبه، فالمسلم بما هو مسلم غير مستثنى، سواء اتصف بالتشيع أم بالتسنن، وسواء كان من هذا المذهب السني أم ذلك المذهب الشيعي، فالمسلم لا زال يجترُّ تاريخاً مأساوياً.

وبمقدور المسلمين أن يلوذوا بمعطيات ولمسات أهل البيت (ع) في إسقاط مجريات الحدث التاريخي على واقع عاشوه فعلاً، ليخلصوا إلى نتيجة واضحة بينة. فالإمام علي (ع) هو الضحية الأولى، ولا يستطيع أحد أن يقول: إنني في وضع أشدّ مما كان عليه الإمام علي (ع) فقد ضربت زوجته، وسُحب بساط الإمامة من تحت قدميه، ثم ضرب في محرابه، وعرج إلى ربه شهيداً. لكنه مع كل تلك الشدة كان يقول: «وَوَاللهِ لأُسَالِّمَنَّ ما سَلِمتْ أمورُ المسلمين، ولم يكن فيها جَورٌ إلا عليَّ خاصة»([4]).

بهذه العبارة يختصر لنا التاريخ، في قراءته واستنطاقه وإسقاطه، ولو أنها عُلّقت في أبواب المدارس والمكاتب والمعاهد والكليات والمصانع والدوائر في جميع الأنحاء والمواطن التي يكون للإسلام فيها حضور، لأمكن التأسيس لمجتمعاتٍ، أصلُها ومنطلقاتها وهدفها المحبة والسلام.

الانفتاح الثقافي:

إن الإمام الجواد (ع) كان يتحرك بناء على ما تقدَّم، ويؤصل لواقع مجتمع مسلم بني على المحبة والسلام والرحمة وقبول الآخر.

فالتاريخ عنده يعنيه بما هو هو، ويعنيه بما هو حاكٍ عن حقبة تخطاها ومضى عليها الزمن، يستشرف عالماً قادماً، سيُصبح تاريخاً في القادم من الأيام. فكان يربط بين المرحلتين، ويستخرج النتيجة السامية.

فأين نحن عن موروثه وقراءاته واستنتاجاته وإسقاطاته وتوظيفه؟

كما أن الإمام الجواد (ع) لم يكن مقتصراً على البعد الديني في مدرسة الإسلام الكبرى، ومعطيات مدرسة أهل البيت (ع) إنما فتح الأبواب أمام المريدين للعلم والحكمة، ودونك آراءه في الطب، ستجد أنه بقدر ما فتح وانفتح على الواقع الديني من حوله، فإنه لم يعطل الجانب الجسدي في وسط الأمة، إنما اعتنى به عناية فائقة، وله رسالة في هذا الجانب، والمرويات عنه كثيرة جداً. وروح التجديد في هذا المضمار كانت هي القوة الدافعة عنده، لذا أحاط به المتدينون وطلاب العلم والمعرفة، حتى أصبحت المدارس المعدة لهذا الجانب شاخصة لما كان يرشحُ عنه (ع) وقد راسلوه وكاتبوه واستوضحوا منه وأجاب.

وعلينا أن نسأل أنفسنا أيضاً: هل قرأنا شيئاً عن هذا الجانب؟ وهل وقفنا على معطياته؟ إننا ندّعي أننا أتباع مدرسة، ويفترض لأتباع المدرسة أن يقفوا على حدودها، كي لا يشغل نفسه أو يُشغل من قبل الآخر بما هو خارج دائرة ما ينبغي الاشتغال به، وإلا أصبحنا ممن يضيع الوقت هدراً.

الدعاء والعلاقة بالله:

وهي مدرسة واسعة الأطراف عند الإمام الجواد (ع) كثيرة الطرق والأبواب. وله بعد الإمام زين العابدين (ع) مشربه ومسلكه وطريقته الخاصة.

ومن هنا نجد أن الإمام (ع) استحضر الواقع الزمني، والأثر المكاني، والبعد الثقافي، وجعل منه مزيجاً حرك على أساسه آلية الدعاء في الربط بين الأرض والسماء، وخلص إلى أدعية في منتهى الروعة والتقدم من جهة، وتحمل قوةً جاذبةً منقطعة النظير مع المطلق (ع).

وهذه بعض محطات السير والسلوك عند الإمام الجواد (ع) ونحن اليوم في أمس الحاجة أن نؤمِّن طرقنا فيما بيننا، وأن تسود مجموعة من العوامل فيما بيننا، ليعيش أحدنا الآخر عيشة محبة وحنوّ، لا عيشة دجل ونفاق ومجاملة سوقية لا نتيجة من ورائها، فلا يكفي أن تقبّل رأسي ثم تطلق العنان لمبضعك في ظهري، إنما عليك أن تتجاوزني مستغنياً أنت عن التقبيل، وكذلك أنا، إذ أكون في غاية الشكر والتقدير لك، أن تحتفظ بيدك في جيبك، فلا تقبّل يدي، ولا تخرج من جيبك المبضع.

فالشريف من يبتعد عن دائرة المجاملة السوقية والنفاق الاجتماعي، ويتعامل على أساس الوضوح والانكشاف، ليرتاح ضميره، ويريح الآخرين. لا أن يكون كما قال الشاعر:

يعطيك من طرف اللسان حلاوةً       ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ

كلمات من نور:

يقول الإمام الجواد (ع) لأحد أصحابه: «توسَّد الصبر، واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون»([5]).

فكم نحن اليوم في مسيس الحاجة إلى الصبر والتحمل، لما يجري علينا في بيوتنا، أو من أصحابنا، أو ممن لا يتفق معنا، أو ما يجري في العالم كله، فالصبر دواء.

«واعتنق الفقر» فربما دارت الدوائر بالإنسان، فلا يكفي أن يكون اليوم يحمل عنوان الغنى والثروة والترف، لأن الحساب في القادم.

«وارفض الشهوات» فالدنيا مغرية، والكماليات تسحبنا إلى الحضيض، فهل نندفع معها؟ أو نتعامل معها بحكمة وموضوعية؟.

فمن غير الصحيح أن لا نستفيد من الموجود، وأن لا نستثمره ونستغله، لكن المرفوض هو أن نسيء التصرف معه، وأن نكفر النعمة عملاً، وإن تعاطينا الشكر في دائرة القول، فمن منا لا يكرر ألفاظ الحمد والشكر؟ ولكن، أين هي مساحة الحمد والشكر عملياً، وما لها من الفاعلية في داخلنا كي تُحفظ النعمة؟.

خطر الأجهزة الذكية:

وبمناسبة الحديث عن النعمة، طرق سمعي أمرٌ لا بد أن أنبه له، وهو أن الأجهزة الذكية نعمة كبرى، وهذا مما لا شك فيه، ولكن أن يكون الجوال أو الأيباد أو غيره في يدي، ثم أتعاطاه على أساس من نشر الجريمة، المقننة أو المروَّجة أو المبتذَلة، فهذا أمر في غاية الخطورة.

تصوروا أيها الأحبة أن البعض حتى في داخل المساجد والحسينيات، بل الأكثر من ذلك، إذا تأتّى له إدخال الجهاز إلى إحدى الحضرات الشريفة، فإنه يتناقل الصور التي لا تليق بمن يحترم نفسه.

إن دخول الجامع أو الحسينية قد لا تتجاوز الساعة الواحدة، فمن الخسارة أن لا تنفق في طاعة الله تعالى.

من هنا لا بد من الحذر، لا سيما من الأقران والأصدقاء، يقول الشاعر:

احذر عدوك مرةً         واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق     فكان أعلم بالمضرة

فكم من البيوت هدمت بسبب عدم شكر النعم كما ينبغي! إذ تجد من يخزن في الجهاز بعض المقاطع، ثم ينساها، فيدخل البيت، ويتصور أن الزوجة غير مكترثة، إلا أن نساء اليوم غير نساء الأمس، والزوج أصبح متهماً حتى يثبت البراءة، فتستغل الفرصة الملائمة، وتستكشف ما في الجوال، وتستعرض كل ما لديه من مستور، فلا يستطيع أن يتجنب الموقف المحرج.

مخالفة الهوى:

ثم يقول الإمام (ع): «واعلم أنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون» فلا مهرب من الله إلا إليه، فلا الغرف المظلمة، ولا المضاءة، ولا الهواء الطلق، ولا طبقات الأرض، بقادرة على إخفاء المستور أو إعفاء أثره: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ([6]). فكل ما على المرء أن يستحضره أن الممارسة الخاطئة بعين الله، وأن التصرف غير المقبول بمرأى ومسمع من الإمام الحجة (ع) فهو بيننا.

وقد يتصور البعض أن الذنوب تقف عند حدود الكذب والنميمة وأمثالها، إلا أن القائمة طويلة عريضة، وقد أحصى بعض علمائنا ثمانين باباً من أبواب الذنوب، تتعلق بجارحة واحدة من جوارح الجسم، وهي اللسان.

اقتران النور بالنور:

في مثل هذا اليوم كان اقتران النور بالنور، أي اقتران الزهراء بعلي عليهما السلام وعلى ذريتهما، تلك الذرية الطاهرة التي تجسد الكوثر، وهم أبناء الرسول (ص).

وفي الزمن السابق كان أبناء الرسول يحاربون من أعدائه، أما اليوم فصاروا يحاربون ممن يحسبون على مسار مدرسة آل الرسول، وشتان بين الأمس واليوم:

وضم الإله اسم النبي إلى اسمه          إذ قال في الخمس المؤذنُ أشهد

وشــق لــه من اســمه ليــجـلَّه           فذو العرش محمودٌ وهذا محمدُ

نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.