نص خطبة :طريق العزة والكرامة للفرد والأمة

نص خطبة :طريق العزة والكرامة للفرد والأمة

عدد الزوار: 2142

2011-09-07

فمما يترتب عليها في دار الدنيا المحبة في قلوب المؤمنين، يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي([3]). فالمحبة الإلهية بهذا الاتجاه، لا إشكال أنها تهيئ للإنسان أسباب الطمأنينة والسكون النفسي. لذا نجد أن الأنبياء والأولياء عندما امتنّ الله تعالى عليهم، بأن جعل المحبة لهم في قلوب المؤمنين، هان لديهم التعاطي مع الأحداث من حولهم، وهذا لا يعني بالضرورة عدم وجود العقبات في الطريق، فالعقبات قد تشتد أحياناً، ولكن لهدف وغاية، لكنها لا تصطدم مع المحبة المفاضة من قبل الله تعالى على الولي، المتمثل بالرسول والنبي والوصي والإمام.

ولو أن المرء أنفق ما يملك، ليقرب قلب رجل واحد إلى نفسه فإنه لا يستطيع، وخير دليل على ذلك، ما يحدث من طلاق بين الزوج والزوجة، مع أن الرباط بينهما هو المودة والرحمة، كما نص على ذلك القرآن الكريم وروايات أهل البيت (ع) .

فلا يمكن للمال، ولا الضغط الخارجي، أن يعيد المودة لهما بعد أن تنفصل، لأن السماء تدخلت، والمحبة لا يمكن إعادتها، لا لأن الله تعالى لا يفيض محبته على العباد بالمطلق، ولكن لأن الظرف هنا لم يعد قابلاً أن يكون ظرفاً للمحبة، فيترتب عليه ما يترتب من أمور.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذه المحبة تقذفنا باتجاه آخر مهم جداً، فالإنسان عندما يعيش حالة من الحب يعيش أيضاً حالة من الكرامة، والبعض يرى أن الكرامة والعزة أمر واحد، ولا فرق بينهما، فمن يعيش الكرامة في نفسه يعيش العزة أيضاً. والبعض الآخر يرى أن معنى الكرامة عام، يشترك فيه جميع الناس، قال تعالى: ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ([4]). فالكرامة الإلهية للإنسان تشمل مساحة الإنسانية بما هي إنسانية، فقد كرم الله تعالى الإنسان بالعقل، وبعثة الرسل، وإفاضة الكثير من النعم، إلا أن هذه الكرامة قد لا يتعاطاها الإنسان بالشكل المطلوب، فلا تولد له العزة في داخله.

يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُوْلِهِ ولِلْمُؤْمِنِيْنَ([5]) فإذا عاش الإنسان مساحة القرب، ثم ترتب عليها الحب، فإن الله تعالى يجعل له أسباب العزة والكرامة.

والعزة شيء من الإفاضة واللطف الإلهي، ففي الحديث الشريف أن الله تعالى إذا ما أحب أحداً سخر له جميع ما في الوجود، ومن أهم الأمور في هذه الوجود، التي تأخذ جانب التمرد وعدم الانصياع هي النفس التي بين جنبي الإنسان، فإذا ما وجدت أحداً يستقطب، وله القابلية للجذب، فهو أشبه بالمغناطيس، لأن المغناطيس قطعة من الحديد، إلا أن فيه من الخواص ما ليس في الحديد. وأرواحنا أقرب إلى هذا التمثيل، فها أنت تجد في بعض الناس، أن الروح بين جنباته لديها قابلية الجذب والاستقطاب بسبب ما يرث أو ما يكتسب من الملكات من البيت أو المجتمع، أو ما يجهد نفسه في تحصيله، كما يحصل لأصحاب الرياضات الروحية، وبالمقابل تجد أن البعض كالحديد الخام غير الممغنط، لا قابلية له على الجذب والاستقطاب إطلاقاً.

ومن هنا تجد أن المتعبد ـ من أي طائفة كان ـ ترتسم على محياه مسحة روحية، لأنه أخضع الروح لإرادته، وصار يتصرف فيها وفق تلك الإرادة، فكيف إذا كانت تلك القوة التي أودعها الإنسان في روحه جراء رياضة روحية وغيرها، صحيحة المنطلق مئة في المئة، أي عبر القنوات الطبيعية الموصلة إلى المنبع الطبيعي الذي يتمثل بالقرآن ـ وقد تلوتموه في هذا الشهر، وعملتم به إن شاء الله ـ ثم بالرافد الثاني المتمثل بمحمد وآل محمد (ع)؟.

وإذا كانت العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فإن الإيمان كذلك يشتد ويضعف، فأنت ترى المسلم لديه طاقة روحية غير اعتيادية في شهر رمضان سببها قوة الإيمان، وتضيُّق مساحات ضياع الإنسان وابتعاده عن مساحات الإيمان ومعطياته، والسبب في ذلك هو قراءة القرآن، فالفرد المسلم إذا ما قارن قراءة القرآن في شهر رمضان، وقراءته في ما سواه من الشهور لوجد أن المعادلة محرجة جداً.

وكذا الحال في الفعاليات الأخرى المتعلقة بمجالس الذكر، فلوة قارن المسلم بين ما هي عليه في هذا الشهر والأشهر الأخرى، لوجد مفارقة كبيرة، فمساحة الدعاء مثلاً
ـ وهي من الطرق الموجبة للربط بين الإنسان وربه ـ فيها مفارقة كبيرة أيضاً بين ما هي عليه في رمضان وسائر الأيام والشهور من السنة.

من هنا فإن من قرأ أحد الأدعية فقد اقترب إلى الله تعالى درجات، وسجل نقاطاً عديدة، ومن قرأ القرآن أضاف نقاطاً أكثر، ومن حضر مجالس الذكر في الحسينيات والمساجد وسمع مجموعة من الآيات، وسَيلاً من الروايات، ومواعظ وإرشادات وحكماً، وعمل بها، فقد أضاف الكثير من النقاط المقربة إلى الله تعالى، أضف إلى ذلك أن فيها بعداً عملياً تطبيقياً.

وبمجموع تلك الفعاليات والرياضات الروحية التي درج فيها وتنقل في زواياها، يجد الإنسان نفسه وقد تحكم في داخلها الإيمان خلال هذه الثلاثين يوماً، وعندئذٍ يكون من الطبيعي حصول الإفاضة من الله تعالى بالمحبة، لأن الظرف أصبح طيباً طاهراً.

وعلى العكس من ذلك، نجد أننا في سائر أيام السنة بعد رمضان لا نستطيع أن نجمع ما جمعناه في رمضان بثلاثين يوماً فقط، وهذا ما ينعكس على إيمان الفرد شدة وضعفاً خلال أيام السنة.

فالمسلم بشكل عام يعيش العزة والكرامة في شهر رمضان لأنه اقترب من مساحتها، أما في بقية الشهور فربما تضعف لديه هذه الحالة.

وفي تاريخنا الإسلامي المجيد، وقعت معركة بدر من حيث الظرف الزمني في السابع عشر من شهر رمضان المبارك، وهذه المعركة يعبَّر عنها بمعركة بدر الكبرى، لأن الموازنة المادية بين المعسكرين فيها من الفوارق الشاسعة الكثير، ولكن من حيث الجانب الروحي كان شهر رمضان هو المرجِّح الذي تدخل في حسم المعركة، فالمسلمون عسكروا في بدر، وكانوا صائمين نهاراً، قائمين ليلاً، وبالتالي فإنهم يعيشون الجنة وكأنهم يرونها، فلما دخلوا المعركة كانت الأمور لصالحهم.

وفي المعركة التي نشبت سنة 1973 م بين العرب والصهاينة ـ وهم شذاذ الآفاق الذين يحتلون البقاع المقدسة في فلسطين، ومنها معراج النبي (ص) ـ صحيح أن إسرائيل لم تتراجع للوراء خطوة واحدة، إلا أنه كان هناك انتصار نسبي، باجتياز خط بارليف مثلاً، وكان من أسباب ذلك الانتصار شهر رمضان المبارك.

فلما استوحى الجندي العربي المسلم في معركة أكتوبر درساً من معركة بدر الكبرى، زرع  في نفسه تلك الروح، ولو أنه استمدّ تلك الروح من القنوات الطبيعية لصنع المعجزات، ولم يحتج أن ينتظر العرب أكثر من ستين سنة لا حول لهم ولا قوة، سوى أن يذبحوا شعوبهم، ويهتكوا كراماتها.

فأن يذبح الحاكم شعبه المسلم يعد أمراً سهلاً عليه، أو أن يدخله في حرب ويخرجه إلى حرب أخرى، أما أن تطلق رصاصة مكتوب عليها لا إله إلا الله، توجه لصدر عدوٍّ غاصب فهذا غير ممكن عندهم. وها نحن اليوم نرى المسلمين وقد بلغوا ملياراً ونصف المليار مسلم في العالم، لا يجرؤون على استرداد حق مغتصب، ولو كانت الأمة تعيش العزة والكرامة، وحمل كل واحد من شعوبها حجراً بقدر حصى الجمار، وقذف به هذه الدولة اللقيطة لزالت من الوجود. ولكن للأسف الشديد، لم تغرس في نفوس الأمة العزة والكرامة بالقدر المطلوب.

وقد ورد في الحديث القدسي: «وما تقرب إليَّ عبدٌ بشيء أحب إلي مما افترضت عليه،وإنه ليتقرب إليَّ بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به([6])، وبصره الذي يبصر به([7])، ولسانه الذي ينطق به([8])، ويده التي يبطش بها([9]) إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته»([10]).

فما لم تعش الأمة العزة والكرامة، لا يمكنها أن تكون أمة.

وربما يتصور البعض أن العزة بالجسم والطول والعرض، ولكن لا دخل لذلك كله في العزة والكرامة، فقد سيَّرَ العالمَ أناس في منتهى الضعف البدني وقصر القامة، ومن سَيَّره منهم في مقام العزة وطريق الله فإنه من الله وإليه، ومن سيره في الضلال كان ذلك بلاءً وامتحاناً.

فقد ابتلي الناس بالحجاج الثقفي وهو قصير القامة، فكان يقول: متى أضع العمامة تعرفوني، أي يضعها على رأسه، لا أن يرفعها عنه كما يتصور البعض.

فالأحداث التاريخية لا ترتبط بالهيكل أو الجسم أو الشكل، ولا وليدة الجاه الاجتماعي، ففي بعض الأحيان يكون لدى الإنسان جاه ومنزلة اجتماعية، ولكنه لا يتحلى بالعزة والكرامة، فيرى ما يرى من حوله مما ليس مقبولاً، ولا يحرك ساكناً، وهو ما يُنعت في أوساطنا بأنه لا (غيرةَ) له، ومن لا غيرة له فلا كرامة له.

وكذا كثرة الأموال، فإنها لا تؤصِّل للمرء عزة في نفسه، فالمال يأتي ويروح، ولا يمثل لمالكه عزة إلا عند حضوره في مجالس الثراء لأنها من الأساس تعتمد ميزان المال، فتُقدم صاحب المال بقدر ما يمتلك من رصيد مالي، لكن هذه ليست هي العزة والكرامة، بدليل أنه عند ذهابه إلى مجالس السايسة أو الاجتماع أو العلم، يكون فيها غالباً صفر اليدين. فالمال وإن كان يخدم في بعض الأوساط، لكنه لا يمثل العزة والكرامة بالمطلق.

ومثله كثرة العلم، فليس بالضرورة أن يؤمِّن العلم عزةً وكرامة لصاحبه، وإن كان في الأصل كذلك، فكم من العلماء من لديه علم، لكنه فاقد للعزة، فلا يحترم ما لديه من علم، ويتصاغر أمام الحقيقة، ويحيد عنها، مع ما لديه من علم بأصوله وقواعده وأدلته، ومن كان كذلك فلا عزة له.

فلو رجع كل عالم إلى علمه وما لديه من رصيد في هذا المجال، لرجع العلم إلى الإيمان، لأن العلم دائماً يدفع نحو الإيمان.

فاليوم مثلاً هو الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، والمؤسس المؤصل لهذا اليوم هو السيد الإمام (رضوان الله عليه) وهو أحد أقطاب الطائفة من حيث العلم، وهو في هذا المجال كغيره من عشرات العلماء والمجتهدين والمراجع في هذه الطائفة الذين طوتهم الدنيا، وكان أثرهم في إطارات محدودة، أما أن يتسلط العالِم على قلوب المؤمنين ويقذف بهم في أتون عميق، ثم يخلص منه إلى إنجاز يربك حسابات القوى العظمى على وجه الأرض، والمتمثلة آنذاك بقطبين، ثم تستمر المسيرة، فليس ذلك لأنه كان عالماً فحسب، إنما هي الطاعة لله، وقد ورد في الحديث القدسي: عبدي أطعني تكن مثلي، أقول للشيء كن فيكون، وتقول له كن فيكون. وورد أيضاً فيما سبق أن العبد إذا تقرب إلى الله تعالى أحبه فكان سمعه وبصره ولسانه.

وهذه هي العزة والكرامة، فالله تعالى يمنح آلية البصيرة المهمة جداً في حياة المؤمن، لأنه إذا كان بصيراً شخص الأمور بشكل جيد، ومن يشخص المرض يمكنه تشخيص العلاج بسهولة. أما أن يتعاطى المريض العلاج أو لا يتعاطاه فهذه إشكالية المريض نفسه، وليست من جهة رب العزة سبحانه وتعالى.     

وهكذا الحال في الانتماء للإسلام، فمن يدعي الإسلام ثم لا يحمله ذلك على أن يجعل لمبادئ الإسلام حراكاً في داخله فلا معنى لانتمائه له. وهكذا في الانتماء لأهل البيت (ع) فمن ينتمي لهذه المدرسة ولا يترك في حياته مساحة لما سطره أهل البيت (ع) للحياة والمجتمع والأمة فلا معنى لذلك أيضاً، بل تكون النتيجة سلبية.

ومن الأمور الأخرى التي قد يُتصور أنها تجلب العزة والكرامة: المنصب القيادي، وهذا أيضاً لا يؤمّن العزة والكرامة، وغاية ما يكون الإنسان في زماننا هذا رئيس دولة، إلا أن رئيس الدولة ليس بمنأىً عن الإذلال، فقد تذله ذبابة أو بعوضة، قال تعالى: ﴿وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ([11]).

وقد يُذله المرض والنعاس والموت وغيرها. وآخر التقارير العالمية تقول: إن أعدى أعداء الإنسان هي البكتيريا، وهي العدو الخفي، ونحن اليوم نتحرك وسط بلايين البكتيريا القاتلة، التي تهدد حياتنا مباشرة في جزء من الثانية.

وهكذا نرى أن أعتى الطواغيت يسقط ويزول من حيث لا نتوقع.

كيف يكون الإنسان عزيزاً؟

ليس للإنسان طريق لنيل العزة إلا بالعودة للقرآن الكريم ومبادئ آل محمد (ص) وأن يجعل من ذلك دستور حياة ينظم تفاصيل حياتنا، وعلى أساس من ذلك نبني مساحاتنا الأخرى الفكرية والثقافية والشرعية والعلمية وغيرها.

فحجر الأساس في البناء لا بد أن يكون القرآن الكريم.

 والقراءة هي المفتاح في التعاطي مع القرآن، وليس لأحد عذر في عدم القراءة، بأن يحتجّ بالوقت مثلاً، فللمسلم في كل يوم أربع وعشرون ساعة، منها ثمان للنوم، وثمان للعمل، فإن كان المسلم معذوراً في ست عشرة ساعة، فماذا يصنع بثمان ساعات متبقية لديه؟

والمرحلة الأخرى بعد القراءة هي التدبر، ثم اعتماد القرآن منهجاً ودستوراً للحياة، ورمضان هو ربيع القرآن، فكم هي حصيلتنا القرآنية حتى هذه اللحظة من رمضان، تلاوةً وتدبراً وتطبيقاً؟

لقد تحدثنا في هذا الشهر عن سيرة علي بن أبي طالب (ع) ثلاث ليالٍ، فكم لها من تطبيق وانعكاس على وجداننا؟

والصوم مدرسة ربانية، فكم استفدنا من الصوم، وها هو الشهر يشرف على الانتهاء؟

بل كم خططنا ودبرنا لحياتنا المادية فضلاً عن المعنوية؟

وأخيراً أقول: ها هو العيد على الأبواب، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم في هذا الشهر الفضيل، وأن يعيد بلاد المسلمين للمسلمين، وأن يقطع أيادي الصهاينة شذاذ الآفاق، وأن يجعل الغلبة عليهم للمسلمين بحق محمد وآل محمد.

وفي هذه الأيام الأخيرة مساحة للتدارك أيضاً فيما لم يوفَّق إليه المسلم في غيرها، بأن يبر والديه، ويصل رحمه، ويقوم بخدمة اجتماعية لم يوفق لها في هذا الشهر.

أسأل الله تعالى أن يعيد عليكم وعلينا هذا ا لشهر الفضيل، ويجعلنا نعيش أيام العيد كما ينبغي، وأن نلتفت لأهل الفاقة والحاجة من أقربائنا خصوصاً، فليس هناك من قبيلة إلا وفيها محتاج، وعلينا أن نسارع بمد يدنا إليهم قبل أن يضطروا لمد أيديهم لغيرنا،  وبالتالي نزرع في أنفسهم روح العزة والكرامة.

والحمد لله رب العالمين

 

([1]) طه: 25 ـ 28.

([2]) راجع: المناقب لابن شهرآشوب2: 383.

([3]) طه: 39.   

([4]) الإسراء: 70.  

([5]) المنافقون: 8.  

([6]) فيكون السمع موقوفاً على الطاعة، فلا يميل يساراً أو يميناً، وإذا رأيت أن السمع يجنح إلى استماع ما حذرت منه الشريعة فاعرف أي قدر من الحب الإلهي أنت فيه، فلا يكون السمع كما أراد الله تعالى أن تسمع به.  

([7]) فهناك فرق بين من يتصفح القرآن وينظر فيه، أو يتصفح وجوه المؤمنين من شيعة محمد وآل محمد (ص) أو يتردد على مجالسهم، وبين من يزيغ بصره باتجاه آخر، فيأنس بالنظر إلى جهات أخرى. لذا نجد في الروايات الشريفة أن النظر إلى وجه العالم أو النظر إلى وجوه المؤمنين عبادة، وهكذا الذنوب في الاتجاه الآخر من حبائل إبليس.

ولكننا مع الأسف على استعداد أن نشاهد فيلماً من ساعتين أو ثلاث ساعات، وقد ندفع أموالاً في مقابل ذلك، ولا نكترث بذلك، أما أن نجلس تحت منبر خطيب نصف ساعة فهذا ثقيل على نفوسنا.

([8]) فإن كان اللسان إلهياً ربانياً مربوطاً بالسماء، فلا ينطق إلا بالآية والرواية والعلم والحكمة الموعظة والأدب.   

([9]) فلا يضع يده إلا على المواضع التي أرادها الله تعالى. أو أنه يبطش بها في مواجهة الظالم، ونحن نرى أن النبي موسى (ع) لم يكن لديه شيء من القدرة والقوة والاقتدار المادي في مقابل طاغوت الأرض في وقته، فرعون المتجبر ـ وقد ذكرت يوماً أن فرعون هذا لو كان بيننا اليوم لتعلم أبجديات الظلم من أصغر طاغوت من طواغيت الأرض ـ فكان موسى (ع) أعزل إلا من عصاً في يده، يرفعها فتتفتح الأبواب بين يديه، فيقف في قبال فرعون، وينتهي المشهد.

وقد كنا في السابق نستغرب ونتعجب، ولكن لا غرابة اليوم في شيء، فالدروس أمامنا تُستوحى وتستخلص وتنتزع مما جرى، وها نحن نرى هذا الأرعن الطاغوت، بما تحت يديه من أسلحة دمار شامل، وأساليب فتك، وأسباب مسخَّرة بين يديه، لكن جندياً بسيطاً ينام على سريره مطمئناً.     

([10]) الكافي، الشيخ الكليني2: 352.   

([11]) الحج: 73.