نص خطبة: التربية الإنسانية غاية الرسالات

نص خطبة: التربية الإنسانية غاية الرسالات

عدد الزوار: 2575

2015-12-20

30/ 1 / 1437 هـ 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، واللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

النبي (ص) في مسيرة الإصلاح:

قال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُوْنُوْا قَوَّامِيْنَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكَمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوْا اعْدِلُوْا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوْا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيْرٌ بِمَا تَعْمَلُوْنَ﴾([2]).

أجهد النبي الأعظم (ص) نفسه حتى خاطبه القرآن الكريم بقوله: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾([3])، في سبيل أن يرتقي بالإنسان إلى أعلى درجات الكمال الممكنة من حيث الاستعداد المودع فيه.

فهناك آيات قرآنية محكمة ثبّتت القواعد للنسيج الشرعي، تبعتها رواياتٌ صحيحة صادرة منه (ص) في عدم احتمال التواطؤ بادئ ذي بدء، إلا أن الأمور أخذت منعطفاً آخر بعد ذلك، حتى أُغرقت الساحة بسيل من الروايات التي ألصقت بالنبي (ص) وضعاً وتأليفاً مما تسبب في حرف المسار، وما كان للعاملين على هذا النهج إلا انتظار الفرصة التي يغيب فيها النبي (ص) عن عالم الشهود، ليُمضوا ما كان يختلج في دخيلتهم.

التربية الإنسانية:

إن التربية الإنسانية وظيفة الأنبياء بالدرجة الأولى ثم الأولياء ثم العلماء ثم الأمثل فالأمثل. فعندما يقول القرآن الكريم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْ رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾([4])، فهو يعني الوسطية في كل شيء.

كان النبي (ص) يأخذ بأيدي المجتمع من حوله، وهو المجتمع البدائي في الكثير من تكويناته الفكرية، خلا بعض المساحات المملوءة ببعض أمارات الفكر والتنوّر، إلا أنها تحسب ولا يقاس عليها لقلتها، حتى أن الذين كانوا في معركة بدر ممن يحسنون القراءة والكتابة لا يتجاوزون السبعة عشر، مما يدل على أن الأمر لم يكن محموداً من هذه الجهة، ونحن نعلم، والجميع يعلم، أن مفتاح النجاح هو العلم والمعرفة والفكر والتنوّر والتدبر والتأمل، فالعلم سلاح ماضٍ، وهو مفتاح له قابلية التعامل مع جميع الأقفال أمامه، لكنه يتوقف على من يمسك به.

من هنا عمد النبي (ص) إلى من يحمل ذلك المفتاح والسلاح، فصقل مواهبه وشذب نفسه، بحيث وصل الإنسان العربي من وضع كان عليه قبل الإسلام، إلى وضع آخر، بحيث أنه يُزفّ إلى عروسه ليلاً، ويُتوَّج بتاج الشهادة نهاراً، أي أنه يحمل روحه على كفه في أفضل أيامه التي كان ينتظرها. وعلى هذه فقس ما سواها.

فالأنبياء (ع) لديهم تجربة رائدة في بناء مكوِّن الإنسان الصالح، فإذا صلح الإنسان لا يُرتجى من ورائه إلا الصلاح والمحبة والرغبة في السعادة للآخرين، أما إذا تخلف جانب الصلاح فيه فالنتائج معلومة وواضحة لا تحتاج إلى مجهر يكبّرها، ولا إلى رافع صوت يوصلها، وخير شاهد على ذلك ما حصل في الليلة الماضية لهؤلاء الأبرياء([5]) في الجريمة النكراء، لأن النفوس التي قامت بالعمل لم تكن نفوساً صالحة، إنما كانت نفوساً شريرة يتربع الفساد في كل ذرة من تكوينها. لذا تقوم بهذه الأفعال التي يندى لها جبين الإنسانية، والتي أجمع على شجبها أبناء الدنيا على تعدد ألوان طيفهم من ساسة ومفكرين وغيرهم.

مواصفات المربي:

والمربي لا بد أن يكون أولاً قد تربى، فالمربي في أسرته، ما لم تتحقق تربيته وإعداده لا يمكن أن يبرز لنا نتاجاً وفق مقاييس التربية، لأن الأساس باطل. ولا يمكن بعد ذلك أن تناط به مسؤولية بناء الأمة. لذا تكون النخبة معدَّة مصنوعة تربوياً، ولكن للغيب يد مباشرة في تربيتها. قال تعالى: ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾([6]). فأعلى مقامات السلوك في الهدي والإيمان والصدق والتفاني والفداء في روح المربي تنعكس على من حوله، وخير شاهد على ذلك، والأجلى مصداقاً هو الحبيب المصطفى محمد (ص) إذ لا يختلف اثنان أنه أجهد نفسه في سبيل أن ينتشل الأمة من ذلك الواقع الذي تميز بالكثير من الموبقات، كوأد البنات مثلاً، والقتل لأدنى سبب، وقطع الطرق، وسلب الأموال، وإذلال العبيد الأرقاء الذين كانوا تحت أيديهم. انتشلهم النبي (ص) من كل ذلك حتى أصبحوا سادة الأرض، تتشرف بوطء أقدامهم المواطن التي دخلوها، فمعظم الفتوحات لم تكن عن حرب، إنما كانت باتفاق، إلا أن بعض المستشرقين أبى إلا أن يشوِّه جميع مفردات هذا الدين، وكلامنا هذا لا يعني عدم وجود الخروقات والتجاوزات، لكن الصحيفة لم تكن سوداء بالمطلق بالصورة التي عرضها بعض المستشرقين، ونسج على منوالها بعض باعة الكلمات وتجار التأليف من الفريقين مع شديد الأسف.

الأمة بعد غياب النبي (ص):  

لقد أعدّ النبي (ص) الأمة إعداداً صحيحاً، ولا يمكن لأحد أن يقول: إنه قد قصر في ذلك، بدليل أن الإكمال والإتمام تم إمضاؤه من قبل السماء: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِيْنَاً﴾([7]).    

ثم دخلت الأمة بعد إعدادها وغياب النبي (ص) في امتحان خطير، لأن غياب النبي (ص) خلف فراغاً، وهذا الفراغ أرادت السماء أن تملأه بالفرد الأكمل الذي هو من النبي كنفسه، لكن الأمة اختارت لها طريقاً آخر، فكانت النتيجة وفق هذا الاختيار.

متطلبات التغيير:

نجد اليوم أن الكثير من الناس في هذه الدنيا يطالب بالتغيير، وربما يكون ذلك حقاً مشروعاً، ولكن هل يقرأ المطالب ما يترتب على هذه الرغبة من الآثار؟ نحن مع شديد الأسف نقرأ القرآن ثم لا نتّعظ. يقول تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِيْ قَصَصِهِمْ عِبْرَةً لأولي الأَلْبَابِ﴾([8])، ولكن هل نعتبر؟ وإذا اعتبرنا فإلى أي مساحة نصل؟ وإذا عبرنا المساحة فما الذي صححناه؟ وإذا صححنا فما الذي نرتجيه؟ هذه أربع محطات، لكننا نمر بها مرور الكرام، وكأنها لا تعنينا.

خطورة مخالفة النبي (ص): 

إن غياب النبي (ص) ترتب عليه إخلال بالمسار، لا لأن النبي (ص) تسبب في ذلك، وحاشا له، ولا أن السماء أرادته، حاشا وكلا، إنما هو انقلاب من الأمة، فهي بسوء اختيارها وصلت إلى ما وصلت إليه.

هذا الاختلال في مسيرة الإعداد بعد غياب النبي (ص) ترتب عليه أمر خطير، ألا وهو تفشي حالة الضياع والفوضى في وسط الأمة، بحيث أصبحت الأمة بلا كبير، ومنصب الإمامة لا يعني منصب الحاكم، إنما هو أكبر من ذلك بكثير، لأنه بوابة أهل الأرض إلى السماء. وهنا تكمن الخطورة. فالأمة تحتاج في جميع حالاتها إلى كبير، ولكن ليس كل كبير، إنما هو الكبير بما تعنيه الكلمة من معنى، في علمه ونفسه وإيمانه ومصداقيته وتضحيته.

يقول الإمام أمير المؤمنين: «فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهباً»[9]، فالأمة هي التي اختارت أن لا تجتمع النبوة والإمامة في بيت واحد، لا أن النبي (ص) ساقهم بهذا الاتجاه أو أنه هيأ لهم الأسباب، حاشا وكلا.

وهنا تأتي مسؤولية الإنسان المصلح بعد غياب النبي المعصوم، وهو الوصي أو الولي أو الخليفة، كل بحسب مقدراته، فأخذت الأمة مسارها، وترتبت الآثار، وهذا أمر طبيعي.

دور المعصوم بعد النبي (ص):

وهنا نسأل: ما هي مهمة ووظيفة الإنسان المعصوم في وسط الأمة؟ الإنسان الكامل الذي تحيطه عناية السماء؟

يمكن إجمال وظائفه فيما يلي:

1 ـ الحفاظ على كينونة الأمة: لذا يقول الإمام أمير المؤمنين (ع): «ووالله لأُسلِّمنَّ ما سلمت أمورُ المسلمين، ولم يكن فيها جَورٌ إلا عليَّ خاصة»([10]). فما دامت كلمة التوحيد يُصدح بها ليلاً ونهاراً، وما دامت الشهادة لمحمد (ص) بالرسالة، فالأمور إلى خير في هذه الحدود. ولكن إلى يومنا هذا لم يأت الباحثون والكتّاب على فكّ شفرات المساحة التي عاشها علي (ع) كما ينبغي، وتلك الحلقة التي عاشها بين دوره في زمن النبي (ص) ودوره عند خلافته. فهنالك فترة زمنية طويلة ومهمة بين هذين الدورين، لم يجرؤ أحد على ملامستها كما ينبغي، لذلك سوف يبقى الحال على ما هو عليه، لأن الأمة لا تملك الأجندة، وليس لها الاستعداد أن تضحي بما يوازي.

2 ـ الحفاظ على الخصائص: والسبب في ذلك أن التجربة أثبتت أنها لم تستقر في النفوس. قال تعالى: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوْا وَلَكِنْ قُوْلُوْا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيْمَانُ فِيْ قُلُوْبِكُمْ﴾([11]). فهم بصريح الآية الشريفة لم يؤمنوا كما أريد لهم، نعم، أسلموا ولكن لم يدخل الإيمان بعدُ في قلوبهم. والإسلام أمر ظاهري، وليس هو الإيمان، فقد دخل الكثير منهم مكرهين أو طامعين أو بدوافع أخرى، أما الإيمان فلا يحتمل تلك الدوافع.

فالأئمة (ع) متى ما سنحت لهم الفرصة للأخذ بزمام المبادرة لم يكونوا يتقاعسون عن دورٍ أبداً. وخير شاهد على ذلك الإمام علي (ع) إلا أنه يتحسر أيضاً على عدم انصياع الأمة لما أراده من تصحيح وإرجاع للمسار إلى ما كان عليه زمن النبي (ص). يقول (ع): «فلما نهضتُ بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون»([12]). فما إن أراد التصحيح إذ به يخوض ثلاث حروب طاحنة، قضت على القراء والحفاظ والصحابة وجزء من التابعين، حتى حصل الخلل في البناء الفكري للأمة، وبدأت كينونتها تهتز.

والشاهد الثاني على هذا الأمر الإمام الحسين (ع) من خلال نهضته، حيث طلب الإصلاح في وسط الأمة، وكان يستطيع أن ينهج نهج السلامة لنفسه، فيتصالح مع والي المدينة، فيأخذ ما يأخذ في مقابل سكوته. إلا أنه أدرك أن دين محمد لا يبقى منه عند سكوته اسمٌ ولا رسم، فلو لم تكن مفردة الطف وعاشوراء والحسين في تاريخ الأمة لما بقي للأمة ما يدلل عليها. ولكن كانت النتيجة ثقيلة جداً، حيث قُتل هو وأهل بيته، ومُثِّل بهم، وهي أول حالة تحصل في تاريخ الإسلام بهذه الكيفية وتلك السعة.

ولكي يحفظ الإمام أمير المؤمنين (ع) هذه الكينونة لا بد أن يهيئ لها أسباب، ليصل من خلالها إلى نتيجة.

ورب سائل يسأل: هل أن ما حصل في كربلاء كان مدروساً، أو أنه أمر واقع فرض على الإمام الحسين (ع) لا مناص له منه، ولا مندوحة له عنه؟

الجواب: أن الكتّاب في هذا الأمر على قسمين، منهم من اختار الأول، ومنهم من اختار الثاني. لكن الشواهد تساعد على الثاني لا على الأول. وبعضهم يتحاشى أن يقول: إن الإمام الحسين (ع) خرج من أجل أن يحدث الإصلاح في رأس الهرم، لئلا يقال: إنه طالب ملك. وهذا الكلام غير دقيق، فطلب الإصلاح في رأس الهرم لا يعني بالضرورة طلب الملك، فالحسين (ع) يبقى طالب إصلاح، وطلب الإصلاح تارة يكون من الأطراف، وأخرى من رأس الهرم.

3 ـ حفظ الخط الرسالي ممثلاً بالكتاب والسنة.

4 ـ حفظ المجتمع الواحد.

5 ـ صون مكتسبات الدولة الإسلامية التي بذل النبي (ص) من أجلها كل غال ونفيس.

6 ـ المحافظة على مسار القيادة المعصومة في وسط الأمة: لأن قيادة الأمة متى ما خرجت من يد المعصوم إلى غيره كان أثرها السلبي واضحاً.

حقوق الأمة:

إن المعصوم بعد أن يُعَدّ من قبل الله تعالى، وينشئ الأمة، لا بد لتلك الأمة من حقوق. والإمام زين العابدين (ع) الذي مرت بنا ذكرى شهادته يرسم معالم تلك الحقوق، من حق الإنسان على الله تعالى، وحق الخالق على الإنسان، وحق النبي (ص) والإمام (ع) وغير ذلك من الحقوق. ولكن لأن الأمة ابتعدت عن دائرة المعصوم، صارت تستجدي الحقوق، وتلتمس الوصول إليها بشتى الذرائع، ومختلف الوسائل والوسائط، لذلك تشكلت التيارات، وانحلّت عنها تيارات أخرى، حتى أصبحت الأمة ممزقة، تم اختراقها من جميع جوانبها، فبلغت إلى ما بلغت إليه من ضحالة فكر، حتى أصبحت تقاد يميناً وشمالاً، لأنها تنكرت للأصل، فبلغت هذه المرحلة. وإلا فإن حق الإنسان في العيش الكريم، والحياة الكريمة أسس له القرآن الكريم، ولا يختلف فيه اثنان. وكذلك حق التعلم وغيره من الحقوق، إلا أن الدول التي اصطنعها الإنسان على خلاف مسير السماء جعلت الإنسان يلتمس أبسط الحقوق من أبعد الطرق، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه. فها نحن نرى هؤلاء الذين رفعوا شعار (الدولة الإسلامية) واعتبروه حقاً من حقوقهم، يُسقطون طائرة مدنية فيقتلون ما يقرب من ثلاثمئة إنسان مدني بريء لا ذنب له. كل ذلك تحت شعار «إقامة الدولة الإسلامية» التي يديرها تنظيم داعش.

وفي وسط هذه الأجواء الإجرامية نجد من الدول من يتفرج، ومنها ما يبدو كأنه غير معنيّ، ومنها ما يدعم، وهكذا.

حقوق الأقليات:

في سنة 1992 للميلاد صدر قانون تصنيف الأقليات، لكي تحفظ حقوق الأقليات في العالم، لكننا نجد أن المادة الأولى من هذا القانون يقول: على الدول أن تقوم كل في إقليمها بحماية وجود الأقليات، وهويتها القومية، أو الإثنية، وهويتها الثقافية والدينية واللغوية، وتهيئة الظروف الكفيلة بتعزيز هذه الهوية.

فهو ينص على تعزيز الهوية، وليس طمسها، لأن ابن الطائفة أو الأقلية أو القومية إذا لم يشعر بالأمن والأمان والعدل الذي يعيش على أساسه كريماً، فلا شك أن النتيجة ستكون صعبة ومُرَّة، لا يستطيع أحد أن يمسك بزمامها كائناً من كان، لا من العلماء ولا من غيرهم. فلا بد أن لا تُنتظر الأمور حتى تزداد سوءاً، إنما لا بد من وضع الحلول المبكرة بعد أن يكون قراءة المستقبل، لأن المستقبل مخيف جداً.

وفي المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق ـ الذي وقعت عليه حوالي 200 دولة في العالم، أي جميع دول العالم باستثناء إسرائيل، تلك الغدة السرطانية ـ نجد النص التالي: لا يجوز في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية أن تحرم الأشخاص المنتمين للأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة.

فشعائر الإمام الحسين (ع) مثلاً من ثقافتنا الخاصة، وكذلك زيارة القبور، وأمثالها، فلا حق لأحد بمنعها، غاية ما في الأمر أن هناك اختلافاً فقهياً، فأنا أقول بجوازها وأنت تقول بحرمتها، وهذا لا يدعو للقتل أو الذبح.

قد يقول قائل: إن هؤلاء مغرر بهم، ولكن هل غُرر بكل هذه الأعداد من البشر؟ هذا يعني أن الأمة كلها مغرر بها.

ثم تضيف المادة المذكورة للنص السابق: أو المجاهرة بدينهم. فمن حق أي فرد، من أي دين أو مذهب أن يجاهر بانتمائه لدينه أو مذهبه، والجميع محترمون، ولكل منهم حقوقه.

لقد قلت أكثر من مرة: إن هذه الجماعة الإرهابية لا تتعامل مع الإنسان على أنه إنسان، فضلاً عن كونه مسلماً، سنياً كان أم شيعياً، فقد قتلوا الشيعة في الشرقية، وقتلوا الإسماعيلية في جيزان، وقتلوا السنة في الرياض وعسير، فليس لأحد عندهم حرمة.

وتضيف المادة: وإقامة شعائرهم. فهذا حق طبيعي ومنطقي، فلم لا أبكي على الحسين (ع) أو سائر أهل البيت (ع) عندما أسمع بمظلوميتهم؟

إن من أبسط الحقوق للإنسان أن يكون له مسجد خاص به، أو حسينية، أو مقبرة، وما أشبه ذلك. وليس في ذلك ضرر على أحد، بل تعود بالمنفعة على الجميع.

نسأل الله تعالى أن يغير الأحوال إلى أحسن حال، وأن يدفع السوء عن الجميع. والحمد لله رب العالمين.