نص خطبة الموروث الروائي تحت طائلة النقاش بين الأمس واليوم

نص خطبة الموروث الروائي تحت طائلة النقاش بين الأمس واليوم

عدد الزوار: 1438

2020-08-12

الجمعة 6 / 1 / 1441هـ 6 / 9 / 2019م

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيتنا خالصةً لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته. 

عظم الله أجورنا وأجوركم، ورزقنا الله وإياكم شرف الوصول للعتبة الطاهرة لسيد الشهداء المولى الحسين بن علي (ع).

في الحديث الشريف: «حسين مني وأنا من حسين»([2]). رواه الترمذي، وابن ماجة، والإمام أحمد، وحسّنه العلامة الألباني.

الإمام الحسين (ع) مدرسة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وقد كتب حول شخصيته ونهضته علماء الشرق والغرب، من شتى الطوائف والملل والنحل، ولا يمكن أن يختصر الحسين (ع) بكلمات، أو يحدد بموقع، أو يغلف في ظرف زماني، إنما هو وجود لا يحدّ بحدود إلا عند من وضع الحدود له.

وقفة تأملية في التراث:

التراث الواصل إلينا كثير، وفيه الغث والسمين، ولا بد من الفصل بينهما إذا أردنا أن نعيش الحسين (ع) الثائر من أجل الإصلاح والأخذ بيد الأمة إلى ما هو الأفضل. ومما لا شك فيه أن القضية تجاوزت حدود الزمن الذي وقعت فيه، ولا يختلف على ذلك اثنان، غاية ما في الأمر أن محطات الاستراحة التي توقفت عندها جراء الأحداث المتعاقبة، تركت الكثير من البصمات على المشهد، ومن هنا تسلل بعض الأفراد في حرف اتجاه البوصلة عن هدفها.

ومن هنا أيضاً يكون من اللازم على علماء الأمة وأهل القلم والتحقيق، أن يحركوا أقلامهم، ويشحذوا هممهم، في سبيل الفصل بين ما هو دخيل وما هو أصيل في حركة الإمام الحسين (ع) التصحيحية، التي لم يشهد الوجود إلى يومنا هذا حركة بتلك المواصفات التي تمظهرت فيها نهضة الإمام الحسين (ع).

والموروث ثقيل، ولا يمكن لكل أحد أن يغوص في أعماقه، ما لم يكن قد تسلّح بسلاح العلم، وهو العلم التخصصي أولاً وبالذات، كي لا تصبح الأمور خبط عشواء يحرك الإنسان فيها الهوى والرغبات والتوجهات.

فالإمام البروجردي الذي كان أحد أقطاب مرجعيات الطائفة في قم المقدسة، وأستاذ الأقطاب من المراجع، كالسيد الإمام، والسيد الكلبايكاني، والشيخ الأراكي، والسيد المرعشي، وغيرهم، يُنقل عنه أنه قال: الأصل الأوّلي في أغلب الأخبار والروايات الواردة في مدح وذمّ البلدان، وفي بيان خواص الفواكه الأطعمة، وفضائل الأفراد، هو عدم الحجية، لأنها موضوعة منسوجة من جانب الشيعة والسنة، لما يحقق مصالحهم([3]).

دقّقوا أيها الشباب، يا من تمثلون حلقة الوصل بين جيلين، الجيل الذي عشناه بثقافته المحدودة، والجيل القادم الذي سوف يخطو خطوات لا تخطر على ذهني ولا ذهنك، فأنت المسؤول في إيجاد حالة الربط الصحيح، وعليك أن تتغذى بالمعلومة الصحيحة، وأن تبتعد عن عالم الدخيل.

قد تقول: ليس بيدي حول ولا طول، وأنا الفرد العادي. أقول: لا تصغّر نفسك، فأنت كبير، إما على نحو الاستقلال أو بالإضافة، تستطيع أن تعدَّ نفسك الإعداد الجيد من خلال القراءة والمتابعة، أو من خلال الاتكاء على بعض رجالات العلم من أهل الوعي والفكر والعلم. فالوعي والفكر وحده لا يكفي، ولا قيمة له بلا علم ومعرفة، أي أن الوعي والفكر ينطلق من الدليل الصحيح الناضج. فنحن نحني الرؤوس عندما يكون للكلام والتنظير دليل قوي يُركن إليه، ولا مكابرة عندئذٍ أن يتخلى الإنسان عن رؤاه ومتبنَّياته ومواقفه، متى ما ثبت له بالدليل خلاف ذلك، لكن لا على أساس التسقيط والأحكام المسبقة والدخول في النوايا، إنما على أساس قوله تعالى: {قُلْ هَاتُوْا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ}([4]). وهذا مبدأ يسير عليه كل إنسان متّزن يرنو ببصره للأمام.  

فالسيد البروجردي يبين رأيه في الروايات الواردة في بعض المدن والبلدان، فبعض هذه المدن والبلدان مدحها الله سبحانه وتعالى، والأنبياء توقفوا عندها طويلاً ومدحوها، ولكن هنالك مدن أو بلدان مُدحت أو ذُمّت لحاجة في نفس يعقوب، سواء مدحها الراوي أو الناقل أو المروي عنه. والشواهد عليها في كتب الحديث كثيرة.

وكذلك الروايات التي تبين خواص الفواكه، وفضائل بعض من عاشوا وبادوا ولم يبق منهم سوى النصوص المشيرة إليهم، فقد ضُخّمت بعض الذوات على أساس من النصوص وهي ليس لها بصمة واحدة على صفحات التاريخ الإسلامي، لا في محاضر الشورى، ولا في محاضر الوغى، ولا الصلح والاتفاق، فلا تجد لهم في صحائف التاريخ غير النصوص التي تمدحهم.

وكذلك فضائل الأيام، التي نجد الكثير منها في الكتب، لا سيما الكتب المنسوجة مؤخراً، كأن يكون هنالك وصف ليوم السبت وفضائله وخصائصه وغير ذلك، وكذلك سائر الأيام، وأن اليوم الفلاني غير صالح للعمل الفلاني، وهكذا أصبحت بيننا وبين الزمن عداوة، حتى أصبحنا نخشى من الأيام والليالي، فكلها ملغمة.

وهكذا الحال في الاستخارة التي دمرت الكثير من الهمم العالية. فهنالك من لديه عقل، يفكر، ويستشير ويسترشد، ويهتدي للطريق السليم، ثم يلغي ذلك كله باستخارة سريعة. فهل هذا هو منطلق القرآن وأهل البيت (ع)؟ والله لا هذا ولا تلك. ولا أقول: لا أصل للاستخارة، إنما أقول: الاستخارة المستخدمة اليوم دخيلة علينا. ولذلك تجد البعض يتفنن في الاستخارة المستحدثة، فقد درسنا في الحوزة العلمية ما كتب الله لنا أن ندرس، فلم نسمع بما نسمع به اليوم بخصوص هذه الاستخارة.

وقد قلت قبل سنوات: إن أفضل الاستخارة ما اختاره الإنسان لنفسه بعد التوكل على الله تعالى. قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}([5]).فالقرآن الكريم يأمرك بالتوكل على الله ثم اتخاذ القرار المناسب، لا أن تلجأ للاستخارة في كل صغيرة وكبيرة، فأنت أيها الأب، خذ بيد ولدك إذا ما أنهى السادس الابتدائي، واجلس معه جلسة محبة، واسأله عن تطلعاته وآماله، وأعنه على ما يرغب فيه. بحيث يدخل للجامعة ومعالم الدراسة واضحة بين يديه، أما إذا تخلى ولي الأمر عن دوره، وحاول أن يفرض على ولده ما يستمع إليه في الاستراحات والنوادي وأفواه الناس، أو أن يبقى حائراً فيلجأ إلى الاستخارة، فهو أمر معطّل للعقل والذهن. فالله تعالى منح الإنسان العقل، وهو أفضل من ألف استخارة، فما عليك إلا أن تحرّك العقل، وتتكل على الله، وتطلب من أمك وأبيك الدعاء، وتتوجه أنت بالدعاء لله تعالى، ثم انظر بعد ذلك كيف تتفتح الأبواب أمامك. فمن غيّروا وجه العالم لم يتحركوا بناءً على استخارة، وهل خرج الحسين (ع) من مدينة جده رسول الله (ص) بناء على استخارة؟.

فالأصل في هذه الروايات كما يقول السيد البروجردي هو عدم الحجية، فهذا لديه دافع ومصلحة لمدح دمشق وذم الكوفة مثلاً، والآخر بالعكس. وهكذا في غيرها من الموارد التي ذكرها السيد. وهذا من جانب الشيعة والسنة، بلا فرق بين هذا وذاك.

وقفة مع مصنفي الأصول والصحاح:

والسؤال الذي من حق الجميع أن يطرحه: هل من باب المصادفة أن يكون كتّاب الصحاح عند السنة من غير العرب، وكتاب الأصول عند الشيعة من غير العرب أيضاً؟ باستثناء شخص واحد، كما سيأتي؟ هل هذه صدفة؟

إن هذه المفردة لا بد أن تُقرأ بلا حساسية، ولا بد أن نسأل عن السبب، فهل هو قصور الهمة عند العرب؟ أو هنالك أمور خارج الإطار؟ أو هل هنالك محفزّات؟ أو هل هنالك طوابير خفية وأيادٍ تقف وراء ذلك كله؟ كل ذلك لا بد أن يُبحث فيه، ولا بد من تحريك المياه الراكدة هنا.

فعلى سبيل المثال، في كتب الصحاح عند العامة، نجد أن البخاري من كازاخستان، ومسلم من خراسان، وقد كانت خراسان آنذاك مقاطعة مستقلة، وليست من فارس، فإن لفظ (فارس) كانت تعني شيراز وما فوقها، أما خراسان فكيان مستقل. ثم النسائي من تركستان في أواسط آسيا، ثم الترمذي وابن ماجة وأبو داود من الفرس، فأئمة الصحاح كلهم ليسوا من العرب.

أما عند الإمامية، فالتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي، وهو من خراسان، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق، وهو من قم. والكافي، للكليني الرازي، من الريّ، والبحار للمجلسي، وهو إصفهاني فارسي، ومستدرك الوسائل للمحدث النوري، وهو طبري، ويستثنى من ذلك الحر العاملي صاحب الوسائل، وهو من جبل عامل في لبنان، وهو عربي من أصول يمانية.

فأين بصمات العلماء العرب من كل ذلك؟ فلماذا لا نرى صحيحاً بتصنيف رجل عربي عند إخوتنا السنة؟ ولا أصلاً عربياً عند الإمامية إلا القليل؟

من هنا لا بد أن نحرّك في ذهن الشارع أن هؤلاء الذين سطّروا ما سطروا، بما لهم من جهود مشكورة بحسب وما يضاف إليهم من إنجازات، لم ينزلوا من السماء بكتب مطهرة، إنما هذه جهودهم البشرية، لا تعدو أن تكون متّصفة بصفة الصحة والقوة في بعضها، والضعف في بعضها الآخر. وهذا يعطي مؤشراً على أن الإنسان ينبغي أن يندفع في هذا الاتجاه في سبيل أن يحقق ما هو المطلوب، لا أن ننتظر حتى يأتي الزمان، لنقول فيما بعد: إن العرب ليست لديهم موسوعات ولا مصنفات.

أقول هذا الكلام لا لأنني قومي عربي، مع أنني أعتز بعروبتي بلا شك، فالقرآن عربي، والنبي وآله من العرب، وأنا أعتز بذلك، وهذا حق مشروع، إلا أنني أقول: ينبغي أن يُقرن هذا الشرف الكبير بتقديم ما هو نافع للأمة والبشرية.

وهنا نسأل السؤال التالي: أين هم أصحاب الرسول (ص) وهم من العرب في معظمهم؟ فلماذا لا نرى مسنداً للخليفة الأول مثلاً، أو لأبي ذر، أو غيرهما؟ نعم، تجد الكم الهائل من الروايات عن أناس لم يعيشوا النبي (ص) إلا فترة لا تساعد على أن يخلّفوا وراءهم كل هذا الكمّ من التراث الروائي.

ثم أين التابعون لهم بإحسان، وهم بعشرات الألوف؟ صحيح أن الحرب في الجمل وصفين والنهروان أكلت الكثير من القرّاء والمحدثين، لكن أين كانوا قبل ذلك؟ وإن كان الخليفة الثاني منع تدوين الحديث، فإن الخليفة الثالث لم يمنع منه.

ثم أين أصحاب الأئمة (ع) من تثبيت الأصول؟

قد يقال: هنالك الأصول الأربعمئة، ولكن أين هي بالفعل؟ نعم، هنالك كتب نقلت عن تلك الأصول، ولكن أين هي الأصول نفسها؟

غربلة ونقد الموروث:

وبناء على هذا الأساس، وهو وجود الخلط بين الغث والسمين في موروثنا الروائي، استجدت الحاجة الماسّة لغربلة الموروث، وهذه الغربلة تحتاج إلى سلاح، وهو العلم والتخصص، وعلماؤنا منذ أوائل زمن الغيبة التفتوا لهذا الأمر وهذه الثغرة، لذلك جنحوا لكتابة علم الرجال، ووضعوا فيه مصنفات تعتبر الأصول في هذا الفن.

ومن هنا يجب أن يعرف بعض من يدّعون الثقافة حدودهم في هذا المضمار، لا أن يحكموا على الرواية بالضعف أو غيره ارتجالاً، فهذا علم تخصصي يحتاج إلى المسك بأدواته وآلياته، وأن تكون لدى الناقد خبرة عميقة في هذا الجانب.

ثم إن الحكم على السند بالضعف لا يلزم منه إسقاط متن الرواية بالمرّة، إنما هنالك قواعد وأسس وأصول لها أهلها وأساتذتها. فإذا تم تطبيق تلك الأصول والقواعد من قبل أهل التخصص، عندئذٍ يصحّ إصدار الحكم على الرواية.

إن هذا العلم هو عبارة عن علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة.

مصنفات في الرجال والدراية:

وقد حظي هذا العلم بعناية خاصة من علمائنا، لذلك ألّفوا فيه المجاميع والموسوعات التي تقدمت به كثيراً، وحصّنت لنا الكثير من المنافذ، ومنها:

1 ـ الفهرست: وهو لشيخ الطائفة الطوسي، ويعتبر أصلاً من أصول الرجال.

2 ـ رجال الطوسي: وهو للشيخ الطوسي أيضاً، كما هو واضح من العنوان.

3 ـ رجال النجاشي: وهو للشيخ أحمد بن علي النجاشي.

4 ـ اختيار معرفة الرجال: لمحمد بن عمر الكَشّي. وهو من الأصول الرجالية المهمة، التي لها ضرب من التميز، لأنه متمكن من علمين في علم واحد، وهو الرجال والدراية.

5 ـ معالم العلماء: لابن شهر آشوب المازندراني.

6 ـ خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: العلامة الحلي.

7 ـ نقد الرجال: السيد مصطفى الحسيني التفرشي.  

8 ـ كتاب الرجال: تقي الدين حسن بن داود الحلي. 

9 ـ منتهى المقال في أحوال الرجال: محمد بن إسماعيل الحائري المازندراني.

10 ـ تنقيح المقال في علم الرجال: للشيخ عبد الله المامقاني.

11 ـ معجم رجال الحديث: لسيد الطائفة الإمام السيد الخوئي.  

فهل أن من يتصدى لنقد الحديث اطلع على هذه الموسوعات الرجالية الخالدة ومصنفيها الأفذاذ؟ أم أنه مشغول الذهن بسارتر ولينين وماركس وأمثالهم، ثم يتصدى لما ليس من تخصصه؟

ومن أخطر ما يطرح في هذا المضمار، أن يؤتى لعالمٍ في تخصص معين، ليقارن بعالم من تخصص آخر، في محاولة للتقليل من شأنه، فيقال مثلاً لعالم في التاريخ: هل استطعت أن تصنع جهازاً للاتصال أو للتبريد؟ أو يقال: هل استطاع الشيخ الطوسي أن يصنع سيارة؟ فالعلوم والتخصصات متنوعة، وكلٌّ له شأنه ومجاله، فهنالك علوم إنسانية هدفها بناء الإنسان نفسه، كعلم النفس والتربية وعلوم الدين والأخلاق وغيرها، وهنالك علوم هدفها خدمة الإنسان في معاشه وأموره المادية، ولكل منهما مجاله وهدفه وتخصصه.

ثم إن هنالك مرحلة ثالثة أهم، تأتي بعد مرحلة الحديث، ثم مرحلة الرجال، وهي مرحلة النقد، أو ما يسمى بدراية الحديث، أي مرحلة الغربلة والتنقيح، وهي التي نعيشها في هذا العصر.

وقد وقف على رأس هذه المرحلة علماء ورموز كبار، منهم:

1 ـ الميرزا أبو الحسن الشعراني: صاحب كتاب المدخل إلى عذب المنهل، وهو في أصول الفقه. وقد قام هذا الرجل بغربلة مجاميع الحديث، فخرج بنتيجة مفادها أن خُمس الأحاديث موضوع، أي مكذوب على لسان النبي (ص) وآل النبي (ص) والصحابة.

2 ـ الشيخ محمد الخالصي: صاحب كتاب علماء الشيعة والصراع مع البدع والخرافات الدخيلة في الدين. وقد تعرض في وقته لهجوم غير مسبوق.

3ـ الشيخ محمد باقر البهبودي: وقد ذكرته في خطب سابقة، وأعطيته مساحة كبيرة من الاهتمام. وهو صاحب كتاب تنقية التراث، الذي قام بنقد أحاديث الكافي، فخلص إلى أن ما يصح الاتكاء عليه من روايات الكافي، هو عبارة عن 4428 حديثاً، من أصل 16194 حديثاً، أي ما يقارب ربع أحاديث الكافي.

4 ـ الشيخ آصف محسني: صاحب كتاب مشرعة البحار، الذي قام بنقد 1600 حديث، فصحح منها 75 حديثاً فقط.

5 ـ نعمة الله صالحي نجف آبادي: صاحب كتاب الشهيد الخالد، وهو معروف مشهور. وكتاب آخر في علم الحديث تحت عنوان: الأحاديث الموهومة في تفسير العلامة الطبرسي.

6 ـ العلامة البرقعي: صاحب الدراسة في أحاديث الكافي، سنداً ومتناً.

  7 ـ السيد محسن الأمين العاملي: صاحب أعيان الشيعة، وهو قطب من الأقطاب الكبار، ولولاه في العصور المتأخرة، مع الهجمة الشرسة على أهل البيت (ع)، ولولا الجهود التي قام بها منطلقاً من حي الأمين في دمشق من أرض سوريا، لما بقي الكثير من الآثار. وللأسف، لأنه توقف في مسألة بسيطة وهي التطبير، الذي لم يكن يجيزه، تعرض لهجمة شرسة، حتى قال فيه أحد شعراء النجف:

يا راكباً إما مررت بجلَّقِ      فابصق بوجه أمينها المتزندقِ

8 ـ الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله عليه، الذي طلب من تلامذته تنقيح التراث وكتابة ما صحّ منه، إلا أنه لم تسنح له الفرصة.

ومن المؤسف أننا عندما نطرح مثل هذه الإثارات يقيم بعضهم الدنيا ولا يقعدها، وربما يصاب بالصداع وارتفاع الضغط، ولكنه يرى خطيباً معروفاً، من خلال مجموعة من الفضائيات تبث في وقت واحد، ومن حسينية معروفة وكبيرة وذائعة الصيت، يتفوه بكلام لا أدري من يعني به، ولمن يسوِّق، فلا يحرك في وجهه ساكناً.

يقول هذا الخطيب في كل من ينتقد ظاهرة من الظواهر غير الصحيحة المخترَعة المدسوسة في شعائر الإمام الحسين (ع): وأما من يقول بكذا ـ أي من لا يرضى بالتطبير والتطيين والمشي على الجمر وكلاب رقية وغيرها ـ فهو أموي، يهودي، كلبٌ ينبح، طاغوت، قلبه غير نظيف، رأسه محشوّ بالحقد والضغينة على الحسين (ع) غرابٌ ينبح، كلب ينبح ـ كررها مرة أخرى ـ ذئبٌ يعوي، ملعونٌ أبوه، ابن البغايا. لا لشيء إلا لأنه توقف في مسألة التطبير وأمثاله، وهذا على منبر الحسين (ع) وفي أيام الحسين (ع) وبمرأى ومسمع من الحواضر العلمية، ومرّت هذه بسلام، كأنّ شيئاً لم يكن. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.  

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.