نص خطبة: حوزة قم المقدسة نقلة كبرى في عالم المعارف الإسلامية

نص خطبة: حوزة قم المقدسة نقلة كبرى في عالم المعارف الإسلامية

عدد الزوار: 713

2013-02-21

منزلة الفقيه:

في الحديث الشريف عنهم عليهم الصلاة والسلام: «فقيه واحدٌ يُنقذُ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا، بتعليمِ ما هو محتاج إليه، أشد على إبليس من ألف عابد؛ لأنَّ العابد همه ذات نفسه فقط، وهذا همه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه، لينقذهم من إبليس ومردته...»([2]).  

الفقيه الذي يُحنى له الرأس احتراماً هو ذلك الفقيه الذي قرن بين العلم والعمل في دائرة مخافة الله جل وعلا، وإلا فإن الفقهاء أكثر من ذلك بكثير، ومنهم من أباح دم الإمام الحسين بن علي (ع) .

والفقاهة مرتبة عالية لا يتم الوصول إليها إلا بعد جهد استثنائي، لكنها ليست من الأمور المتعذر أن يصل الإنسان إليها، فالمدد والتوفيق من الله تعالى.

ونعني بالفقيه هنا ما تتضمنه لام الاستغراق الشاملة للفقهاء من الفريقين، غاية ما في الأمر أن من يعنينا أمره، هم الفقهاء الذين يستنبطون أحكامهم وفق ما جاء عن محمد وآل محمد (ع).

وقد لا يحتاج الفقيه بادئ بدء أكثر من العدالة والفقاهة حتى يتسنّم مقام المرجعية والقيادة والإمامة في وسط الأمة، لكن مرور الزمن ودوران عجلة التاريخ، والطفرة النوعية التي تلفّ جميع مشارب الحياة، باتت تفرض نفسها على من يُعدُّ نفسه ليكون قائداً أو مرجعاً أو زعيماً أو مبلِّغاً أو مفكراً أو موجهاً أو خطيباً، ليمسك بآليات تتماشى في نتاجها مع ما يتوافق وذهنية أبناء الأمة المتطورة.

الفقاهة في حوزة قم:

والحوزة العلمية في قم المقدسة أنتجت كوكبة في سماء الفقاهة، بدءاً بآية الله العظمى الشيخ المؤسس عبد الكريم الحائري، وانتهاءً بالصفوة المصطفاة اليوم، من حملة مشعل الفقاهة، والأخذ بأيتام آل محمد إلى الجادة.

إن قم المقدسة تعيش عصرها الذهبي الذي ما مرت به في يوم من الأيام مدرسةٌ شيعية، لأن العلوم تعددت فيها، يكفلها في مقام التقدم والرقي الحريةُ المطلقة، والاقتدار المادي، والتنوع في الموارد البشرية، حيث ينوف طلاب هذه المدرسة على تسعين جنسية من العالم.

فالمعاهد والكليات والجامعات باتت تحتضنها قم بين جنباتها، جنباً إلى جنب مع الحوزة التقليدية الموروثة كابراً عن كابر، لكن شمساً أشرقت، تعددت جوانب عطائها، تُلزمنا أن نقف أمامها، لا سيما في هذه الأيام المحسوبة عليها. ولولا تلك الشخصية لما كان لعشرة الفجر ما لها من الإشراق والفاعلية في حركة الأمة قاطبة، ألا وهو السيد الإمام الخميني (قدس سره الشريف)، ذلك الرجل العظيم في فقاهته وأصوله ورجاله وحديثه وفلسفته وعرفانه وتفسيره وأخلاقه.

إن المنطقة التي يجتاحها الجفاف اليوم في أوساطنا هي منطقة الأخلاق، في حين أن أول ما انتدبت السماء الأمة إليه هو الأخلاق، لذلك وصفت النبيَّ الأكرم (ص) أنه على خلق عالٍ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ([3]).

فمن السهل جداً أن يصل المرء إلى مواقع معينة، ما دامت الأسباب متاحة، والمقتضي موجود، والمانع مفقود، فالنتيجة محسومة في الوصول إلى الهدف. لكن ترويض النفس التي بين جنباتنا، وهي التي يصفها القرآن الكريم بالأمارة بالسوء، والأخذ بها إلى المناطق التي ينبغي أن تتحرك ضمن حدودها يحتاج إلى الكثير، لذلك يقول سيد الأمة (رضوان الله عليه): من السهل أن يُصبح الإنسان فقيهاً، ولكن من الصعب جداً أن يصبح إنساناً. فهذه كلمة مختصرة في غاية الروعة، وهكذا هو كلام العظماء ومن تمرس على نصوص أهل البيت (ع) واصطفوا منها وقَولَبوها وأبرزوها بعد أن أخذت نصيبها من ذواتهم.

إن الحوزة العلمية في قم المقدسة هي اليوم في أحسن حالاتها، وقد خدمتها ظروف كثيرة، منها في عهد التأسيس، حدوثُ ثورة العشرين في العراق، واضطرار مجموعة من العلماء أن يغادروا إلى إيران، وقد تمركز هؤلاء في قم، والتفُّوا حول الشيخ المؤسس عبد الكريم الحائري، وهو أحد أساتذة السيد الإمام (رضوان الله تعالى عليه).

كان الشيخ الحائري عبارة عن خلاصة ثلاث مدارس، كل واحدة منها قائمة بذاتها، وهي النجف الأشرف، الحوزة الكبرى في الطائفة، والقلب النابض الدائم النبض. وحوزة كربلاء المقدسة، التي ما انقطع عنها في تاريخها الماضي مدد فقهاء فطاحل يجارون النجف في كثير من الأمور. ثم حوزة سامراء، بجوار من نعيش ذكرى مولده، وهو الإمام الحسن بن علي العسكري (ع)، ففي سامراء أشرقت شمس حوزة علمية في يومٍ ما، وتخرج منها أعلام، وتعددت فيها ألوان الطيف، سواء في الموارد البشرية أم المالية أم الفكرية، لذلك استطاعت تلك المدرسة أن تنفتح على كتب الديانات من حولها كما حصل مع الشيخ محمد جواد البلاغي (رضوان الله تعالى عليه)، ذلك الرجل العملاق الكبير، وهو أحد أساتذة الإمام الخوئي، زعيم الحوزة العلمية في عصره. فقد استطاع الشيخ البلاغي أن يقرأ التوراة والإنجيل كنصوص مثبتة بلغاتها الأصلية، بعد أن أمسك بزمام اللغة العبرية.

وبالنتيجة فإن الشيخ الجليل الحائري كان نتاجاً للتلاقح بين تلك المدارس الثلاث، وقد جاء إلى قم المقدسة، فأخذ بها إلى مدارج الكمال.

 الحركة العلمية للسيد الإمام:

أما السيد الإمام (رضوان الله عليه) فقد أعطى للعقل نصيبه وكفايته، وذلك يتجلى من خلال رافدين:

الأول ـ التنظير والمعالجة للنص، وهو أمر مهم، يدركه أهل الحوزة العلمية.

الثاني ـ التطبيق بعد التنظير، وهو ما يخفق فيه الكثير من أرباب الفكر والتنظير.

فالسيد الإمام (رضوان الله تعالى عليه)، عندما يطرق باباً من أبواب المعرفة، كان أول ما يقرأ ما لذلك الباب من أهمية للأمة من حوله، وهذه نقطة امتياز، ومحور ارتكاز لمن أراد أن يقترب من فكر هذا السيد العظيم.

وللقرآن الكريم في مدرسة الإمام خصوصية كبرى جداً، لأنه ممن عاش القرآن تلاوةً، وتدبراً، وتفسيراً، وهو وإن لم يكثر في جانب التفسير إلا أن ما خلفه وراءه من قراءة تفسيرية تدلل على قدم راسخة وقلم رصين.

ثم تأتي السنة المطهرة، فعندما يقرأ الرواية ويتعامل معها كنصّ، تجد أنه باقتناصه لمدلولها كأنه يتلقى النص بالمباشرة من صاحب النص، لسلامة الذوق، ورفعة الانتقاء، وصقل المواهب، والإمساك بآلية الاستنباط، والشعور بالمسؤولية، والتحرك في دائرة الله سبحانه وتعالى، والشعور الصادق بنورانية محمد وآل محمد (ص).

وفي كل بحوث الخارج في الحوزة العلمية في قم وغيرها، تطرح الآراء وتناقش، للأعلام الذين أثروا في إثراء المشهد العلمي، وهناك تجد كلمات التقدير التجليل والاحترام والإكبار لهؤلاء من قبل الإمام، عرفاناً منه بالجميل الذي قدموه. وهؤلاء هم الذين تعنيهم الرواية في قول المعصوم: « فقيه واحدٌ ينقذُ يتيماً من أيتامنا».

كان السيد الإمام يستعرض النص بكل أمانة، بلا تقطيع، ولا تدليس، ولا دسّ، فهذه النقاط الثلاث مهمة جداً، إذا ما أراد الإنسان أن يقرأ نصاً، أو يقف على معلومة. كان السيد الإمام يتحرك على أساس من هذا الجانب والبعد، فهناك احترام لمن تقدمه، وإنصاف، ثم الوصول إلى نتائج.

أما أقوال العامة فكان يستعرضها أيضاً، لأن الفكر إذا ما تلاقح رشد ونما، على العكس مما لو كان منغلقاً على نفسه، ودع عنك من يقول: لا حاجة لنا فيما يقوله أتباع المدارس الأخرى، وعلينا بما يقوله العلماء من مدرستنا، فهذا دسٌّ للسمِّ في العسل، فحتى النبي الأعظم محمد (ص) كان لا ينفكّ عن الاستشهاد بأقوال الجاهليين، إذا كانت تنطق عن حكمة وتوصل إلى هدف، فهي ليست بالضرورة أدلة مستقلة، إنما يمكن أن تكون في أقل الأحوال مؤيّدات، وهذا ما لا يغفله أحد من الناس، ناهيك عمن يعتمر العمامة.

كان السيد الإمام يستعرض آراء علماء الطرف الآخر بكل احترام، فالشخصيات في مقامها، والآراء مغربَلة، يناقشها ويهدُّ أركانها من القواعد، وهذا تراثه بين أيدينا، ويمكن لمن يبحث عن الحقيقة أن يفتش عنها.

إن الانفتاح على العالم الخارجي أثرى مدرسته الفقهية والفكرية في بعدها الفلسفي والعرفاني، فهذه علوم إنسانية عالمية، ونحن لا نخترق الغرب من خلال فتاوى التكاليف الشرعية، وإن كان لها ما لها من الأثر، ولكن لكي تغزو العالم الآخر عليك أن تبني بناءً أدبياً محكماً بحيث تحاسَب على الحرف، ناهيك عن الكلمة. لذا يضاف إلى ذلك الأهمية الثانية وهي الآراء الحكمية، والحكمة أمر مهم.

كان السيد الإمام قريباً من المدارس الأخرى، لم يترفع عليها، ولم يدر لها ظهراً، إنما حاول أن يعالج مكامن الخلل فيها ليستفيد منها.

وفي هذا الجانب دعامتان أساسيتان تحرك على أساسهما:

1 ـ الأصالة: ورب سائل يسأل: كيف نتحصل على الأصالة إذا ما أردنا أن ننفتح على الآخر؟ أقول: دونك ما قاله الله تعالى في كتابه، وما قاله محمد وآله (ص) في سنتهم.

2 ـ الاحترام المتبادل بين جميع أطراف مدارس الفكر.

لقد خلف السيد الإمام وراءه أثراً كبيراً، هو الذي شكل سبباً في النقلة الكبرى التي تعيشها معاهد العلم والفكر.

إن السلم الارتقائي الذي ينبغي أن يصعده الإنسان درجة بعد أخرى، بعد الإمساك بأسباب الأمور هو الحراك العلمي في الوسط الخاص (الشيعي) فلا كلام أن الفقيه معنيٌّ أولاً وبالذات بطائفته التي ينتمي إليها، ولكنه يمكن أن ينتقل إلى مربع أوسع دائرة إذا ما كانت الآليات تساعد على ذلك.

والسيد الإمام يدلل في عدة مشاهد على أهمية هذا الجانب (الحراك في الوسط الشيعي) فكان له في الشعائر حضور ملفت للانتباه، وكان عندما يحضر مجلساً من مجالس العزاء على سيد الشهداء (ع)، تجده شخصاً آخر، حيث ترى الاستغراق في الدموع، وشبه انفصال عن المحيط من حوله، والانتقال إلى عالم المشهد الحقيقي.

وذلك الحراك كان يستدعيه الواقع، لأننا إذا رجعنا إلى ما ينوف على ثلاثين سنة، نجد أن معظم أتباع مدرسة أهل البيت (ع) في وضع لا يحسدون عليه، فلا الفتوى تأخذ طريقها كما ينبغي، ولا المشروع الفكري يجد مساحة كافية يتحرك من خلالها، حتى جاء السيد الإمام، فغرس هذه الدولة في وسط العالم، وكان فيها من عناصر القوة والدفع ما يؤمِّن هذه المساحات، لذلك انطلق المارد من قمقمه.

وكل ما نحتاجه اليوم ـ أيها الأحبة ـ هو الحكمة، فهذه أيام أهل البيت (ع) وهي المقدمة الحقيقية لاستشراف النور الأقدس من وجه صاحب العصر والزمان، على أن تكون الاستجابة منطقية متوافقة، كما يقول أمير المؤمنين (ع): «أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد»([4]). بلا سبٍّ ولا لعن، فتكليفنا الأول بلا شك هو أن نعرِّف بمدرسة أهل البيت (ع) ، حيث نعرّف الناس ماذا تعني فاطمة (ع) والحسن والحسين؟ وماذا تعني الكوكبة التي أولها محمد وأوسطها محمد وآخرها محمد؟ فهنالك جفاف فكري قاتل لدى أتباع المذاهب الأخرى في ما يخص معارف أهل البيت (ع) ومسؤوليتنا أن ننهض ببيان هذه المدرسة وما لها من أحقية، بعيداً عن التجاسر على الذوات عند الآخرين، لأنها غير منتجة ولا مثمرة، بل على العكس من ذلك، سوف تعرقل مشروعنا التعريفي بمدرسة أهل البيت (ع).

وكما تحرك السيد الإمام في إطار تلك الأبعاد، فإنه تحرك في ظل مشروع التغيير في الوسط الشعبي من حوله، وبنى أمةً على أساس قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى‏ يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِم‏([5]). ومن عاش الواقع الإيراني قبل الثورة يدرك كيف كان الوضع، حيث كانت سلاسل الذهب على الصدور المفتوحة لدى الشباب، والنساء كاسيات عاريات، بل حتى شبه عاريات، فتحرك الإمام ليغير الواقع من الداخل، وأسقط صنماً قلّما تجد له نظيراً على وجه الأرض، فلو أمكنه أن يقول: أنا ربكم الأعلى لفعل. فتغير العالم من حولهم، ورفع الإمام راية المستضعفين في الأرض، لأنه كان يشعر بقيمة أخيه الإنسان، ومتى ما شعر الإنسان بقيمة الآخر بذل نفسه من أجله. على عكس ما نراه اليوم في الكثير من المواطن، حيث يريد بعضنا من الجميع أن يبذل نفسه من أجله، وليس لديه الاستعداد أن يعطي الآخرين من نفسه شيئاً.

تربية الأمة على انتظار الفرج:

ومما قام به السيد الإمام أيضاً، تربية الأمة تربية صحيحة على انتظار الفرج، وذلك من خلال التمهيد الممنهج للانتظار، فنحن نعرف ـ أيها الأحبة ـ أن أفضل العبادة في زمن الغيبة انتظار الفرج، وهو أفضل من الصلاة والصيام، لكنه الانتظار الحقيقي، فماذا يعني الانتظار الحقيقي؟

يقول الإمام المعصوم في حديث شريف عنهم (ع) يبين فيه واقع المجتمع من حوله، سواء كان المجتمع في عمومه، أم المجتمع في دائرة ضيقة: «افترق‏ الناس‏ فينا على ثلاث فرق: فرقةٌ أحبونا انتظارَ قائمنا ليصيبوا من دنيانا، فقالوا وحفظوا كلامنا، وقصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله إلى النار. وفرقة أحبونا، وسمعوا كلامنا، ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا، فيملأ الله بطونهم ناراً يسلط عليهم الجوع والعطش. وفرقة أحبونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فأولئك منا ونحن منهم»([6]).   

فهناك من ينتظر الإمام، ليصيب الدنيا التي تتغير أحوالها بعد الانتظار، فيبحث عن منصب أو جاه. وهؤلاء حفظوا الروايات الكثيرة، دون أن يفقهوا منها شيئاً أو يسعوا لتحقيق شيء من أهدافها، وسيؤول أمرهم إلى النار.  

وهناك من ينتظر، وهو محب لأهل البيت (ع) ، يحضر مجالسهم ويزورهم ويسمي أبناءه بأسماء أهل البيت (ع) بل إنهم لم يقصروا في الفعل أيضاً، إلا أن هدفهم ونيتهم هي استئكال الناس، فهناك من يلبس لباس التقوى والدين، لكنه صاحب مشروع دنيوي. وهؤلاء يملأ الله بطونهم ناراً ويسلط عليهم الجوع والعطش.

أما الفرقة الثالثة، فهؤلاء أحبوا أهل البيت (ع) وحفظوا كلامهم، وافترقوا عن الفرقتين الأخريين أن حبهم كان بصدق وذوبان وتضحية ـ أو الاستعداد للتضحية على الأقل ـ وطاعة لهم.

فمن يظهر على شاشات التلفاز يسب ويشتم، هل يعبر بذلك عن طاعة لأهل البيت (ع) ؟ أو عن استجابة للقرآن في قوله تعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ‏ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْم‏﴾([7])؟ أو عن استجابة لأمير المؤمنين (ع) في قوله: «إني أكره لكم أن تكونوا سبابين»([8])؟

ما نقول في خطيب يقول وهو على المنبر: من لم يعتقد بما تقوله قناة (فدك) وقناة (أهل البيت) فإيمانه ناقص، بادّعاء أن التبرّي ليس مستحكماً عنده؟

فالفرقة الثالثة أطاعت أهل البيت (ع) ومما أراده أهل البيت (ع) التقية، قال الإمام الصادق (ع): «التقية ديني ودين آبائي»([9]). وقال لأحد أصحابه: «يا أبا عمر، إنَّ تسعةَ أعشار الدين في التقية، ولا دينَ لمن لا تقية له»([10]).

قد يقول قائل: إننا في زمنٍ ليس فيه تقية، فنقول: أيستطيع مثل هذا أن يُصرح بما يشاء؟ فليخرج من بيته ويقول ما يشاء بلا تقية. أو ليذهب لتقبيل قبر الإمام الحسن (ع) ولينظر هل إن هذا زمن تقية أو لا ؟ أو ليتكلم بما يشاء في المدرسة. ورحم الله من عرف قدر نفسه.

نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.