نص خطبة: الزهراء عليها السلام أجلى مصاديق معاني الكوثر

نص خطبة: الزهراء عليها السلام أجلى مصاديق معاني الكوثر

عدد الزوار: 1125

2015-04-13

تبسم رسول الله (ص) في وجه أم المؤمنين خديجة، ثم قال: «هذا أخي جبرئيل (ع) يخبرني أنها ابنتي، وأنها النسمة الطاهرة المطهرة، وأن الله تعالى أمرني أن أسميها فاطمة، وسيجعل الله تعالى من ذريتها أئمة يهتدي بهم المؤمنون»([2]).

بارك الله لنا ولكم ذكرى ميلاد الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص).

قالوا في الكوثر:

قال تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ ~ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ~ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ([3]).

هذه السورة على قصرها، إلا أنها تنطوي على الكثير من المضامين العالية، وقد جمعت بين البشارة والتحذير، البشارة للحبيب المصطفى محمد بابنته الزهراء النوراء. والتحذير لمن خاصم محمداً (ص) وعيره بالأبتر. ولم تكن هذه الصفة السلبية التي أراد أصحابها أن يطاردوا النبي (ص) بها في منتدياتهم ومجاميعهم، لكن القرآن سجلها وأثبتها ليجعل من خلالها سلوةً لكل أولئك السائرين على نهج الأنبياء والأولياء والصالحين ممن نذروا أنفسهم من أجل الهدف وحماية الخط الرسالي في وسط الأمة.

لذلك هي همسة من السماء، وإن كان المخاطب بها النبي الأعظم (ص) إلا أنها تمثل بلسم جراحٍ للكثيرين ممن مضوا، وممن يشغلون الساحة اليوم على مساحتنا الواسعة في عالمنا الإسلامي الكبير، حفظه الله من غوائل الزمن ودخائل النفوس.

عند سورة الكوثر تفرّعت أقوال العلماء من المفسرين خاصة، أنهاها بعضهم إلى ثلاثين قولاً، وما هذا التشتيت في اقتناص المعنى واستنطاق النص إلا من باب المؤامرة على الزهراء بنت النبي محمد (ص) وإلا حتى لو سلمنا بادئ بدء أن لفظ الكوثر لفظ مشترك له قابلية الانطباق على الكثير من المصاديق الخارجية، ولكن مع وجود القرينة المخصِّصة لا يبقى لتلك الحالة من القابلية في الانبساط على المصاديق المتعددة خارجاً موضوع، بل تؤول إلى السلب المطلق موضوعاً، ناهيك عنه حملاً.

من هنا نقف أمام كل أولئك الذين سافروا بالمفردة إلى مسافات بعيدة تتناقض وجوهر السورة المباركة، ولا نحاول أن نتعدى دائرة أن نسمح لأنفسنا بابتسامة تنطوي على الكثير من التشفير التي أتمنى أن يفهمها الأحياء منهم، على أن تجد طريقها إلى أولئك الذين طوتهم اللحود، الذين أسأل الله تعالى لهم، وهم في عوالم خاصة، أن يفهموا هذه الحقيقة ويحفظوها في يوم نحتاج فيه الكثير. 

فقد قالوا: المراد بالكوثر نهر في الجنة. وقالوا: هو الخير الكثير. ثم وجدوا أن هذه العبائر مهما تكلف فيها المتكلف، فلن يستطيع أن يرفع الصفة عن موصوفها، إذ لا موصوف في البين يستحق الخطاب من السماء تكريماً في مثل هذا الموطن إلا الصديقة المطهرة الزهراء بنت النبي محمد (ص).

وقالوا في الكوثر: إنه الإسلام، وهو عنوان طويل عريض، منه ما وصل إلى الأمة بطرق مقطوعة، ومنه ما وصل إليها مشوَّهاً مشلولاً من جانب على حساب الجانب الآخر، فتكون المساواة بينهما في الخارج ظلماً واضحاً، وخير شاهد على ذلك ما تكفلت به أوراق التاريخ منذ أن غاب النبي (ص) إلى يومنا هذا، فالصفحات بين جنباتها أشياء وأشياء، لم تنطوِ إلا على ما كان نتاجاً أريد به أن يؤتي ثمره ولو بعد حين، وكان الثمر مراً، بل سُمّاً زعافاً، بدأ بدفع ضرائبه صاحبة المناسبة، عندما عُصرت بين الحائط والباب وأسقطت جنينها، ثم تلاها علي (ع) عندما ضُرّج في محرابه بسيف الغدر الخارجي. ولم يكن الإمام السبط الشهيد بعيداً عن تلك الجرائم الصعبة عندما جُرع السم الزعاف، وقطعت أمعاؤه. وأما مشهد الحسين (ع) فحدث عنه ولا حرج.

كل ذلك كان نتيجة ضمائر بيعت، ولا تسأل لمن بيعت؟ ونتاج أنفس غادرت مواقعها وكأنها لم ترَ النبي (ص) ولم تبصره. وليت شعري! هل أن ما نعيشه اليوم يعني شيئاً أفضل مما مرّ في الماضي؟ أو أننا نجترّ تاريخاً مأساوياً مرّاً؟

أيها الأحبة: كم نتمنى على أصحاب العقول النيرة والأقلام الشريفة في أوساط الأمة أن يراجعوا أنفسهم، ويحكموا ضمائرهم، وأن يعقدوا صفقتهم مع المطلق جلت قدرته، فلا ينبس أحدهم ببنت شفة إلا وهي للإصلاح في وسط الأمة، ولا يرسم حرفاً إلا وله ما يمثل بلسم جراحٍ طالما نزفت من جسد هذا الدين الذي بذل النبي الأعظم (ع) الكثير من أجل يسود البسيطة، لتتحقق العدالة والسعادة والمحبة والسلام، ولكن لم يتحقق إلا القليل من ذلك مع شديد الأسف، رغم أن المسافات لا زالت قابلة للتقريب فيما بينها، وما زالت الفروع يمكن أن يتعامل معها من أراد أن ينطلق من خلال نفس طيبة لم تلوثها وتكدرها الوريقات الصفر الموروثة من القرون الغابرة.      

أيها الأحبة: كم كان حرياً بهذه الأمة أن تعيش يومها، وتلقي الكثير من تاريخها وراء ظهرها! كفى جلداً للذات، وبعثرة للأوراق، وتمزيقاً لأوساط الأمة، حتى بات الفرد المسلم منا قابلاً أن ينقسم على نفسه إلى أكثر من قسم وقسم، وما هذا إلا نتيجة لتلك الحالة من الابتعاد عن الثابت الذي أنزلته السماء بواسطة الأمين جبرئيل، والذي جسده النبي (ص) سلوكاً من خلال أقواله وأفعاله وكان للمعصومين من آل محمد فيه البصمات المتواصلة.

ثم قالوا: إنه الإيمان، وهل أن لفظة الإيمان سهلة؟ أليس لها معاني ومداليل خاصة ينبغي على من يرغب أن يكون متصفاً بها، لما لها من الخصوصية بعد عموم لفظ الإسلام، أن يكون حريصاً على المطابقة بين أقواله وأفعاله، وبين محبته الخاصة لنفسه وما ينبغي أن يتفرع عنها من الحب للعالم من حوله. قال تعالى: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوْا وَلَكِنْ قُوْلُوْا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيْمَانُ فِيْ قُلُوْبِكُمْ([4]). هذا هو منطق القرآن الكريم، الذي يضع حداً للإسلام الذي يدخل في دائرته الجميع ممن قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فمن قال ذلك حقن دمه وحفظ ماله وعرضه، وهي الأبعاد المهمة في حياة الإنسان كفرد، فالإسلام يكفلها للمسلم، كما أنه ـ أي الإسلام ـ لا يعطي لنفسه حقاً أن يتجاوز على حقوق الآخرين ممن لم يكونوا دخلوا حظيرة الإسلام، فكيف انقلبت المفاهيم في أوساطنا، وجرت الأحكام فيما بيننا، بحيث أصبح أقرب ما يُتقرب به إلى الله هو إراقة دم مسلم هنا أو هناك؟

حقيقة الكوثر:

ولكن تبقى الكوثر تبحث عن مصداقها، ووالله لو طالت الدنيا أكثر مما عاشته، وأجهد العلماء أنفسهم أكثر مما أجهدوا، فلن يجدوا هدياً يسوقهم للمصداق الحقيقي لهذه المفردة والمبتغى من وراء هذه السورة إلا الصديقة الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص).

ولعلنا نبحث عن تفسير موضوعي يتماشى مع المراد من اللفظ وضعاً، ولا أرغب في الدخول في بحث أصولي صرف، فنحن عندما نرتقي أعواد المنابر أو المنصات، فليست المسألة أن نستعرض بعض مفاهيم أو مصطلحات استظهرناها داخل أروقة الحوزة العلمية، فمن أراد أن يستعرض فالحوزة أمامه، وأروقتها مفتَّحة، أما على رؤوس الأشهاد فالناس في غنىً تام، لأنهم يبحثون عمن يلامس قضاياهم، ويبحث في مشاكلهم ويعيش واقعهم.

أيها الأحبة: الأمراض كثيرة، منها ما هو متأصل ومستعصٍ، ومنها ما لم تصل به الحال إلى هذا المستوى، وربما نلتمسُ عذراً في الاقتراب من مساحة الأول لفقدان مفاتيح الحلول، ولكن لا عذر في أن يكون الخطاب موجهاً في الاتجاه الثاني، أي في القضايا التي بدأت للتوّ تأخذ موقعها على السطح. فالشاعر يقول:

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت     ولا تلين إذا صارت من الخشبِ

فمن المستعصي جداً أن تستجيب الغصون اليابسة إلا بالقطع والكسر، أما إذا كانت لم تزل لينة فبالإمكان تعديلها وتقويمها.

فإن كنا نعيش الزهراء (ع) في فرحتها فعلينا أن نقترب من حياض مدرستها. وهنا يساعدنا التفسير الموضوعي لمعطى مفردة الكوثر في هذه السورة المباركة النازلة مطمئنةً ومهدئةً للحبيب المصطفى محمد (ص).

فالمعنى المناسب لها إنما هو كثرة الذرية، والتخصص والتميز في نسل البضعة الطاهرة فاطمة (ع)، فالكثير انقطع نسلهم، إلا أن نسل من عيّروه بالأبتر بقي النسل الأول الذي ينفرد بالخاصيتين: الكم والكثرة من جهة، والكيف والجودة من جهة أخرى، وهو ما لا تعثر عليه مجتمعاً إلا في نسل البضعة الطاهرة الزهراء بنت النبي محمد (ص).

ميلاد السيد الإمام:

وبهذه المناسبة يساعدنا على التفسير الموضوعي ذكريات مرت علينا، للزهراء فيها نصيب، ولهم شرف عظيم، فقد اقترن بذكرى ميلادها ميلادُ حفيدها المجدد السيد الإمام (رضوان الله على روحها الطاهرة) حيث ولد في مثل هذا اليوم.

وللسيد الإمام (رضوان الله عليه) بصمة واضحة بينة، وإشراقةٌ نستضيءُ بها في جميع عوالمنا، إذا ما أردنا أن نتحرك، لأنه اقترب من موروث أهل البيت (ع) واستطاع أن يتعاطاه بحالة من التجرد عن النزوات التي كانت تعصف بالكثير من العقليات التي أحسن ما توصف به هو التحجر، أو العمل المطبق على تلك الذوات. فقد انفتح السيد الإمام على النص بعد التدقيق فيه، واستنطقه ثم استنبط منه، ثم رتب الآثار عليه، ليجعل من موروث أهل البيت (ع) الشاغل الأول لجميع أرباب الفكر في عصرنا الحاضر على البسيطة.

ارجعوا إلى ما قبل عام 1980م واقرأوا ما شئتم من أرشيف الجرائد أو المجلات أو البحوث، واسمعوا وشاهدوا المسموع والمرئيّ، فقد كان الشاغل لجميع تلك الفعاليات هو فكر محمد وآل محمد (ص) الذي استطاع الإمام أن يميط الغبار عن الكثير من جوانبه.

أيها الأحبة: لو تركت عجلة التغيير تأخذ دورتها كاملةً لما كان الحال كما هو عليه اليوم، لكن الأمة أخفقت. ومع شديد الأسف، أن الذين سعوا في إيقاف العجلة، أو التقليل من سرعة دورانها هم ممن يحسبون على هذه المدرسة.

يقول السيد الإمام (رضوان الله عليه): سوف يأتي اليوم الذي يحصد فيه الآخرون ما زرعوا. وهكذا كان، فأين صدام وأمثاله؟

ذكرى الشهيد الصدر:

أما الشذرة الثانية في هذه المناسبة فهي السيد الشهيد المظلوم، محمد باقر الصدر (قدس سره) الذي نعيش ذكرى شهادته، فهو الشهيد المغدور الذي ما انفكت أقلام الظلم وأفواهٌ عفنة تنال منه إلى يومنا هذا. يقول أحد أصحاب العمائم المستأجرة من خلال فضائيته: والحمد لله أن محمد باقر الصدر لم يخرج من الدنيا حتى قال كلمة الكفر!.

لو أن الإمام الشهيد الصدر وجد حضنا ومساحة ووضعاً مناسباً من حوله، ومجتمعاً ينهض به في النجف الأشرف آنذاك، لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه. فهو لم يظلم من الطاغية فقط، إنما ظلم من الكثيرين. وإني على علم أن البعض ممن يطرق سمعه كلامي هذا لن يروق له ذلك، لا لشيءٍ إلا بناءً على ما تنطوي عليه سرائرهم، لكن للإمام الصدر على الأمة دَينٌ ثقيل. يقول السيد الإمام في حقه: نحتاج إلى أربعمئة عام حتى نستعيد ذاته.

فلا يعرف العظيم إلا العظيم، ولا يناكف العظيم إلا اللئيم، وإن كبرت عمامته، وطالت مسبحته، وذاع صيته، وانتشر اسمه في أكثر من موطنٍ وموطن، فلا يصح إلا الصحيح.

إن الإمام الشهيد الصدر نابغة العصر، والجوهرة الغيبية التي لم يتفتح من جوانبها إلا ما اقتضاه الظرف الزمني الذي عاشه.

البعض لا يرغب أن نسلط الضوء على مكامن العظمة والقدرة والاقتدار والتقدم على الأقران، كي لا تتكشف العيوب وتتضح الأمور على حقيقتها. ومن حقنا أن نسأل من كان يرى أن الشهيد الصدر هو الأعلم: أين كنتم عنه؟ ولماذا خجلتم منها؟ وهل كان ذلك الصمت المطبق بإيعازٍ من تكليف ديني أو اتباع هوىً؟

إنك إن فتشت النجف في أواخر قرنها الأخير الرابع عشر، فلن تجد من يضاهي هذا الرمز في أبعاده العلمية.

ولد الشهيد الصدر في الكاظمية في بيت علمٍ وشرف ونبل وجهاد، وكانت علامات النبوغ مبكرة في شخصه، إذ حار في التعامل معها أساتذته في المدرسة الأكاديمية، وقد التفت لذلك أهل بيته، فغرسوا فيه الكثير، وكان في حالة من التقدم الطردي، فلم يجد مندوحة إلا أن يجعلوا الفضاء أمامه واسعاً، فحط رحاله في النجف الأشرف، ومنذ الأيام الأولى شخصت إليه الأبصار، وصارت ترمقه في كل مكان يحلّ فيه، والتفّ الجمعُ من حوله، فما كان يطوي صفحة درسٍ عند أحدهم إلا ويطرح البحث وكأنه الأستاذ، بل في قالب يمتاز فيه على أستاذه من خلال البناء الأدبي والصقل اللفظي، ودونكم كتبه شاهداً على ذلك.

كان في مجاله العلمي الكبير في الأصول بارزاً بشكل واضح، وليس من يُدَّعى لهم الكثير في وضع أحسن منه. فقد بنى مدرسة أصولية لا زال الكثيرون يشعرون بالحرج عندما يقفون أمامها، إذ غربل مدرسة الأعلام الثلاثة: ضياء الدين العراقي، والنائيني، وشيخ الشريعة الإصفهاني، ثم عقّب ذلك بما أفاده أساتذته، وفي مقدمتهم زعيم الحوزة العلمية السيد الخوئي (قدس سره) ثم عاد نظم الآراء من جديد بعد غربلة وتمحيص.

وأما الفقه فقد كان قبله كالماء الراكد، لا يتحرك منه إلا ما حُرِّك من أطرافه، فأبى الشهيد الصدر إلا أن يكون الفقه كالنهر، يتفرع ويسقي.

لقد قرأنا للكثيرين، في كتب استدلالهم ورسائلهم، لكن هذه الحالة من التفرد لم يكن لها عينٌ ولا أثر إلا ضمن هذه الدائرة.

لقد اختصر الشهيد الصدر في هذا الحقل صرف الليالي والأيام، اختصار المدقق الممعن للنظر، على قاعدة السهل الممتنع.

ليتك سيدي حياً فتُفدى، لأفديك بروحي، وقلّ الفداء.

أما أدبه فلا يخفى، فالبعض وإن كان لديه علم، إلا أن درايته بالأدب ضحلة جداً، بحيث تفسد المعنى.

وقد يسأل سائل: هل كان السيد الصدر عارفاً؟ فليت شعري، إن لم يكن عارفاً فمن ذا الذي يكون عارفاً؟

أما أساتذته فكثيرون، منهم: الشيخ محمد رضا آل ياسين، والسيد الخوئي. وأما أبرز تلامذته فمنهم آية الله العظمى السيد كاظم الحائري، وهو أحد أبرز أساتذة البحث الخارج في حوزة قم المقدسة اليوم.

ومن المفارقات أن أحد فضلاء المنطقة سئل في يوم الأيام، قبل شهادة السيد الإمام الشهيد: لمن نرجع بعد الشهيد الصدر في مسائلنا الاحتياطية؟ فقال: للسيد كاظم الحائري. فلما استشهد الشهيد الصدر أصبح السيد كاظم الحائري نسياً منسياً، وكأنه لم يُرجِع إليه في المسائل الاحتياطية في يوم من الأيام!. ورُجع لأكثر من مرجع، وبقي السيد الحائري يراوح مكانه، وهو الأعلم عند صاحب الفضيلة المذكور.

ومن تلامذته أيضاً آية الله السيد محمود الهاشمي، رئيس السلطة القضائية لفترة من الزمن، وهو أحد المراجع، وأفضل من قرر أبحاث الإمام الشهيد الصدر في سبعة مجلدات.

ومنهم شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) أحد أساتذة علوم القرآن بامتياز، وله إجازة بالاجتهاد وهو في سن السابعة عشرة من عمره.

ومنهم السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) صاحب موسوعة الإمام المهدي، وهي موسوعة كبرى، حريٌّ بأبنائنا أن يقرأوها، لأن المنعطف التاريخي اليوم يأخذنا إلى هذا الجانب، فنحن على مقربة من عالم الظهور إن شاء الله تعالى.

ومنهم آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، هذا الفقيه العصري الذي استطاع أن يحدث تجديداً، وما حاربه المحاربون إلا للوازم قريبة أو بعيدة.

ومنهم العلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي (رضوان الله تعالى عليه)، فهو من حسنات ذلك العظيم، ومن أبناء هذه المنطقة. والقائمة تطول.

فالإمام الشهيد الصدر شذرة من شذرات السيدة الزهراء (ع).

 

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد المناسبة علينا وعليكم، وأن يجعلنا وإياكم من السائرين على نهجها، وممن تنالهم الشفاعة على يديها.

نسأله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.


 

 

في الختام هذه قصيدة بمناسبة ميلاد الزهراء (ع) بعنوان: أيقونة الإله، أقول فيها:

فرحة    العيد    قررتها   السماء
حيث   شعت   بنورها  ii"الزهراء"
وتغنت   حور   الجنان  ابتهاجاً
"يا  رسول  السماء"  طاب اللقاء
وتلاقت    بين   المطالع   روحٌ
فيها    حب    وطاعة   وصفاء
هي  "بنت  الهدى" التي iiفضلتها
بامتياز   دون   النساء   السماء
فهي  للعلم  محض  وحي  تجلى
وهي    للنص    حكمة   وجلاء
جسد   "الله"   حبه   في  "بتول"
هي     نور    وحشمة    وثناء
كم   أدارت  رحى  الأمور  بعزم
في     مقام    يخافه    الأقوياء
"روح  طه"  التي  أقامت  iiسلاماً
بين    قوم    قد   فرقتهم   دماء
جمع    "الله"    بينها    و"علي"
لا   تسلني  من  السنا  والضياء
ما   تجلت  "بنت  الرسول" بليل
إلا    شعت   بفضلها   "كربلاء"
قدر   الكون   أن   تكون   بتولاً
"بنت  طه" و أن  يدار  "الكساء"
هي  في  "الله"  قبسةٌ  من عروج
و هي في الأرض رحمة و عطاء
كل    شي    إذا   تأملت   فيه
فهو    سر   و   آية   واقتضاء
إن   تراءت  بين  النجوم  بوجه
فهي   أصل  وقد  حكته  السماء
أسرجت  "طيبة  الرسول"  بنص
فيه   "لله"   غضبة   و   انتماء
حيث  جاءت  تريد  أخذ  "علي"
"و   علي"   عليه   لف   الرداء
لببته      بعمة     كان     فيها
يدفع   الكرب  إذا  تدلى  iiالبلاء
سل  حروباً  وسل  مواقف  شتى
كيف  أمضى  حدودها "الأولياء"
رجعت  "بنت  أحمد"وهي حسرى
تمخض  الحمل  و  العيون بكاء
هكذا     تحفظ    الودائع    لما
غاب   "طه"  و  يستثار الشقاء