قداسة موقف في رثاء الشيخ العمري قدس سره
أسرجت خيلـك أيهـا المغـوار
والناس هبت وابتـدا المشـوار
يدعوك للهدف الرفيع ((محمد))
يا خيـر شيـخ دأبـه الأذكـار
كم في مسيرك من عواصف علة
من نصف قرن والصراع خيـار
أفردت لـلآل الكـرام مجالسـا
أمـت هداهـا شيعـة أبــرار
في قلب طيبة والرسول ينيرهـا
أرسيـت نهجـا رامـه الجبـار
وشرعت بالرأي السديد مقومـا
ركب الحياة وحولـك الأنصـار
ومضيت ترسم للحياة مسيرهـا
الصمـت فكـر والكـلام قـرار
أجريت من نبع الحيـاة جـداولا
حتى تماهـى الرقـم والأصفـار
وطويت أحقـاد الذيـن توثبـوا
ما خفت يوما أو دهـاك حـذار
قدمت للديـن الحنيـف فـداءه
يحـدوك للبـذل الكبيـر منـار
يا طلعة الشمس المنيـرة بيننـا
لـولاك ضاعـت هـذه الأفكـار
كنا نشخص في الصلاة إمامهـا
في كل فـرض تسطـع الأنـوار
في وقفة المحراب مزج مشاعـر
الأصـل فيهـا دمعـك المـدرار
يا راسم الأفـق البعيـد تآلفـت
هذي النفـوس فعمهـا الإكبـار
بالأمس تدعـو للفـلاح مـرددا
قول الرسول وحولـك الأقمـار
بالأمس لامست الطريق بحكمـة
تبغي الخلاص فتَسْقُـطُ الأعـذار
بالأمس ما بين الجموع تحثهـا
واليوم لفـت جسمـك الأطمـار
يا شيخ طيبة من يعيش عزاءنـا
في كل شبـر ترتمـي الأخطـار
أبكيك حزنـا والأنـام شواهـد
والروح تهفو والخطـوب تثـار
والجرح يدمي والهموم تحوطنـا
والسر يطوي والوعـود تـدار
لكنّ (مهدي) السـلام يحوطنـا
فـي كـل آن فيضـه أنــوار
فيـه نعزيـك الفـراق وبعدهـا
نرجوك لطفا كي يصـان ذمـار
يا حامل الهـم الكبيـر توافـدت
من كـل حـدب شيعـة أخيـار
لولا عطاؤك في الحيـاة يحثهـا
ما سار ركب أو قضى مشـوار
فجرت نبعـا كالفـرات نـروده
في كل حيـن والربـوع مـزار
وعرجت للكون الفسيـح ملبيـا
صوت الفلاح يضمـك الأطهـار
في تربة الأرض الطهور تمازجت
منا الدموع وشخـص المقـدار
كون من اللطف المقدس بالثرى
دارت عليـه ربيعـة ونــزار
كنا إذا طافت صـروف زماننـا
نرجوك فيضا والجـواب بـدار
واليوم في جدث التراب موسـدا
روض البقيع ودونـك الأستـار
أبكيك يا نفس الهـداة وعادتـي
منـك الصفـا فكيفهـا الأخبـار
يا صاحب القلب الكبير نظمتهـا
من وحي قرنك هـذه الأشعـار
يا شيخ حـدث فالحيـاة كريمـة
يذكي رؤاها الصبـح والأسحـار
إن غاب عن أفق المدينة والـد
نبكيه دمعا كـي يطيـب جـوار
أو قام بالأمر الشريـف وليـده
حطناه حبـا كـي يـدوم شعـار
في ذمـة الله الكريـم وحسبنـا
أن نلتقيـه وتجـمـع الآثــار
حيث النبـوة والإمامـة فوزنـا
في ظل عـرش والجنـان ديـار