سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت قدس سره
فس قرية فومن من عوالم الشمال الايراني اشرقت شمس محياه المباركة وذلك في احد ايام السنة 1334هـ في بيت صلاح وتقى تلقى معارفه الاولية فيها ثم شد رحاله صوب مدينة قم المقدسة حيث كانت تشج معالم حوزة جديدة بفضل جهود العلامة المؤسس الشيخ الحائري. وبعد أن نال طرفاً من ذلك يمم شطر العراق الأغر ليضع رحله بادئ ذي بدء في مدينة الدم والشهادة والصبر والاستقامة كربلاء الإباء الحسيني, متردداً على محضر أرباب المعرفة والسلوك فيها مختصاً بدرس علامة السير والفقاهة الشيخ أبو القاسم الخوئي الكربلائي.
وفي مدينة العلم والفقاهة النجف الأشرف إندك في محضر الأعلام فيها, مغترفاً من معين سلسهم العذب, حيث الفقاهة في أدق نتاجها, ومدرسة الأصول في أقوى مبانيها, ومدرسة التفسير في أوسع أبوابها, ومدرسة الحكمة في أحكم قواعدها, ليجد ضالته المنشودة تتمثل في أشخاص أعلام قلما يجود الدهر بأمثالهم إن لم يتعذر عليه ذلك, يقف في الطليعة منهم : آية العلم والمعرفة مفتق دقائق أمهات المسائل الأغا ضياء الدين العراقي, وملكة صاحب السليقة السليمة والذوق الرفيع الميرزا النائيني, لتكمل العقد الأصولي بعلامة فنه العقلي المحقق الأصفهاني الكمباني.
وحيث كان ميالاً بطبعه إلى مدرسة السير والمعرفة فما كان لأحد أن يحقق مراده ويأخذ بيده إلى أعلى مدارج الأنس والمعرفة إلا من القلة المفرقة بكلها بين يديه واقتربت مسارات الأنس منه عارف العرفاء وسيد السالكين القاضي الطبطبائي, لتكون بيد الحجة البادكوبي لمسة الختام على صفحات روح روضتها الحكمة وصقلتها العبادة.
وبعد أن استكمل تلك الأدوار انحدر راجعاً إلى موطنه ومسقط رأسه حيث توقف فيه فترة قصيرة ليعود من جديد لكن هذه المرة صوب مدينة العلم والشهادة قم المقدسة بعد أن استكملت أدوار البناء المعرفي على أيدي أفذاذ نذروا أنفسهم للأخذ بها إلى مدارج الرقي والريادة وهو ما تسنى لهم حيث تمثل اليوم قبلة أفئدة القاصدين للتحصيل الحوزوي.
أقول وقد كان تواجده فيها قد مثل إضافة هامة في هذا الجانب حيث كان لبحثه الخارج رواده ومريدوه.
أما هديه العرفاني ومنهجه السلوكي فحدث ولا حرج حيث كان من أهم أركان مدرسته وأقوى قواعدها.
وعندما كانت الحوزة في قم تبحث عن مربي أخلاقي كانت الإشارة من سيد عرفاء عصره الإمام الراحل الخميني العظيم تشير إلى شخصه العارف, وعندما قدم اعتذاره عن ذلك أكد السيد الإمام لابدية إرشاده إلى شخصية لها القدرة على ذلك, وفي هذا ما فيه من الثقة الكاملة فيما كان عليه من خاصية ومن المعلوم أن العظيم لا يعرفه إلا العظماء أمثاله.
وفي أواخر سني حياته المباركة وبعد رحيل جيل المرجعيات العليا, أجمعت جامعة المدرسين في قم على مرجعيته بين مجموعة من الأعلام فيها.
غير أن يد المنون امتدت إليه بعد عمر قضاه بين أوراد الوصل والوصول صوب عالم الوحة ليخرج من هذه الدنيا وحيداً إلا من أنس لزمه أغناه عن كثرة العدد المثقلة بالسلب, لتعرج روحه هادئةً مطمئنةً صوب المبدئ لتكون بذلك قد قطعت آخر مراتب الوصول .
ولي فيه مرثيتان : الأولى بعنوان "بهجت العارفين" وفيها أقول: