نص خطبة:الوقوفات ليست حكراً على أحد ولا ينبغي أن تُورث

نص خطبة:الوقوفات ليست حكراً على أحد ولا ينبغي أن تُورث

عدد الزوار: 647

2012-02-13

                                       بلغ الـعُـلا بـكمــالـه          كشف الدجى بجماله

                                      حسنت جميع خصاله         صـلـوا عــلـيه وآلـه

بارك الله لكم ذكرى المولدين السعيدين، وأعاد الله علينا وعليكم المناسبة الفضيلة، ونحن وأنتم وعموم المؤمنين في أحسن حال يرجى.

شهر ربيع الأول، شهر الرسالة والإمامة، فالرسول والصادق (عليهما السلام) مشروعٌ واحد، وإن تعددت طرق الأدوار فيه، ولا نستطيع أن نقرأ محمداً (ص) من غير جعفر بن محمد (ع). ولا جمال ولا كمال لرسالةٍ ما لم تُشَفَّرْ وتزيَّنْ باسم جعفر بن محمد (ع). فالرسول الأعظم (ص) أصَّل لهذا الدين تأصيلاً، وجعفر بن محمد (ع) فرّع له بعد التأصيل، وهناك كوكبة من الإمامة بين النبي (ص) والصادق (ع) تعذَّر عليها أن تقوم بالدور كما كانت ترغب، جراء ما كان يحكم الواقع من حوادث.

فقد ختم علي (ع) حياته مضرَّجاً بدمائه في محراب الطهر والقدس الإلهي في الكوفة العلوية، والإمام الحسن (ع) تآمر عليه المتآمرون، حتى أُجبر أن يدخل في مساحة الصلح، التي أعطت ضرباً من الاستصلاح لشأن الأمة، حقناً لدمائها، وغادر الدنيا في مشهد مأساوي، إذ لم يُكتفَ بدسّ السُّم إليه، بل زينت تلك المراسم بنبالٍ وسهام من أكثر من طرف، على نعش كله نور وصفاء.

أما الإمام الحسين بن علي (ع) فحدث عنه ولا حرج، ثم الإمام زين العابدين (ع) المظلوم المقهور، ويكفي أن يضطر هذا الإمام الهمام أن يُؤوي في داره من ولغت أيديهم بدماء أبيه وآل بيته، ويطعمهم من طعامه، ويسقيهم من شرابه، ويوفر لهم الأمان في واقعة الحرة.

وكان الإمام الباقر (ع) في وضع لا يُحسد عليه أيضاً، وهو الذي أُجبر أن يقف بين يدي خليفة الشام، ولأول مرة.

وجاء الصادق (ع) وقَدَّمت الظروف الزمانية والمكانية والموضوعية الكثير بين يديه، فوجد نفسه في دائرة اللامندوحة أن يقوم بدور الإمامة، فجعل من العلم سلاحاً ماضياً، وما تعيشه الأمة اليوم، بشقيها العام والخاص، السني والشيعي، مباشرةً أو بالواسطة، ما هو إلا عيال على جعفر بن محمد (ع).

لقد أعد الرسول الأعظم (ص) القاعدة في السر في مكة المكرمة للانطلاق بالرسالة نحو أفق أكثر رحابةً، ثم باشر بالمرحلة الثانية، وهي دعوة المقربين، وإنذار العشيرة الأقربين، في حديث الدار وما ترتب عليه، ومنه قوله (ص) في علي: «إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» ([1]).

ثم جاءت المرحلة الثالثة، وهي مرحلة الصراع، التي استوجبت الهجرة، بدءاً بالخاصة، كجعفر بن أبي طالب، والعامة ممن آمن بالنبي (ص) من خارج دائرة أهل بيته، وهي الهجرة الأولى للحبشة، ثم تُوّجت هذه المرحلة بهجرة النبي الأعظم (ص) إلى المدينة لتنوَّر بأنواره.

ففي مكة عانى النبي (ص) العنت مع القوم، حيث صُكّ جبينه بحجر، فسالت الدماء على وجهه الكريم، وأدميت قدماه، وحوصر في الشعب، وودع فيها الأحبة، خديجة والكفيل أبا طالب.

يقول النبي (ص): «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد فيتجهمني؟ أم إلى عدوٍّ ملكته أمري؟ فإن لم يكن منك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي»([2]).

فالنبي (ص) من خلال هذا المقطع يبين لنا اختصاراً ما واجهه من القوم الذين اعترضوا طريقه ومسيرته، وعندما تمكّن من الأمر، ودخل مكة من الصفا حاملاً راية الحمد والسلام، دخل الناس في دين الله أفواجاً.

ولم ينته المطاف بالنبي (ص) عند هذه المرحلة، فالمشروع أمامه لم يكن أقل تعقيداً مما كان عليه سابقاً، ولكن كان للمدينة إسهامها القوي والمباشر في معاضدته.

وبالعودة إلى حركة الإمام الصادق (ع) نجد أنه وضع حجر الأساس المحكم لأكبر دائرة علم عرفها التاريخ، وهي الحوزة العلمية التي احتضنت بين جنباتها الكثير من أرباب النظر والاستنباط وسائر العلوم.

ولم تكن حوزة الإمام الصادق (ع) ذات بعد واحد، إنما تعددت أبعادها، وقد وضع البصمة تلو البصمة فيما يعني الناس في شأنهم الدنيوي، لذلك أطلق العنان لأصحابه أن يسألوا ويغترفوا من معين عطائه الثرّ في جانب الحساب والجفر والكيمياء والفيزياء والهندسة وما إلى ذلك، بل حتى في علوم ما وراء الطبيعة، حيث أخذت علوم ما وراء الطبيعة بُعدها الرشدي في أيامه (ع).

ولكن ـ مع شديد الأسف ـ كُتب على الأئمة (ع) أن يعيشوا هذه الظلامة التي راحت تطاردهم في كل زمان ومكان، ففي الوقت الذي فتّحت أوروبا أبوابها على مصاريعها لفكر جعفر بن محمد الصادق (ع) تأصيلاً، أغلقت دور العلم والمعرفة في العالم الإسلامي أبوابها، وصمّت آذانها، وأغمضت عيونها أمام هذ العطاء الثر، ولو أن الأمر حدث من البعيد لقلنا كفى، لكن أن تُنسج بعض مفردات الظلامة وتركَّب في دائرة البيت المضاف إليه، فهذا مما يستدعي الكثير من التأمل.

لذا نسأل: لماذا غُيّبت مدرسة الإمام الصادق (ع) وحُجّمت وأدخلت في سديم مظلم، في مسيرة منذ زمن الغيبة وحتى يومنا هذا، حتى بتنا لا نتعاطاها إلا في أضيق دوائرها وأشد زواياها حدةً وحرجية؟ ومن المسؤول عن ذلك؟

ولكن نحمد الله سبحانه وتعالى ونحن نعيش هذا القرن الجديد الذي حل علينا ببشائر الخير، وأرجع القاطرة إلى القضبان كما كان يفترض أن تكون عليه قبل ذلك، ولكن أن تُصحِّحَ أفضل من أن تقف في مكانك.

إن الحوزة العلمية في قم المقدسة اليوم شاهد حيّ على أن الإرادة عند أرباب العلم والمعرفة الأمناء على مدرسة أهل البيت (ع) باتوا يشخصون المسؤولية، بل قد نذروا أنفسهم في سبيل أن يعيدوا العجلة في دائرتها الحقيقية. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بأيديهم.

إن ذكرى المولد بالنسبة لنا لها إسقاطها الخاص، حيث تم افتتاح هذا الجامع تحت ظلال هذه المناسبة العظيمة، لذا فهي مدعاة أن نكون واضحين شفافين معكم من جهة، ومن جهة أخرى هي مساحة أن نراجع فيها الحسابات. وأود أن أشير هنا إلى مجموعة من الأمور بهذا الخصوص:

الأول ـ ما يتعلق بالموقع الإلكتروني للجامع، فقد قام بهذا الدور مجموعة من الإخوة الأعزاء، لا سيما الأخ الأستاذ السيد عبد الله المسلَّم، ومن ورائه الحاج الموفق عبد الله الجاسم، الذين أخذوا بهذا الموقع إلى مصاف المواقع التي يعتد بها، بشهادة غيرنا، لا على نحو الادعاء.

ولو ذكرنا لكم ما يُنفق على هذا الموقع من دراهم معدودة، لاستغرب البعض ممن يعنى بهذا الشأن، في المزاوجة بين النتائج وما يُقدَّم لهم من أموال، فلهم منا جزيل الشكر.

لقد قام الإخوة الأعزاء بتطوير الموقع في (facebook)  ثم في (twitter) ونسأله تعالى أن تقدَّم الخدمة على كافة الأصعدة، وأصدقاء الموقع اليوم يقاربون المئتي ألف زائر، وهناك أيضاً نظام المجاميع (groups) الذي يُعمل به ويُغطى من إحدى الجهات. فهذه الخطبة التي تسمعونها الآن، بمجرد الانتهاء منها، ولا تكاد تغرب شمس هذا اليوم حتى يتلقاها عشرون ألف إنسان على سطح هذا الكوكب، كمجاميع مثبتة.

الأمر الثاني ـ موضوع الوقف، وهو البيت الذي تم شراؤه لتسيير أمور الجامع المادية، ففي العام الماضي كانت المبالغ المتبقية على الوقف كبيرة، أما في هذه السنة فلم يبق من الدين المستحق إلا عشرة آلاف ريال، أي أن الوقف بات قادراً على أن يخلص نفسه من قيد الدين الذي على عاتقه، وفي السنة القادمة سوف يدخل الفائض إلى ميزانية الجامع في إقامة المراسم إن شاء الله.

الأمر الثالث ـ الصدقات والتنسيق مع الجمعية، فنحن نجمع الصدقات رأس كل شهر، ولا تخرج الجمعية يوم الجمعة إلا وتكون الصدقات بيد المسؤول المعين من قبلها ريالاً بريال. والجمعية جهة موثوقة، وليس لنا إلا التعامل بالظاهر، وقد تقع بعض الأخطاء والزلات، وأكرر القول: إنني أتحفظ على بعض الأمور في الجمعية، ولكن إذا كان الثوب أبيض، فلم نركز النظر على نقطة صغيرة من السواد أو الحبر أو الدرن إذا أمكن أن توجد فيه، ونترك ذلك البياض المنتشر؟

أذكّر هنا أننا لم نعطِ أحداً من صدقات الجامع يداً بيد، ولا ريالاً واحداً، طيلة خمس سنوات، ولا بد أن يذهب الشخص المعني إلى الجمعية في كل ما يحتاج إليه، حيث تراجع ملفاته وتشخص حالته ثم تدفع له الجمعية بالتنسيق معنا، وربما ندفع له بالتنسيق أيضاً خارج حدود صدقة الشهر، كما هو الحال في مساعدة الزواج، وهو ملف مهم جداً، فالأموال التي تدفع في سنة واحدة هي بمئات الآلاف من الريالات، لكنها من الحق الشرعي لا من الصدقات، ومع ذلك فإننا لا ندفعها حتى تشخّص لنا الجمعية الحالة المعنية، ثم ندفع الأموال وفق الورقة الآتية من الجمعية.

لقد بدأنا بالصدقات في عام 1428 هـ وكانت عن: (539106) ريالاً، وكان ذلك في أول افتتاح الجامع، رغم أن الجمهور ربما كان أكبر في البداية، باعتبار عدم استحداث بعض المساجد، فلم يكن مسجد الزهراء، ولا مسجد القائم، ولا مسجد أبي الفضل العباس، ولا المساجد الأخرى التي لها أثرها بالطبع. ولكن مع ذلك حدثت قفزة نوعية في هذه المسيرة يمكن أن نلحظها من خلال الأرقام التي أمامنا. ففي سنة 1432 هـ كان مجموع الصدقات التي تم تحويلها إلى الجمعية ( 180‚530 ) ريالاً، أي أن هناك ما يقرب من 400 ألف ريال زيادة عما مضى من السنوات.

وقد أسهمت هذه الصدقات بشكل واضح في دفع حركة الجمعية، بشهادة المدير الأخ علي البشر.

الأمر الرابع ـ البرامج التي تقام في الجامع، وهي عبارة عن الاحتفالات التي تقام في الجامع، من مواليد الأئمة (ع) ووفياتهم وليالي الإحياء، كالرغائب، والنصف من شعبان، وليالي القدر، والأعياد، والأموال التي أنفقت في تلك البرامج بلغت في العام الماضي (350‚72 ) ريالاً، وفي هذه السنة بلغت ( 640‚68) ريالاً، وهذه المصروفات تشمل راتب الخادم (الهندي) وبعض أسفاره المفاجئة العارضة. ولدينا عرض كامل وموثق وتفصيلي من قبل المسؤول عن تنفيذ ما يتعلق بإعداد المناسبات، وهو الحاج أبو حسن. ومن أراد الاستيضاح فهو في متناول يده. 

الأمر الخامس ـ المواقف التي تم استحداثها هذه السنة، فقد أصبحت متنفساً للجامع، وولّدت حالة من الراحة للمترددين عليه. ولا بد هنا من الإشارة إلى أمرين:

1 ـ لا يخفى أن هناك جهوداً بذلت في سبيل أن تكون هذه المنطقة التي تم استصلاحها للمواقف بالشكل الحالي، وكان من المفترض أن تأخذ شكلاً آخر، لكن بتوفيق الله سبحانه وتعالى، وبركة صاحب هذا الجامع الإمام الحسين بن علي (ع) وجهود أناس يتحفظون على ذكر أسمائهم، فقد تمت الأمور بهذا الشكل والحمد لله، وشكرنا موصول أيضاً للجهات الرسمية المختصة من الذين سعوا في إنهاء الموضوع وإنجازه في أسرع فرصة، وقد تحقق ذلك بحمد الله تعالى.

2 ـ السيارات العاطلة التي لا تتحرك، فيها مزاحمة للمصلين، فالمواقف في الأساس هي للمصلين في الجامع، ومن كان في حسابه أن يخصص لسيارته مكاناً لفترة طويلة فهذا ليس محله، سواء كان من جيران المسجد أم من غيرهم. فلكي لا نضطر لسلوك معين في إصلاح الأمر ـ ونحن قادرون على ذلك ـ نسأل هؤلاء الإخوة أن يمدوا يد العون، ويكونوا هم أصحاب المبادرة في نقل تلك السيارات العاطلة إلى محل آخر، لفسح المجال لغيرها. وأشدد هنا على المسؤول عن حركة المواقف خارج الجامع، الأخ بو حجي أن يكون واضحاً وصريحاً في هذا الجانب، ونلتمس مرة أخرى أصحاب تلك السيارات أن ينقلوها من تلك المواقف.

الأمر السادس ـ هيكلية الإدارة، وقد أوضحت ليلةَ التأسيس أن لا علاقة بيننا وبين أحد من كادر الإدارة أو الخدمة على حساب المصلين أو الجامع، وذكرت أن مجلس الإدارة يتشكل من خمسة أعضاء، وأن الأمر يجري بنظام النقاط، وإذا اضطررنا إلى الحذف أو التجديد أو التغيير فلن تكون هناك مجاملة مع أحد.

وأقول هنا: نحن في هذه السنة اجتمعنا وقررنا هذا الأمر، ولكي يكون الأمر واضحاً للجميع أقول: صدقوني أن أحداً لم يقف معنا في حركة الجامع وإنشائه كما وقف الحاج إبراهيم الخميس والحاج محمد السعد (أبو قاسم) فقد بذل كل منهما مئات الآلاف من الريالات في سبيل إقامة الجامع، والأكثر من هذا أنهما بذلا ماء الوجه عند أكثر من شخصية في سبيل ذلك، ولكم أن تتصوروا أن هذين الرجلين لم يستجمعا النقاط كما يجب، وتم إخراجهما من مجلس الإدارة. فلا أتصور أن هناك مصداقية أكثر من هذه.

وأذكّر هنا أن الإقصاء لا يعني أنهما خارج الدائرة، فنحن لا نستغني عنهما، ولا عن جهودهما ومواقفهما، وبظني أن وجودهما خارج دائرة الهيكلية الرسمية يجعلهما في مساحة يستطيعان من خلالها أن يقدما الأفضل، وهو ما استشعرناه خلال الأسبوع الماضي.

وفي الختام: أتقدم باسمي شخصياً، وباسم الإدارة والكادر، بالاعتذار عن كل تقصير، فنحن بشر، ويمكن أن يصدر منا ما يصدر، فقد نخطئ وقد نضغط وقد نقصر، ولكن هذه هي البضاعة التي يمكننا أن نقدمها، وكما قلت يوماً ما في بداية الأمر: إن إمام الجماعة ليس بعيداً عن الدائرة، فكما يجرى على أعضاء مجلس الإدارة يجري عليه أيضاً، ومتى ما تشكل جو لديه الرغبة أن أغادر هذا المحراب، ليأتي من يملأ الفراغ أفضل مني فسوف أكون شاكراً، ولن أتحسس من شيء.

وكل ما نطمح إليه أن تكون مساجدنا والحسينيات والوقوفات بعيدة عن (الشَّخصَنة)، فلا يقال: هذا مسجد فلان، أو حسينية آل فلان، لأنها بيوت الله، وأماكن سميت بأسماء أهل البيت (ع) فلمَ لا تكون لهم حقيقةً؟ ولمَ يقف بعضنا في وجه أخيه ويقاضيه في المحكمة، ويجرده من صور النزاهة كلها ليبقى ولياً على حسينية ما؟ ولماذا يشمخ الولي في حسينية ما بأنفه على أناس ما جاؤوا إليها إلا حباً في محمد وآل محمد (ص)؟ وكذا الحال مع الوقوفات، وهي بالمئات من الملايين، فلماذا تهدر بهذه الكيفية وهذه الطريقة؟ أليس الحري بالقائمين عليها أن يكونوا واضحين في أمورهم؟  

نسأل الله تعالى أن تأخذ المواقع الدينية من المساجد والحسينيات والوقوفات والحوزات استقرارها الطبيعي في خدمة المؤمنين، بعيداً عن الإضافات الحصرية.

والأسوأ من ذلك أننا ننتقد أنظمة الحكم الوراثية أو الحزبية في بعض الدول، فيما نمارسها نحن في حياتنا، فها نحن نرى أن إمام الجماعة يموت فيرثه ولده إن كان من رجال الدين، وكذا الحال في ولاية المسجد أو الحسينية، فهل رأيتم أحداً من أولياء الحسينيات اعتمد شخصاً آخر من قبيلة أخرى لنزاهته وأمانته؟ أو أنه يعتمد ولده ولو كان جرثومة فساد والعياذ بالله؟.

وأرجو أن لا يتهمني أحدٌ بأنني أذهب بعيداً، فهذه الحالات موجودة، (وما راءٍ كمن سمعا). وقد مر في تاريخنا أن بعض المتولين قد جرد من مسؤوليته بناءً على عدم عدالته وظهور فسقه. ولكن لا يستطيع أحدنا أن يصرح بذلك مع شديد الأسف، فإن صرح سُلق بألسنة حداد، وإلى الله المشتكى.

وكما استفتحنا بقول النبي (ص) نختم بقوله: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد فيتجهمني؟ أم إلى عدوٍّ ملكته أمري؟ فإن لم يكن منك غضب علي فلا أبالي» ولن أبالي أبداً.

نسأله سبحانه وتعالى أن يأخذ بأيدينا إلى ما فيه الخير والصلاح، وأن يصحح واقعنا إن شاء الله تعالى، وأن يجعل القادم من أيامنا أفضل مما سلف، إنه ولي ذلك.

وأخيراً نتوجه إلى الله تعالى بالدعاء، فإن هناك الكثير من إخوتنا بحاجة إلى الدعاء، فالدعاء يخرق الحجب السبع، وهناك في الجامع الكثير الكثير ممن يحمل الطهر والصفاء والنقاء، فلا تبخلوا بالدعاء مفتتحين بقوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيْبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوْءَ([3]).  ودعاء: يا من تحل به عقد المكاره. والحمد لله رب العالمين.