نص خطبة الشباب الرسالي ثروة الأمة

نص خطبة الشباب الرسالي ثروة الأمة

عدد الزوار: 496

2014-03-02

 

 

رعاية الشباب:

الشباب الرسالي هو ثروة الأمة الكبرى، وفي هذا الصدد نقاط على الطريق، ترتبط بما تقدم الكلام فيه في الأسبوع الماضي. فقد ذكرنا أنه ما من مصلح على وجه الأرض، إلا واتكأ على هذه الطبقة من أبناء المجتمع، لأنها الأكثر تماسكاً وقوةً ونشاطاً واندفاعاً، فإذا غاب الحكيم المدبِّر ضاعت هذه القوة أدراج الرياح، وإذا حضر القائد الحكيم، كالنبي الأعظم محمد (ص) ومن سار على نهجه، أعطت تلك القوة ثمرتها، واستطاع المجتمع أن ينمو ويتقدم ويزاحم ويحقق المكاسب العالية.

والأرواح الشابة التي تعيش الواقع من حولها لا يمكن أن تموت أبداً، تغيب أجسامها وأشخاصها وأعلامها، لكن الآثار التي قدموها للبشرية تبقى حاضرةً، وقد يكون النتاج الذي يقدمه الشباب عبارة عن مجموعة من الآثار المحسوسة والملموسة باليد، كما يحدثه الفنان التشكيلي مثلاً، أو في بعض شواهد الأمم السالفة في النقش على الجبال والصخور. وقد يكون الأثر من الأمور المعنوية ذات الأثر الأقوى لتحديد مسار البشر، من قبيل الحكمة والشعر وما أشبه ذلك، ففي الأعم الأغلب يأتي ذلك من مجموع ما يحدثه الشباب في وسط الأمة من نقلة، لأن الحيوية المتشكلة في داخلهم هي من القوة بمكان، بحيث إنها ما لم تُسيس قد تحدث العكس مما هو مفترض. فإن حصلت رعاية نسبية تقدم الشاب وتطور، أما إذا حصل الإخفاق في تلك الرعاية، فإن الشاب يجمح إلى مسافات بعيدة، ولو أردت استعراض الشواهد من باب التمثيل لكانت من الكثرة بمكان.

ففي عالم الأدب نجد طرفة بن العبد (الأحسائي) أحد رجالات الأدب الإنساني الكبار، والقدرة على البناء العمودي، يستعرض في قصيدته الدالية سيلاً جارفاً من الحكم التي قد لا يُعثر عليها إلا في نصوص الأنبياء والأولياء، وهي منتزعة من واقع ثقافي عاش معتركه، حال أنه قُتل في ريعان شبابه.

أما في ميادين الوغى فحدِّث ولا حرج، قبل الإسلام وبعده، وما يعنينا في هذا الجانب ما بعد الإسلام، فلا زالت فتوة علي (ع) هي التي تزرع في نفس الشاب ما ينبغي أن يتعاطاه.

فالشباب قوة بلا شك، وروحه سهلة التطويع، والإشكالية تكمن في من يقود الشاب نحو الهدف المنشود.

البحث عن الحكمة:

كان أمير المؤمنين (ص) كثيراً ما يكرر: «رأي الشيخ أحب إليَّ من جلد الغلام»([3])؛ لأن المفترض بالرجل الكبير أن يكون قد عركته الحياة بحيث أصبح قادراً على إعطاء الحكمة التي يحتاجها الشاب في الحياة، أما الشاب فيمتلك القوة، وهو قادر حتى على إعطاء النفس، بل إنه يسترخصها في الكثير من المواطن، لكن السؤال الأهم: ما الذي يكافئ الروح التي توأد في بداية مشوارها؟ ومن الذي يأخذ بها إلى حيث الهدف؟ هل هو إلا الرجل الحكيم؟ وقد تكون الحكمة مكتسبة من التقلب في حكَم المتقدمين، وما قدموه من زاد.

ففي الحضارة الغربية، والحضارات الشرقية، من الصين إلى الهند، هنالك قوالب في منتهى الروعة في جانب الحكمة والتنظير للإنسان في جانبه الإنساني، ولكن كم نقرأ من حكمة هؤلاء وهؤلاء؟ إن الحكمة نتاج بشري، فهل نحن ممن يقرأ؟ يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «الحمكةُ ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق»([4]).  فالحكمة لا تُحدُّ بزمان، وهو العصر الذي كانت فيه، ولا يقيدها الظرف الذي تتنقل فيه، ولا المصدر الذي صدرت عنه، وهو حامل الحكمة.

ومن العجيب الغريب أننا نقبل من الشرقيين والغربيين حكمتهم وتقدمهم في الأمور الاستهلاكية، وما يمثل لوناً من ألوان الترف في الدنيا، ونغفل ما صبّوه في قوالب حكمية، ولولا أنهم اقتربوا من مساحات الحكمة لما وصلوا وما أثرَوا ولا تطوروا ولا أثَّروا من حولهم. ولا ينبغي أن يفهم من كلامي أنني أدعو للتغريب أو التشريق الفكري، إنما أردت من الشاب، وهو في بداية الطريق، أن يعدد مشارب الثقافة كي يخلص لأنموذج حكمي يعطي للأمة ما ينبغي، ويستفيد منه الجيل من حوله، ومما لا شك فيه أن ما قدمه محمد وآل محمد (ص) من الحكمة، هو في أعلى درجات الحكمة، لأنه لم يصدر إلا عن سادات الحكمة، لكن حتى الأئمة (ع) لم يغلقوا الباب أمام محبيهم ومريديهم الذين عاشوهم في ظرف زماني ومكاني، في أن ينفتحوا على الثقافات من حولهم، وهذا أمر واضح وبيّن في عهد الخليفة المأمون، حيث كان الإمام الرضا (ع) على رأس الهرم.

فتلك الروح الشابة التواقة للعلم والمعرفة ومصائد الحكمة لا يمكن أن تموت أبداً، إلا إذا فرضت على نفسها سياجها، ورفضت أن تتحرك خارجه، فتكون النتيجة هي الموت.

العمل والإنتاج:

إن حدود لغة الأمس ضيقة، فما كان يتعامل به أبناء تلك الأجيال من اللغة مع روح النص كانت ضيقة، وسوف آتي على بعض مؤشرات ذلك. ونحن اليوم ندفع ضريبة تلك القراءات المجتزأة التي لم تسبر غور النص، مما أكسب القراءة الناقصة قدسية على حساب ما ينبغي أن يقدم لنا زاداً سليماً مكتمل الجوانب.

فالكثير من الناس لا يتعدى حدود الذكرى في تاريخ الأمة، فنتذكر مثلاً شاباً خرج من بين أيدينا، لم يخلف وراءه إلا الذكرى، فلا نتذكر إلا كونه عاش ومات. فمن الجميل جداً بالشاب اليوم أن لا يخرج من الدنيا إلا وقد خلف وراءه أثراً يدل على وجوده في يوم من الأيام، وإلا فإن القبور سوف تندرس، والأسماء تنطمس بعد سُنيَّات يسيرة حتى عند أقرب الأقرباء. حتى أنك عندما تسأل الأب: كم لك من الولد؟ فإنه لا يذكر من مات منهم ودفن عند استعراضه أسماء ولده، إنما يذكر الموجودين بالفعل، لا لشيء، إلا لأنه لا يتعدى إلا هذا القالب الوجودي المتحرك، أما من دفن فلا يدل عليه ما ينبغي أن يذكر فيكون قسيماً لإخوته.

لذا فإنني أستحث الإخوة الأحبة من الشباب الطيب، أن لا يغادر هذا الوجود إلا وقد ترك وراءه ما يدل على وجوده في هذه الدنيا، من لمسة في عالم الأدب، أو حركة في واقع المجتمع، أو صورة من صور الإبداع في الفنون، بجميع أغراضها وأشكالها وتقسيماتها، لأن قيمة الأمة في آدابها وعلومها وثقافتها وما تخلفه وراءها من الحكمة، وصُنّاع ذلك أنتم أيها الشباب، لأن من فرّط في فترة من الزمن لا زال يمتلك الرصيد بعيداً عن دائرة ما قد يعترض الطريق ـ دفع الله عنكم البلاء وموتة الفجأة ـ فالأحكام المتعلقة بالسماء نتركها للسماء، ونتعامل بالحساب الطبيعي، وهو أن يُكتب للشاب حياة أطول من تلك التي تكتب لمن تقدمه في العمر. فالفرصة أمام الشاب أكبر مما هي عليه أمام غيره.

وأما الذين تقدمت بهم الأعمار، فلا ينبغي أن يعيشوا حالة اليأس، فكم من نقلة نوعية أحدثها أرباب العمر المتقدم، ففي موروثنا الديني نجد الشيخ المقدس الأردبيلي، الذي جاوز الأربعين سنة من العمر، ولم يفلح في تحصيله العلمي في حوزة النجف، فعقد العزم على العودة إلى أهله، وأحزم أمتعته، لكنه جلس جلسة تأمل واحدة غيرت مسار حياته.

فقد سار حتى وصل إلى سور النجف، قاصداً الذهاب لزيارة السبط الشهيد ووداعه، ليأخذ طريقه بعد ذلك إلى أردبيل، فأخذ منه التعب مأخذه، وكان يحمل معه شيئاً من الخبز، فتساقط منه بعض الفُتات على الأرض، فاجتمعت عليه مجموعة من النمل، فرأى نملة تعالج كسرة من الخبز تريد أن تصعد بها إلى الأعلى فلا تستطيع، لكنها كانت تكرر المحاولة مرات ومرات، حتى وصلت إلى هدفها.

وهنا حانت منه لحظة التأمل، ويقظة (الأنا) في الداخل، فقرأ تلك الحالة، وفكر ملياً، وراح يخاطب نفسه: إلا أستطيع أنا بما لدي من قوة وإمكانيات أن أصل إلى هدفي كما تصل هذه النملة الصغيرة؟

وهكذا رجع إلى النجف، وألقى رحله فيها من جديد، ففتح الله عليه عيني البصيرة في قلبه، فأبصر فيهما عوالم أخرى من حوله. فصار فيما بعد: المقدس الأردبيلي، مرجع الطائفة الأول، وأستاذ البحث الأول، وإمام الحوزتين النجف وكربلاء.    

إننا اليوم في مسيس الحاجة أن نتأمل الوجود من حولنا بكل تشكيلاته، الحجر والبشر والشجر، وأن نفكر. وعندئذ يمكننا أن نسترجع ونقرأ ونصل.

إن بعضنا لا يتعدى معادلة العيش لفترة معينة، ثم يودع هذه الدنيا. حتى العلاقة الحميمة مع الإنسان في الدنيا إنما هي أيام قلائل، مهما بلغت في مسيرة الزمان، فذاك الخل العزيز الذي تأنس به في سفر، ولا تفارقه في معشر، إذا بك تقطع جميع الأواصر معه، فلا يبقى منها إلا زيارات متفرقة للمقبرة، مهما كان عزيزاً، أباً أو أماً أو صديقاً أو قريباً.

إن البصمة التي نتركها في عالم العلم والسلوك مع الناس من حولنا، هي التي تجعلنا في دائرة الذكر بعد رحيلنا من هذه الدنيا إلى العالم الآخر، فإما أن يكون ذكراً طيباً، أو ذكراً خبيثاً.

تجديد لغة الخطاب:

على الشباب اليوم أن يعيدوا الماضي، ولكن لا بلباسه المتهرئ، إنما بلباسه وثوبه الجديد. ولا أصف التراث بالمتهرئ، إنما أصف اللباس الذي أُلبِسَهُ، لأن هناك أربعة عشر قرناً مرت من الزمن، لم تكن سوى درن في درن، إلا ما استُثني منها، أكسبت النص ثوباً خَلِقاً متهرئاً.

وقد تكون القراءة والخطاب في ذلك الزمن تتماشى في عناصرها وتشكلها مع عصرها، فتكون مقبولة آنذاك، لكن ليست لديها القدرة والقابلية على أن تكسو جانباً مما ينبغي أن يُكسى في واقعنا اليوم، وعلينا أن نسلِّم للحقائق، اللهم إلا إذا كانت هنالك طبقة لا تعيش إلا على الثوب المتهرِّئ، وهذا عالم لا يعنينا، إنما الذي يعنينا أن من ينتظرون تراث محمد وآل محمد (ع) في جميع الأقطار والآفاق، هم من يرغبون أن يقدم لهم اللباب صافياً مصفى، لا تنتابه حالة من الكدر، وفي موروثنا الكثير من ذلك. أما لماذا تكون بعض الأمور مأنوسة عندنا؟ فذلك من كثرة التكرار، ومن طبيعة التكرار أن يورث الاستئناس، فما يُكرر يكون بمرور الأيام مأوساً وإن كان فجَّاً منحولاً أو مضافاً بما لا يؤمّن قيمة الإضافة من المضاف إلى المضاف إليه، لكن كثرة الترداد والتكرار تجعلنا نعتاده، وشواهد ذلك كثيرة، وقد تُضحك الثكلى.

ومن الأمثلة البسيطة على ذلك، أن يقول البعض: إن الزهراء (ع) لم تكن تملك في بيتها إلا عباءتها التي كانت لها من ليلة زفافها، فكانت إذا وضعتها على رأسها بانت أقدامها، وإذا أسدلتها على أكتافها بان شعر رأسها.

فهذا اللون من الخطاب الممجوج، قد يستهوي البعض ويأنس به، باعتبار أنه دليل على زهدها! لكنه لا يصلح أن يُقدَّم اليوم، إنما الصالح أن نقدم الزهراء (ع) قرآناً يحدد للبشرية ما أرادت من الصلاح والإصلاح، من أعلى هرمٍ في الأمة، وهي القيادة، إلى أصغر فردٍ من أبنائها. فالزهراء (ع) حكمةٌ وقرآن ناطق، لأنها تمثل أباها محمداً (ص) في تشكُّله، وعلياً (ع) في تمظهره، وتمثل ما تمثل من القيم السامية. فلا بد أن نقدم النص الزهرائي الفاطمي بما يتناسب وروح العصر التي يعيشها الناس اليوم.

فلو سلّمنا جدلاً أن ما ذكر عن وصف عباءتها كان صحيحاً، فما الذي يمكن أن يقدمه لنا قياساً مع ما لها من تراث؟ فللزهراء (ع) مسند من الأحاديث المأخوذة من النبي (ص) مباشرةً، فهو من أعالي الأسانيد، فلم لا نقترب منه وننهل من عطائه؟ ولماذا نرى هذا الطرح غير المجدي على شاشات يُنتظر منها الكثير؟

إن الشباب اليوم ينتظر منا الكثير، من المساحة الكافية لحركة التجديد، من أجل بناء وتشكل جيلٍ جديد، يتماشى مع واقعه، فهل يعطى هذه المساحة؟ أو أنه يتهم بأنه يحارب المبادئ والقيم ويهدم الأصول، ولا ندري إن كانت تلك الأمور من المبادئ والقيم والأصول حقاً، أو أنها من المنحول!.

فإن كنا ننشد البناء التكاملي فعلينا أن نعطي الجيل الذي يعيش حياته اليوم مساحته الكافية. نعم، لا بد أن تكون هناك رقابة، إلا أنها الرقابة المنفتحة لا اللصوصية، وذلك بأن يدرك الشاب أنه في دائرة المتابعة فقط، كي لا يحصل الجموح، أما المتابعة اللصوصية فغير مقبولة، لأن المترتب عليها هو التكفير والتضليل والتفسيق والإخراج من دائرة المؤمنين، بعكس الأول الذي يعني المراقبة مع العقل والإيمان وأن تكون المصلحة هي الهدف الأول والأخير من المراقبة، أما التسقيط وغيره من الأمور المترتبة على المراقبة، فهو غير مقبول، ولا يوجد عاقل على وجه الأرض يرضى به.

روح المبادرة: 

إن لهذه الأمة تاريخاً ناصعاً رفيعاً في الكثير منه، كما سطره محمد وآل محمد (ص) لكن البعض منه لا أساس له، وهو الذي يكسب الذاكرة الإنسانية ضرباً من النسيان تارة، والتخبط تارة أخرى، والانحراف تارة ثالثة. واليوم هنالك دراسات لتاريخنا في الغرب، فالأضواء تُسلَّط علينا من الخارج أكثر مما هي عليه من الداخل. فقد نشرت إحدى المجلات خبراً عن ارتفاع نسبة (الإلحاد) في وسط المسلمين بنسبة أكثر من (4٪) ذلك لأن الحصانة غير موجودة، والبناء غير محكم، فلو كان محكماً لما حصل ما حصل، فهنالك الآلاف من المجلات والصحف والشاشات تبتزنا من كل حدب وصوب، ونحن في حدود هذه الدائرة، وهي ما نجتره مع أنفسنا، وما نسقطه على غيرنا، فالمصداقية مفقودة أساساً.

إن بعض الإخوة ـ مع شديد الأسف ـ يروح ويغدو وهو يقول: ماذا فعل لنا رجال الدين؟ أقول: دعوكم من رجال الدين جميعاً، وعودوا لأنفسكم واسألوها: ما الذي أردتم القيام به ـ أيها الشباب الطيب المبارك ـ في سبيل صلاحكم وصلاح مجتمعكم وأوطانكم وأمتكم ووقف فيه رجال الدين حجر عثرة أمامكم؟ هل أردتم أن تقيموا جمعية وأفتى رجال الدين بعدم جوازها؟ فلو أنهم أفتوا بذلك لقلنا لهم: أنتم فريق ونحن فريق.

وهل أراد شبابنا أو كبارنا أن يبنوا صرحاً علمياً واعترض طريقهم رجال الدين والعلم والتقوى والورع؟ فلو حصل ذلك لقلنا لهم أيضاً: هذا فراق بيننا وبينكم.

متى اعترض رجال الدين طريق أحد أراد أن يقدم الخدمة؟ إن بعض الساحات والمنتديات لا شغل لها إلا رجال الدين وما قدموا أو أخروا، ولكن ما الذي قدمه هؤلاء القائلون أنفسهم وماذا أخروا؟ 

إنني لست في موقف المدافع عن رجال الدين، بل لديّ الكثير من الملاحظات، ولكن لا يثنبغي علينا كشباب أن نجعل من رجال الدين شماعة نعلق عليها جميع الإخفاقات ومسارات الفشل التي نعيشها. فهل رأيتم واحداً من الشباب أراد أن يستقل عن أبيه ليبني له بيتاً، فاعترضه الأب؟ بل إن الأب يدفعه باتجاه العيش الكريم، ومن لا يدفع ابنه بهذا الاتجاه فعليه أن يراجع الكثير من حساباته.

أيها الشباب الطيب: بمقدوركم أن تنطلقوا من الذات، فلو أخفق الآخرون ـ ومنهم رجال الدين ـ في أن يحققوا شيئاً، فعلى الشباب أن لا ينسوا أدوارهم ومسؤولياتهم، فلا عذر لأحد في التنصل من المسؤولية.

باستطاعة الشباب منذ ثلاثين عاماً، أن يتعاونوا فيما بينهم لبناء أكبر حسينية، ولو بجمع ألف ريال من كلٍّ منهم، ليمارسوا دورهم باستقلال عن غيرهم، بدل أن يشتكوا من البعض أنه لا يسمح لهم بممارسة دورهم في الأيام العشرة من محرم الحرام.

بل يمكنكم أن تحافظوا على أموالكم كما هي، دون أن تنفقوا منها شيئاً، وذلك بالاستفادة من الحق الشرعي، أي أنكم عندما تُخرجون الحق الشرعي، تطلبون إلى رجل الدين أن يمنحكم الإذن بالتصرف فيه، في مجال المشاريع الخيرية، كرياض الأطفال أو المشاريع الأخرى، فإن رفض أن يمنح الإذن بالتصرف، فلستم مجبورين على إعطائه ذلك الحق، ويمكنكم الذهاب إلى غيره.    

علينا أن ننتقل من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل، فبدل أن نوجه الانتقاد إلى هذا أو ذاك، علينا أن نعمل جهد إمكاننا على تقديم ما يمكن تقديمه.

أيها الشباب: إن الأمانة ثقيلة، وأنا أقدر ذلك، ولكن علينا أن نمسك بالأمور كما ينبغي.

نسأله تعالى أن يفتح علينا وعليكم أبواب الخير، وأن يجعلنا وإياكم من السائرين المهتدين المتمسكين بمحمد وآله الطاهرين.

وفقنا الله وإياكم لكل خير، والحمد لله رب العالمين.