نص خطبة: المثالية بين الواقع والخيال(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
﴿وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْلُهُ وَالمُؤْمِنُوْنَ وَسَتُرَدُّوْنَ إِلى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ﴾([2]).
كان الحديث في الأيام السابقة حول الواقع الفكري الذي تمر به مجتمعاتنا. وقد تحدثنا عن مفهوم الواقعية عند الفلاسفة، ومن ركبوا هذه الموجة، ومن تأثر بهذا المسار، وما ترتب على ذلك من الأمور. ولمن أراد المزيد عليه أن يرجع إلى الموقع ويستمع لما تم تناوله من هذا المفهوم.
المثالية في الاصطلاح الفلسفي:
أما المفهوم الثاني الذي أخذ مساحته وسط المجتمع المعاصر فهو مفهوم المثالية، وبطبيعة الحال أن الفلاسفة لهم نظرة معمقة في هذا الجانب، باعتبار أن الفيلسوف هو الناشد للحقيقة والباحث عنها والمجلي غياهبها، رغم أن المأخوذ على الفلاسفة في معظمهم، أنهم عندما يخلصون إلى نتيجة يتنكرون لها، لأنها تصطدم مع الرغبات. والخلوص إلى النتيجة والاصطدام بواقع الرغبة، من الأمور الضاغطة على الأفراد في عالمنا اليوم، بغض النظر عما يشغله ذلك الإنسان من موقع في النسيج الاجتماعي بالمطلق، تحت أي عنوان كان، فلا يستثنى من ذلك رجال دين ولا رجال سياسة ولا رجال فكر ولا رجال أعمال ولا سائر الناس.
فالمثالية عند الفلاسفة عبارة عن مذهب يرى أن حقيقة الكون عبارة عن أفكار وصورة عقلية، وأن العقل هو مصدر المعرفة. أي لا شيء وراء ذلك، لا وحي ولا غيره. وهنا تبدأ المفارقة بين الفكر الإسلامي الأصيل وسائر المدارس الحديثة العصرية. بل وحتى مع تلك المدارس في القديم قبل الإسلام، وربما قبل المسيحية واليهودية. فقد كانت هنالك أفكار بهذا الصدد، وربما كانت هي الأساس، غاية ما في الأمر أن النظرية نضجت على يد أولئك الذين تبنوا هذا المسار.
وبطبيعة الحال أن النظرية عندما يكتب لها البقاء بين الناس تتفرع عنها مشارب ومذاهب جراء الأذواق المتفرقة، لا سيما إذا تفعّل في داخل الإنسان الرغبة في تحقيق المكاسب بغض النظر عن المسار الموصل إليها، وهل هو مؤمَّن شرعياً أو اجتماعياً أو غير ذلك، أو غير مؤمّن؟ كل ذلك لا يعنيه، فالمهم أن يصل، وإن كانت إحدى مقدمات الوصول القفز على الحقائق، وهذا أمر واضح بين، نلمسه اليوم، ونلاحظه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونشاهده عبر التلفزة التي باتت تنسج حولنا الكثير في تقاطع وتواصل، بل حتى مجالسنا ما عادت تستثنى من ذلك.
فالمثالية إذن لا بد أن تنقسم على نفسها جراء تصادم الأفكار بين الباحثين، فهذا ينهل من مدرسة بنيت على مقدمات معينة، والآخر كذلك، إلا أن الجامع بين هؤلاء هو تغييب عنصر الغيب، بل إن الرغبة في الإضافة إلى الغيب غير موجودة عندهم نهائياً. لذلك ترى أنهم حتى لو ضاقت بهم السبل يختطون لهم طريقاً ينأى بهم عن الوقوع في ما هو المنطلق الأول، وهو واجب الوجود، ومصدر المعرفة الأول جلت قدرته.
المثالية الواقعية:
لقد تحدثنا سابقاً عن الواقعية، وهي ليست مذهب المثالية الواقعية، فهنالك فرق بيِّن وواضح بين هذا وذاك. فالمثالية الواقعية تعني عندهم أنهم وإن كانوا يعيشون عالم المثل، ولكن بالنتيجة أنهم يعيشون الواقع، ولا ندري كيف يجمعون بين شيئين ضدين؟ وهذه واحدة من لوثات العقل عند كبار المفكرين منهم. وليس غريباً أن يكون المفكر كبيراً ويقع في لوثة فكرية، بل هذا من البديهيات، فكم هي الشطحات التي تسببت في ضياع أبناء الأمة، وبررت أنهر الدماء الجارية في أوساط الأمة، وهؤلاء في المقاييس الطبيعية علماء، إلا أنهم علماء سوء. بل إن بعضهم كان في درجة عالية من الفكر، لكنهم أصيبوا بلوثة الفكر، التي انتهت بهم إلى النتيجة التي تترتب عليها أسوأ الآثار وأكثرها خطراً، ألا وهي قتل النفس المحترمة، كما نرى اليوم ونعيش.
فما عسى أن نقول في الحدث الذي حصل في جنوب المملكة يوم أمس؟ بأن يدخل إنسان على أناس عزّل في مكاتبهم، ثم يفرغ الرصاص في صدورهم؟ وكم ذكرت مراراً أن الأمر لم يعد شيعياً ـ سنياً، إنما هنالك سرطان آخذ بالتفشي والتمدد، والنتائج مخيفة.
فالمثالية الواقعية: مذهب يؤكد وجود عالم بذاته، لكنه من عالم المثل، خارج الأفكار والأشياء. أي أنه لا وجود لحقائق واقعية. فليس هناك وجود لي ولا لك، كما أنه لا رسالات سماوية ولا أنبياء، فكلها في حدود دائرة المثل. ولا واقعية للشيء في الشيء.
هذا المذهب يترتب عليه ردّ جميع الظواهر المتعلقة بالوعي إلى نظام المطلق، وهو سابق على عالم الوجود الخارجي. وقد وجد له مساحة في أوربا فاستشرى هناك، وتبنته مدارس في منتهى الشدة والغلظة، بحيث باتت لا ترى للإنسان قيمة ما دام متمثلاً بقالبه المادي الخارجي الذي ينعته القرآن الكريم بقوله: ﴿فِي أَيِّ صُوْرَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾، ومن جهة أخرى يقول عز وجلّ: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾([3]).
الثقافة المؤصَّلة:
فهذه الحقيقة القرآنية منسوفة لدى أصحاب هذا الفكر. ومع شديد الأسف تجد في بعض الأفراد من أبناء المجتمعات المسلمة والمؤمنة من يتغنى بهذا دون أن يدري، بل ربما يدري ويعلم أن مقدمات العلم الفلسفي ليست بأيديهم، إلا أنهم يجشّمون أنفسهم عناءً، ويكفيهم أن يتقلبوا في المجالس والمساحات المفتوحة ببعض الألفاظ المنمقة الجميلة التي تطرب لها النفوس، وتقرأ في الإنسان الناقل لها أنه مثقف من الدرجة الأولى، حال أنه لا يحسن من ذلك شيئاً.
فالثقافة ليست قراءة فقط، إنما القراءة أحد مشارب الثقافة، ولا بد أن تبنى الثقافة على أصول ومناهج، يتخذها الإنسان وسيلة للوصول إلى هذه المقامات التي على أساسها يحصل التفريق بين الأشياء. فعلينا أن نكون حذرين أمام هذه الموجة، الآخذة بالاتساع. وهذه الحال بالنسبة لي أمر طبيعي، لأن الطرف الآخر الذي ينبغي أن يحمل الرسالة كما هي موجَّهة، وكما هو مكلف بها، في حالة من التراجع، ولا أجد مبرراً لذلك، لأن الحوزات العلمية الأصيلة لا زالت قادرة على إنجاب العقليات الفذة التي تستطيع أن تصل بالإنسان إلى أعلى المراتب، وتضع الكثير من السدود أمام هؤلاء المندفعين المتهورين الذين لا يملكون من الثقافة إلا مفردات مجنحة، بل لا يملكون القدرة أحياناً على الإمساك بزمامها.
فالحوزات العلمية الأصيلة لا تبني فكرها على (التجنيح) إنما تبنيه على التأصيل، وتضرب أوتاداً في مساحة فكر الإنسان، وتغذّيه بالغذاء الصافي، ثم تقذف به في وسط الأمة. لذا فإن هؤلاء قلة، ومن الطبيعي أن يكونوا قلة. بل الأكثر من ذلك أن بعضاً من هؤلاء يرى أن الذهاب وراء هذه الأمور هو على حساب الأصول الموجودة في الحوزات العلمية، وهذا غير صحيح، فالإمام الشهيد الصدر الأول (رضوان الله عليه) كان فقيهاً من الطراز الأول، بل هناك من يرى تقدمه في الاستنباط الفقهي على علمين كبيرين، هما السيد الإمام والسيد الخوئي (رضوان الله تعالى عليهما) وفي الوقت نفسه كان إماماً في الفلسفة والاقتصاد والاجتماع فلم يقعد به ذلك أن يكون أحد أفراد الشبهة المحصورة في الأعلمية.
ضرورات أكثر إلحاحاً:
إن شبابنا اليوم ليسوا هم شباب الأمس، فواقع شباب اليوم يُحسدون عليه، إذ إن النعم كلها بين أيديهم، وجميع وسائل نقل المعلومة بين أيديهم، فإن حصل تخلف في بنائهم المعرفي فهو منهم. فعليهم أن يستحثوا هممهم، ويحافظوا على أوقاتهم، وأن لا يصرفوها في الكثير من الهرج والمرج الذي لا طائل من ورائه البتة.
وأهمس هنا في آذانكم فأقول: إن الكثير من الأشياء لا تستحق، لكننا نتلقفها فتكبر، ونعطيها من أنفسنا فتتكبر علينا.
نحن اليوم أيها الأحبة أمام بنية اجتماعية شبابية في غالبيتها العظمى، فأكثر نسبة من أبناء المجتمع هم الشباب، وهؤلاء الشباب ينتظرون منا الكثير، فما الذي أعددناه لهم؟ وأي المسؤوليات التي نهضنا بها؟ وأي الملفات الأكثر إلحاحاً؟ وما هو موقفنا نحن منها؟
في المجتمع شباب وشابات يفترض أن يكملوا مسيرتهم الدراسية، فهل ساعدناهم على هذا الواقع؟ شباب وشابات يريدون بناء أسر كريمة، فهل قدمنا لهم ما يستحقون من الرعاية في هذا الجانب؟ هنالك ملفات صحية معلقة، فما الذي نهضنا به منها في هذا الجانب؟ وهنالك أمور وأمور تنتظرنا، وكلٌّ بحسبه، فكما أن للجهات المسؤولة مسؤولياتها الثقيلة الملقاة على عاتقها هنالك أيضاً مسؤوليات ملقاة على عواتقنا نحن كرجال دين ورجال أعمال وأرباب أسر وأساتذة وأطباء ومهندسين، فجميع هذه الشرائح وراءها الكثير من القضايا والملفات التي تنتظر أن تقلب صفحاتها.
فلنكن جديين قليلاً، ولنبتعد عن المجاملات والأنانيات، وأن نعيش الواقع كما هو، فتفوق إنسان في قريةٍ ما يعني لي الشيء الكثير، فإذا عشت هذه الفرحة سأكون ابناً لنسيج مجتمع واحد. أما إذا لم يكن يعنيني أن يتفوق أحد إلا ولدي أو أخي أو من يمتّ لي بصلة فعليّ أن أراجع الحسابات.
1ـ العلم والمعرفة:
فمن تلك الأمور الملحة العلم والمعرفة. فيا أيها الشباب: قلتها سابقاً وأعيدها هنا: سلاحكم الأمضى في الحياة هو العلم والمعرفة والثقافة والتنوّر، ولكن بهدي ورشد وواقعية. فإذا عشنا الأمر بهذا الوضع فسنكون بأحسن حال، فلا تَستحِ إن كنت لا تعلم شيئاً أن تسأل عنه لتصبح بعد سؤالك والجواب أنك ممن يعلم أنك عالم بذلك الشيء، لأن العلم قضية نسبية، فهذا عالم بالنسبة لمن هو دونه، ومتعلِّم بالنسبة لمن هو فوقه. فإذا قال أحدهم: أنا أعلم العالمين على وجه الأرض، فعليك أن تساعده في ركوب السيارة وتقييد يديه، وفتح الملف له في المصحة النفسية!.
فليس هناك من هو أعلم العالمين إلا رب العالمين، ومن اختصه بذلك، وإلا فالعلم نسبي، فأنت أعلم مني هنا وأنا أعلم منك هناك، وتكتمل الدورة عندما تتظافر الجهود.
وما دمت في صدد عرض هذه المفردة أقول: في ملف الخمس مثلاً، هناك الكثير ممن يعتب، مثيراً هذا التساؤل: لماذا الحوزات العلمية فقط؟ نقول: ليس الأمر كذلك، فلو أنك رجعت إلى وكيل شرعي لغرض التخميس، وكان لديك ابن أخ أو ابن أخت أو ابن عم ابن قريتك أو محلتك أو غير ذلك، فيمكنك أن تطلب من الوكيل الشرعي ما يعينه على تحصيل علومه. فالعلوم الإنسانية توأم العلوم الدينية، فمن قال: إنها لا يصرف عليها من الحقوق الشرعية؟ وأي رسالة عملية نصت على ذلك؟ فمراجعنا الواعون المدركون (أيدهم الله تعالى) وفي مقدمتهم السيد المرجع (حفظه الله تعالى) ليس لديهم محذور في ذلك، ما دام الناس يحتاجون الطبيب والمهندس وغيرهما.
ولكن لا يصح أن تسلّم الحق الشرعي للوكيل وأنت صامت، وتخرج وأنت صامت، ثم تقول بعد ذلك: أين حقوق هؤلاء من الخمس؟ فالوكيل الشرعي ما هو إلا خادم وواسطة بينك وبين المرجع. نعم، نتشرف أن نكون وكلاء لمرجع ما، ولكن ذلك لا يعني أننا بهذه الصفة أصبحنا فوق مستوى المجتمع، فالمرجع طوقنا بطوق أن نكون خداماً لآحاد المجتمع، دون الالتفات إلى حيثية سلوك المجتمع، احترم أم لم يحترم، وقف عند الحد أم لم يقف.
ولا يفوتني هنا أن أقول باستقراء تام، لا باستقراء ناقص: إن أكثر المهرجين على الوكلاء والحقوق الشرعية وإدارتها هم من الذين لا يخمسون، ويصرحون بذلك في مجالسهم. وهذا استقراء وليس حدساً، صحيح أنني لم اطلع على جميع أفراد المجتمع استغراقاً، ولكن هذا ما يدور في أكثر من مجلس ومن أكثر من شخص.
ثم إن الوكيل الشرعي ليس ملزماً أن يقول لك: إنني فعلت كذا أو كذا، وساعدت في القضية الفلانية، ونهضت بالمشروع الفلاني، فلستَ مرجعاً لتكون مسؤولاً عنه، ولست (الخلف الباقي) لتكون مسؤولاً عنه.
لا بد إذن أن نكون صريحين واقعيين، فإن كان لأحدنا إشكالية مع وكيل ما، فيمكنه الذهاب إلى المرجع وإخباره بما لديه. أما أساليب التهريج والكلام هنا وهناك فلا تتقدم بنا خطوة واحدة إلى الأمام.
ولكي أطمئن الجميع أقول: إن هذه الظاهرة لا تقتصر على مجتمعنا، إنما أصبحت من الحالات السائدة في جميع المجتمعات.
2 ـ الرغبة في الحياة الكريمة:
إن الرغبة في الحياة الكريمة حق مشروع فلا يصح أن نرضى بأدنى المستويات ولا أن نقنع بهذا المستوى المحدود جداً.
عندما نقرأ في الإحصائيات الاقتصادية المنشورة في الصحف لمراكز الدراسات الستراتيجية، نجد الكثير الكثير من المليارات المسافرة من دولنا في الخليج العربي إلى بقية الأقطار بواسطة العمالة، فلماذا لا تعمل أنت أيها المواطن؟ ولماذا تحصر عملك في قلم أو قميص أبيض في المستشفى؟
قبل أيام كنت في بريطانيا، فرأيت سيارة النفايات آتية، فسألت صاحب المركز الذي كنت فيه، وهو دار الإسلام: هل هؤلاء العمال بريطانيون أو من جنوب شرق آسيا؟ قال: إنهم بريطانيون، بل لا يعمل في هذا الحقل إلا أصحاب الشهادة الجامعية!.
ونحن لا نطلب من الناس أن يعملوا في مثل هذا الحقل، ولكن هناك الكثير من الأعمال الأخرى. فمن المؤسف أن يأتي العامل من البلد الآسيوي ليستبدل مصباحاً معطوباً بخمسين ريالاً، أو يثبت مفاحاً كهربائياً في الجدار بمئة ريال، ويخرج من البيت وهو يسخر منك.
فالعمل شرف، ولقمة العيش من الجهد لها قيمتها حتى في بناء الطفل وتكونه. فالنبي (ص) لم يقبل الأيادي المترفة، إنما قبل تلك اليد التي جشبت من المسحاة والحبل، عند مقام إبراهيم مقابل الكعبة، إذ دخل عليه عامل وقد خشنت يداه لشدة ما يستخدم الحبل والمسحاة، فسأله النبي عما وراء ذلك فقال: هو عمل أستر به عيالي. فقبل النبي (ص) يده، ليدفع بعجلة العمل إلى مسافات بعيدة.
ثم إن هذه الثقافة التي نحملها في احترام الطبيب والمهندس والأستاذ فحسب ـ وهم محترمون بلا شك ـ ثقافة خاطئة، فيفترض أن نحترم الطبقة العاملة الكادحة أيضاً، كالفلاح والعامل، وهل نحن إلا نتاج أولئك الآباء الذين أوصلوا ليلهم بنهارهم في استنهاض الهمم وحمل المسحاة، واستنباط الماء، وجمع الثمار في سبيل أن تبنى أُسر. وهذه الأجيال أولاد أولئك، فكل أبناء هذه المنطقة أبناء الفلاحة، ومن قال: إنني أجدادي لم يكونوا فلاحين فهم رعاة أغنام، وهي مهنة شريفة كذلك، وقد رعى الرسول (ص) الغنم، ولكن هذا ليس ابن هذه المنطقة، لأن أبناءها من انحدروا عن لقمة من هذا المورد (الفلاحة).
إن هذه المنطقة كان يقال لها: واحة الأحساء، وسلة الجزيرة العربية. فلا بد أن نعيش اليوم أيضاً تلك الأجواء.
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.