نص خطبة العلم والإيمان أساس الأخلاق (26)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
قال فيلسوف الشرق المفسر الكبير العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه: إن صلاة واحدة على محمد وآل محمد تتحول إلى نور عظيم في عالم البرزخ، وتنجي الأموات ن أهوال وشاكل ذلك العالم. فاهدوا الصلوات لأمواتكم قدر استطاعتكم فإنهم بانتظاركم.
يقول الإمام الباقر (ع) لجابر الجعفي رضوان الله عليه: «واعلم بأنك لن تكون لنا ولياً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنك رجل صالحٌ لم يسرك ذلك، ولكن اعرض نفسك على كتاب الله، فإن كنت سالكاً سبيله، زاهداً في تزهيده راغباً في ترغيبه، خائفاً من تخويفه، فاثبت وأبشر، فإنه لا يضرك ما قيل فيك»([2]).
التفكير والتقليد:
الفكر ـ أيها الأحبة ـ هو عبارة عن عملية بالغة التعقيد من خلال تحريك العقل رغبة في الحصول على بعض المعلومات الجديدة من خلال ترتيب المقدمات العلمية السابقة كي تكون منتجة.
ومنه نقول: فكّر في الأمر أي أعمل فكره فيه وقلب الوجوه، من خلال المخزون المعرفي بيد من يفكر.
وضد التفكير التقليد، وهو أن يسمع المقلد الرأي فيقلده، من دون تعقل ولا تدبر. وبين الفكر والتقليد بون شاسع وهوة سحيقة، فلا يمكن التقريب بينهما إلا إذا ما عاش أصحابهما الواقعية، فلا يكفي أن تكون مفكراً وأنت لا تمنح الآخر فرصته، والعكس صحيح، فمساحات الجلد تقلصت، وسياط الجلد تقطعت، وفتاوى من هنا وهناك فقدت بريقها وتأثيرها في المشهد، وعلى كلا الطرفين أن يعيش الواقعية مع الآخر أو في نفسه حتى لا يجتاحهم الموج فيغرقوا ويُغرقوا من وراءهم ممن يتأثروا بعطاء هذا الاتجاه في إبداعاته، والاتجاه الآخر في متابعاته.
أما موضوعات التفكير ـ أيها الأحبة ـ فلا عدّ ولا حصر لها، فكل ما في الكون قابل أن نُعمل فيه النظر، وأن نقلب فيه الوجوه، وكل ما في الوجود هو عبارة عن ورقة بين أيدينا، نستطيع أن نطبع فيها المربع والمثلث والدائرة وغيرها، لكن الأهم من هذا وذاك ما الذي يعنيه ذلك المربع وهذا المثلث وتلكم الدائرة وما يتولد عن ذلك عند المزج والتفكيك؟. وهنا تكمن الخطورة وتشتد المسؤولية على عاتق من يحاول أن يحرك قلمه من هنا أو هناك.
كل ما في الكون من حولنا هو عبارة عن مساحات التفكير التي منحها الله سبحانه وتعالى الخالق لكل البشر، فالإنسان الواعي هو ذلك الذي يحسن التعامل في ترتيب تلك الأشكال التي أشرنا إليها تقريباً للمعنى.
كل ما في الكون من أصغر جرم فيه وهو الذرة، إلى ما هو أكبر، وهو المجرة، مساحةٌ متاحة لي ولك، فقد أودعنا الله تعالى العقل، وهو من نعم الله سبحانه وتعالى على جميع بني البشر، بل النعمة الأولى والكبرى، من خلالها يميز بين الصالح والطالح والجميل والقبيح.
فإذا تحرك الإنسان مطلقاً العنان للعقل فهي الاستجابة الأولى لنداء السماء: ﴿أَفَلا تَتَفَكَّرُوْنَ﴾([3])، ولكن ما من مطلق إلا ويقيد، وما من عام إلا ويخصص، لذلك على الإنسان أن يقارب بين ما هو المطلق والمقيد، والعام والخاص، والمجمل والمبين، وما إلى ذلك، كي يتحرك على أساس من الهدي الصحيح، عندها نصل إلى نتائج فكرية على أساس منها يضاء الطريق وتبنى الحالة التي يأمل الكثير أن يصل إليها من خلال علم وثقافة وفكر واحتكاك.
الإصلاح وحرية الفكر:
والتفكير من ناحية أخرى هو حق إنساني، فالله تعالى منحنا إياه تكويناً في تركيبنا الأولي، وجعله أيضاً واحدة من النعم بين أيدينا، وبإمكاننا أن نحافظ عليه ونرشّد حركته، وبمقدورنا أن نجمح بجموحه، وذلك عندما نلقي الحبل على الغارب ولا نعير المشهد اهتماماً.
فالتفكير حق إنساني، وليس لأي كان الحق أن يصادره من أحد، مهما كان من يريد المصادرة، حاكماً أو محكوماً أو ولياً أو متولى عليه أو أباً أو ابناً أو مسؤولاً عمن هو مسؤول عنه، فالتفكير بما هو هو ليس من حق أحد أن يصادره، وإنما يبقى العقل هو الحق والامتياز، وهو النعمة التي منحها الله سبحانه وتعالى لكل البشر.
وكذلك الحكم في مساحاته، فليس من حق أحد أن يضيق المساحات على أحد، ولا يكفي أن نلغي حركة العقل عند زيد أو غيره، بل الأكثر من ذلك ليس من حقنا أن نحكم ونضيق على ما يصدر من نتاج، وإنما علينا أن نتعامل معه وأن نتعاطاه على أساس من الدليل، أما السب والتهريج والوعد والوعيد فهذا لن يقدم ولن يؤخر عند من نذروا أنفسهم لحركة الإصلاح، فواحد من أهم مرتكزات الإصلاح هو العقل بما هو وجود، وفيما هو المأمول أيضاً من خلال مقدمات مرشدة إليه.
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿إِنْ أُرِيْدُ إلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيْقِي إِلا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيْبُ﴾([4]). فحركة الإصلاح هي مسؤوليتي ومسؤوليتك، ما دمنا ندين بهذا الدين الشريف الذي جاء به خاتم الأنبياء النبي الأعظم محمد (ص).
ويقول تعالى: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيْرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوْفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾([5])، وقطاع الطرق في سبيل الصدقة كثيرون، كما أن المحاربين لمسيرة الأمر والنهي في وسط الأمة كثيرون، وهو الفرع الذي له السلطة والهيمنة على سائر الفروع، وهو سيدها ومنطلقها، حتى أن الإمام الحسين (ع) جعل غايته من الحراك هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يأتي بعده هو أمر مترتب على تلك الحركة التي يقوم بها في هذا المسار.
وكذلك الإصلاح بين الناس أمر مهم وأساس وبه تتقوم المسيرة، فالإصلاح في داخل الأُسر، والمشاكل فيها كثيرة، وكذلك بين تركيبات المجتمع، ومشاكلهم أكثر، بل بات الإصلاح ضرورة مهمة بين الدول والأمم، ولا ندري ما سوف نقدم عليه في القادم من الأيام، لأن الصراع بين الدول لن يقف عند حدّ، ولا زالت أبوابه مفتوحة ونهايته صعبة ومرّة ومكلفة، وهذا ما ينتظر البشرية مع شديد الأسف. فما لم يتحرك منطق العقل في رؤوس الكبار يكون الكلام في السلاح، ومتى ما تقارع السلاح بالسلاح فلا منتصر ولا منهزم، إنما يكون الجميع ضحايا.
وفي الحرب العالمية الأولى درس كبير لم تعِ البشرية أخطاره، لذلك دخلوا حرباً ثانية أشد فظاعة ومرارةً ونكاية بالمكون البشري الجميل، فطحنوا الملايين من البشر، وأراقوا أنهاراً من الدماء في شرق الأرض وغربها دون رحمة، بل كان ذلك في حالة من النشوة عند البعض ممن حرك أصابعه في تحريك دمىً في سبيل إشباع هذه النفس التي متى ما جمحت فلا يمكن أن يُحَدّ من خطورة اندفاعتها، ويبقى التفكير هو سيد الموقف الذي يبني أساس حركته الأولى على الإصلاح، فأنا أفكر من أجل إصلاح نفسي وإصلاح بيتي ومجتمعي والمكون من حولي، ثم أتسع في الدائرة.
فالإمام الحسين (ع) كان أممياً في حركته الإصلاحية، لذا بات يمثل المنارة الرفيعة التي يهتدي بهديها جميع من حمل بداخله الرغبة الجادة في التغيير على هذا الكوكب نحو الأفضل على أساس قاعدة الإصلاح.
التفكر في نظر القرآن الكريم:
قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾([6])، أي أولئك الذين يحركون عقولهم ودائرة الفكر في داخلهم. ثم يقول: ﴿الَّذِيْنَ يَذْكُرُوْنَ اللهَ قِيَامَاً وَقُعُوْدَاً وَعَلَى جُنُوْبِهِمْ﴾ أي أنهم حققوا حالة القرب والعبودية لله تعالى كي لا يجمحوا. ﴿وَيَتَفَكَّرُوْنَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾([7])، فوراء هذه الخليقة حكمة وعلينا أن نسير في سبيل القرب من حالة الاستنطاق لها، ولا يكون ذلك لنا ما لم نكن مهيَّأين في مساحة حركة الفكر في داخلنا.
وأما السنة المطهرة فهي أيضاً جاءت للترشيد لا للإلغاء، وأرادت أن تأخذ بأيدينا، وحيث إن مساحة التفكير واسعة، فإنه ليس بمستطاع أي كان أن يطرق أبوابها وينتهي إلى الحقائق التي تراد من ورائها، ناهيك عما لو أراد أن يفكر بالموجِد لهذه المساحات المتاحة لي ولك، والموجد للعقل، وهو آلة الفكر والتفكر عندي وعندك وعند الآخرين، وهو الله سبحانه وتعالى.
فالسنة المطهرة تدعونا إلى إعمال العقل، فهو النعمة الكبرى وعلى كل إنسان أن يلتفت أنه منح هذه النعمة، وأن يشكرها بالقول والفعل، بأن يحمد الله تعالى أن منحه هذه النعمة، وسلطه عليها، وأن يوجد جميع الأسباب التي تؤمّن لهذه النعمة أن لا تُصبَّ إلا في وعائِها، وأن لا يخاطب من خلالها إلا من يستحق، وقليلٌ ما هم.
التفكر في نظر السنة المطهرة:
عن النبي الأكرم (ص) أنه قال: «عوّدوا قلوبكم الترقب وأكثروا التفكر والاعتبار»([8]). وهو حديث قصير لكن فيه الكثير من الدلالة. وقد تحدثت قبل فترة عن العقل، وهل أنه يقابل القلب، أو يغايره؟ وهل أن النسبة بينهما هو الترادف أو التباين؟ وأشرتُ إلى ما قاله الغزالي صاحب الإحياء في هذا الجانب، بعد أن استعرض الأقوال في هذه المسألة وهي كثيرة، ثم خلص إلى أن ما يستفاد من منطوق القرآن الكريم أن العقل والقلب في نهاية المطاف يصبان في مصب واحد.
يقول (ص): «عودوا قلوبك الترقب وأكثروا التفكر والاعتبار» أي عودوا قلوبكم انتظار ما يمكن، وأكثروا من التأمل والتفكر ثم الاعتبار بعد التفكر. وعلينا أن نقف عند أصغر شيء يمكن أن يصل إليه التفكر، ولا ينبغي أن تكون الكلمة والمقالة القصيرة عابرة، والحركة الاستثنائية عابرة أيضاً، وعلينا أن نردها إلى أصولها فإن أنتجت حسناً أخذنا بها وطورناها، وإن كان المنتج سيئاً رددناها على أي كان ومن أي مصدر كان.
وهنالك حديث آخر يرتقي بمساحة الفكر إلى مصاف العبادة وهو المطلوب، فلا يكفي أن نكثر من الصلاة ـ وهي مطلوبة ـ ولا من الصدقة ـ وهي محبوبة ـ وعلى هذا فقس ما سواه. فالصلاة ما لم تتجسد خارجاً على أساس من التفكر في معطياتها أفقدناها خاصية الحكمة التي شرعت من أجلها، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فقد أصلي ولا ألتفت إلى هذه الحكمة ولكن قد أتقدم للصلاة وأنا أدرك وأعي ما يعنيه هذا الأساس الذي بنيت عليه هذه الفريضة.
أيها الأحبة: إن المسلمين يصلّون ويؤدون جميع التكاليف في شكلها الظاهري، ولكن هل أن تلك الصلاة تصدر على أساس من التفكير فيها وفي أصل تشريعها، وما هو المبتغى من ورائها؟ أم أنها حركات تعودناها وصورة ألفناها؟ هنا تكمن المشكلة.
إن النبي الأعظم محمداً (ص): «تفكر ساعة خيرٌ من قيام ليلة»([9]). فلا بد أن يجلس أحدنا ليفكر مع نفسه بما له وما عليه، وما للآخر وما عليه، وما يعنيه هذا النص القرآني وما يترتب عليه، وما تعنيه السنة المطهرة وما ترشد إليه، وما يبتغيه الراشدون من علمائنا، والراشد منهم يعني من كان مؤمناً ملتزماً ملتفتاً ورعاً عاملاً، أما غير هذا فلا يسمى عالماً راشداً وإن كان لديه الكثير من العلم، وحمل على ظهره الأسفار. فمثل هذا يصفه القرآن الكريم بأنه: ﴿كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارَاً﴾([10]). فهو عالم من حيث حمله العلم، إلا أنه لا يختلف عن حمار يحمل أسفاراً من جهة عدم الانتفاع بالعلم. وهذا ليس تعريضاً بأحد إنما هو قرآن، فعلينا أن لا نُخدع بآثار السجود في الجباه، ولا طول المسبحة، ولا العمامة المتراكم عليها الغبار، وإنما نتعامل مع الصادق الراشد منهم، وهم المحترمون المقدمون الأعزاء، ونضعهم تيجاناً على رؤوسنا.
محدودية العقل البشري:
إن قدرات العقل البشري عند جميع الناس، مهما كانت فهي محدودة، وعلينا أن لا نخدع ونغتر بذلك. فعندما تكون لدينا ثروة من المعلومات والمصطلحات والأصول والعناصر والأحاديث والقصص والروايات وغيرها مما يمكن أن يحشد في هذا الاتجاه، ومهما كانت عقولنا، ومهما كان لدينا من موروث ثقافي كبير، فهذا لا يعني نهاية المطاف، ونبقى نحن البشر صنائع لصانع هو الله سبحانه وتعالى. لذلك تدخلت السنة المطهرة لبيان ذلك، ولم تترك الحبل على الغارب يأخذ الإنسان بالأمور شمالاً أو جنوباً.
يقول النبي (ص): «تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره»([11]).
إننا نجد اليوم حالة من الشذوذ في المشهد الفكري باتت تَستقطع بعض المساحات، حتى في الحواضر العلمية، ولا تستغربوا ما يحصل هنا أو هناك عند شباب غُرر بهم أو عمي المشهد عليهم. والسر في ذلك أنهم لم يعرفوا قدر أنفسهم، إنما ذهبوا معها بعيداً، وبدل أن يقطعوا مسافة التفكر في مخلوقات الله انطلقوا للتفكر في الله، فضاعوا، ووصلوا إلى مساحات غير محمودة.
من هنا أيها الأحبة علينا أن لا نكون قساة، وأن ندعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نستوعب المخالف، فالنبي (ص) لم يُكره أحداً على الدخول في الإسلام، وقد كانت للنبي (ص) خادمة من اليهود عرض عليها الإسلام فرفضت، إلا أنه لم يطردها من بيته ولم يقطع رزقها، إنما أخذها بالصبر والأناة، حتى جاءت هي منطلقة من قناعتها لتقول بين يديه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
والمحصلة بعد هذا كله:
1 ـ أن حرية الفكر والتفكير ينبغي أن لا تُصادر من أحد، وليس لأحد السلطة على عقول الناس، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي منحهم ذلك، ومن أراد أن يصادرها فإنما يصارع القدرة التي هي أقوى منه ولو بعد حين.
2 ـ من حق أي مفكر أن ينشر معلومته ما لم يوجِد إرباكاً وخلخلة في النسيج الموحد، فعليه أن يطرح فكرته دون أن يذهب بها أكثر من حدودها.
3 ـ ترك الحرية للآخر أن يناقش المنتَج الحاصل مني ومنك، وكما أننا نريد مناقشة الآخرين، علينا أن نمنحهم الفرصة لمناقشة ما نطرح.
4 ـ من حق المفكر أن يدافع عن رأيه، فكل إنسان له تطلعات ونتاج فكري، وله أن يدافع عن رأيه، ولكن بالتي هي أحسن، على قاعدة الدليل، حيثما مال نميل. فلا فرض لفكرة، ولا شتم، ولا طرد من رحمة الله، ولا إغلاق لأبواب الجنان ولا تكفير ولا تضليل، لأنها بضاعة رخيصة زهيدة لا قيمة لها، ولن تحدّ من فكر المفكر ولا من حركة الإنسان المصلح في مساحات الفكر الواسعة، وهذا أمر واضح بين، فالفتق اليوم يتسع على الراتقين، لأنهم لم يحسنوا التعامل مع الرتق في بدايته، فعليهم أن ينتظروا ما هو أسوأ من ذلك بكثير.
نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.