كلمة سماحته لأعضاء ملتقى الصم الأخوي
لكن اذا ما اردنا ان نقترب من مقاماتهم عليهم الصلاة والسلام فلابد من التحلي بمجموعة من الصفات؛ لانهم عليهم الصلاة والسلام مظهر الطيب فلا يقبلون الا من الطيبين؛ ولانهم مظاهر العلم فلا يقبلون الا ممن تعلم؛ ولانهم منتهى مظهر العبادة لا يقبلون الا ممن اقترب من خلال هذا الطريق.
شروط العبادة
وللعبادة شروطها، ومن اهم الشروط الطهارة. والطهارة على نحوين؛ الطهارة التي امّنتها لنا الاحكام الشرعية وفق ما جاء في الرسائل العملية لمراجعنا العظام رحم الله من مضى منهم وايد الله من بقي وشملهم باللطف والكرامة.
والقسم الآخر هو طهارة النفس، طهارة القلب فاذا ما صلحت قلوبنا صلح كل شيء من حولنا، واما اذا تعذر علينا اصلاح هذا القلب الذي بين جنباتنا فان الكثير من المسارات لن تكون سالكة وموصلة الى مساحة محمد وآل محمد.
المحافظة على الصلاة
من هذه الصفات وهي كثيرة: المحافظة على الصلوات في اوقاتها، عندما نستعرض المجتمعات الاسلامية قاطبة نجد ان الكثير من هذه المجتمعات لا تؤمن هذه المساحة في حدها الكامل وانما تتقلب بحالة مد وجزر.
وبمقاربة بسيطة يمكن ان نضع يدنا على شاهد حي يعترضنا في كل يوم وليلة فلو قمنا باستبيان بيننا ايها الاحبة، يا عشاق الزهراء ويا من تجتمعون على سفرتها وتنهلون من بركاتها لو قدمنا هذا السؤال:
هل حضورنا وتواجدنا والتعاطي مع صلاة الظهر والمغرب في درجة واحدة مع صلاة الصبح؟ ام ان هنالك مفارقة كبيرة قد نسعى من اجل المشاركة في صلاة الجماعة ظهرا وليلاً؟ ولا اقل في ان نؤديها فرادى في اوقاتها لنحظى ببركاتها. لأن للصلاة بركات في اوقات فضيلتها وللصلاة بركة خارج حدود الفضيلة لكن في حدود حد وقت واجب اذا ضيعناها ضيعنا الكثير.
أما صلاة الصبح فهي الصلاة اليتيمة بين المسلمين قليل روادها قليل عشاقها قليل مريدوها قليل هم اولئك المحافظون عليها في اوقاتها دونكم المساجد التي تملأ البلاد عرضا وطولاً، فمن يطرق ابوابها فجراً؟ ومن يتواجد في تشكيلات جماعاتها فجراً؟ الا الرجال الطاعنين في العمر والا بعض شباب استمر معهم السهر الى ساعة متأخرة من الليل لامس الفجر.
بمعنى لم تكن القضية مدروسة ومخطط لها للمشاركة الفعلية الجادة لصلاة الجماعة ﴿اَلَّذينَ هُم فى صَلاتِهِم خـٰشِعون﴾ [المؤمنون: 2] من لا يحضر صلاة الجماعة ويتهيئ ويعد الامور المساعدة عليها، كيف يخشع قلبه؟
الاعراض عن اللغو
المصادفة الثانية المهمة ايها الشباب الطيب النير المبارك المنور بانوار فاطمة بنت محمد، هو الاعراض عن اللغو. ففي الكثير من المجالس اليوم كثير من اللغو كلام لا طائلة من ورائه ولا فائدة لو صرف الكثير من الناس جهودهم فيما يعنيهم لوصلوا الى درجات عالية من الكمال لكن يتجنب الكثير مجموعة من القوالب الجاهزة التي امنها الخطاب القرآني، بل يعرض البعض من الناس عن معطيات تلك الآيات الكريمة مما يترك له مساحة في ان يخوض في جوانب لا مبرر لها ولا فائدة من ورائها.
القرآن يقول ﴿و الَّذينَ هُم عَنِ اللَغوِ مُعرِضون﴾ [المؤمنون: 3] يجتنبون مساحة له اذا كانت هنالك غيبة او نميمة او بهتان او كذب او افتراء او تدليس، فسوف يتركون المساحة لاهلها؛ لانها حينئذ لا تتصف بصفة جلسات الخير ومجالس المؤمنين ومجالس الصالحين.
من المفترض علينا جميعا ايها الاحبة ايها الشباب الرسالي المؤمن ان ننقي مجالسنا وان لا نترك مساحة للخوض فيما لا يعنينا بل ربما يسبب الخوض في ذلك في ان نقع في الكثير من الامور التي قد لا تحمد عقباها.
ربما ندفع الآخرين بان يدفعوا ثمنا هم في منأى عنه، لو لم نخض في بعض القضايا خصوصاً والمرحلة حساسة جداً، لأن هنالك رصد من الغير وهنالك غزو ثقافي من الغير من الحري بنا ان نعد الاجندة الكافية في سبيل تخطي هذه المرحلة وان نبتعد بانفسنا عن مواطن لا يسودها الا الشتات والتشرذم والضياع، اذا كنا ممن يستمع القول ويتبع احسنه كما ارشدنا اهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
تأدية الحقوق الواجبة
الامر الثالث، اداء الحقوق وهو امر مهم، فالحقوق مع الله في تأدية الفرائض وما اوجبه علينا، والابتعاد عن النواهي والامور التي حظرها علينا، ان نفعل كل التكاليف في جانبها الايجابي المطلوب منا وفي جانب التشريع للدفع عن دائرة السلب واحكامها كثيرة منها؛ حرمة الغيبة وقطيعة الرحم ومحاربة المؤمنين في ارزاقهم في افكارهم في اشخاصهم في وضع العثرات امام الآخرين ﴿و الَّذينَ هُم لِلزَّكوٰةِ فـٰعِلون﴾ [المؤمنون: 4].
الله سبحانه وتعالى منّ علينا بنعم كثيرة، هذه النعم تتعلق بها زكاة حقوق واجبة لله سبحانه وتعالى وحقوق واجبة للاسرة على بانيها وهو رب الاسرة وحقوق ايضا للمجتمع من حوله، فالمؤمن القوي الذي تصفه الرواية على انه افضل من المؤمن الضعيف [راجع مجمع البحرين للطريحي، ج1، ص 352] ليس الاكثر مالا وانما الاكثر انفاقا والاكثر مقاربة وملامسة لمواطن الحاجة.
الابتعاد عن دائرة المحظورات
الامر الاخير ولا اطيل عليكم، هو الابتعاد عن دائرة المحظورات، هناك من المحظورات قد تكون تشكلت في الفترات المتأخرة وهنا انبه على شيئين؛ المغريات في جانب المرأة كثيرة والاماكن مفتحة في اكثر من بلد وبلد مجاور، عفة الانسان شرف الانسان قيمة الانسان كرامة الانسان في ان ينأى بنفسه عن مواطن الشبهة.
اذا كانت بلادنا محافظة فهي نعمة من الله سبحانه وتعالى علينا والنعم تزول اذا لم تشكر ولكن هذا لا يعني ان هذه النعمة تولد حالة من العصمة للانسان بل ربما تقرأ قراءة خاطئة وتولد نتيجة سلبية.
قد تولد ظرفا يترتب عليه انفجار وابتعاد ووقوع في الرذيلة والعياذ بالله، القرآن يقول: ﴿و الَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حـٰفِظون﴾ [المؤمنون: 5] المحافظة على الفروج امور مهمة. بها سلامة الاسرة في بنائها في تكوينها في تشكلها ثم بتفرعاتها بعد ذلك.
فما بني على اساس طيب، يكون نتاجه بالنتيجة حتما جزما طيب والعكس بالعكس تماما ما بني على جرف هار نهايته الانهيار.
التقنية الجديدة سلاح ذو حدين
اما جانب الثاني فهي التقنية التي وقعت بين ايدينا ايها الاحبة هذه التقنية الموجودة بين ايدينا، فالانترنت والفيسبوك والتويتر، وغيرها من الوسائل التي تؤمن لنا نقلا وتواصلا سريعا والوقوف على حدود المعلومة باقصر طرقها، هذه نعمة ان تخاطب الغريب ان تخاطب قريبك المستغرب في وطن ناء جدا من خلال واسطة في هذا الجهاز الصغير تراه ويراك تسمعه ويسمعك هذه نعمة كبرى ان تتطلع على ما يجري بالعالم من حولك هذه نعمة كبرى.
ولكن ايها الاحبة حذاري وحذاري من ان يقع الواحد منا فريسة في هذا الجهاز في جانبين الجانب الاول السلوكي الاخلاقي القيمي من خلال انشاء العلاقات المشبوهة مع اطراف اخرى من الجنس الآخر. فانها مزالق ومهاوي قد يقع فيها الانسان.
الجانب الثاني وهو لا يقل اهمية ايها الاحبة انتم تعلمون ان الكثير من الاعداء يترصدون لنا يرغبون في الاطاحة بنا لذلك قد يزرعون الكمائن، من خلال ارسال بعض الرسائل التي يترتب عليها الشيء الكثير من الخطورة، قد تدفع بالانسان الى غياهب الدجي. ويتسبب في هدم شخصه وهدم بيته وتدمير مجتمعه، وعلي اقل التقادير تسبب في ايجاد حالة الشاغل للمحبين له من حوله.
فعلينا ان نكون حذرين ايها الاحبة علينا ان نقتنيها ونستفيد منا وان نوظفها في مصدرها لكن ان ناخذها الى مساحة بعيدة تذهب بنا الى مساحات ابعد، فهنالك مسؤولية امام الله سبحانه وتعالى كبيرة ومسؤولية امام الاهل اذا ما ادخلنا عليهم دخيلة الحزن والمأساة وكذلك هي خسارة كبرى على المجتمع عندما نفتقد واحداً من شبابنا الطيب المبارك الذين تشكلون انتم شريحة لا يستهان بها منهم.
واحدة من النعم التي انعم الله سبحانه وتعالى بها عليكم يا اصحاب هذه الشريحة يا من تشكلون هذه الشريحة المعينة التي امتحنها الله سبحانه وتعالى في لسانها ولكن لا يعني انه اسقط عنها تكليفا. من النعم وجود هذا السيد الجيد هذا السيد المبارك الذي نذر نفسه من اجلكم وبالمناسبة هو لا يريد جزاءا ولا شكورا ولكن هي نعمة انعم بها الله سبحانه وتعالى عليكم، عليكم ان تقتربوا منه وان تشدوا حبال الوصل مع ان تستفيد منه قدر الامكان.
لقمان الحكيم يوصي ولده، ولقمان هذا، حكيم فيه شمة نبوة وكذلك حكمة النبوة موجودة عند هذا الانسان فهو يقول لولده: أي بني زاحم العلماء بركبتيك... [راجع: الوافي للفيض الكاشاني، ج 26، ص 303] والعلم علمان: علم حقيقي وعلم نسبي، العلم الحقيقي عند محمد وآل محمد. أما العلم النسبي فهو ما يتقاسمه الناس فيما بينهم، فمن عرف شيئا وجهلته أنت، فهو بالنسبة لك عالم.
فعلينا ايها الاحبة ان نستفيد قدر الامكان من هذا السيد وفقنا الله ايانا واياكم لكل خير وجلعلنا واياكم ممن يقرأ الزهراء قراءة صحيحة ويستفيد من الزهراء سلام الله عليها استفادة صحيحة اعيد واكرر شكري لسماحة السيد والاخوة السادة والمشايخ الفضلاء تشريفي بالحضور والمثول بينكم ايضا اشكر لكم انتم ايها الاحبة هذا الحضور وهذا الاستدعاء بالنسبة لي للمثول بين ايديكم وانا اتشرف بهذا واسأل من الله سبحانه وتعالى المواصلة والاستمرار حتى نصل الى ما هو المبتغى شكري لسعادة الاستاذ.