سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم
عندما بقدم الإنسان في الحياة ما يدلل على أنه انسان فإن ذلك سيتوجب بدوره ان تقف الحياة منه موقف التقدير والاكرام البعض يُكرم في حياته وهذا ما نجده في الأمم المتقدمة التي تعرف معنى التفوق والتقدم و إن في حدود دائرة مصالحها بطبيعة الحال, وهذا ما تلمسه من خلال مشاهدة الجوائز الكبرى المقدمة من أكبر المؤسسات في المجتمع المدني المدعوم برغبة أصحاب القرار رغبةً منهم في ما يخدم بعض التطلعات, وهذا الأمر ليس بالغائب, غير أن ما يهمني في الأمر هو الجانب الإيجابي منه وهو قضية التكريم.
أما نحن أبناء المجتمعات النامية والتي لا أفهم على ما ألصقت بنا هذه التسمية, وهل تعني دورها قدراً لا محيص عنه, إذاً ما بال الدول التي استطاعت أن تتخطى هذا الحاجز ألا يدل هذا على أن الأمر خارج دائرة القدر اللازم, وإذا كان كذلك فما هي الخطوات التي يمكن أن نخطوها حتى نستطيع القفز من داخل دائرة اختطت لنا لنعيش عالماً أكبر و أرحب.
كثير هم أولئك الذين يستحقون التكريم من أبناء المجتمعات النامية كما أُريد لنا تسميته, لكن أحداً لم يكرم وحتى من كُرم منهم وممن لهم بصماتهم الواضحة فيما كرموا من أجله فإن التكريم جاء بدوره أيضاً من خلال أولئك الآخرين, ما زلنا نعيش أبجدية القبلية المغلقة على أسرارها وما زلنا وبعد هذه الطفرة النوعية تقنياً نعيش الذهنية الفارغة وعلى رغم كل حالات التغير والتطور من حولنا نعيش حالة الجمود والتخلف.
وليت شعري متى يلتفت أبناء مجتمعاتنا ومن لهم الأمر إلى صعوبة الموقف وتهرئة وضحالة الرصيد ليضعوا خطة عمل تأخذ بالمشهد إلى ما يُفترض أن يكون عليه.
أقول هناك أناس لا تعرف الأمة قيمة وجودهم حتى يغادرو هذه الدنيا وليد الفراغ الذي يتركونه من ورائهم فيما اختصوا به أو عُرفوا فيه وفقيدها السيد الحكيم من هؤلاء الذين سوف نحتاج إلى مزيد من الوقت حتى نتعرف إلى مدى الهوة التي خلفها وراءه .
لم ألتقه كثيراً ولم أستمع له في خطاب واحد لكن أكثر من مجلس كان له الأثر المباشر في أن يرسم تصوراً قريباً عنه, نأى بنفسه عن الجدلية العقيمة واختط لها طريق الواقعية بعيداً عن مساحة الرد والبدل التي لا طائل من ورائها , وجد في الصمت والكتمان خير معين له على قضاء حوائجه والوصول بمشروعه إلى جادة النجاح, ولا غرابة في ذلك فأبوه مرجع الطائفة الأعلى بكل ما تحمل الكلمة من معنى, تاريخ جهادي حافل شهد به القاصي والداني وعلمٌ حوزوي متدفق خلف وراءه واحدةً من أهم الموسوعات الفقهية في العالمين العربي والإسلامي (العروة الوثقى) أبوة حانية على جميع أبناء الأمة وجراءة في القرار وتشبث في الموقف الديني , كل هذا كان بالنسبة للسيد العزيز بمثابة جامعة يتنقل بين أروقتها يساعده على فك شفراتها أخوة أتقياء بررة جادوا بكل شيء كان بين أيديهم.
وبعد أن استأصل السيف رموز أهل هذا البيت أبى إلا أن تكون له بقية فكان السيد العزيز هو البقية له لكن القدر لم يمهله وإذا ببقية السيف يسرع ملبياً نداء ربه في وقت أمس ما تكون الأمة إليه.
وفي أيام رحيله "قدس" كتبت هذه المرثية
عـمّـار صـبــراً فالـمـصـاب ثـقـيـلُ
والليـل بـعـد الـبـدر هــوَّم مبكراً
ومديـنـة الـكـرار قُــوض عرسـهـا
فتقاطـرت كــل القـلـوب يشـدُّهـا
بالأمس في دنيـا الصـراع يقودنـا
إن تـبـكِ ربــات الحـجـال عزيـزهـا
لقّـنـت أوبــاش الـصـراع مواجـعـاً
وكتبت بالكاتيوش ترمـي حـدوده
لـكــن أنـصــار الـجـهـاد جـحـافــلٌ
وتـحـدّث الـرّاثــون عـنــك ودونـهــم
وحملت مشـروع السـلام مقدسـاً
ولأنــت إشــراق الـزمـان تـقــوده
أيـــام مـــرت واسـتــراح مـطــاردٌ
قد مزق البعث الحقود جسومكم
ودّعـــت دنــيــاً لاتــــدوم لــواحــدٍ
وعـرجـت لـلــرب الجـلـيـل تـقـرُّبـاً