نص خطبة :رمضان أهم المسارات الموصلة إلى القرب الإلهي

نص خطبة :رمضان أهم المسارات الموصلة إلى القرب الإلهي

عدد الزوار: 1963

2011-08-02

الصوم أحد المسارات الموصلة إلى عالم القرب، فيه يتخفف الإنسان من الكثير من عوالم الدنيا لعام كامل، فربما اقترف الإنسان ما اقترف، ولم تُتح له الفرصة ليراجع الحسابات، وربما عمل في الجانب الإيجابي ما هو الحسن، لكنه لم يحظَ بالمساحة الكافية ليراجع من أجل الاستزادة، والناس فيما بينهم ليسوا سواء، فمنهم من تتهيأ له الأسباب، ومنهم لا يتسنى له مثل ذلك. فمن الناس من يتحرك مع الشهر الفضيل على أساس من التوجه التام صوب الهدف، متماشياً مع بوصلةٍ وجهتها السماء صوب ذلك الهدف، حيث تزكية النفس ونيل مقام التقوى. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([1]). فالغاية هي التقوى.

والتقوى من المزايا المهمة، ومن صفات علي (ع) أنه إمام المتقين، والإمام السجاد (ع) خير من يحدد لنا معالم حدود هذا الشهر الفضيل، والروايات في هذا الجانب ليست بالقليلة، وقد اصطفيت هذا النص من رسالة الحقوق، تلك الرسالة العظيمة الجليلة التي تزداد طراوة وجِدَّةً رغم مرور القرون، وإن كانت الأمة في دائرتيها الصغرى والكبرى
 ـ أعني من ينتمي لعلي بن الحسين (ع) مذهبياً ومن لا ينتمي ـ كلها مقصرة في حق هذا الموروث الكبير في رسالة الحقوق:

يقول الإمام السجاد (ع) «وحق الصوم أن تعلم أنه حجابٌ ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك، ليسترك من النار([2])، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك»([3]).

ربما يتساءل البعض: هل هناك في زماننا ومجتمعنا من لا يصوم ؟ والجواب: نعم، بل وهناك من يُكرِه زوجته على إعداد مأدبة دسمة تتناسب وحجم (هتك الحجاب) الإلهي في هذا الشهر، وهذا ما ندركه من خلال الرسائل التي تصل إلينا، والمكالمات التي نتلقاها ممن يشتكين أزواجهن الذين لا يرعون للشهر حرمة، ولا للرسالة ولا لله تعالى. وكلنا يعلم أن كل من اقترب من مساحة هتك الحجاب الإلهي فقد أذن بحرب من الله تعالى على نفسه من قبل الله تعالى، ولمن أراد أن يعيش الدرس والعبرة فما عليه إلا أن يراجع الآيات المباركة في السور التي اعتنت بسرد مجريات الحوادث، وهي كثيرة في الأمم السابقة، وليس هذه الأمة معصومة أن لا يقع فيها ما وقع في غيرها من الأمم، والعذاب والمصائب والابتلاءات تنصبّ أحياناً بقدرها، وحسب مقتضيات الحال، لكن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وكم يمد للإنسان في هذه الدنيا ويغدق عليه بالنعم، وبعضهم يرى في ارتكابه للإثم أن النعمة تجبى إليه من شرق الأرض وغربها، فلا يشعر بآثار ذلك الذنب، إلا أنه الاستدراج من الله، فالله تعالى أصبر الصابرين، وهو أرحم الراحمين، إلا أنه في الوقت نفسه شديد العقاب، وإذا ما نزلت نقمته فإنها لا ترَدّ، ولا ينفع معها شيء من تدخل الآخرين ليحولوا دون وقوعها إذا ما أمرت السماء أن تقع المصيبة على أفراد أو جماعات.

الصوم لغةً وشرعاً:

الصوم في اللغة يعني مطلق الإمساك عن الشيء، وهو مصدر صام يصوم، ويقال: صام فلانٌ عن الكلام. وفي سورة مريم جاء قوله تعالى: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً﴾([4]). أي: أمسكت عن الكلام. وتقول العرب: صامت الخيلُ عن الجري، عندما تمتنع عن التحرك والاندفاع. يقول الشاعر:

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ     تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

أما في الاصطلاح الشرعي، فهو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الشمس حتى غروبها.

وهنا لا بد من بيان حكم ربما يختص كثيراً بمن يعملون في بعض المساحات التي تملي عليهم الإفطار في آخر النهار كما في الجيش وأمثاله، وهو أن الغروب الذي يصح معه أداء الصلاة، وينتهي عنده حد الصوم، هل يتحقق بسقوط القرص أو غياب الحمرة المشرقية ؟ هناك كلام طويل بين العلماء اشتملت عليه فتاواهم في الرسائل العملية، ولكل مكلف أن يرجع إلى من يقلده من المراجع، وسماحة السيد المرجع يبني على الاحتياط الوجوبي في غياب الحمرة المشرقية. وبناء على هذا يمكن لهؤلاء أن يرجعوا لغير السيد المرجع في هذه المسألة، الأعلم فالأعلم، كما هو الحال في غيرها من المسائل المشابهة.

فلو أن هناك من ثبت له أن السيد محمد سعيد الحكيم حفظه الله تعالى مثلاً هو الأعلم بعد السيد السيستاني، فهو يرى أن الغروب يتحقق بسقوط القرص، فالشباب الذين يرجعون لسماحة السيد المرجع، حتى لو اعترض طريقهم أحد الأعلام الذين يفترض أنهم أعلم من السيد محمد سعيد الحكيم مثلاً، فإنهم ينظرون إلى فتواه، فإن كان يبني على الاحتياط الوجوبي جاز لهم التخطي، وهكذا حتى يصلوا إلى من يسوّغ لهم ذلك. أما إذا بنى أحدهم على الفتوى الصريحة في عدم الجواز، بمعنى أن النهار لا ينتهي إلا بغياب الحمرة فلا مفرّ من الالتزام بحدود الفتوى.

إن الصوم يولّد التقوى، وكلنا بحاجة إلى ذلك في هذه الأزمنة، لأن المغريات كثيرة ومتشعبة، ولا يدري المرء أحياناً أين يضع يده وأين يرفعها، وفيم ينظر وفيم يكف، ومتى يخوض ومتى يمسك، وهذه الحالات تعترض الإنسان في طريقه، فماذا عليه أن يفعل في مثل هذه الدوائر ؟ لا شك أن عليه أن يتزود بعامل التقوى.

يقول النبي الأكرم محمد (ص): «فإنَّ الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم... أيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتَّحة، فاسألوا ربكم أن لا يغلِّقها عنكم، وأبواب النيران مغلَّقة، فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة، فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم»([5]).  

وليس معنى ذلك أن الله تعالى لا يغفر من جهته هو، إنما هو الإنسان الذي لم يهيِّئ أسباب المغفرة ومقدماتها اللازمة لنزول الرحمة والمغفرة، فمن عجز عن تهيئتها في رمضان فهو في غيره أعجز. والإنسان في شهر رمضان بحكم كونه بعيداً عن الماديات من أكل وشرب وغيرهما تكون نفسه في حالة صفاء، وهذا أشبه ما يكون بمرآة صافية قابلة لانعكاس كل ما هو مقابل لها. وبالتالي على المرء في هذا الشهر أن يحافظ على هذه الحالة من الصفاء والجلاء، فلا يترك لنفسه فترة يتراكم من خلالها الغبار والدرن على النفس والقلب، فيكون حاله في رمضان كما هو في غيره، وعندئذٍ لا يحظى بمقام القرب ولا يتفعل عامل التقوى بداخله، فلا يكون ظرفاً مناسباً للتوبة.

وقد لاحظتم بشكل فعلي كيف أن الإنسان في شهر رمضان يشعر بحالة من الصفاء والخفة الروحية، ويعيش حالة من الأنس والقرب واللذة الخاصة التي لا يعرفها إلا أهل السير والسلوك، ويراجع الكثير من الحسابات، فإذا انخرط في أمور الدنيا فإن العوالق تنتابه من هنا وهناك، فتتشوه لديه المرآة، ولا تحكي له الواقع الداخلي، وبالتالي يعيش حالة من التعمية، إما غفلة أو تغافلاً، فلا يطرق بعد ذلك عالم الرحمة والمغفرة، ولا يسأل من الله الفيض واللطف والكرامة بأن يشمله بمحو الماضي والمساعدة على الآتي.

فشهر رمضان إذن فرصة سانحة مناسبة ومأدبة فيها كل ما نحب ونرغب.

وفي هذا الشهر الفضيل مرغِّبات كثيرة، منها أن تسبيحة واحدة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره، مهما كانت، لو بقولك: سبحان الله فقط، دون التسبيحة الكبرى، أو أي ذكر آخر، كقولك: الحمد لله، أو الله أكبر، أو أستغفر الله، أو أستعين الله، أو اللهم صل على محمد وآل محمد، وهذه الأمور ليس فيها بذل جهد جسدي أو إرهاق ذهني أو تعب نفسي أو إنفاق مالي، فبإمكانك أن تقول ذلك في كل مكان وعلى أي حال.

ورحم الله الشيخ المقدَّس محسن الملايري، من أقطاب السير والسلوك، وأحد العرفاء بحق، فهو بشهادة الجميع، لم يُر إلا ذاكراً لله على كل حال. فالأصل في حركته ذكر الله تعالى، ولا يتوقف عن ذلك إلا عند مقاطعته بسؤال أو طلب، وما إن يتم الجواب أو تلبية الطلب حتى يعود إلى ما كان عليه من الذكر. وهي مرتبة سامية من صقل النفس والذهاب بها إلى الدرجات العلا.

إن هذا الشهر الفضيل يتشكل من أضلاع ثلاثة، لكل منها قيمته المعنوية في بناء النفس:

الأول: تهذيب النفس من الشوائب، وهذه الحالة أشبه بالورقة البيضاء وقلم الرصاص، فإن محو المكتوب فيها أولاً لا يحتاج إلى وقت طويل، ولا يترك أثراً مشوهاً، أما محموه ثانياً فإنه يجعل الأمور معقدة، وفي المرحلة الثالثة تكون الأمور أكثر صعوبة، وهكذا حتى يصل المرء في نهاية المطاف أن يجد الورقة مليئة بالخطوط المتراكبة على بعضها بحيث يصعب الكتابة عليها، مما يضطره إلى رميها في سلة المهملات. وهكذا الحال في القلب، فإن بعض القلوب تحتاج إلى قلع ورمي في سلة المهمات لاستبدالها بما هو جديد.

إلا أن هذه الحالة من تراكم السواد على القلب لا تكون عادة إلا عند الجبابرة كفرعون وصدام ومن تفرع منهما، فهؤلاء لا مجال لإصلاح قلوبهم، أما سائر الناس فإنهم مراتب، فهناك من يوجد في ورقته خط واحد أو خطان أو مئة أو ألف وهكذا، لكنها لا تصل إلى مرحلة تلك القلوب التي لا ينفع معها إلا الرمي في المهملات، إنما هناك فرصة للمحو والإصلاح والتنظيف.

ومن هنا منحنا الله تعالى هذه النعمة العظيمة في شهر رمضان المبارك، لكي تتساقط الشوائب، وتمحى الخطوط، وتزال الأدران من القلب، لكي تتهذب النفس، فإن كانت هناك غيبة أغلق بابها، وإن كانت هناك قطيعة رحم أصلحت بوصلها، وإن كان هناك ظلم أصلح بما يتناسب معه، وهكذا في سائر المسارات.

الثاني: تأديب النفس الإنسانية لاستشراف ما هو الآتي، فالإنسان الملوث الذي لم يهذب في الضلع الأول لا يمكنه أن يكون مؤدباً في نفسه ليجتاز المراحل الآتية، وهذه الخطوة يساعدنا عليها كثرة تلاوة القرآن الكريم في هذا الشهر الفضيل، فهو ربيع القرآن، وكذلك كثرة الزيارة والدعاء والذكر، ومجالسة أهل العلم والصالحين، وأهل التقوى من المؤمنين، والابتعاد عن مجالس الشبهة والريبة، فقد ورد في النبوي: «رحم الله امرأً جب الغيبة عن نفسه»([6]).

الثالث: تدريب النفس الإنسانية على صعائب الأمور. فمن السهل على الإنسان أن يقترب من مساحة المغريات، وربما يكون من الصعب على البعض أن يتخلص منها عندما يقع في شراكها، وهذا الشهر العظيم يمثل فرصة لتقطيع الحبال التي شكلت شباكاً حول النفس فأسرتها، لنتخطى بعد ذلك الصعاب بحيث تنقلب هذه النفس الجموح إلى نفس رحمانية تمتلك العناصر التي تمكنها من تذليل الصعاب. وكلنا يعلم أن ما من أحد منا إلا وتعترض طريقه الصعاب، فربما اعترض طريق الشباب الكثير من المصاعب حتى في التعليم، والكثير منها ربما يكون في دائرة النظام والقانون، فالقانون الوضعي ليس مُمضى من قبل الله تعالى، والقانون الذي لا يناقش ولا يغربل ولا يقدم فيه ولا يؤخر هو القانون الإلهي فقط، الذي ينضوي تحت قاعدة: خلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، أما القوانين التي تسود السلك التعليمي فليس لها مؤمِّن شرعي، فربما يكون في بعضها نقص في بعض جوانبه، ومن يدفع الضريبة هو الشاب المتطلع إلى المقامات العليا في التحصيل العلمي.

لذا فإن شهر رمضان المبارك يعتبر مساحة لمراجعة النفس لمن يعنيه الأمر، وتصحيح الخطأ، وسد الخلل، والأخذ بيد الجيل إلى ما هو الأفضل، لأن المسألة في ميدان العمل أكثر تعقيداً.

وأقول للإخوة الشباب: أيها الأحبة، العمل وسام شرف، فأيهما أحسن وأفضل، من يأكل لقمة من عرق جبينه ولو في شارع من الشوارع، أو من يقف متسكعاً على إحدى الجمعيات الخيرية أو يطلب من الوجيه الفلاني أو الشيخ الفلاني ؟

إن النبي (ص) لم يقبِّل يداً امتدت للسؤال، إنما قبَّل تلك التي مجلت من العمل، ولكم في رسول الله أسوة حسنة.

ولمن يعنيه الأمر نقول أيضاً: مِن صالح مَن تجتاح البطالة شوارعنا ؟ ومن المستفيد من ذلك؟ لا شك أن المتضرر رقم واحد من ذلك هو من يعنيه الأمر، لأن المخدرات إنما تنتشر في هذا الوسط من البطالين، وصفوف الإرهاب وشياطين الخراب ينمون في هذه المستنقعات، وهذه مشكلة عويصة جداً.

وفي شهر رمضان هناك فقر قهري، يتساوى فيه الغني والفقير على حد سواء، فترى أن الغني والفقير يستنفد كل منهما طاقاته قبل منتصف النهار أو بعده بقليل، فلا ماء ولا غذاء، ثم تخور القوى كلما اقتربت نهاية النهار. فالغني الذي يملك أرقاماً خيالية من الأرصدة، والفقير الذي لا يملك شيئاً كلاهما على حد سواء، ولا أحد منهما يستطيع الأكل أو الشرب والحال بينهما واحدة.

ومن الطبيعي أن يكون هذا الفقر القهري سلبي النتائج، لأنه يدفعنا نحو الحياة الصحيحة التي من ورائها يعيش الإنسان سعادة مطلقة، لأنه دخل في دائرة الشعور بالمسؤولية أمام الغير ممن يتضورون جوعاً وتلهب ظهورهم السياط.

كما أن في شهر رمضان مخزوناً قوياً يؤمِّن للنفس روافد، إذا اشتركت فيما بينها، ووجهت نحو الوجهة الصحيحة، قويت النفس وتخطّت المصاعب أمامها، وأمَّنت ساحة الواجبات، وسدت الثغرات في جانب السلبيات. وكما قلت لكم فإن الدعاء وقراءة القرآن تعتبر من الأمور التي تؤمن ذلك.

والثمرة في ذلك كله أن تكون لدى الإنسان حالة من الصبر والثبات على الهدف والمعتقد، ونحن نرى اليوم أن هناك خلطاً في الوسط العام يحاول النيل من كل ذلك.

ومن ثمرة ذلك أيضاً تقوية العزيمة والجلد والمجاهدة على أمر الدين والدنيا.

ثم إن شهر رمضان يؤمِّن لنا قوام الأمة التي تريد سعادة دائمة وريادة خالدة بين الأمم من حولها.

وهناك رواية عن الإمام الصادق (ع) وددت ذكرها هنا بمناسبة الحديث عن الذنوب والمعاصي، فقد يتصور البعض أن الذنب هو ما يندرج تحت عناوين الكذب والنميمة وغيرها، فقد يأتيك مؤمن في دائرة ما، ويلتمسك أن تقضي له حاجة، فتدير ظهرك له، وهذا من الذنوب أيضاً، وقد تختلق له المشاكل وتعرقل مسيرته ولا تقضي حاجته، فهذا أشد خطورة وأكثر مسؤولية يوم القيامة، وهو ملاحَظ في أوساطنا مع الأسف، فهناك من يراك في إحدى الدوائر فيتظاهر أنه لم يرك، ويدير ظهره لك.

يقول الإمام الصادق عن أمثال هؤلاء: «أيما رجل من شيعتنا أتى رجلاً من إخوانه فاستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر([7]) إلا ابتلاه الله سبحانه وتعالى بأن يقضي حوائج غيره من أعدائنا يعذبه الله عليها يوم القيامة»([8]).

ويقول الرسول الأعظم (ص): «اتقوا الذنوب فإنها ممحقة للخيرات، إن العبد ليُذنب الذنب فينسى به العلم الذي كان قد علمه»([9]).  

* * *

لقد استضفنا في الأسبوع الماضي سعادة الدكتور المستشار حسن الحمراني الذي أفاض وأفاد فيما يتعلق بأصحاب الأمراض التي تتضاعف وتتفاعل في الشهر الشريف، وقد بين ما يمكن وما لا يمكن في حدود التنظير الطبي، وأبدى استعداده أن يكون في خدمة الجميع إذا ما راجعوه في شيء من تلك القضايا، وكلمته موجودة في الموقع. ولا يسعني هنا إلا أن أشكر الإخوة الذين حضروا في تلك الليلة ورسموا حوله لوحة رائعة، صحيح أنها وليدة الحاجة إلا أن هذا ما نتمناه، وهو أن يلتفت أصحاب الحاجة إلى حاجتهم.

وفي ليلة الخميس القادم نحاول أن نستعرض الأحكام الشرعية التي تلامس كلام الدكتور وتلازمه، فهو تناول الجانب الطبي، أما نحن فسوف نتناول الجانب الشرعي بناءً على وجود المرض، من السكر والضغط أو حالات الحمل وغيرها.

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.      

     

 

([1]) البقرة: 183.

([2]) فالهدف ليس التشديد والقسوة في التكليف، وإنما هنالك أمر لا ينال ولا يدرك إلا عبر هذا المسار.

([3]) الخصال، للشيخ الصدوق2: 565.  

([4]) مريم: 26.  

([5]) وسائل الشيعة، للحر العاملي10 : 313.  من خطبة النبي الأكرم (ص) في استقبال شهر رمضان المبارك.

([6]) كشف الخفاء، للعجلوني1: 426.  

([7]) إذ يستطيع أن يوقع المعاملة، كما يستطيع أن يعدك بعد قليل ثم تأتي إليه فلا تجده في مكتبه، وربما أغلق المكتب، وهذه الحالات أصبحت اليوم معروفة وسط هذه الحركة الإعلامية من التلفزيون والإذاعات والصحف التي اختلفت كثيراً عن الزمن السابق، فقد تطورت الصحف كثيراً وصارت تكشف المعلومات والأرقام المذهلة، وربما تكون في قادم الأيام أفضل من ذلك.

فهناك من تأتيه في حاجة، فيطلب أن تأتيه في الغد، حتى إذا أتيته لم تجده، وربما قيل لك إنه خرج في إجازة، وبذلك يكون قد كذب وتخلص من خدمة مؤمن.

([8]) الكافي، العلامة الكليني2: 366.  

([9]) عدة الداعي، لابن فهد الحلي:211.