نص خطبة: حاجتنا للعقل منبقثة من النظرة الإسلامية له
كان الحديث عن العقل، وما له من أهمية في حياة الإنسان على هذا الكوكب. وقد ذكرنا طرفاً من الروايات التي تعنى بهذا الجانب، بعد أن أسسنا بمجموعة من الآيات الشريفة، ثم عرّجنا على التعريف عند أرباب اللغة.
العقل في عرف الفلاسفة:
ولأصحاب الفلسفة كلمتهم، وإن تعددت التعاريف عندهم.
فالقول الأول أنه جوهر بسيط مدرِك للأشياء بحقائقها، وعلى هذا بنيت الكثير من النتائج التي خلص إليها من رَكَنَ إلى هذا التعريف.
وذهب جماعة آخرون إلى أنه قوة النفس التي بها يحصل تصوُّر المعاني، وتأليف القضايا والأقيسة. ونلاحظ على هذا التعريف التركيز على البعد المنطقي في تأسيسه.
أما القول الثالث فذهب إليه جماعة آخرون، ومؤداه أنه قوة الإصابة بالحكم من حيث التمييز بين الحق والباطل. وربما يكون هذا التعريف أقرب للعرفيات منه إلى الدقة النظرية.
والقول الرابع أنه قوة طبيعية للنفس، مهيَّأةٌ لتحصيل المعرفة العلمية، وربما يتماشى هذا في مرونته في الكثير من المعطيات مع حقيقة العقل.
أما القول الخامس فهو أن العقل عبارة عن مجموع المباني القَبْلية المنضَمّة إلى المعرفة. وهو قولٌ جنح إليه أصحاب السير في كثير من استنتاجاتهم، وربما تعاطاه أيضاً أصحاب الكتابات البسيطة.
ورب قائل يقول: إن ثمة مفارقة بينهما. فنقول: هذا من حيث التطبيق، لا من حيث التنظير، وإلا فإن المسافة شاسعة.
وأما القول السادس فهو أن العقل عبارة عن الملكة التي يتحصل بها للنفس علمٌ مباشر بالحقائق المطلقة، وفي هذا التعريف إضافة الإطلاق إلى الحقيقة، وهو ما لا يتماشى مع بعض التعاريف التي تأخذ عمقاً ودقة علمية.
الحاجة إلى العقل:
وبعد هذه التعاريف التي عرضناها، نعود إلى ما تقدمت الإشارة إليه في أول الكلام، وهو أن العقل حاجة من حاجات الإنسان، بل إن الإنسان في مسيس الحاجة أن يكون متماشياً مع العقل في جميع تصرفاته؛ لأننا بالعقل نبني المعارف الدينية، وبدونه لا يمكن أن تبنى تلك المعارف، وهي من الضخامة بمكان، كعلوم التفسير والفقه وغيرهما، فكلها أُسست بناء على هذا المحرك القوي، وعلى معطى هذه القوة، بناءً على أحد التعاريف السالفة.
وبالنتيجة أن هذا الكم الهائل من العلوم الدينية، لولا سلامة العقل لما وصلت إلى ما وصلت إليه من هذا الرصيد الضخم.
ولعل قائلاً يقول: لكننا نجد مجموعة من الأسفار المسطّرة التي تزخر بها أمهات المكاتب، إلا أنها لا تخضع للعقل حقيقةً.
والجواب: أن العقل بما هو هو، يستحيل أن يبتعد عن الفطرة، إذا ما خُلي والفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولكن مما لا شك فيه أن للمؤثرات أثرها، وللعوامل مدخليتها التي ربما انحرفت به، أو جمحت بما هو أكثر من حالة الانحراف، وهذا واضح بيّن، ولا يمكن لأحد أن ينكره.
والجهة الثانية من ثمرات العقل، وما يجعلنا في مسيس الحاجة إليه هو بناء الحياة الكريمة، فمتى ما سلم العقل، ومتى ما أنتج نتاجاً طيباً، فلا إشكال أن ثمة إسقاطاً على المشهد من حول ذلك الإنسان، بغض النظر أن يكون قريباً منه أو في دائرة بعيدة عنه، إلا أن الأثر سوف يترك مساحته الواضحة والبينة، بما ينعكس إيجاباً بمقتضى النظرة الأولية، وربما لا يكون ذلك.
فحتى الإنجازات العقلية التي غيرت وجه العالم، نجد أن قسماً منها أخذ بالإنسان نحو السمو والرفعة والحياة الكريمة، وقسماً آخر أخذ به إلى أسفل سافلين. وبين الإنسان في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، فيما تعاطاها من معطيات الدين السليم، أو معطيات عقل مطلق غير مقيد، أو معطيات المزاوجة بين مسارين، مفارقةٌ كبيرة، لذا فإنك تضع يدك على الإنسان بما هو إنسان، فتجد أن التقسيم له مصداقيته التامة، فالإنسان في الشرق يُنظر إليه بنظرةٍ مغايرة لتلك التي يُنظر بها إلى من يعيش في الغرب.
من هنا نجد أن عقوداً ثلاثة تصرمت، قتل فيها الملايين من أتباع مقولة الإسلام الحق، ولم يطرف جفن لأرباب السياسة شرقاً وغرباً، خلا الشجب والاستنكار من أصحاب منطقة الوسط، في حين أن رجلاً واحداً يقتل، فتقام الدنيا ولا تقعد لأجله، وكأن دماء المسلمين كسائر المشروبات الغازية.
والخلل يكمن في العقول، فالعقل غير سليم. ولعل المرء يُبهر بالحضارة المادية في طرفين هو فيما بينهما، ولكن لو تكشف له الغطاء لوجد عالماً غريباً ملوثاً مشوهاً، لا يحمل إلا الحقد، ولا يبحث إلا عن الدولار. أما من يريد أن يقيد نفسه بمعطى الدين، ويستسلم لإرشاد العقل السليم، فدونه الكثير من العقبات والعوائق.
ثم إننا نحتاج إلى العقل في علاقاتنا العامة، فالعالم اليوم يسوسه رافدان: المال والعلاقة مع الآخر، وما الإعلام سوى وليد، قد يكون شرعياً أو مشبوهاً للمال. فبالمال تُركّع النفسيات التي يفترض أن تكون كبيرة في نفسها، وبالعلاقة يُلتف على المبادئ والقيم وغيرها، هذا إذا ما أخذنا بهما في جانب السلب بطبيعة الحال، لا على الإطلاق. والعكس صحيح إذا ما تم توجيه المال إلى وجهته السليمة، فهنالك الثراء، وما يأخذ بالإنسان إلى أعلى درجات الكمال.
وكذلك العلاقة مع الآخر، ونعني بها غير المقيدة بعنوان الدين، إسلاماً كان أم مسيحية أم يهودية أم مجوسية، أم غيرها، ولا المقيدة بمنطق المذهبية، شيعة أم سنة أم حنابلة أم غيرهم، ولا المقيدة بلغة التحزّب البغيض، الذي اتخذوه صنماً يُعبد من دون الله، فتداس كرامة الإنسان، ويمحى قاموس الدين، وتصادر المبادئ والكرامات الأخلاقية في سبيله.
فالمتحزب يترك جميع القيم والمبادئ من أجل رمزية صنم حزبي. ومشكلتنا أننا لا نقرأ كثيراً، ولو كنا نقرأ لوضعنا أيدينا على الكثير من الأمور التي تجعل منا نرى الواقع من حولنا كما ينبغي بعيداً عن دائرة النفاق الاجتماعي المسوَّق له اليوم، فالعلاقات اليوم ليست مبنية على الكرامة والمحبة والأخوة وغيرها، إنما هي المصلحة، والجسر هو النفاق.
تحكيم الأخلاق والدين:
إن مقولة: دع الأمور تمشي كما هي مقولة فاسدة، لأنها في جميع الأحوال تمشي ولا تتوقف، لكن أمام مسيرتها عقبة كؤود، ونهاية مظلمة، وطريق مسدود، وخاتمة سيئة والعياذ بالله.
فالعلاقات العامة اليوم، وفي كل زمان، مطلوبة، ولكن على أساس من قاعدة الدين أولاً، فالدين هو الذي يجب أن يحكم العلاقات بين الناس، فرداً مع فرد، أو جماعة مع جماعة، أو بلداً مع آخر، لا أن يكون مكفناً أو محنطاً كالمومياء.
هذا عن الدين، أما الأخلاق فهي الأخرى لا بد أن تكون حاكمة، وهي جزء غير منفكٍّ عن الدين. فمنها أن يكون الظاهر والباطن واحداً، لا أنه كما يقول الشاعر:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ
وكذلك في كلمة الشرف، فمن أعطى كلمة شرف لا بد أن تستمر إلى يوم الدين. أما الواقع العملي فنرى أن البعض في السفر والعمل والتجارة إخوة، إلا أنهم بسبب مسألة تافهة لا قيمة لها، يتحولون إلى أعداء، لأن النية لم تكن على أساس الدين والأخلاق الكريمة.
إن النبي الأعظم (ص) عندما امتدحه القرآن الكريم بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ﴾([3])، لم يمدحه على الخلق بما هو خلق، إنما على مكارم الأخلاق، وهو القائل: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»([4]). فمكارم الأخلاق هي سيدة الموقف في حركة النبي (ص). ومعنى مكارم الأخلاق ما كان أرقى وأسمى النماذج في التعامل الأخلاقي. فمثلاً من حق فلان من الناس أن يقتص من زيد من الناس، إلا أنه يترفع لكرم أخلاقه، وإلا إن كان التعامل بالمثل، فهو ليس من الأخلاق، ناهيك عن كونه من مكارمها، لأنك تتساوى معه في مثل هذه الحالة. وربما تكون ردة الفعل أعنف، بدعوى أنك مظلوم تريد أن تنتصر لنفسك، فتكون في واقع أسوأ من الطرف الآخر.
فالأخلاق العامة يفترض أن تسود واقعنا، فما من أحد منا يستطيع أن يجلس في بيته فيغلق الأبواب ويبتعد عن الناس بالمطلق، فلا يستقبل أحداً، ولا يزور محفلاً، ولا يبيع ولا يشتري، فالإنسان مجبر أن يكون مفردة من مليارات المفردات على وجه الأرض، فإن لم تأت أتاك الناس، وإن لم تأخذ أخذوا منك، وإن لم تتعاون فُرض عليك الأمر فرضاً.
تحصين المجتمع بالعلاقة الحسنة:
من ثمرات العلاقة العامة أنها تحدث حالة من الحصانة في أوساطنا، فمتى ما كانت علاقاتنا مبنية على أساس التكافل والمحبة والأخوة والحرص المتبادل، سواء بين الأفراد والجماعات أم بين البلدان والقرى، فلا شك أن ذلك يمنع أياً كان من النفوذ في أوساطنا إذا ما أراد التخريب وخلط الأوراق فيما بيننا.
إن المجتمع اليوم مبتلى بواحدة من أقدس المفردات وأعقدها وهي مفردة العقيدة، وهي مفردة يفترض فيها أن تكون جامعة لا مفرّقة، فالإقرار لله بالربوبية، وللنبي الأعظم محمد (ص) بالرسالة، يفترض أن يكون جامعاً لا مفرقاً. وكذلك لو اجتمعت الأمة على علي (ع) لما حصل ما حصل، ولا يمكن لأحد أن يقول: لو أن الأمة اجتمعت على علي (ع) لانتهى بها المطاف إلى ما انتهت إليه. فمن المؤسف أنها اجتمعت مع الأول والثاني والثالث، فلما وصلت إلى علي (ع) تفرقت عنه. فلماذا تنقسم الأمة في علي (ع) وهو عنوان الكمال؟
من هنا لا بد للأمة أن تأخذ درساً من ذلك، فها هي اليوم تتعرض للصفعات، ولا بد أن تأخذ الدرس من هذه الحال. فهي اليوم تذبح في الطرقات، وتنتهك أعراضها، وتسلب أموالها، وتداس كرامتها.
والإمام علي (ع) كان بمقدوره أن يسير على ما سار عليه من تقدم، فتسير الأمور على خير ما يرام، إلا أنه أراد للأمة أن تعود قليلاً إلى الوراء لتقرأ مسيرتها قراءة تقويم وتصحيح. وهل أنها كانت مسيرة سليمة بالمطلق، أو مرفوضة بالمطلق، أو أن هناك مساحات يمكن أن نلتقي عليها ونترك ما لا يمكن الاجتماع عليه، إلا أن الأمة لم تتفاعل مع هذا الطرح العلوي.
التوظيف السلبي للعقيدة:
انظروا إلى حالنا اليوم كيف أصبحنا ندفع الضرائب في مفردة العقيدة، وهي مفردة مقدسة ومعقدة في الوقت نفسه، فعصرنا اليوم ليس أحسن حالاً من عصر الجمل وصفين والنهروان، إن لم يكن أشد سوءاً.
وفي الوقت نفسه نجد أنه من غير الصحيح أن نحمّل أبناء العامة جميعاً ما تقوم به هذه الفئة المارقة (داعش) فهؤلاء هم الخوارج، وأبناء العامة اليوم هم أبناء العامة في ذلك اليوم. وهم الذين سار فيهم أمير المؤمنين (ع) سيرة حسنة، وهو القائل: «ووالله لأسلمنَّ ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جورٌ إلا عليّ خاصة، التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه»([5]). فقد سالم عليٌّ من لم يحارب الإسلام في أهله، ومن لم يهدد جاره، ومن لم يقتل على الهوية، وقد سالم أيام الثلاثة، لأن أمور المسلمين سلمت، وهذا كلامه هو (ع) وليس من ادّعائنا، ولا يمكن لأحد أن يدعي أن علياً (ع) وقف موقف الثورة تجاه حكم الثلاثة، إنما كان صابراً محتسباً مراقباً، إلا أنه لما رأى أن الأمور ذهبت بعيداً، وتهيأت له الأسباب، اضطر أن يقف موقفاً صلباً، فقد أدخله المتربصون به الدوائر في مداخل انتهت بالأمة إلى طاحونة في أقل من خمس سنوات.
لقد أصبحنا اليوم ندفع الأثمان الباهضة في مفردة العقيدة، سواء في عقيدة الدين التي يتاجر بها جماعة من الناس، أو عقيدة المذهب التي يتاجر بها آخرون.
فهناك اليوم ظاهرة جديدة تسمى (التشيع اللَّندَني) وقد كنت أطالب جميع المرجعيات قبل أشهر من اليوم أن يكون لها موقف وفتوى تحصّن فيها واقع الطائفة، لأن التفرّج يجعل الجميع يدفع الضرائب القاسية، فلم أجد من يسمع صوتي، ثم صدرت فتاوى خجولة مخفَّفَة، ولكن عندما يتحرك صوت شيعي لديه قراءة خاصة معينة، يصبح ضالاً مضلاً!. بل إن زعيم (التشيع اللندني) يبارَك اليوم من بعض المرجعيات. في حين أصبحنا نرى النتائج على الأرض، حيث قتل أكثر من 1700 شيعي بدم بارد([6])، تحت ذريعة أن هؤلاء شيعة، يسبون السيدة عائشة.
إن هذه العصابة الباغية تتذرع بذرائع كثيرة، منها ما يفعله رجل واحد في لندن، لا يعي ما يرتكبه من جرم بحق هذه الطائفة.
إنني هنا لا أتجاسر على أحد، إلا أنها مطالبة مشروعة، وهي من حقنا، فاليوم أمر، وغداً أمر آخر.
لا شك أننا اليوم ندفع ضرائب هذا التشيع (اللندني) الذي يقدم الذرائع مجاناً لمن يريد أن يتصيد في المياه العكرة، متذرعاً بما يراه ويسمعه في تلك القناة. ومما يزيد الأمر تعقيداً أنه ليست هنالك فتاوى واضحة وصريحة في التصدي لهذا التوجه، لنطرحها في وجه من يتفوه بما يشاء. مما يجعل الآخر يتخذ من السكوت عنه ذريعة أخرى.
1 ـ الخوض في المباني العلمية:
فمما يبني عليه أصحاب التشيع (اللندني) منهجهم، هو الخوض في مباني أعلام الطائفة في الحوزة العلمية، لذا تجد أن ما يطرحونه يمكن أن يُخدع به الكثير من العوام، إلا أن المتخصص يدرك أن المتكلم غير قادر مطلقاً على ترتيب المباني ما بين الأعلام، فهو يرى كلمة هنا لدى هذا المرجع فيتعلق بها، وأخرى لدى مرجع آخر لا تتناسب مع توجهه فيردها بشكل فجٍّ غير لائق.
كنت أشاهد القناة الفضائية المرتبطة بهم يوم أمس، فلاحظت أن الرجل في يوم ما كان راضياً عن سيدنا المرجع السيستاني (حفظه الله) إلى حدٍّ معقول، لكنه يوم أمس كان غاضباً منه بشدة، وينعته بأنه مرجع أمريكي بامتياز، والدليل عنده إذاعة لندن، فمن لم يصدّق فعليه أن يستمع لتلك الإذاعة! فهل يسمى هذا استدلالاً؟.
ويقول: إن تسعة وتسعين، وتسعة بالعشرة في المئة من الناس على وجه الأرض لا دين لهم! هل هذا أمر معقول؟
إن أصحاب هذا الاتجاه إذا تغوَّلوا في يوم من الأيام فلن يكونوا أفضل من (داعش) فمن قاتل علياً (ع) في النهروان لم يكن من أهل الشام، إنما كانوا من أهل الكوفة، بل من قرّاء القرآن في مساجد الكوفة، ومن أصحاب صلاة الليل، والجباه السود، فهم من شيعته قبل ذلك، شئنا أم أبينا، لأن الإضافة تحصل لأدنى ملابسة.
والله إنهم لا يقلون خطراً على المذهب والطائفة ممن يحاربها علناً، من أمثال (داعش) وغيرهم، ولا يختلفون عنهم إلا في العنوان. فعدم فهمهم للواقع هو الذي أوصلهم لهذه المرحلة، بحيث أن أي مرجع لا يتفق معهم في التوجه يصبح خصماً لهم، وهم له خصوم. وينعتونه بشتى أنواع النعوت السيئة.
2 ـ لملمة الروايات الشاذة:
ومما يعتمده هؤلاء في هذا المجال لملمة الروايات الشاذة، الملعون عليها أصحابها من قبل الأئمة المعصومين (ع). فهنالك روايات وضعها البعض ليسوِّقها على أنها هي الدين والمذهب والشرع، وتسببت في لعنهم على لسان الأئمة (ع).
هذه الروايات أصبحت تُنشر ويُغرى بها الشباب البسيط، فيعرض لهم المذهب على أنه لعن في لعن، فلا نصحو ولا ننام إلا على لعن.
ومما لا يخفى أن في مشروعهم تعمداً واضحاً وصريحاً لإسقاط جميع المرجعيات الدينية، دون استثناء، ابتداءً من السيد المرجع، إلى السيد القائد، إلى الشيخ الفياض، فلكل واحد من هؤلاء وضعوا عنواناً خاصاً.
3 ـ نزعة الرفض:
ومن منهجهم أيضاً ومشروعهم، غرس نزعة الرفض وسط الطائفة على أنها هي الإسلام الصحيح، وهذا غير واقعي بالمطلق. فمفردة الرفض لا تعني التشيع ولا مذهب أهل البيت (ع) وليس هذا محل بيانها.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياكم على ولاية أهل بيت النبوة، وأن نعيش الوسطية، وأن نحب الإنسان بما هو إنسان، لأنها دعوة الله تعالى، ومشروع أهل البيت (ع). فالإمام الحسين (ع) في اليوم العاشر من المحرم يبكي على من عاداه وقاتله، ويقول: أبكي عليهم لأنهم يدخلون النار. فقد تحركت في داخله الإنسانية، فضلاً عن النورانية الإلهية التي نعتقد بها، وأنه إذا بكى بكت الملائكة لبكائه. فمن الجدير بنا أن نأخذ من الحسين (ع) ولو هذا الدرس الإنساني فحسب.
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.