نص خطبة:المرأة في كلام الإمام علي (ع) فوق تخرصات المغرضين

نص خطبة:المرأة في كلام الإمام علي (ع) فوق تخرصات المغرضين

عدد الزوار: 1316

2020-08-06

الجمعة 21 / 12 / 1440 23 / 8 / 2019  

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وآله الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيتنا خالصةً لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

وريث النبوة:

في الحديث النبوي الشريف، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أنه قال: قال رسول الله (ص): «زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب»([2]).

يُطلّ علينا علي (ع) من أكثر من موقع، ففي مكة أطلّ من خلال أشرف بقعة ليشرّف الوجود بأنوار لطفه، حيث ولد في الكعبة المشرفة على الرخامة الحمراء. وفي المدينة المنورة كان لانطلاقاته في الحروب البصمة الواضحة الخالدة. وبين مكة والمدينة غدير خم، كان فيه لعلي (ع) الإمضاء المقدس من قبل النبي (ص) فيما كُلّف به من قبل الله تعالى، بتنصيب إمام وخليفة على الأمة.

وختم ذلك كله بظهور في مسجد الكوفة، حيث قال: سلوني قبل أن تفقدوني، ليغلف الأول والآخر بشهادةٍ لا تقاس بها شهادة. إنه تاريخ من الجهاد والنضال والصبر والتحمل والعبادة والطاعة والتسليم، يختم بخضاب من دم، لو وزنت بكل قطرة منه دماء البشر جميعاً لما عادلتها. كيف لا؟ وهي تراق من رجل هو من النبي كنفسه: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}([3]). 

محطات ووقائع ومواقع وحوادث وقضايا من وإلى علي (ع). فمن ذلك مسجد الكوفة الجامع الكبير، وهو النافذة التي من خلالها وصل إلينا الكثير من موروث علي (ع) العلمي والأدبي والثقافي والتنظيري والفكري، والديني بطبيعة الحال، لأن الدين يتمثل في علي (ع).  

والصفحات التي قلّبها علي (ع) كثيرة، شطر منها عن الرجل، وآخر عن المرأة، وآخر عن الإنسان رجلاً كان أم امرأة. وقد مرّ الزمن على علي (ع) بجميع مؤامراته، المادي منها والمعنوي وبقي علي (ع) لأنه فوق ما يتصور من هو دونه. فهو تجسيد السماء على الأرض، وهو محمد (ع) يتحرك في الخارج، وهو القرآن الناطق، والصفاء المطلق، والرحمة المسداة من قبل الله سبحانه وتعالى على يدي حبيبه المصطفى محمد (ص).

قبس من آثار علي (ع):

فمن تلك الصفحات التي دُوّنت من قبل من حضر في مسجد الكوفة الكبير، نصٌّ يروى عن علي (ع) يقول فيه: «يظهر في آخر الزمان واقتراب القيامة ـ وهو شر الأزمنة ـ نسوةٌ متبرجات، كاشفات عاريات من الدين، داخلات في الفتن، مائلاتٌ إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلات للمحرمات، في جهنم خالدات»([4]). ويقول النبي الأعظم (ص): «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم»([5]).

لقد تحدث المولى علي (ع) عن المرأة، كما في النص الذي تلوناه، وربما يكون الظاهر من اللفظ القسوة والشدة والغلظة على المرأة، لكن المتأمل لروح النص، والمتلمس لشفرات كلام علي (ع) مع شيء من الأناة، يصل إلى نتيجة مخالفة لما تبادر إلى الذهن.

فالإمام علي (ع) عبّر بلفظ التنكير، والتنكير وإن كان يفيد العموم، لكنه هنا ليس على نحو الاستغراق، لأنه ورد في سياق الإثبات والإخبار، لا في سياق الإنشاء والنفي. بمعنى أن الحالة العامة في المجتمعات سوف تكون كذلك في آخر الزمان، أو أنها تشكّل ظاهرة كبيرة ومتفشية، وهذا ما نشاهده اليوم بشكل واضح. فما من عام إلا وقد خُصّص، كما يقال في علم الأصول.

المرأة في نظر علي (ع):

فهو لا يريد أن يذم المرأة هنا، إنما يصف ظاهرة سوف تقع، وهذه الظاهرة لها علاقة بالإنسان كله في ذلك الزمان، أي أنه يصف الزمان من خلال صورة من صوره، وجزئية من جزئياته، وهي حال أغلب النساء.

وكان علي (ع) ممن ابتلي بالنموذج المشاكس من النساء، كما ابتلي بنماذج من الرجال المشاكسين، وسالت بذلك أنهر من الدماء، من البصرة إلى الكوفة إلى النهروان، حتى يومنا هذا، فما من قطرة دم تراق على وجه الأرض، إلا لأن أبناء البشر لم يلوذوا بعلي (ع) ويأخذوا بهديه وإرشاده. لذلك ضاعت القافلة، وضلّ ربانها وحاديها، وتشرذم من كان فيها.

فالإمام علي (ع) أبصرُ بالقرآن وحدوده بعد رسول الله (ص) فكيف يقلِّل من شأن المرأة؟ حاشا وكلا. لقد كان بيته يضمّ أكمل امرأة على وجه الأرض، وهي الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص) وأمه كذلك، كانت سيدة جليلة مطهرة، ولو لم تكن كذلك لما شرفها الله تعالى في مخاضها بعلي (ع) بأشرف موقع، وهو الموقع الذي يتوجه إليه المسلمون عند أداء فرض الصلاة، ذلك الموضع الذي خرّ فيه علي (ع) ساجداً لله تعالى وحامداً.

المرأة في القرآن الكريم:

لقد كرّم الله تعالى المرأة، وأعلى من شأنها، فلم يهمشها ولم يلغها، إنما أعطاها المساحة الفضلى التي تتماشى ومكونها البشري من حيث التخصص.              

وقد حضرت المرأة تحت عدة عناوين في القرآن الكريم، ظهرت فيها مكرّمة جليلة، حيث وردت بلفظ المرأة والأنثى والأم والوالدة والزوج والحليلة والأهل والصاحبة والأخت والبنت، وفي الجمع جاءت بلفظ النساء، وجميع هذه العناوين اهتمّ بها القرآن الكريم، ووظفها في مواطنها. لذا نقول لمن يحاول أن ينبس ببنت شفة، ويتفوه بكلمات شاردة، وعبائر حائرة: دونك القرآن الكريم، والسنة المطهرة، انظر لهما بعينين، وافتح عقلك على جميع المسارات كي لا تكون ضيق الأفق عند تدبرك وتأملك، مدفوعاً بما قد أثقل ظهرك من الثقافة التي لا قيمة لها عند البحث والتحقيق.

لقد تبوأت المرأة موقعها في عشر سور من القرآن الكريم، فهل هذا يعني التهميش والإلغاء؟ أم الاهتمام والتقديم؟ فقد توقف معها القرآن الكريم طويلاً في سورة النساء، ثم في سورة الطلاق، لينصفها ممن له القيمومة عليها. وتناولها في سورة البقرة بعرض مسهب، يرقى بشأن المرأة. وأما في سورة المائدة فكان التكريم فيها واضحاً جلياً، وكان الإنصاف لها في سورة النور، والمشاركة للرجل في سورة الأحزاب، وطلبُ الحق في سورة المجادلة، وضرب من ضروب الدرس الاجتماعي في أرقى صوره في سورة الممتحنة. وفي سورة التحريم كانت الحدود والضوابط. هذه هي المرأة في الإسلام، التي أخذت كل ما يجب أن يكون لها بتشريع السماء، وببيان النبي محمد (ص).

وفي القرآن أيضاً شواهد كثيرة، منها ما أعطاه للمرأة من القدسية والحصانة، كما أعطى ذلك للرجل سواء بسواء، دون زيادة أو نقيصة لصالح أيٍّ منهما. قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى‏ بَني‏ إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَميعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَميعاً}([6]). والنفس هنا هي النفس الإنسانية التي تشمل الرجل والمرأة معاً. فنفسها كنفس الرجل من حيث القدسية، فلا يُطلّ دمها ولا يذهب هدراً، إلا عند القوميات المتخلّفة، والتاريخ مليء بالشواهد.

ثم يتقدم القرآن الكريم مع المرأة قليلاً، فيجعلها شريكة الرجل في حفظ النوع البشري مادياً ومعنوياً، فالأول بالولادة، والثاني من خلال التربية. قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى‏ وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ‏ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير}([7]). فلم يقل: إن الرجل أتقى من المرأة، ولا المرأة أتقى، فربما كانت المرأة أكثر منه تقوى والتزاماً، وربما يكون العكس. ومن هنا يقول أحدهم في حق زينب بنت علي (ع):

ولو أن النساء كمثل هذي    لفضلت النساء على الرجالِ

فهذه امرأة، لكنها تعادل الكثير من الرجال، بل هي أفضل. 

وللمرأة في الإسلام حق في إبداء الرأي، وإن كُتم صوتها، وإن صودرت قيمة المنتَج الذي تقدمه للبشرية. لها بصمة طويلة عريضة مميزة في مواطن كثيرة عبر التاريخ، فقد ملكت، وسيّرت الجيوش، وعبّدت الطرق وارتقت بالتعليم مرتقىً عظيماً، وبنت الحضارات. ودونكم التاريخ في شرق الأرض وغربها، اقرأوا فيه وانظروا ما الذي يقدمه لنا. أما نحن فلا نحتاج إلى مزيد بحث وعناء في سبيل التوصل لشواهد على عظمة المرأة، ولو لم يكن في صفّ النساء ممثلاً لهنّ إلا الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص) لكفى.

يقول تعالى في حفظ رأي المرأة: {وَالَّذينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى‏ بَيْنَهُمْ‏ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ}([8]). وهذا عام في الرجل والمرأة. فإن كان الناس يعجبون من حضور المرأة في مجلس الشيوخ أو النواب أو الشورى اليوم، يغفلون أن رأيها كان له وزن وقيمة واعتبار منذ الأيام الأولى للرسالة المحمدية، وقدمت وأخرت من خلال رأيها، ومدرسة الحديث ملأى بالشواهد.

أما التكاليف الشرعية فهي للرجل والمرأة أيضاً، ولو كانت المرأة تنقص الرجل، لما كلفت بما كُلّف به من أحكام وتكاليف، فذلك من الظلم، لأن تكليف من لا يستطيع بما لا يستطيع ظلم. والأحكام مطلقة كما هو معروف، إذن هنالك تكافؤ في التشريع، مترتب على تكافؤ في الإنسانية.

فمن تلك التكاليف عمارة الأرض، قال تعالى: {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ}([9]). وقال عز وجل: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ‏ فيها}([10]). والمعروف أن الكون لا يعمر بطرف واحد إنما بطرفين، وهي مسيرة لا نصل فيها إلى نهاية إذا ما تعطل أحد عناصرها وقوى الدفع فيها، وهما الرجل والمرأة.

عوامل تفكك الأسرة في العصر الحديث

إن الأسرة أمانة بيد الرجل والمرأة، وقد حافظت المرأة على وجودها وقدمت الكثير، والسؤال هنا: لماذا بات مكوّن الأسرة اليوم مهدَّداً بالسقوط والانهيار؟ هل ثمة عوامل تقف وراء ذلك؟ وهل هي عوامل أصيلة أو دخيلة؟ وهل نحن في حالة من الانتباه لما يراد بالمرأة في عموم الكون؟

الجواب: أن هنالك عوامل وأسباب كثيرة في انهيار الأسرة وتقويضها، فمن تلك الأسباب:  

1 ـ غلاء المهور المبالغ فيه: والتي لا تخضع لضابطة، وأنا لستُ مع يزوّج ابنته بنسخة من كتاب، أياً كان محتوى هذا الكتاب، أو بريال واحد، وعلينا أن لا نكون مثاليين فوق الحدود، بل علينا أن نعيش المجتمع الذي يحيط بنا ويضمّنا، كي لا تبقى المرأة مهانة من زوجٍ ربما انتقل في يومٍ ما من الوداعة والبساطة والألفة والمحبة والرحمة، إلى ذئبٍ يتحيّن الفرصة لتمزيق فريسته.

لا شك أنكم تتذكرون قبل سنين عندما ذكرت لكم قصة ذلك الرجل الذي زوّج ابنته بريال واحد، ثم اختلّ نظام الحياة بين الزوجين، فصار لا يناديها باسمها ولا باسم قبيلتها، ولا يكنّيها بأحد أبنائها، إنما يناديها: أم ريال!.

ظاهرة الطلاق المرعبة:

وثمة أمرٌ آخر لا بد أن أقوله، وهو أنني أهمس في أذن كل خطيب أن لا يقلل من أهمية المهر في ضبط الأوضاع، ولا أدّعي أن المهر هو العاصم الأول والأخير، لكنه أحد الكوابح، لا سيما في الظرف الذي نعيشه اليوم.

والأمر الثاني: التعسف في الطلاق، فهنالك طلاق مرتجل بات اليوم يحصل لأتفه الأسباب وأبسطها، وكأن الدنيا توقفت ولا حلّ سوى ذلك. أو أن يذهب إلى شيخ فيقول له: لم تعد الحياة مستساغة مع زوجتي، ولا حلّ إلا الطلاق. ولو قارنّا بين الأمس واليوم، واحتفظنا باليوم لنقارن به الآتي، لعرفنا أننا نسير نحو هاوية سحيقة. وكثيراً ما كنت أقول: القادم أسوأ، وأكررها اليوم.

إن استغلال الرجل لمفهوم القيمومة على المرأة هو أحد الأسباب المهمة في الطلاق، حال أن الزواج يعني العصمة، أي أنه مسيَّج بسياج ديني مقدس، ومن غير الصحيح أن يهدّ بهذه البساطة.

فعلينا أن نلتفت بدقة وعناية للشروط، سواء في الزواج أم الطلاق، فهنالك شروط للزوج وأخرى للزوجة، وحقوق وواجبات لكل منهما، وبعد إجراء العقد لا يمكن لأي من الطرفين أن يغير أو يبدل، أو يضيف أن ينقص، إنما عليه قبل ذلك أن يناقشها مع الطرف الآخر. فمن حق المرأة أن تدرس وأن تسكن في المكان اللائق، وأن تعيش العيشة الكريمة، وللزوج مثل ذلك.

ومن الأمور المهمة في ضبط الأوضاع، مراعاة التقاليد الاجتماعية في حماية كيان الأسرة.

بعض أسباب الطلاق:

إن الطلاق شبح مرعب مخيف مُقلق، فلا بد أن نبحث عن أبرز أسبابه التي أوصلتنا إلى الحد، بحيث أصبحت الأرقام مرعبة. فمن تلك الأسباب:

1 ـ عدم التطابق الطبقي بين الزوجين من حيث المستوى: لا فكراً ولا تطلعاً ولا التزاماً. ففي الزمن السابق حتى الطبقية كان لها دورها، لأنها تُوظَّف في موطنها، ولكن عندما أُسقط اليوم هذا البند الذي جرت عليه أعراف الناس، وألمحت له السنة في مبدأ التكافؤ والكفاءة في الزوجين، وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. فقد تُزوَّج الكريمة بنت الأكارم من رجل لا يليق بها، إنما تضطرها الحياة لذلك، وللمال سطوته:

فهو اللسان لمن أراد فصاحة      وهو السنان لمن أراد نزالا

فترى الولي يبيعها ويدوس كرامته، ثم تُمتهن البنت وتُطرد وتعود إلى بيته، وتهان من قبل زوجها لأنه يشعر بالضعة والصغر أمامها.

2 ـ غياب التكافؤ العاطفي: والعاطفة والعلاقة الحميمة ثقافة، وأنتم تعلمون أننا لا نملك غير مفردة (العيب)، فحتى لو تكلمت البنت أو الابن بمفردة الحب أو العشق جلدناهما، ويكبر كل منهما فيتدنّى مستوى العاطفة عنده، ويحصل ما يحصل.

3 ـ الخيانة الزوجية: وهي اليوم على قدم وساق للأسف الشديد، ومن لا يصدق عليه أن يراجع المحاكم لدى الفريقين، فسيجد أن الخيانة الزوجية من أحد الطرفين أو منهما معاً، من العوامل الرئيسية في وقوع الطلاق، والتي تشكل 28 ٪ من عوامل وقوع الطلاق، أي قرابة الثلث، وهو مؤشر خطر.

4 ـ عدم الحصول على المأمول: فالولد يأمل بمواصفات معينة في البنت فلا يجد، وينكشف الحال بخلاف المأمول، والعكس بالعكس، لا من حيث التدين ولا من حيث التعليم، ولا المادة ولا الأخلاق ولا العلاقة الحميمية، فينتهي الحال إلى الطلاق.

إن الطلاق اليوم يتزايد بصورة غير مألوفة ولا طبيعية، حتى تحولت الظاهرة إلى وحش كاسر يهدد المجتمع، وهذه الأرقام أمامنا.

فهل تعلمون أن سبع حالات من الطلاق تقع في الساعة الواحدة؟ أي بمجموع 168 حالة طلاق في اليوم الواحد!

ومن الأرقام المخيفة، أن خلال شهري جمادى الأولى وجمادى الآخرة من عام 1440 كانت حصيلة الطلاق عشرة آلاف وست عشرة حالة (10016)! ففي جمادى الأولى كانت 4858 حالة، وفي جمادى الثانية بلغت 5158 حالة. وهي أرقام مرعبة مهولة.

وفي سنة 2018 الميلادية التي انقضت كان الحال سيئاً، وفي هذه السنة سيكون أسوأ، وما بعده أسوأ وأسوأ. لا لأن العدد قد كثر، إنما اختلت نُظُم البناء للأُسرة. ففي سنة 2018 الميلادية كان عدد حالات الطلاق أكثر من 58 ألف حالة طلاق، في مقابل 150 ألف حالة عقد، أي أن حالات الطلاق تعادل أكثر من الثلث (38.5 ٪).

فكم من الأسر قد هُدمت خلال خمس سنوات مضت! وكم من الزيجات ذابت كما يذوب الملح في الماء! تقول الإحصائيات إن عدد حالات الطلاق خلال خمس سنوات مضت بلغت 260 ألف حالة طلاق.

بناء على ذلك نقول: أما آن الأوان أن نستيقظ وننتبه؟

إنني لا أقلل من قيمة العبادة، لكنني أقول: ليست الدنيا عبادة فقط، إنما عبادة وعمل وجهد، فلا يعنيني أن تذهب كل عام للحج، وبيتك منهار، وأولادك يسرحون ليلاً نهاراً، بلا رادع ولا رقيب، وبناتك لا تعلم أين يذهبْنَ؟ ومتى يأتيْنَ؟ ومع أيّ من الناس يقمن العلاقات؟ ولا يعنيني أن تتردد على العتبات العاليات، حال أن أرقام الانهيار الأسري بهذا الشكل المرعب. فكم من الأطفال الذين تضرروا وسط هذه الأرقام الهائلة من حالات الطلاق؟ وكم منهم ألقي في الشارع بلا رعاية؟

إنني لا أطلب من أحد شيئاً إلا أن يقرأ ويتتبع ولا يعنيه من قال وما قيل، فلو قال الناس لما في يدك إنه جمرة، وهي جوهرة، أيضرك من ذلك شيء؟.  

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.