نص خطبة: أهمية إحياء الشعائر وسط الأمة

نص خطبة: أهمية إحياء الشعائر وسط الأمة

عدد الزوار: 3314

2015-12-27

28 / 2 / 1437 هـ 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.

نفحات نبوية: 

عظم الله أجورنا وأجوركم بشهادة نبي الرحمة المصطفى الأمجد أبي القاسم محمد (ص):

لـطـيبة حـيـث الـنبي الأمـين
قـطعت الـطريق مـع الـزائرين
وعـفـرت خــدي عـلـى بـابـه
رسـالـة شـكـر بـقـلب حـزين
وقـلـت إلـيـك أشــد الـرحـال
وثـيـقة عـهد مـع الـمسلمين
هـنا حيث طافت قلوب تحلت
بــروح الـصـفاء وحـب الأمـين
مـحمد أنـت الـذي قـد هـدانا
بـفـضل الإلــه لأشــرف ديــن
لــذلـك تـبـقى مـنـار الـصـلاح
وأصــل الـفـلاح لـنـا أجـمعين
أقــدس فـيـك كــلام الـكـتاب
ودرب الـكفاح وصـدق الـيقين
وبصمة قدس تسوس الوجود
بــروح الـعـطاء مــع الـفاتحين
فـمنك الـسلام نـبي السلام
غرست السلام بذات اليمين
رحـلت وتبقى رسول السلام
عـظيم الـمقام رفـيع الـجبين
إذا هـوم الـطير فـوق الضريح
فـلطف الإلـه عـلى الـعالمين
يـطـوف الـحـجيج بـبيت الإلـه
ومـنـه إلـيـك رؤى الـعاشقين
ســلام عـلـيك سـلام مـحب
تـبصر فـيك هـدى الـمرسلين
كـذلـك جــاءت كـمـا أبـتـغيها
سـلام سـلام عـلـى الطـيـبيـن

تعظيم الشعائر من علامات التقوى:  

قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَؤُوْفٌ رَحِيْمٌ﴾([2]).

وفي الرواية عن أبي ذر، الصحابي الجليل (رضوان الله تعالى عليه): تَركَنا رسول الله (ص) وما طائر يقلّب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علماً([3]).

وفي الحديث الشريف عن النبي (ص): «ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم»([4]).

تعظيم الشعائر في ذكريات مواليد المعصومين (ع) أو ارتحالهم، فيها من الأجر الشيء العظيم، وفيها من الفائدة ما لا يخفى. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوْبِ﴾([5])، فالإنسان المتقي القريب من الله، الذي تعرّف محمداً وآله كما ينبغي هو الذي يعظم الشعيرة.

كما أن هنالك روايات كثيرة في حث الأئمة (ع) على ذلك، بل إنهم (ع) هم من أسسوا أساس ذلك، حتى أنه بعد معركة أحد، كان أول من نصب المأتم على شهدائها ـ وعلى رأس شهدائها سيدهم حمزة ـ فاطمة بنت النبي محمد (ص) وبإمضاء وتقرير وحث وتأكيد من أبيها النبي الأعظم محمد (ص). فنحن لم نقتبس شعائرنا، ولم نستوردها من الآخر، إنما هي من صميم ديننا، ومما أسسه محمد وآل محمد (ع).

ورد في النص عن الإمام الصادق (ع) أنه قال لفضيل: «تجلسون وتتحدثون؟ قال: نعم، جعلت فداك. قال: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا»([6]). فللشعائر أهمية كبرى في وسط الأمة، وليس بالضرورة أن تكون الأمة قد وصلت في رشدها وكمالها وحسن قراءتها إلى ما ينبغي أن ينسجم مع روح الشعيرة، لكن هذا لا يلغي الشعيرة وما لها من الأساس والأصل المكين في الشرع.

ميزان التصحيح في الشعائر:  

ولا بد هنا من الإشارة إلى مجموعة من الضوابط ذات العلاقة بالشعائر. فمن تلك الثوابت والضوابط أن من حق الأمة أن تمارس كل شعائرها ما دامت تحمل عنوان الشعيرة التي يقرها الدين الجنيف، والتي قننها أهل البيت (ع) وأخذوها في الاتجاه الذي ينبغي أن تكون عليه. فلو أردنا أن نمارس شعيرةً علينا أن نسبر غورها، وأن نمسك بالدليل المؤيد لها، حتى نسقط الحجة من يد الآخر، وليس بالضرورة أن يكون الآخر ممن لا يشترك معنا في مذهب واحد، إنما باتت الأمور تتداعى من أكثر من اتجاه واتجاه، جراء ثقافة مستوردة ولج فيها من ولج دون تقنين، بل على أساس الانفتاح، وهو أمر مطلوب إذا ما قُنِّن وتعامل معه الإنسان كما ينبغي، وإلا فهو الضياع المبين، كما وقع في شراكه جمعٌ، وربما تخبئ الأيام الآتية بين جنباتها الكثير من ذلك.

لذا أهمس في آذان من لهم القدرة أن يصدعوا بالحق، أن يكون الرفق سيد الممارسة، وأن يعطوا ما أوكل الله إليهم من المهمات حقها، وأن يتدرّعوا بسلاح الصبر، فما من مصلح أراد الإصلاح إلا واعترض طريقه الكثيرون، وخير دليل على ذلك الآية التي افتتحت بها الكلام، فهي تبين لنا مدى ما واجه النبي الأعظم (ص) من عنت القوم ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ فلم يأتهم من قارة أو بلد آخر، إنما من أم القرى ذاتها، لكنهم أبوا إلا أن يكونوا بتلك الحالة من المناكفة والمقاطعة والمنازلة والمقاتلة في نهاية المطاف، بعد أن شردوه من مسقط رأسه الأول مكة المكرمة.

أما عن صور الشعيرة بين الأمس واليوم فكلنا ـ أيها الأحبة ـ نعيش الشعيرة، وبالشعيرة أيضاً نقوي الكثير من أمورنا، لأن القليل من أبناء الطائفة والأمة يقرأون. فلو عملنا استبياناً، ووقفنا على خلاصة نتائجه نجد أن النزر اليسير جداً هو من يقرأ عن صاحب المناسبة الذي تقام الشعيرة من أجله، وأقرب موضوع يمكن أن يستدل من خلاله على ذلك هو ذكرى وفاة النبي الأعظم (ص) التي عشناها ليومين بناء على من تقدم أو تأخر في حساب الشهر وظهور الهلال. فلنسأل: كم عدد الذين قرأوا عن النبي (ص) في ذكرى وفاته من بين هذا الجمع الشريف؟ وعلى هذا قس ما سواه.

خطورة الدخيل على الأمة:

ثم ما هو الأصيل وما هو الدخيل في ذلك، ومن يشخص الدخيل من الأصيل؟ لا إشكال أن الشعيرة باتت تمارس بأكثر من لونٍ ولون، من خلال أكثر من صورة وصورة، لكن أيّ منها الأصيل الذي أصّل له أهل البيت (ع) وأي منها الدخيل الذي تمت إضافته على شعائرنا، حتى كادت تضيع الثابت من أيدينا؟ إن في الدخيل خطراً كبيراً على جيلنا الصاعد، والجيل الواعد، وما يُستشرف من الأجيال القادمة إن كُتب للدنيا بقاء. فمن يشخص لنا الوضع بشكل صحيح؟ هنالك حالة من عدم الاستقرار في التعاطي بين الأشخاص، فمنهم من ينحدر بها إلى حد التفريط والتضييع، ومنهم ذهب بها إلى حد الإفراط، وفي كلا الأمرين ضلال وضياع وزيغ واضح ومبين، قد ينتهي بنا إلى أن يلعن بعضنا الآخر، ويحثو التراب في وجهه، وهذا ما حذّر منه صاحب المناسبة النبي الأعظم محمد (ص) من أن الأمة ستقع في يوم من الأيام بمثل هذه الحالة، بأن ينتهي المقام بهم أن يحثو الرجل التراب بوجه أخيه.

فمن يشخص لنا الأصيل من الدخيل من الشعائر؟ هل هي المرجعيات العليا التي لديها القدرة على الاستنباط، والتماشي بالأحكام مع ما يجري تطبيقه من خلال المنفعلين والمندفعين والمتعاطفين والذائبين في المناسبة؟ أم هل نترك الشعيرة بيد الأعراف الساذجة، تأخذ بنا ذات اليمين وذات الشمال والجميع يتفرج؟ أو نلتزم بمعطى مفردة التقليد ونسير بها حيث سارت بنا، مسلّمين مستسلمين، نبتغي بذلك رضواناً من الله أكبر؟ أو نقول: إن هذا لا يعدو أن يكون عملية من عمليات الممارسة التي نتعاطاها في كل شؤون حياتنا؟ وكأن مفردة التقليد كغيرها من المفردات، كالانقياد بين الأستاذ والمدرسة، والعامل ورب العمل، وما إلى ذلك؟ أم نلقيها بيد الذين يعيشون ويشكّلون عرفاً، لكن فيه الكثير من الجهل؟

نحن لا نرفض ممارسة الشعيرة، بل نؤكد على إقامتها، وأن البذل فيها مستحب، لكن ينبغي أن تكون ضمن دائرة الرشد والوعي.

الشعائر والمؤسسة الدينية:

ثم نسأل: هل للزمان والمكان والتقنية الحديثة أثر في الممارسات الشعائرية؟ بمعنى هل بات لها أثر في واقعنا بحيث وصلنا إلى خلط الأوراق وإرباك المشهد من جميع جوانبه؟ أظن أن هذا هو الحاكم، فهنالك أمور قد لا نلتفت لها، لكنها بادئ ذي بدء يتم تعاطيها في دائرة ضيقة، ثم يتم التسليم لها، ثم يصبح المنكِر لها محارباً لمحمد وآل محمد، وهو ما لا يقوله محمد وآل محمد، لأنهم يرفضون البدعة في الدين، وبعض الممارسات لا تتجاوز حدود ذلك دون وضع النقاط على الحروف، والبصير أبصر بما يجري من حوله.

ثم هل أصبحت الشعيرة تُسَيَّس من قبل الآخر دون وعي منا؟ وهل أن المؤسسة الدينية أيضاً لا تعيش ما يجري من حولها؟ أم هو التخلي عن المسؤولية الثقيلة؟ فإن كان ذلك كذلك، فتلك مصيبة وابتعاد عن التأسي بصاحب المناسبة ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْ رَسُوْلِ اللهِ أُسْوَةٌ حسنة﴾([7]). ألم يتحمل النبي (ص) الأصعب من الأمور والأشد خطراً؟

ألم يحصل التآمر على حياته حتى أُخرج في ليل مظلم، وعليٌّ على فراشه، ولو قدر أنه على الفراش لقتل؟ ألم تحصل قضية دحرجة الدباب في وجه النبي (ص) وهو في العقبة؟

ألم يتم التآمر عليه في معركة أحد؟ فلا يوجد دليل واضح بين على أن الضربة التي حصلت للنبي (ص) كانت من المشركين، إنما فيها الكثير من الغمز أنها كانت من أقرب القرابة القريبة منه.

والتاريخ مخيف مرعب مزعج، فهل أن المؤسسة الدينية تخشى دفع الكلفة والضريبة؟ فمن عسى أن يكون أغلى من ذات النبي محمد (ص) التي حملها وتنقَّل بها بين قبائل العرب لهدف واحد، وهو أن يجعل الكلمة العليا هي كلمة الله؟

أما آن الأوان أن تكون الشعيرة عجلة دفع نحو الأفضل لمسيرة الأمة؟ ألا يكفي أن نتعاطى الشعيرة أربعة عشر قرناً من الزمن ونحن لم نتحرك بناء عليها إلا بما يثبت لنا خجلاً وحياءً؟

هل أراد أئمتنا هذا الواقع الذي نعيشه؟ أي الثمرات أحسنّا اقتطافها غير ما قام به سيد الأمة (رضوان الله تعالى على روحه المقدسة)؟ فهو الرجل الوحيد الذي استطاع أن يقرأ الشعيرة وأن يجعل من عاشوراء وصفر نموذجاً يقدم لنا معطى الشعيرة كما ينبغي.

من السهل أن يتصدق الإنسان في حال الغنى ويبقى متصدقاً، ولكن أن يبذل من ضِيق فهذا هو المهم، حتى يبلغ بذل النفس، وهو أقصى غاية الجود، ولا يوفق لذلك إلا أشرف الناس بين الناس، كما كان محمد وآل محمد (ص).

تفعيل الشعائر واستثمارها:

هل أقمنا المؤتمرات التي تركز على هدف الشعيرة بحيث نسافر بفكر الإمام الحسين (ع) إلى أقصى نقاط الدنيا، أم اكتفينا باللطم والتطبير وما يقدم من زاد؟ نعم في ذلك أجر، ولكن ليس هو المبتغى، فهذه وسائل، والحسين (ع) أكبر من ذلك، وذواتهم أكبر من ذلك، وفكرهم ومدرستهم أكبر من ذلك. فلماذا نسافر بالقشور ولا نسافر باللب؟

من حجّر علينا ذلك؟ أم أننا أبينا إلا أن نحجّر على أنفسنا، وأن نضيق من حدود الدائرة علينا؟ هل بنينا مؤسسة مالية تدار من خلال أصحاب الحل والعقد لنوقف هذا النزيف من هدر الأموال دون توجيه؟

دعونا نأخذ مثالاً مبسَّطاً، وهو أن الملايين زحفوا فرسموا لوحة حسينية فنية لا يجاريها وصف، ولكن كم من العوائل العراقية الفقيرة أشبعنا جوعها لعام مقبل؟ وكم آوينا منها؟ وكم ألبسنا؟ ألم يقتل الإمام الحسين (ع) كي نسعد ونشبع ونعي ونعمل؟ أم أراد لنا أن نكون ضمن هذه الحدود؟ فبعضهم يقضي من أيامه عشرين يوماً في الخدمة ولا يخدم بيته يوماً واحداً، أليست هذه كارثة وطامّة؟

خدمة الزوار شرف، وتراب أقدامهم بركة، ولا يُزايدنَّ أحد من المتربصين علينا في ذلك، لكن التقنين ضروري وحسن، والوعي أحسن، وهذا ما حثّنا عليه محمد المصطفى وآل المصطفى (ص).

هل بنينا مدرسة فكرية تحمل على عاتقها مسؤولية التأصيل للشعائر من خلال القيمة الكبرى لصاحب الشعيرة؟

إن ثمرة الشعيرة ليس في كثرة الأكل والشرب والخدمة، فهذه كلها وسائل، إنما الثمرة فيما يطوِّر المرء به من نفسه وما يبني من ذاته وملكاته. إن الإمام الحسين (ع) طيب ولا يقبل إلا من الطيبين، فلا يقبل ممن يذهب لزيارته ويترك أهله دون أن يكترث بما لهم وما عليهم، أو أنه ينوي أن لا يدفع مستحقات مسؤول الحملة التي يذهب بها. أو أن يفعل ما يفعل من المنكر وهو ماشٍ للحسين (ع). مثل هذا لا يقبل منه عمل، ولا يتناسب عمله مع مقام الإمام الحسين (ع). 

إننا لا بد أن نتحمل المسؤولية في التوجيه والإبلاغ، وأن لا نتوانى في الإشارة إلى الخطأ إذا صدر من أيٍّ كان، وعلى كل من تصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يسعى بكل جهده لأداء هذه الفريضة. فهل أننا قمنا بهذا الواجب على الوجه الأكمل؟

هل أقمنا الملتقيات العامة والخاصة الممنهجة ذات الطابع العلمي والعملي فيما يؤسس لمرحلة راشدة يُبنى على أساسها التراث الناصع والمصالح الكبرى للطائفة والأمة والإنسانية؟

نبي العلم والعمل:  

  نحن في أحضان ذكرى النبي (ص) فلنتأمل سيرته العطرة. إننا نجد أنه لم يتخلَّ عن مسؤوليته حتى اللحظات الأخيرة من عمره الشريف. نرى أنه يشتد به الوجع، ويعصره الألم تارة بعد أخرى، إلا أنه يقول لهم: «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده...»([8]). ثم لاحظوا المقاربة اللطيفة، ففي بداية الدعوة نجد الانطلاقة من القراءة: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيْ خَلَقَ﴾([9]). وآخر المسيرة نجد الختام بالكتابة، إلا أن الفرق بينهما أن ذلك كتاب، وهذه سُنّة، إشعاراً من الباري تعالى لنا أنّ رُشدنا لا يحصل إلا من خلال القراءة والكتابة. ولكن ـ مع شديد الأسف ـ رد الرجل بقوله: إنه يهجر([10])! ثم جرّت ما جرّت هذه الكلمة من الويلات على الإنسانية جمعاء.  

إن فكر أهل البيت (ع) ينبغي أن لا يضيَّق في حدودنا، لأنه فكر إنساني، وهم رحمة للعالمين. فالزهراء (ع) قريبة من النبي (ص) ترى ما يراه، وهذا معطى روايات أهل البيت (ع).

ولا بد أن أشير هنا إلى أن عدم قبول الآخر منا شيئاً لا يعني أن نتخلى عنه، كما أننا لا نلزمه بالتخلي عن شيء، فهذه رواياتنا وتراثنا، إن شاء قبلنا بقبول حسن، وإن لم يشأ فالأمر إليه. فليس من الصحيح أن ينخرنا البلاء من الداخل بسبب عدم قبول البعض، لا سيما عدم القبول الذي لا يستند إلى دليل، ثم يتصدى هذا لتقويم فكر أمة عمرها أربعة عشر قرناً من الزمن، مع أن هنالك علماء بذلوا جهودهم، وفقهاء وصلوا ليلهم بنهارهم، فلا ينبغي لطفيلي على الثقافة أو متجنٍّ على الفكر أن يقلب المعادلات، وهو من داخلنا، وهذا ما لم يفعله حتى الخصوم.

أسأله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.