نص خطبة بعنوان:في رحاب المبعث الشريف

نص خطبة بعنوان:في رحاب المبعث الشريف

عدد الزوار: 1272

2016-05-16

الجمعة 28 / 7 / 1437 هـ 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوْ اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيْرَاً﴾([2]).

هذا هو النبي (ص) في نظر القرآن الكريم. وأما في عين علي (ع) فيقول فيه: «بَعَثَهُ‏ حِينَ‏ لَا عَلَمٌ‏ قَائِمٌ، وَلَا مَنَارٌ سَاطِعٌ، وَلَا مَنْهَجٌ وَاضِح»([3]).

بارك الله لنا ولكم ذكرى المبعث النبوي لأشرف خلق الله، وأشرف أنبيائه ورسله، الحبيب المصطفى محمد (ص).

الهدف من الدعوة الخاتمة:

للدعوة الإيمانية الخاتمة للرسول الأعظم (ص) هدفان جليان واضحان:

1 ـ نشر التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى: وما من مسلم إلا ويلتزم بهذا الأصل، بأن الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وهذه عقيدة عموم المسلمين، ولا يستطيع أحد أن يزايد على أحد فيها من حيث الأصل. نعم، ربما يطرأ الطارئ هنا وهناك، ولكن عند الآحاد لا عند الطوائف والمذاهب بما هي هي. ومن الظلم والجور أن يحاكَم مذهب أو طائفة على سلوك فردي ربما تشم منه رائحة عدم التماشي مع التوحيد.

والتوحيد مفهوم مقدس، وللمفاهيم تعريفاتها. وحيث تكون ثقافة المعرِّف، ينعكس الأمر على المعرَّف، وهو المفهوم خارجاً. لذلك تجد زيادة أو نقصاً في تحديد معطى هذا المفهوم المقدس. وليس من شأن الذين ليس لديهم اختصاص في غربلة التعاريف للمفاهيم الدقيقة أن يُصدروا الأحكام العشوائية في تكفير فريق هنا أو فريق هناك، إنما على الإنسان أن يقف موقف التأمل، فإن كان يمتلك القدرة على فكّ المفاهيم والوقوف على دقائقها فهو وما صار إليه، وأن يجد المندوحة فيما يراه الآخر. وإن كان لا يمتلك تلك القدرة فرحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، ووضعها فيما ينبغي أن توضع فيه دون الإسفاف والمصادرة لمن يحسن القراءة هنا أو هناك.

2 ـ إقامة العدالة العامة بين بني البشر: ونحن أتباعَ مدرسة السماء والرسالة المتمثلة بالحبيب المصطفى (ص) من حيث عطائه، لم نسافر بالعدالة ـ مع شديد الأسف ـ كما أرادها النبي (ص). ولم نجعل من أنفسنا رسلاً يمشون على الأرض من خلال هدي النبي محمد (ص). وهذه واحدة من الإشكاليات التي تعصف بنا، وتقصم الظهور في الكثير من المواطن.

أيها الأحبة: إن العدالة في معناها العام تعني فيما تعنيه أن تُنصف الآخر من نفسك، وأن تبسط بساطها بما أمكن لذلك البساط أن يمد، وهذه واحدة من الأمور التي يفترض أن نعتني بها.

أيها الأحبة: إنهما مساران لا ثالث لهما: الأول مسار العدل، وهو طريق الأنبياء والرسل والأولياء والمصلحين والأتقياء والمؤمنين عامة، بل مسار كل إنسان يتلمس العدالة في كينونتها، لذلك يشاركنا فيها من يرفع لواءها، سواء كان في شرق الأرض أم غربها.

أما المسار الثاني فهو الظلم والجور وسحق الكرامات، وهذا طريق الأشقياء على وجه الأرض، فمنذ أن رفع لواء الظلم والجور والتعدي أحد ابني آدم وفتك بأخيه، وهذه الراية البائسة لها من يرفعها، ويبتزّ من خلالها أنفساً وأمولاً وأعراضاً وحقوقاً عامة، ناهيك عن الحقوق الخاصة. فكم أريق على وجه الأرض من الدماء جراء رفع هذا اللواء!

وهذا اللواء إذا ما رُفع فله أنصاره، فما من راية رفعت إلا وكان لها أنصارها، فإما راية حقٍّ وعدل، وإما راية باطل وظلم، ولكل منهما أنصارها. لذلك لم تخلُ الأرض في يوم من الأيام من العدول الذين يحبون الإنسان لإنسانيته، كما أنها لم تخلُ عبر تاريخها من الظلمة وأهل الجور الذين ضرجوا الأرض بالكثير من الدماء البريئة.

فالعدل مطلب مهم. لذلك ادّخر الله سبحانه وتعالى الخلف الباقي من آل محمد (عج) من أجل العدالة العامة.

دور العقل في التمييز:

ورب سائل يسأل: ما هو المائز الفيصل بين هذه الراية وتلك؟ بين راية الظلم والجور والتعدي، وراية العدل والاستقامة والإنماء على وجه الأرض؟

المائز أيها الأحبة المؤمنون هو العقل، سواء لمن رفع الراية أم من سار وراءها. ومن غير الصحيح أن نسلم عقولنا لأناسٍ تفكر عنا، تأخذنا ذات اليمين أو ذات الشمال دون وعي. فقد أراد الله لنا بصراً وبصيرة، نُعمل العقل على أساسهما فيما ينبغي أن يُعمل فيه. فالعقل هو الميزان والمائز، وعلى الإنسان أن يحافظ على هذه القيمة والنعمة الكبيرة، ألا وهي نعمة العقل.

فعن الإمام الكاظم (ع): «من سلط ثلاثاً على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بطول كلامه، ومن أطفأ نور عِبرته بشهوات نفسه»([4]).

فالأئمة (ع) أرادوا أن يحصّنوا العقل لأنه القيمة الأسمى، فالأموال تذهب وتعود، والأولاد يمكن تعويضهم، وكذلك الزوجة، أما العقل فلا يعوض إذا ذهب.

هنالك ثلاث مرديات ينبغي أن يلتفت إليها المؤمنون عامة:

الأولى أن لا يظلم المرء تفكره بطول أمله، بأن تكون لديه القدرة على التأمل والتفكر والتدبر، إلا أنه يغلق هذا الباب من خلال الاستغراق في جانب الأمل. فهو يستطيع التفكير، لكنه يؤجله بسبب طول الأمل، فيرى أن ما لا ينجز اليوم ينجز في الغد، وما لا يصل إليه في هذه السنة ففي السنة التي تليها، وإذا بالأيام تتصرّم دون أن يلتفت. فالأمل يظلم على المرء دائرة التفكير ويلغي حركة العقل.

والأمر الثاني كثرة الكلام، فخير الكلام ما قلّ ودل. وليس هذا الأمر على إطلاقه، ففي علم البلاغة هنالك إطناب وإيجاز، فللإطناب والإسهاب ما يوجبه، وللإيجاز ما يوجبه. ولو استبدل المتكلم أحد الأسلوبين مكان الآخر فقد أسقط البلاغة من أساسها. فينبغي مراعاة مقتضى الحال، من حيث الزمن ومن حيث الموضوع والمناسبة وعموم مقتضى الحال.

فالنبي (ص) لما توقف في غدير خم في الحر الشديد، وخطب خطبة طويلة، كان لديه ما يقتضي ذلك الوقوف. فلا بد أن نتحمل نحن أيضاً إذا كان هناك ما يقتضي الصبر والتحمل.

فإن أمكن المتكلم الإيجاز فلا موجب بعدُ للتطويل وكثرة الكلام، لأن ذلك ما يستدعي ذهاب الحكمة، فهنالك إشراقة وإفاضة ونعمة من الله تعالى وهي الحكمة، لكن المتكلم يضيعها بكثرة الشرح والتطويل، لأنه لا يملك القابلية على الخطاب الكافي لإبلاغ المعنى، ولا البيان المفيد.

أما الأمر الثالث فهو أثر الشهوات في إطفاء نور العقل والبصيرة والاعتبار. فهناك من لديه خلوة مع الله في جوف الليل، وله القابلية أن يذرف من عينه ولو بقدر جناح بعوضة من خشية الله، والخوف من الوقوف بين يديه، لكنه يسير في متاهة أخرى من الشهوات والرغبات والمطامع. ومن طبيعة هذه أنها لا تقف عند حدّ، فلها بداية، ولكن لا نهاية لها. ومن طبيعتها الذاتية أنها تصرف العقل عن الاعتبار.

فمقدمات الوصول إلى النتائج، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشر، إنما هي من العبد، والله تعالى يمدنا ليميز الخبيث من الطيب، لا أن ننسب أفعالنا كلها إلى الله تعالى كما تفعل بعض الطرق والاتجاهات والتوجهات. فمن يقتل أو يسرق يتحمل مسؤولية ما يفعل، ولا يمكن أن يلقيها على الله سبحانه وتعالى، فالله تعالى أرسل إليك أنبياء ورسلاً وكتباً وهداك الطريق. يقول تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾([5])، اليمين واليسار، والإنسان باختياره يسلك أحد النجدين. لا كما تجده عند بعض التيارات من نسبة كل شيء للقضاء والقدر، وهي قراءة خاطئة للقضاء والقدر، في حين أن القضاء والقدر من أبرز النظريات التي كتب فيها علماؤنا البررة من الفريقين وبذلوا جهودهم، إلا أن علماء الشيعة تقدموا كثيراً في ذلك بسبب إعمال الفلسفة في هذا الموضوع. والفلسفة سلاح ذو حدين، إما أن يأخذ الإنسان إلى الإيمان الحق، وإما أن ينكص على عقبيه. وما نراه اليوم من الكثير من التخبط إنما هو نتيجة عدم فهم الأسس والقواعد والأصول الفلسفية عند البعض. لذا تنحرف المسيرة، ويخرج الإنسان عن الجادة، ويتبرأ من أبسط الثوابت والعياذ بالله.

صيانة العقل:

أيها الأحبة: ما أحوجنا اليوم إلى صون العقل، وحفظ المقامات، وترتيب الأوراق حسب الأولوية. فنحن محتاجون لتحصين العقل، فهذا الصديق الملازم لنا أكثر من ظلنا (الجوّال) علينا أن نحسن مراقبته، وأن نتعامل معه بوعي وحذر.

قبل يومين، وبمناسبة المبعث النبوي الشريف، تم نشر كمٍّ هائل من الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لذات النبي محمد (ص). وبعد الدراسة والتتبع اتضح أن من يقف وراء ذلك هي الأصابع اليهودية، والمتطرفون من الصليبيين. وليس المسيحيين بعمومهم، فالمتطرفون من الصليبيين أسوأ من اليهود الصهاينة، وهم الحضن الطبيعي لليهودية الصهيونية. لكنك تستغرب أن شبابنا ـ بل الأطفال أيضاً ـ يتناقلون هذه الصور والرسومات، وكان المفروض أن يحجموا عن نشرها، فالكفر يموت بتركه.

ولا بد أيضاً أن نحفظ المقامات. فقد كنت أراقب مجموعات التواصل (الكروبات) هذا الأسبوع، وألاحظ الإساءات من العيار الثقيل لسماحة السيد المرجع، وممن يحسب علينا مع شديد الأسف. وكنت قد حذرت من هذه النتيجة قبل أربع سنوات. ومن أنكر ذلك فليراجع أرشيف جامع الإمام الحسين (ع). وإذا وصل الأمر اليوم لسماحة السيد المرجع (حفظه الله) فماذا يحصل غداً؟ هل يصل الأمر لأقدس المقدسات وعلى رأسها النبي الأكرم (ص).

محاكم التفتيش المعاصرة:

مما لا شك فيه أن هناك نظرة سلبية للدين عند الغرب، فما هو منشأ تلك النظرة السلبية المتسللة إلى بعض الذهنيات المسلمة؟ إننا نجد أن المشككين اليوم أصبحت لديهم مساحة بفضل التواصل الاجتماعي، وهذا أمر ليس بالجديد، فأيام المدّ الشيوعي كان الخطر كبيراً، ولكن قيض الله من علماء الأمة أقماراً سطعت أنوارهم وأشرقت في قلوب النشء، بعد أن طابوا وطهروا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه. ونحن اليوم في مسيس الحاجة لذلك، وينبغي أن لا نستهلك ونستغرق في مفردات أو ممارسات لا تقدم ولا تؤخر كثيراً، لأنها على حساب الأصل.

إن منشأ تلك النظرة السلبية أمران:

1 ـ استغراق المجتمع الغربي في عالم المادة بكل معطياتها: فما لا تقع عليه الحواس لا تثبت له حقيقة في الخارج، لذا وصلوا إلى ما وصلوا إليه في مجال المادة، أما في مجال الجوهر والروح فلديهم انتكاسة خطيرة جداً.

2 ـ الاضطهاد الكنسي ومحاكم التفتيش: وهو ما أحذّر منه اليوم.

أقول للشباب المؤمن: لا تقبلوا بالدين المزايَد عليه وفيه، فإنه طريق ضلال لا طريق هدى؛ لأن الدين الذي جاء به النبي الأعظم محمد (ص) رسالة سمحاء كسماحة النبي نفسه.

كما أهمس همسة لمن يمارسون الوصاية على الناس، بأن هذا من أهل الجنة وذاك من أهل النار. أقول: إن محاكم التفتيش عند المسيحيين لن نسمح أن تقوم لها قائمة في أوساط المسلمين، لأنها لا تنسجم مع الفطرة البشرية ناهيك عن معطى الرسالات التي جاءت من الله تعالى. كما نقول لهم: الله الله في شبابنا، فمن اختلف معك في فكرة لا تُدخله جهنم، ومن لم يتقبل منك فكرة معينة في ممارسة أو طريقة فلا تحكم عليه بالكفر، وعليك أن تترك مجالاً ومساحة للأخذ والرد، وإلا فإن الشباب سوف ينفر كما نفر الشباب الغربي في أوربا عندما مورس معهم التعسف والظلم، إذ كانت محاكم التفتيش تفرق بين الرأس والجسد لمجرد اعتقاد مخالف للكنيسة. وكان رجال الكهنوت والقسيسون يمارسون التعذيب بأنفسهم، وفي سفرتي الأخيرة إلى بريطانيا دخلت إلى متحف يعرض صور التعذيب في ذلك الزمن الذي مارست به الكنيسة دورها، فكان يؤتى بالفتى عارياً أمام الراهب، فيتلو عليه ما يتلو، ثم يقوم بتقطيعه جسده بدولاب خاص لتقطيع لحم البشر. فهل يراد لنا أن نصل إلى هذه المرحلة؟!

فمن يحاول أن يمارس هذا الدور في مجتمعنا عليه أن يغلق بابه ويقفل حلقته، لأنه مرفوض ومردود على أصحابه كائناً من كانوا.

الدليل الحسي والدليل العقلي:

هنالكم مفارقة وفاصلة في البناء الفكري ينبغي أن نقف عندها، وهي تفسير الظواهر الطبيعية بالعلم والمعرفة عند الغرب. فالبعض هنا مثلاً يطالبك بالدليل الحسي في كل قضية، لكن القضايا لا تثبت جميعاً بالدليل الحسي. فلو أنك سألته عن العقل، هل هو موجود؟ وهل هو قوة مدركة؟ لأجاب بالإيجاب، ولكن هل يستطيع أن يأتي بدليل حسي على أن عقله موجود؟

قد يقول: الدليل أنني أتصرف بحكمة، ويرى أن السلوك الحكيم هو العقل، إلا أن هذا غير صحيح، لأن ذلك أثر من آثار العقل وليس هو. فذلك خلط بين العقل وآثاره يا أتباع العلمنة المشوهة والتنوير المظلم.

يقال في جانب من ذلك: كون الجهل بالظواهر الطبيعية في القرون المتقدمة يلازم علم الغيب، جعل الإنسان يحتاج إلى الدين، أما اليوم فنحن في غنىً عن الدين، لأن الإنسان توصل إلى حقيقة تلك الظواهر، كالجاذبية وحركة النجوم وغير ذلك.

ولكن هل هذا صحيح؟ وهل توصل الإنسان إلى فكّ ألغاز الظواهر الطبيعية كلها؟ أو أنه الغرور العلمي؟ يقول تعالى: ﴿وَمَا أُوْتِيْتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلَّا قَلِيْلَاً﴾([6]). فالغرور معضلة كبيرة، ومن أحب أن يطلع على أكثر من ذلك فليسأل طلاب العلم في الحوزات العلمية، فهناك من يأخذه الغرور لأنه قرأ كتاباً أو شطراً من كتاب.

هدر الطاقات الفعّالة:  

ولدينا في هذا الصدد تساؤلات سريعة جداً:

1 ـ هل أن هدر الأوقات دون ثمرة سببه العقل؟ هناك أحد الأشخاص لديه إحصائية تتضمن 1144 رسالة (وتسب) في إحدى المجاميع خلال سويعات، فهل هذا من العقل؟ وهذا في أفضل المجموعات، وأكثرها ادعاءً للعلم والوعي والتطور.

2 ـ هل أن هدر الأموال دون دراسة من الحكمة؟

وهنا أقف قليلاً فأقول: إن هدر الأموال دون دراسة ووعي أمر خطير جداً، فالأموال ينبغي أن توضع في موضعها. فهنالك ما هو واجب، كالحج مثلاً، وهناك ما هو مستحب كالزيارة، ولكن انظر إلى انعكاس ذلك في الواقع، تجد الكثير ممن يسافر بين الحين والآخر للزيارة مع العائلة، وهذا يتطلب إنفاقاً للمال، لكنه لم يضع حساباً دقيقاً لقدراته المالية، ولم يحسب حساب المستقبل ولا غيره. فلا يظن أحد أن ذلك يزيدنا قرباً من أهل البيت (ع) فالصدق في المعاملة عند أهل البيت (ع) أفضل من ألف ألف زيارة، وأداء الأمانة عندهم أفضل من ألف ألف زيارة.

هناك من يذهب لزيارة الإمام الحسين (ع) وعليه مستحقات الإيجار لصاحب الملك،  فهل يرضى الإمام الحسين (ع) بذلك؟ ولو كان الحسين (ع) حياً فهل يستقبلك بالترحيب؟ أو يأمرك بإعطاء كل ذي حق حقه؟.

هل من العقل والتدبير أن من يزوج ولده يقوم بالتطواف والتجوال على الوكلاء والجمعيات ورجال الدين ورجال الأعمال للاستجداء، في حين أنه لا يترك فرصة في زيارة إلا وذهب ظناً منه أن تلك فضيلة؟.  

3 ـ هل أن هدر الطاقات من العقل والتدبير؟ إن هنالك طاقات أدبية وفنية وفكرية وجسدية تذهب من بين أيدينا، لأننا لم ندخل دورات للتأهيل تعمل على تطوير تفكيرنا.

4 ـ هدر العلاقات بين المؤمنين: وهو أمر خطير مرعب.

نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.