نص خطبة حركة الإمام الحسين (ع) بين مسار التواتر والآحاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيتنا خالصةً لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجورنا وأجوركم بسيدنا ومولانا الإمام الحسين بن علي (ع) والشهداء بين يديه، ورزقنا الله وإياكم زيارته عاجلاً، والشفاعة على يديه.
الحسين (ع) في الكتاب والسنة:
الإمام الحسين (ع) شغل مساحته في كتاب الله سبحانه وتعالى، وشغل مساحته في السنة المطهرة، وشغل مساحته في صفحات سطرتها أقلام العلماء من شتى الملل والنحل، وشغل مساحته في قلب كل مؤمن نعاه أو رثاه أو بكاه أو زاره في حضرته الشريفة.
قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قُلْ لا أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}([2]).
ويقول مسلم في صحيحه: قال رسول الله (ص): أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثّ على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي»([3]). هذا هو الإمام الحسين (ع) في نص القرآن الكريم والسنة المشرفة.
وفي آية أخرى يأخذ القرآن الكريم بأيدينا إلى مساحة ثانية فيقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحيْمٌ}([4]). ففي هذا النص القرآني جاء نصّ من السنة النبوية في تفسيره بواسطة الإمام الصادق (ع).
ففي الحديث عنه (ع) أنه قال: «من أراد لله به الخير قذف في قلبه حبّ الحسين (ع) وحبّ زيارته، ومن أراد الله به السوء، قذف في قلبه بغض الحسين (ع) وبغض زيارته»([5]).
هذا هو الإمام الحسين (ع) في الكتاب الكريم، والسنة المطهرة بخصوصها عند المسلمين، وما يشمل الأئمة (ع) أيضاً كما هو عند الشيعة.
كيف نطوّر من أداء المنبر الحسين؟:
لقد مرّت بنا ذكرى واقعة الطف، واستمعنا للكثير، وكل خطيب أدلى بدلوه، واغترف مما كان قريباً منه من المنابع الثرّة، ولكن كلٌّ بحسبه. والجمهور تلقى ذلك في العموم، ولكن بعين الرضا تارةً، والرفض أخرى، والتوقف ثالثة، والانسحاب رابعة، والاعتراض خامسة، وهكذا. وهي حالة صحية بامتياز تدعو الجميع أن يعدّ عدته للقادم من الأيام، من خطباء يتقدمون ويقدّمون الجمهور الحسيني من حولهم. وكذلك الأولياء على المواقع الحسينية، عليهم أن يقدموا الأفضل للجمهور، الذي يتحمل العناء الكثير في سبيل ذلك، أي في سبيل تعظيم الشعيرة وإحيائها.
وعلى الجمهور أيضاً بالمقابل أن ينهض بمسؤولياته، فالثرثرة خلف ظهر الخطباء والأولياء لا تجدي نفعاً، بل علينا أن نكون صرحاء مع أنفسنا، وأن نجلس مع الخطباء المحترمين، ونتناقش معهم، فهم لا يدّعون عصمةً ولا معرفة مطلقة، ولا ثقافة بلا حدود، إنما يسعون من أجل الكمال والتقدم، ومن الطبيعي أن غير المعصوم يتأثر. فعلينا إذن أن نمدّ يد العون لهم في أن يتقدموا.
فكم هو جميل أنني إذا طرق سمعي في مجلس من المجالس مفهومٌ من المفاهيم، أن أسعى لأقف على حدوده، أو تطرق سمعي مفردة أودّ أن أفكّ لغزها من خطيب، ثم أعمد لإحدى المكتبات لأقتني كتاباً يعنى بفكّ معطيات ما مرّ على سمعي من مفهوم أو مفردة، ثم أقدم ذلك الكتاب هدية للخطيب، كأسلوب من التوجيه المؤدب الراقي، انتهجه الذين تقدمونا في الحواضر العلمية. أما أن نجلس في الاستراحات، ونستعرض الشواهد والقضايا، ولا نقدم شيئاً غير الثرثرة التي لا طائل من ورائها، بل يترتب على الكثير منها الإثم، كما إذا صدق عليها عنوان الانتقاص أو الهتك أو الغيبة، أو غير ذلك، فهذا يؤخر ولا يقدّم.
أما عن أولياء الحسينيات، فينبغي أيضاً أن نجلس معهم جلسة الاحترام من جهة، وإشعار الولي من جهة أخرى أنه قدّم ما لديه، ولم يقصر، بل سعى جاهداً لأن يقدم ما لا يخطر على بال الكثيرين، لكنه يبقى في حدود تكوينه البشري، وقد يحصل منه تقصير في الواقع.
ومن هنا لا بد أن نبحث عن سبب التقصير عنده، ونساعده على سدّ الخلل، فإن كان مادياً علينا أن نقدم ما من شأنه أن يسدّ هذه الثغرة، وأنت عندما تقدم شيئاً للحسين (ع) أو بيت من بيوت الله، فأنت لا تعطي للخطيب ولا للمتولي ولا لإمام الجماعة، إنما تقدمه قربةً إلى الله تعالى، فليكن التعامل بهذه الروح وتلك الشفافية، لكي ترقى مجالسنا، وينتفع الجمهور بها، فلنساعد على تقديم أرضية طيبة، على أساس منها يأخذ الجمهور بغيته وغايته، ونكسب فيه رضا الله تعالى وثوابه. فالجمهور يعطي من وقته الكثير، وعلى الخطيب أن يعطيه ما يستحق وما يأمل وما يتوق إليه من الثراء الفكري والأدبي والمعنوي والمعرفي والسلوكي والعبادي وغير ذلك.
أخبار واقعة الطف بين الحقيقة والاختلاق:
إن أخبار واقعة الطف وقعت بين طرفي كماشة: الطرف الأول منها هو الأخبار والأحاديث المتواترة المطبقة على أمر ما. والثاني أخبار الآحاد، وهي التي طغت على الطرف الأول من الكماشة حتى كادت تذهب بعطاءاته وتأسيساته. لذلك تجد في واقعة الطف الكثير من الأمور التي يسمعها المتلقي، ولكن لا تحظى بالقبول، خصوصاً أنها تصطدم مع مدركاته العقلية وثقافته التي ينطلق منها. فهذه الحالة بين التأرجح في التواتر والآحاد أوصلت لنا الكثير من الفصول التي لا أساس لها، وزجّت بها في مبنى الحادثة وهيكلها. وبمرور العقود والقرون أصبحت من الثوابت، التي لا تستطيع أن تنكر شيئاً منها.
فمن ذلك مثلاً: عدد القوم الذين نصبوا العداء للحسين (ع) وحضروا الواقعة، وقاتلوه فيها، وتركوه ملقىً على رمضاء كربلاء مخضباً بدمه مع أنصاره وإخوانه، ثم ما حصل من السبي وغيره. فأدنى الأرقام يقول: إنهم أربعة آلاف، وأعلى رقم يقول: سبعون ألفاً. وهذا الاختلاف لم يأت عبثاً، إنما جاء بسبب وجود نصوص.
كما أن عدد أنصار الحسين (ع) اختلفت فيهم الرواية، فالأكثر أنهم اثنان وسبعون، وقيل مئة وعشرون. فحتى لو كان عدد الجيش المعادي أربعة آلاف، فإنه في مقابل هذه القلة القليلة يعتبر كبيراً جداً، فأنت أمام جيش إرهابي وحشي مرعب، لا حدود له في إجرامه، ولا حدود لأدنى قيمة دينية أو إنسانية بين صفوفه، بدليل ما قاموا به من جرائم وفظائع، من منع الماء والمثلة والسبي وغيره.
إذن، من الطبيعي جداً أن تتعدد التقديرات لعدد الجيش، لكن على أن لا يكون التفاوت فاحشاً جداً. بل حتى هذه الأيام عندما تخرج مظاهرات، تجد أن هنالك أرقاماً متباينة. حتى في أوربا التي يرى الكثيرون أنها أكثر عقلانية منا في الحسابات والتقديرات، إلا أننا نجد الاختلاف في التقديرات، فقد تتراوح المظاهرات بين مئة ألف مثلاً، إلى مئة وعشرين ألفاً. ولكن عندما يكون الاختلاف في التقدير أكبر من هذا بكثير فلا يكاد العقل يصدّق، كمن يقول لك: إن العدد مليونان، ثم يأتي آخر فيقول: بل خمسة عشر مليوناً! ففي مثل هذه الحالة لا يمكن التقريب بين التقديرين، ولا إيجاد المبرر لهذا البون الشاسع.
بناء على ذلك أن الثقة سوف تهتز إذا ما كانت التقديرات متباعدة جداً، ومن حق البعض أن لا يصدّق.
نظرة في مناهج التاريخ:
إن التاريخ يمرّ دائماً بمحطات تترك لها أثراً، كما أن التاريخ نفسه متّصف بصفة معروفة، وهي أنه في معظمه منقول بالرواية، ولذلك تجد أن القضية الواحدة تحصل فيها الكثير من الإضافات. وهذا التاريخ المنقول فيه ما فيه من السقطات، لا في أحداث كربلاء فحسب، إنما هي حالة عامة في تاريخنا كله، بل حتى في أحداث اليوم التي نعيشها.
والتاريخ الآخر هو التاريخ المشهود، أي أن ينقل الحادثة من عاشها وبحيادية تامة، أو أن يحمل معه وثائق تؤكدها.
ولو رجعنا لواقعة كربلاء وسألنا عمن كان حاضراً فيها ونقل الحوادث التي رآها، لرأينا مثلاً حميد بن مسلم، وهو أموي بامتياز، وذو عقل شيطاني بمعنى الكلمة، لكننا نشاهد اليوم أن الكثير من الخطباء ينقل عن حميد بن مسلم بلا تحفّظ ولا تعليق ولا بيان لحقيقة الرجل، الذي يعتبر صحفياً باع ضميره وقلمه، لكنه كتب الحوادث بأسلوب خبيث ليجعلها صالحة للتسويق، وفق خطة إبليسية. فهو ليس إنساناً عادياً، إنما هو صحفي اعتمدته الدولة.
فلا بد أن نبحث عنه بشكل دقيق: من هو؟ ومن أين جاء وانحدر؟ ولماذا صار في هذا الموقف؟ ومن الذي أملى عليه كتابة النص بهذه الطريقة؟
وهكذا محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ المعروف، فمن الجميل أن تقرأ للطبري، وتطلّع على ما كتبه، ولكن لا بد أن تتحرك مع النص على أساس الكاتب تارة، والنص بما هو نص تارة أخرى.
وهنالك تاريخ ثالث هو التاريخ الموضوعي، ولهذا عناصره المستوجبة للبقاء والعطاء في الوقت نفسه، وهو شبه غائب عن الساحة اليوم، فما من حدث إلا ويخضع للتسييس والمصالح، ومتى ما دخلت السياسة في شيء أخذته للمسافات البعيدة، التي لا تخطر ببال المتلقي البسيط.
وهنالك تاريخ ملغى وخفي، وهو ما تعمّد كتّاب التاريخ طيّ صفحاته، كي لا تقف الأجيال القادمة على حقيقته. وهذا اللون من التاريخ فيه الكثير من المؤامرة على أصل القضية والحدث، وفيه أيضاً التعمية على الكثير من وريقات المشهد التي لها الأثر في إيصال القضية كما هي.
وقد ابتليت كربلاء بهذا البلاء، لأن أحد مصادر النقل فيها مثلاً حميد بن مسلم. ومن ينبغي أن يكونوا حملة نصوص كربلاء، عملت فيهم السيوف، وقطعتهم إرباً إرباً. ولك أن تتصور لو أن حبيب بن مظاهر يروي حادثة الطف، فماذا يكون الحال؟. أو يرويها نافع بن هلال، أو زهير بن القين، أو الحر بن يزيد أو غيرهم، فلا شك أن الأمور ستكون مختلفة، ولكن ابتليت الأمة بمثل حميد.
وهنالك تاريخ مهم جداً، وهو التاريخ الافتراضي الاحتمالي، وهو ما أشرت إليه في مناسبات سابقة، وأنا أعتمد عليه في قراءة النصوص، ويتلخص بما يلي: لو كان لكان، ولو لم يكن لكان، ولو لم يكن لم يكن. فهذه الثلاثية في الكون والعدم لو أسقطت على النصوص التاريخية الواصلة إلينا، لكانت أكثر نجاحاً من غيرها في غربلة ما وصل، والخلوص إلى ما هو متناسب مع الحدث والقضية زماناً ومكاناً وحيثية. ولكن مع شديد الأسف أن هذا الأمر معطل بحسب تتبعي وقراءاتي، ما خلا شيئاً واحداً قام به المرحوم آية الله الفقيه الفيلسوف الشهيد المطهري رحمه الله، وإلا فإن من كانوا قبله، ومن جاؤوا بعده، لم يعملوا على أساس من هذا النظر في قراءة النصوص الواصلة. وإن كانت هنالك ملامسات في باب الفقه، وأبواب الرجال والدراية، ولكنها معطلة في التاريخ، بحيث أنك اليوم إذا انتقدت لون الجواد الذي ركبه الإمام الحسين (ع) في كربلاء، فكأنك تنتقد الإمام الحسين نفسه، وهذا من الظلم والجور والإجحاف.
أما الديوان التاريخي فيتأثر بالكثر من العوامل، من قبيل الحكام بجميع توجهاتهم، فكل حاكم يمرّ لا بد أن يصنع التاريخ، بغض النظر عن لون التاريخ الذي يصنعه، فهو بحسب المعطيات والأهداف التي تبقى بيد الحاكم.
والجهة الأخرى في ذلك، دور المدونين للتاريخ، كما ورد في مثالنا السابق في حميد بن مسلم، وغيره كثر.
والأمر الآخر هو الناس، فهم يؤثرون في نقل التاريخ، بل أصبحوا اليوم يؤثرون حتى في الفتوى، فقد يفتي الفقيه أو لا يفتي خوفاً ورهبةً من الناس. مع جاهزية الدليل لاستنباط الحكم، إلا أنه يحجم، لأنه يخاف الغوغاء، وليس من المتدينين المثقفين المتعقلين المعتدلين الواعين.
ويتساءل البعض مثلاً: لماذا لا يفتي المرجع في القضية الفلانية؟ الجواب: لا يجب على الفقيه أن يفتي في كل واقعة وحادثة. فإن قيل: وكيف يعرف المكلف حكمه؟ الجواب: عليه أن يراجع المرجع الآخر، ممن له فتوى في هذه القضية، فيصحح العمل بناءً على فتواه.
هذا هو كلام الشرع والمتشرعة، بدلاً من التطاول والتعدي على حرمات الآخرين. فمن المؤسف أن أحداً لم يسلم من الطعن، ابتداءً من كبار العلماء والفقهاء إلى أصغر كاتب. وقد سمعتم قريباً، أن أحد كبار فقهاء الطائفة، والقادة المبرزين فيها، منذ العصور المتقدمة إلى اليوم، ينال منه طويلب من على منبر الجمعة في مسجده، وينعته بأنه لا يمتلك جزء العدالة!. فلماذا هذا التجاسر والتطاول؟ ولماذا السكوت عن ذلك؟
لقد انتقدنا فيما مضى ظاهرة (كلاب رقية) فقامت الدنيا ولم تقعد، ولكن يهان أحد كبار مراجع الطائفة، وقائد من قاداتها، ورمز من رموزها، بهذه الكيفية وهذا الابتذال، فلا تجد من ينبس ببنت شفة.
أسباب عدم النهوض من الكبوة:
هنالك عوامل مساعدة على أن ننهض بهذا الأمر، وعوامل أخرى تساعد على بقاء الواقع كما هو، وأبدأ بالثاني، فأذكر العوامل التالية:
1 . نأي علماء الحوزة عن البحوث التاريخية المبنية على أساس من فلسفة التاريخ التي اعتمدها الشهيد الشيخ المطهري قبل ستة عقود من الزمن، وكذلك قواعد الجرح والتعديل في النص التاريخي، فنحن نستخدم الجرح والتعديل في أبواب الأحكام، لكننا نغضّ الطرف عنها في باب التاريخ، وهذا أشبه بقاعدة التسامح في أدلة السنن التي أدخلتنا في موارد كثيرة، بل أدخلت في الدين ما ليس فيه.
فقد أُرسل إليّ يوم أمس مقطع فيديو، شاهدت فيه من يقول: إن النمل يصوم يوم العاشر، حداداً على الإمام الحسين (ع) اعتماداً على رواية موجودة([6]). فيفترض أن لا ننقل للناس كلّ ما نقرأ وما نعثر عليه في بطون الكتب.
2 ـ الدفق العاطفي الذي ألهب قرائح الشعراء، حتى بات النص الشعري بمثابة النص الشرعي الديني في صياغة الحدث وإبرازه. فأصبح البيت الشعري أحياناً كأنه آية أو رواية، لأن الشاعر استغرق في الحالة العاطفية في وجدانه، بحيث وصل إلى هذا الأمر، وهذا يحسب للشاعر، ولكن علينا نحن أن لا نتعامل مع النص الشعري وكأنه نص ديني غير قابل للمخالفة والتجاوز.
3 ـ دخول العنصر الشخصي في تحوير المشهد ورسمه بشكل معيَّن، فنحن اليوم نختلف في ثقافاتنا واتجاهاتنا الفكرية، فهذا ينتمي لمدرسة تقليدية فيأخذ النص باتجاهه هو، وذاك ينتمي لأخرى حداثية فيأخذ النص باتجاهه، والضحية نحن المتلقين، المستعدين للبكاء فقط. فكأننا لسنا من منظومة واحدة. وهذه إحدى المشاكل التي أكسبت الطقس الشعائري هذه الحالة التي نراها اليوم في مناطق مختلفة من العالم، سواء في الدول الإسلامية أم الدول الغربية، فما نراه بالفعل لم تصنعه الفتوى، وحاشا علماء الطائفة أن يفتوا بذلك.
من تراث الحسين (ع):
كتب رجل للإمام الحسين (ع): يا سيدي، أخبرني بخير الدنيا والآخرة.
فكتب إليه (ع): «بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فإنه من طلب رضا الله بسخط الناس، كفاه الله أمور الناس. ومن طلب رضا الناس بسخط الله، وكله الله إلى الناس، والسلام»([7]).
وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.