نص خطبة :حرم المعصومة نقطة ارتكاز لجميع الفعاليات في قم المقدسة

نص خطبة :حرم المعصومة نقطة ارتكاز لجميع الفعاليات في قم المقدسة

عدد الزوار: 641

2012-02-01

في الحديث الشريف عن الرسول الأعظم (ص) : «لو كان العلم منوطاً بالثريا لتناولته رجال من فارس»([2]).

العلم الذي يلف جوانب هذه البسيطة يصبُّ في أحد مشربين:

الأول ـ العلوم ذات الطابع الدنيوي التي تسهم في نظم حياة الإنسان في هذا العالم المادي الذي يتحرك في زواياه، ويتنقل عبر خطوطه المستقيمة أو المتقاطعة إلى حيث كانت الرغبة.

الثاني ـ العلوم الدينية، التي تنظم حياة الإنسان في المستقبل الدائم.

والحديث الشريف الذي شرفنا أسماعنا به، فيه إطلاق ينطبق على المشربين معاً، وبالنتيجة عندما يكون النص قد ذكر قوماً بعينهم، فلا يعني أن غيرهم إذا ما أخذوا بالأسباب الطبيعية لا يصلون إلى ما وصل إليه أولئك، ولكن ربما يُغلَّب جانبُ مجموع الأسباب في صالح الطرف المذكور على حساب غيره، ويساعد على هذا إطلاق النص.

ونحن عندما نستعرض الحركة العلمية عبر التاريخ ـ إذا ما غادرنا ساحة المعصوم ـ نجد أنها تتكئ على أحد الجانبين، أو تندفع في أحد المشربين: إما الجانب المادي الدنيوي، أو الآخر الروحي الأخروي، وقلما تجد في نِحلة أو دين أو جماعة أو فرقة أو توجه أو طائفة أو قومية من تهيأت لهم الأسباب أن يمازجوا بين هذين المشربين.

وكلنا يعلم أن كلام المعصومين (ع) هو كلام الوحي، فهم يبلغون عن السماء.

وقد انتدبتنا الشريعة المطهرة التي جاء بها الحبيب المصطفى محمد (ص) للأخذ بأسباب العلوم، كي يرشد الإنسان ويسعد في الدارين.

والحديث عن حوزة قم المقدسة، حديث شيّق، وفيه الكثير من النقاط التي ينبغي علينا أن نتعاطاها كمفردات، لأن أثرها الواضح والبين لا يكاد ينكره إلا من لم يعمد لتشخيص ما بين جانبيه.

فمن أهم المقومات في حوزة قم، هو حرم السيدة المعصومة (ع) بما يمثله من نقطة ارتكاز تدور حولها جميع الفعاليات في هذه المدينة المقدسة، التي استطاعت أن تتربع على مساحة الموروث العلمي، ولا أقل ما عند أتباع طائفة أهل البيت (ع) في أواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحالي.

لقد مرّ حرم السيدة المعصومة بأدوار تطورية كثيرة منذ أن دُفنت فيه على يد الخزرجيين حتى يومنا الحاضر، وهي تنعم بالعناية الخاصة من محبي أهل البيت (ع).

وفي هذا المرقد المقدس أبعاد كثيرة، أبرزها:

1 ـ البعد الروحي، ويستطيع المرء أن يستجمع مجموعة من الصور المدللة على عظمة هذا المكان في هذا الجانب. فمثلاً، من منا لا يتعاطى مع مفاتيح الجنان، ذلك السفر المبارك، الذي فيه أنفاس الشيخ عباس القمي رضوان الله عليه؟

فالشيخ عباس القمي رجل مقدس من العيار الثقيل، تشرف أقطاب الطائفة في الاستجازة منه في رواية الحديث، وفي مقدمة من استجازه في الرواية عنه، السيد الإمام رضوان الله تعالى على روحه المقدسة.

وقد وضع الشيخ عباس القمي هذا السفر المبارك في الأدعية والزيارات مما يحتاجه المؤمنون في توثيق العلاقة مع الله تعالى وأهل بيت النبوة (ع) ومع حاجاتهم الذاتية وحاجات المؤمنين من حولهم.

كان الشيخ عباس القمي قلعة وقمة سامقة من الصفاء والإخلاص والتواضع ونكران الذات، بحيث إن الكتاب عندما صدر، كان الشيخ ذات يوم يسير في أحد أزقة قم، فمر بمكتبة يباع فيها الكتاب، فدخل على صاحب المكتبة وسأله عن قيمة الكتاب، ولم يكن في هندام الشيخ الظاهري ما يكشف عن مكنونه الذاتي، وهذا هو سر العظمة([3])، وبالتالي فإن عين صاحب المكتبة لم تمتلئ بشخص الشيخ القمي بشكله الخارجي([4])، فقال له: يا شيخ، دع الكتاب لأهله([5])!.

وهذا غيض من فيض مما استفاده العلماء من الفيض الروحي من هذه السيدة الجليلة التي ماتت في ربيع شبابها، كأمها الزهراء (ع) ولا يظننَّ أحدٌ أن سبب موتها هو علمها بشهادة أخيها الإمام الرضا (ع)، لأنها توفيت قبله ـ على التحقيق ـ وأنها عندما وصلت إلى ساوة قاصدة أخاها الإمام الرضا (ع) بعد أن كاتبها بالمجيء، اعترض طريقها النواصب هناك، وفتكوا بالركب، حتى قتل من أهل بيتها أحد عشر شخصاً، على إحدى الروايات، وسبعة عشر على رواية أخرى، وممن قتل في تلك الحادثة مجموعة من أخواتها من بنات الإمام الكاظم (ع).

فالدَّور الذي حمل طابع القسوة والمطاردة والاستئصال لم يتوقف عند كربلاء فحسب، إنما هي مسيرة متعاقبة تمثل ضريبة الولاء لمحمد وآل محمد (ص).

هذا في العرفان العبادي، أما في العرفان النظري الذي يعنى بفك طلاسم المعرفة ـ أي معرفة الصانع واجب الوجود ـ فإن رمز هذه الطريقة، وشيخ هذا الفن، هو صدر المتألهين، أحمد بن إبراهيم الشيرازي، ذلك الشيخ الجليل الذي فتّق مفرداتٍ كانت إلى زمانه مستعصية على أكثر العقول توقداً. فقد جاء الشيخ إلى قرية على مقربة من السيدة المعصومة (ع)، وتبعد حوالي ثلاثين كيلومتراً عن ضريحها، وتدعى (كَهَك)، وقد دفنت فيها زينب أخت السيدة المعصومة (ع) وكان يتبتّل هناك في أحد الكهوف القريبة من الضريح ويكتب أسفاره. وهي أسفارٌ أربعة، تسمى أيضاً بالحكمة المتعالية، وفيها أدق النظريات الفلسفية، ولا يزال كتاب الأسفار سيد هذا الفن المقدَّم على سواه.

والشيخ صدر المتألهين، وإن كان بشراً، لا يملك علماً لدنيّاً، إلا أنه أوتي قدراً كبيراً ونصيباً وافراً من الآليات في تحصيل المعلومة، وكان يقول: كانت معضلات الأبواب والمسائل تغلق أمامي فلا أجد ملاذاً إلا في فاطمة المعصومة (ع) فتفتح لي مغاليق الأبواب.

وهذا الدافع الذي يدفعه نحو أهل البيت (ع) إنما هو دافع عقلي، لا عاطفي، بدليل أن تلك الأسفار لا زالت إلى يومنا هذا لا تُجارى ولا تُبارى، ولا زال كبار المحققين يحنون هاماتهم إجلالاً ليراع ذلك الرجل العظيم.

والرمز الثالث من الرموز التي أود أن أذكرها([6]) ـ وهم كثر ـ هو السيد الإمام الخميني  قدس سره الشريف، هذا الرجل العظيم الذي لم نقرأ عظيماً بعد المعصومين (ع) في زمن الغيبة يجاريه فيما قدم لمذهب أهل البيت (ع)، نعم هناك من كتب وأجاد، وهناك من تسنّم موقع المرجعية، لكن هذه الحالة من التغيير في وسط الأمة، أجراها الله تعالى كرامة لهذا العلوي المخلص لآبائه وأجداده، وهي من النعم التي ينعمها الله تعالى على من يشاء من عباده.

إن هذا الرجل العظيم قلب عرش أعتى طاغية عرفه الشرق، ووقفت الدولة العظمى على وجه الأرض آنذاك وقفة صمت وتأمل، لا لكلِّ كلمة صدرت منه، بل حتى لحركة الجفن من عينه، بمقولة هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي (الصهيوني) عام 1979 حيث قال آنذاك: فككنا الكثير من أسرار هذا الرجل، ولكن لا زلنا مشدوهين أمام حركة مسبحة سوداء في يده!.

إن تحريك المسبحة في اليد لا تعني أمراً مادياً يمكن إدراكه، إنما ذلك من عالم الملكوت، ومن يحرك المسبحة ولا يدري ما يقول فلا ثمرة في تحريكها.

إن ذلك الرجل، بعظمته وكينونته العلمية والعبادية، وهو العارف الذي جمع بين أضلاع المعرفة في جانبها العرفاني، النظري والعملي، عندما فتح الله عليه، وجاء إلى قم المقدسة ولواء النصر في يده ـ والله يعز من يشاء ويذل من يشاء، فقد أصبح الطارد مطروداً، والمطرود طارداً ـ عمد إلى قبر هذه السيدة الجليلة ليسجد عند أعتابها سجدة الشكر والعرفان لله سبحانه وتعالى، ولما لهذه السيدة من فضل في مجريات الحدث، لأن الشرارة الأولى كانت من خلال هذه المدينة.

هؤلاء أقطاب ثلاثة، يأخذ كلٌّ منهم ببعد من أبعاد العظمة من هذه الحوزة، ومن خلال السيدة المعصومة (ع) التقت أنظارهم في العبادة والعرفان النظري والعرفان العملي.

2 ـ البعد العلمي: وهذا ما أرجئه إلى وقت آخر، فهو العمدة في هذا الجانب، ولأن البعض لا زال إلى اليوم ـ مع شديد الأسف ـ يتنكر لحوزة قم، بل لا يرضى أن يقارن بينها وبين حوزة الأحساء، ناهيك عن الحوزات الكبرى، وفي هذا من الظلم الشيء الكثير. وسوف أقف على هذا الجانب وأعطيه ما يستحق بقدر استطاعتي.

3 ـ البعد الاجتماعي الحوزوي: فالنسيج الاجتماعي في قم عبارة عن خليط من الفرس والترك واللُّر والعرب والكرد والبلوش وغيرهم، وسوف أذكر مجموعة من الأرقام إن شاء الله تعالى وأدلل عليها.

ولكن، في سفري الأخير إلى قم، سألت أحد المسؤولين في تسيير شؤون الحوزة العلمية هناك: كم يبلغ عدد الطلبة في الحوزة العلمية في قم؟ فقال: المسجلون رسمياً إلى الآن مئةٌ وأربعون ألف طالب علم. وهؤلاء يتخرج منهم المجتهدون والخطباء والمفكرون والمحدثون والأدباء والشعراء والقضاة، ومنهم من ينخرط في السلك الدبلوماسي، فهي جامعة متكاملة.

وهؤلاء المئة والأربعون ألفاً يمثلون خمساً وتسعين دولة، فكل دولة من الدول ذات القيمة والرصيد في المسرح العالمي لها تمثيل في هذه المدينة. وهذا الأمر يخلق نسيجاً اجتماعياً، وتتلاقح بسببه الأفكار بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتحدث نقلة، فيَسلُس الأدب، وتُعمَّق النظريات، وتفتح أبواب السياسة، وما إلى ذلك.

4 ـ البعد السياسي: وهو بعد مهم وحساس وخطير، ولكن في قم كذلك خير دليل على أنها بلغت الذروة والرشد في هذا الجانب، بأنها استطاعت أن تقيم دولة، وأن تحافظ عليها، ونسأل الله تعالى أن يحفظها وسائر بلاد المسلمين.

 

أود في هذا المقام الإشارة والتنبيه لعدد من الموضوعات المهمة:

فالموضوع الأول هو أنه في يوم الأربعاء القادم، تحل علينا ذكرى شهادة الإمام العسكري (ع) ويتطلب الأمر منا الحضور في المجالس، لا في هذا الجامع فحسب، إنما في جميع الأماكن التي يُحيا فيها ذكر الأئمة (ع) لا سيما الإمامين الهادي والعسكري (ع) اللذين عشنا ظلامتهما، فلم تقف الظلامة عند القتل من العباسيين، فمن منا لم يفجع عندما استيقظ في تلك الصبيحة وهو يرى القبة والضريح وقد تهدمت، وهذا منتهى صور البربرية والوحشية والسقوط الفكري والانحطاط الديني الذي يمارس مع أهل البيت (ع).

ونأمل من خطبائنا في هذه المناسبة أن يقدموا للمجتمع ما يرتقي به من جهة، وما يقرب المعصومين من مساحة المجتمع من جهة أخرى، فهناك الكثير من الأشياء التي نجهلها ويجهلها المجتمع عن هؤلاء، ونتمنى أن يبذلوا الجهد قدر الإمكان.

والموضوع الآخر الذي أود ذكره هنا هو فرحة الزهراء (ع) ، والحق أن الزهراء (ع) لا فرحة لها، خصوصاً في هذه الأيام، فهي أيام المأساة والحزن، فالزهراء (ع) في هذه الأيام تئن من فقد النبي (ص) ومن التهديد بحرق البيت، ومن عصرة الباب، والمسمار، وصوت قنفذ، ولطمة العين، وغيرها من مستوجبات الأنين، فكانت في مثل هذه الأيام مستغرقة في الحزن، ولكن بناء على بعض الروايات أن يوم التاسع هو يوم فرح وسرور.

ومن حق الإنسان أن يفرح، وأن يعبر عن مشاعره عند حصول موجبات الفرح، كالمولود الجديد والزواج والنجاح وغيرها، إلا أننا نؤكد على إخواننا المؤمنين وأخواتنا المؤمنات، أن يكون الفرح مقنَّناً ومسيَّجاً بسياج ديني، ولا بد من التزام الأخلاق والأدب الاجتماعي، ولا يصح أن يأخذ الفرح بنا إلى مسافات يفترض أن ننأى بأنفسنا عنها، ويجب أن نحافظ على الثابت الديني، ونرشّد المقوم الأخلاقي، ثم نفرح وندخل الفرح والسرور على الآخرين، وفي هذا ثواب عظيم، ولمن أراد معرفة ذلك فليراجع «ثواب الأعمال» للشيخ الصدوق، ليطلع على الروايات العديدة الواردة في هذا الشأن عن أهل البيت (ع) . وهذا مع سائر الناس، فكيف بك إذا إذا أدخلت الفرح، وطبعت الابتسامة على وجه الزهراء بنت النبي محمد (ص) ؟

والموضوع الثالث: هو الفصل الدراسي الثاني، والمؤمل من شبابنا وبناتنا أن يراجعوا حساباتهم، ويفيدوا من تجاربهم السابقة في الفصل الدراسي الأول.

وأؤكد هنا على أمر مهم، وهو أنه لا نجاح لفتاة أو فتى إلا بالأبوين، فإذا فشل الأبوان فلا ترجُ نجاح الأولاد والبنات، فقبل أن نوصي أولادنا وبناتنا بمراجعة الحسابات، علينا أن نحن أولياء الأمور الذين رزقنا أولاداً وامتحنا بهم في هذه الدنيا، أن نقوم بمسؤولياتنا تجاههم. فمن يعبّر عن ولده بقوله: إن ابني لا يفلح، فهذه كلمة إبليسية وليست رحمانية، فليس هناك ولد لا يفلح، إلا أنه يحتاج أحياناً للمساعدة، لتأخذ بيده فيتطور. وكذلك قول البعض لولده: ابن عمك أفضل منك، أو الآخر أحسن منك، فهذه كلمات يجب أن تغيب عن مسرح التربية والتعاطي مع الأولاد، فهو أسلوب ساذج، ولا يصح التعيير بالآخر مهما كانت الظروف والأحوال، ويجب زرع الثقة في نفس الولد، ليتمكن من مسايرة الحياة، وإن شئت أن تجعل له قدوة فلا بد أن تكون القدوة أكبر من أخيه أو ابن عمه، والمسافة بينهما بعيدة، فأولادنا وبناتنا أمانة في أيدينا، وفي هذا الزمن يتكالب عليهم كل شيء، ويجب علينا أن نساعدهم ونأخذ بأيديهم.

والموضوع الرابع: هو زيارة المدينة المنورة، فنقول: تقبل الله ممن ذهب لزيارتها، وقد كنا سابقاً نذكر بعض السلبيات، ولكن حان الوقت الذي نقول فيه: إننا نقدم الشكر لشبابنا، ونؤكد أن ما رسموه في هذه الرحلة يختلف تماماً عما كان سابقاً، وهذا دليل على أن الشباب إذا ما وُجِّه فإنه يتوجه، وإذا ما نُصح سمع، وإذا ما سمع عمل، وإذا ما عمل غيّر. فالظاهرة السيئة سابقاً تحولت إلى شوارد هنا وهناك، وهذا نجاح للمنبر الحسيني ومن يرتقيه من الخطباء الذين يحملون الأمانة بصدق وإيمان وإخلاص وتوكل، وللمنصات الدينية في الجمع والجماعات أو الاحتفالات والمنتديات والملتقيات التي تحصل بين الشباب، فقد لُمس انعكاسها الإيجابي، وبكل وضوح.

أقول: بقدر ما كنا ننتقد، فقد حان الوقت الذي نشكر فيه أولادنا، ونؤكد أنهم بدأوا يسيرون في النهج السليم المطلوب، سواء في داخل الحرم أم البقيع، بل حتى في ساحة المثلث، فلم يعد ذلك المثلث (المشؤوم) الذي أريد له أن يشوه صورتنا، ونحمد الله تعالى على ذلك، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشباب ـ حفظهم الله ـ أصبحوا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ونسأله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان أعمالهم. فقد كانت هناك مظاهر التزام واضحة وبينة، كما كان للمشاركة في المجالس حضور بيّن أيضاً، ففي المناسبات السابقة كان الخطيب يقرأ فلا يحضر في مجلسه إلا القليل، أما في هذه الرحلة فإن الحضور كان كبيراً، بحيث إن الكثير من الزائرين لم يحصل على مكان في مزرعة الشيخ العمري رحمه الله، بل حتى في خارجها. وكذلك في الأماكن الأخرى الكثيرة التي أقيمت فيها المجالس، كالفنادق وغيرها، فقد كان هناك حضور شبابي وتوجه منقطع النظير.

ونقول أيضاً لهؤلاء الشباب: نرجو أن يكون الآتي هو الأفضل، كي نحافظ على ما بأيدينا، ولا نحتاج في يوم ما إلى التشديد والتعنيف، وأنا لست مع من يعنف الشباب، إنما أنظر إلى الشباب نظرة تفاؤلية ملؤها الإيمان بأن الشباب قادر على أن يغير من داخله والمحيط من حوله، وأسأل الله تعالى أن تكون هذه الثقة ثابتة ومستقرة غير قابلة للتزعزع والزوال.

والموضوع الخامس: هو الإشارة إلى أن شهر ربيع الأول هو شهر الرسول الأعظم بامتياز، ففيه المولد النبوي، والهجرة، وغيرها من المناسبات الأخرى. وأذكّر بصدقة الشهر التي تدفع عنا وعنكم البلاء، وعن إخواننا الذين يعانون القسوة والظلم وتكالب الدنيا عليهم، في أكثر من مكان.

وفي مولد النبي (ص) والإمام الصادق (ع) سوف نعرض لكم ما حصل في السنة الماضية بكل وضوح، وسوف نبين لكم مسيرة خمس سنوات بما لها وما عليها، وما لنا نحن وما علينا، وسوف نبين بالأرقام الأثر الذي تركه الجامع على أكثر من مساحة، ففي مساحة الجمعية استطعنا من خلال الجامع أن نؤثر إيجابياً على المجتمع الخاص، والأثر واضح وقريب، وبإمكان الجميع أن يلمسه، وكذلك على المجتمع الكبير من حولنا وهو الأحساء.

وندعو كل محب لنا، ويرغب في استمرار الخدمة للمؤمنين، أن لا يتوقف في إبداء الرأي الناقد ووضعه في الصندوق المخصص، وهذا المحراب لا يعني لي شيئاً أكثر من كونه تكليفاً ورسالة أقوم بها، وفي الوقت الذي يأتي من يقوم بهذه المهمة فسوف أتخلى عنه وأفسح المجال للآتي. ومن كان لديه انتقاد لنا فعليه أن يبديه بكل وضوح وصراحة، شرط أن يأخذ بمسيرتنا نحو الأفضل، بمعنى أن لا يكون هناك تهريج ولا سباب وشتم، كما يأتينا من خلال الموقع.

فعلى من ينتقد أن يبين الثغرات ونقاط الوهن، لنتمكن من تصحيحها وتلافيها، لا أن يلقي كلاماً عاماً على عواهنه، دون بيان الأسباب.

فمن كان في ذهنه شيء نتمنى أن يكتبه ويضعه في الصندوق المخصص، وسوف نأخذه بعين الاعتبار، وسوف يرى نتيجته إن شاء الله في ليلة المولد.

وفقنا الله وإياكم لكل خير، وأخذ بأيدينا وأيديكم، والحمد لله رب العالمين.