نص خطبة الجمعة: الخوارج الجُدد آفة العصر ومطية الكفر

نص خطبة الجمعة: الخوارج الجُدد آفة العصر ومطية الكفر

عدد الزوار: 685

2014-03-08

قال الحكيم في كتابه الكريم: ﴿وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِيْ الأَرْضِ قَالُوْا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُوْنَ ~ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُوْنَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُوْنَ([2]).

النفاق أساس الخوارج:

الإرهاب والخوارج وجهان لعملة واحدة، فالخوارج الجدد آلة العصر، ومطية الكفر، فجذورهم بدأت منذ العصر الأول للإسلام، فهم المنافقون، ولا تكاد تخلو حقبة من حقب الزمن إلا وللمنافقين بصمتهم. فهم في عهد رسول الله (ص) كُثر، وقد تآمروا على حياة النبي (ص) حتى أطلع الله نبيه على حقيقة أولئك النفر بأسمائهم وأشخاصهم، في ليلة دحرجة الدِّباب، عندما قفل (ص) راجعاً من معركة تبوك، قاصداً المدينة المنورة بأنواره الشريفة، وقد نزل في ذلك آيات كثيرة. ثم تُوِّجتْ بسورة كاملة هي (المنافقون) وعندما احتيج لبيان أكثر هبط الأمين جبريل على نبي الرحمة (ص) بسورة التوبة، التي لم تُفتتح بأسماء الرحيمية والرحمانية، إنما ابتدأت بلحن الخطاب العنيف الشديد المغلّظ.

وقد أسرَّ النبي (ص) لحذيفة بن اليمان بأسماء المنافقين، وكان أصحاب النبي (ص) يقرأون في جنازة من يتخلف عنه حذيفة بن اليمان صفة النفاق. وهكذا أُنفذ حذيفة في سرية من السرايا لتخلو منه المدينة، كي لا توضع النقاط على الحروف.

جذوة النفاق في عصر الأئمة (ع):

وفي عهد الإمام علي (ع) تحول المنافقون من حال إلى حال آخر، فإن كان النفاق في عهد النبي (ص) لا يعني المنظمة أو المجموعة، فإنه في عهد علي (ع) أصبح حراكاً منظماً، تسوسه قادة، وتأخذ به ذات اليمين وذات الشمال. وزُرعت البذرة والنواة التي على أساسها تفرعت فروع تلك التكتلات، فلم تكن التقوى التي كان يتمظهر بها بعض المسلمين تنطبق على واقع في داخل أنفسهم، إنما كانوا يظهرون ما لا يبطنون.

ففي زمانه (ع) ظهرت بدعة الخوارج، التي سوف أقف على طرف منها إن شاء الله.

وفي عصر الأئمة (ع) ابتداءً من عصر الإمام الحسن السبط (ع) إلى الإمام العسكري (ع) لم تخبُ جذوة النفاق، إنما تعددت مساربها، وتشكلت ألوانها، وتعددت ألوان طيفها، سواء من حيث الزمان أم المكان، أم الفكر والممارسة، حتى أن من يحسب على صنف الصحبة للأئمة المعصومين (ع) لم يخرجوا من هذه الدائرة. فليس بالضرورة أن يكون الخوارج ممن لم يقبلوا علياً (ع) بادئ بدء، إنما صاروا يأخذون أكثر من لون ولون، بعد أن تحقق لهم وضع حجر الأساس بناء على ما وقع في إحدى المعارك بين علي (ع) والطرف الآخر.

ومن الطبيعي أن لا يتخلف المنافق عن ركب المؤمنين في مساجدهم، وحجهم، وأداء فرض صومهم، بل إنهم يتمظهرون بالقرآن الكريم أكثر مما يتمظهر به غيرهم، فكانوا يفتحون أبواب المساجد ليلاً، ويسرجون فيها الأنوار، ويحضرون الماء من الفرات إلى القليب، ليسبغ المصلون وضوءهم وطهارتهم. ويأنس أحدهم بحالة الفقر والفاقة على أن يقدم درهماً في سبيل الله في الظاهر، وهو حبل من حبائل الشيطان.

ولم تكن المساحة صافية في صفوف أصحاب الأئمة (ع) إنما كانت ملغمة أيضاً ببعض تلك الشخصيات، وكان السلف يعطي لخلفه، لذا لم تنقطع مسيرتهم إلى اليوم، ولا زالوا يتحركون، سواء في جنح الظلام، أو في رابعة النهار، إذا ما أتيح لهم ذلك، فلا تكاد تجد حرباً بين أي إمام من الأئمة (ع) وبينهم، من الإمام الحسن المجتبى إلى الإمام الحسن العسكري، تجري فيها الدماء، ولكن كانت لهم أياديهم المؤثرة في جانب لا يقل أهمية عن ذلك، وهو حرف المسار الفكري وإدخال الأمة في دائرة الشك، وهذا عمل ليس بالسهل اليسير، وهو ما يستدعي اليوم أن نسترجع موروثنا، وأن نعيد قراءته. وإن كان البعض يتحسس من قراءة الموروث، فإنه بات اليوم يستدعي إجراء عمليات إنعاش، فضلاً عن إعادة القراءة، وإعطاء بعض العقاقير التي تساعده على تخطي مساحة الألم. فهنالك ألم أصبح قاسياً، ومع ذلك أن هناك من يتبنى المحافظة على الموروث، غثه وسمينه، وهذا ليس من الصحيح بمكان، فينبغي المحافظة على ما كان منه أصيلاً طيباً نقياً، وما وصل إلينا منه بطرق معتبرة، إذ نزاوج بينه وبين القواعد العامة، ونأخذ بما وافق كتاب الله منه، وأما ما دُسَّ منه من قبل المنافقين والأيادي الآثمة فلا. وقد حصل الدس في مستويات مختلفة، على مستوى أُسَر وأعلام وصحابة كُثر، كما حصل لبني فضال وأضرابهم، الذي اخترعوا فكرة الوقف، وهي واحدة من المحطات التي أُكسبت لوناً من الإسقاط على المشهد.

الإرهاب المعاصر والنفاق القديم: 

أما المنافقون اليوم فهم الإرهابيون الذين يحلون دماء البشر، فلم يعد الأمر مقتصراً على الطرف الآخر الذين لا يلتقون معه مذهبياً، إنما تجاوزوا المساحة إلى ما هو أبعد من ذلك، فلم تسلم من شفارهم رقبة مسلم يشهد الشهادتين، ولا مؤمن يثلّث بشهادته، ولا حتى من يعتنق ديناً من الأديان التي تقدمت على رسالة النبي الأعظم محمد (ص).

فالمنافقون ثم الخوارج ثم الإرهابيين، يمثلون حالة من حالات التطور، انتهت إلى ما انتهت إليه اليوم.

ومن العجيب أن العالم اليوم يبحث عن تعريف جامع مانع للإرهاب، ليضع قوانين رادعة. فهذا العالم الذي يستطيع أن يجتمع في ساعات يسيرة ليحدد مصير شعب هنا أو دولة هناك، أو أمة هنا أو أمة هناك، لا يستطيع أن يحدد مفهوماً ينطبق على الإرهاب كي يسن قانوناً لردعه! فهل يُعقل هذا؟ وهل يمكن أن يقتنع بهذا الكلام من يعقل ويدرك؟

للإرهاب مساحتان: مساحة الفكر، ومساحة الاستئصال والقتل، فالبعض يتصور أن القتل هو الوجه القبيح للإرهاب، وهو وجه قبيح بالفعل، لكن الأقبح منه أن يكون ثمة إرهاب فكري يسوس واقع الأمة.

والإرهاب الفكري، تارة يكون من خلال طرف مذهبي في مقابل الآخر، وتارة أخرى يكون بين أتباع المذهب الواحد، فهو إرهاب فكري يمارس الإقصاء والإبعاد. فالقتل في مساحة الإرهاب، هو عبارة عن سحب مساحة الحرية الفكرية بين الناس، لتحصل حالة من التمرد، فيُتلَّقفُ المتمرد، ويغرس في نفسه ما يغرس، بعد التخلية وغسل الدماغ، حتى يصبح قطع رأس الكبش عنده أصعب من قطع رقبة إنسان. فلو لم يسبق ذلك إرهاب وتسطيح فكري، ومصادرة فكرية، لما آلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم.

وقد كان النبي محمد (ص) يحذر من هذه الجماعة قبل أربعة عشر قرناً من الزمان فيقول: «سيخرج في آخر الزمان قومٌ أحداث الأسنان([3])، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميِّة، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة»([4]).   

لقد سهل على أمثال هؤلاء اليوم أن يقتل أحدهم الآخر، كما نرى في أكثر من ميدان وميدان، لأن الجامع ليس الحق، إنما هو الباطل، والباطل لا يجمع بين اثنين، صحيح أن هنالك مجاملة، ولكن ليس هنالك مصداقية، فالمجاملة تكون على حساب المصلحة، الشخصية أو الفئوية أو الدولية، لكنها تنتهي في النهاية عند تقاطع المصالح، فتراهم اليوم في خندق واحد، ثم يصوب أحدهم رصاصه نحو الآخر.

وكما نرى في الحديث أن هنالك دعوة من النبي (ص) لأصحاب القرار والدول والمنظمات التي تدعي حقوق الإنسان، بقتل هؤلاء، فنحن نرى أن تلك الجهات المعنية بحقوق الإنسان ربما تعبِّد طريقاً لتؤمِّن سلامة السلحفاة بالعبور من طرف إلى طرف آخر من الطريق السريع، ولكن ليس لديها الاستعداد أن تؤمن نفقاً لسلامة البشر من منطقة محاصرة إلى أخرى آمنة، فأي عالم هذا؟!

إن في قتلهم هؤلاء أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة كما ينص الحديث الشريف.

ولكن، ما هو الأساس الذي بنى عليه هؤلاء فكرهم ومنهجهم وطريقتهم وسلوكهم وعصبيتهم وتمردهم وانحرافهم؟

وفي حديثة (ص) لعلي (ع): «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»([5]).  فالمارقون هم الخوارج (الإرهابيون).

ربما يظن البعض أن الإرهاب ظاهرة حديثة العهد، والحق أنها ظاهرة قديمة. ومن أمثلته أن فقيهاً من أحد المذاهب أفتى قبل قرون في جماعة من أتباع مذهب آخر من مدرسة واحدة، فقُتل في ذلك ما يقرب من خمسة وسبعين ألفاً على سفح بردى داخل دمشق!.

شبهات الخوارج:   

لقد دخل أمير المؤمنين (ع) صراعاً مع جيش الشام كاد ينتصر فيه، ولكن حصل ما حصل، من جدل في جيشه بعد رفع المصاحف، وطلب مالك الأشتر منه مهلة يسيرة لحسم المعركة، ورفض الإمام أمير المؤمنين (ع) طلبه، وملابسات أخرى في الحدث، ينبغي أن ندرسها دراسة موضوعية، وأن نقرأها قراءة صريحة وواضحة بعيداً عن دائرة العصمة، إنما نتحرك في دائرة حرب بكل معطياتها وآفاقها، لنوجد حلولاً مقنعة، فالذين أداروا ظهورهم لأمير المؤمنين (ع) إنما شُبِّه عليهم، واختلطت عليهم الأمور ولم تعد واضحة مع أن الكثير منهم كانوا من العبّاد، وكثيراً ما يكون المستغرق بالعبادة النائي بنفسه عن المعرفة عرضة لمثل ذلك، لأنه روّض نفسه لذلك. فهؤلاء كانوا في صفوف جيشه (ع) وقاتلوا بين يديه، وقتل من قتل منهم، وكتبت له السعادة بالشهادة، ثم أداروا ظهورهم لعلي (ع) وقتلوا بسيفه.

أما عن الشبهات التي عرضت لهم، فمنها:

1 ـ أنهم قالوا: إن علياً (ع) حَكَّم الرجال في دين الله، ولم يحكِّم الله ولا القرآن، فهو إذن كافر! وعليه أن يتوب من كفره، وإلا ناجزوه القتال، وهكذا حدث ما حدث في النهروان. فقد كانوا اثني عشر ألفاً، رجع منهم ثمانية آلاف، وقُتل أربعة آلاف، لم ينجُ منهم سوى أقل من عشرة أشخاص، وما نراه اليوم من أعمال إنما هو من أحفاد أولئك العشرة.

كل ذلك كان على أساس شبهة عرضت لهم، وإلا فإن التحكيم انطلق على أساس رأي الولي والإمام المفترض الطاعة من قبل الله سبحانه وتعالى، أو على الأقل الخليفة الرابع.

2 ـ استصحبوا قضية من يوم الجمل في البصرة، وهي المعركة التي حصدت الآلاف، ولو كان لدى أولئك ما لدى الناس اليوم من مدافع بعيدة المدى وصواريخ وأسلحة كيميائية وغيرها لأحرقوا الدنيا.

وملخص ما استصحبوه من تلك الحادثة أن علياً (ع) قتل المقاتلة من الرجال، ومنعهم النساء والذرية، فلو كانوا كفاراً فلمَ منعَ النساءَ والذرية؟ وإن كانوا مسلمين فلم قاتلهم من الأصل؟

ولو أنهم أُعطوا النساء والذرية لفتكوا حتى بزوجة الرسول (ص). وبناء على منعهم ذلك كفّروا علياً (ع) الذي تفانى في حفظ عرض رسول الله (ص)، ثم كلف مجموعة من النسوة ألبسهن لباس الرجال ليتولين أمر عائشة، ثم سيرها في ركب معززة مكرّمة حتى أوصلها إلى بيتها الذي أمرت أن تقرَّ فيه. وينبغي علينا اليوم أن نحذو حذو علي (ع) في حفظ عرض النبي (ص).

3 ـ أنه يوم التحكيم لم يسمِّ نفسه بإمرة المؤمنين، وبناء على ذلك كيف يسوغ له أن يقتل المسلمين؟

لله أنت يا علي! ولو أننا أردنا نموذجاً مصغراً من علي (ع) لوجدنا في آله ما يدلل على عظمة علي.

فرق الخوارج:

ثم تطور أمر الخوارج، فصاروا أحزاباً وفرقاً وتشكيلات وجماعات، وراحوا يتناحرون فيما بينهم، وكل منهم يعيب الآخر، قيل إن عدد فرقهم بلغ خمس عشرة فرقة، أو عشرين، أو أربعين، أو أكثر، بل إن البعض أوصلهم إلى سبعين، ليكونوا مصداقاً لقول النبي (ص) : «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة»([6]).  ومن هنا لا ينبغي لأحد أن يدَّعي أنه لا يقول بالتفرقة والتقسيم في مذهبيته، فالجميع لديه تفرقة وتقسيم، فالسنة لم يسلموا على أربعة مذاهب، ولم يسلم الشيعة على مذهب جعفر بن محمد (ع). ولا زالنا إلى اليوم نعاني من التفرُّق، شيعة وسنة، فهناك من لا يصلي خلف فلان لأنه يقلد المرجع الفلاني مثلاً، في حين أنه لا توجد فتوى في ذلك مطلقاً. وبناء على ذلك يحدث التناحر، وتفسيق بعضنا بعضاً.

فالخوارج فرق كثيرة، أنهاها الأشعري في مقالاته إلى أربع وعشرين فرقة، لكل واحدة منها تشكيلها. أما الرازي فعدَّها إحدى وعشرين فرقة، إذ دمج بعضها ببعض. أما الملَطي في التنبيه والرد، فقد جعلها خمساً وعشرين فرقة. كما ذهب السفاريني في لوامعه إلى مثل ذلك. أما البغدادي في الفرق بين الفرق فعدّهم عشرين فرقة. وأما الشهرستاني، وهو واحد من قلاع التاريخ، وصاحب كتاب الملل والنحل، فقد ذهب إلى أنها ثلاث وعشرون فرقة.

وأبرز فرق الخوارج هم المحكِّمة، وكانوا أساس البلاء على الأمة، وكانوا قد ناجزوا علياً (ع) ثم قتلوه غيلةً فيما بعد، على يد عبد الرحمن بن ملجم، وهو رأس من رؤوسهم. وقد كان علي (ع) قد قاتلهم، وقتل الغالبية الساحقة، فلم ينجُ منهم سوى أقل من عشرة، كما أخبر بذلك علي (ع): «واللهِ لا يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ، وَلا يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ»([7]). لكن هذا العدد المحدود الذي نجا من سيف علي (ع) خلف لنا اليوم الخراب والدمار، في العالم النامي، والعالم المتطور.

ومنهم الأزارقة، أتباع نافع بن الأزرق، وهم أشد فرقهم فتكاً، فلا تسلم منهم رقبة، ولا يصان عرض، ولا يحفظ حرز. ولهؤلاء امتداداتهم وتأثيرهم، ولم يسلم منهم حتى خليفة الشام، وهذا عين ما نراه اليوم. ومن المعلوم أن أثر الدم لا يعفى ولا يضيع، وقد قيل في الأمثال: بشر القاتل بالقتل. فلا بد أن يدفع القاتل الثمن ولو بعد حين.

ومنهم النجدات، أتباع نجدة بن عامر النخعي الحنفي، من أهل اليمامة (وهي بلدة الخرج اليوم) ومنها خرج مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة قبل ذلك. فقد انشق نجدة بن عامر على نافع بن الأزرق، فشكّل تشكيلاً آخر، وفرقة أخرى.

ومنهم الصفرية، أتباع زياد بن الأصفر، وهم أيضاً من الفرق الخارجة المارقة من الإيمان كما يمرق السهم من الرَّميِّة، كما أخبر الحبيب المصطفى محمد (ص).

ومنهم العجاردة، أصحاب عبد الكريم بن عجرد، الذي تسلل من جيوب القواعد المتقدمة عليه، وشكل تنظيماً خاصاً به، اصطلح عليهم بالعجاردة، الذين مارسوا القتل والفتك في المحيط الذي يلفهم، فكانوا يعرضون الإيمان على الفرد من جديد، فإن قبل وإلا قتل.

ومن هؤلاء الإباضية، وهي من الفرق التي لم تُنصَف، ومنهم من يعيش اليوم في عمان، ولكنهم ليسوا من الخوارج أصلاً، وهو ما عليه قول أهل التحقيق.

والإباضية في السابق هم أتباع عبد الله بن إباض، وهو من بني مرة، من بني تميم، ولم يبق لهذا الفصيل عينٌ ولا أثر. وعليه لا يمكن اعتبار الإباضية في عمان اليوم، وهم أتباع الشيخ أحمد الخليلي، من الخوارج، ومن قال بذلك فهو مخطئ، فهم أتباع جابر بن زيد، أبي الشعثاء الأزدي، وقد حسن حاله كثير من الرجاليين.

فهم ليسوا خوارج، ولا من فرق الخوارج، إنما قسا عليهم الدهر كما قسا على غيرهم من الأقليات، وظلمهم التاريخ ظلماً مبيناً.

وخلاصة الأمر أن الخوارج ظلمة متجبرون، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لا يوثق بهم، إذ يقاتلون معك، ثم يعدون عليك يقتلونك.

أسأل الله لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.