سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت قدس سره

سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت قدس سره

عدد الزوار: 3789

2012-04-22

فس قرية فومن من عوالم الشمال الايراني اشرقت شمس محياه المباركة وذلك في احد ايام السنة 1334هـ في بيت صلاح وتقى تلقى معارفه الاولية فيها ثم شد رحاله صوب مدينة قم المقدسة حيث كانت تشج معالم حوزة جديدة بفضل جهود العلامة المؤسس الشيخ الحائري.  وبعد أن نال طرفاً من ذلك يمم شطر العراق الأغر ليضع رحله بادئ ذي بدء في مدينة الدم والشهادة والصبر والاستقامة كربلاء الإباء الحسيني, متردداً على محضر أرباب المعرفة والسلوك فيها مختصاً بدرس علامة السير والفقاهة الشيخ أبو القاسم الخوئي الكربلائي.

وفي مدينة العلم والفقاهة النجف الأشرف إندك في محضر الأعلام فيها, مغترفاً من معين سلسهم العذب, حيث الفقاهة في أدق نتاجها, ومدرسة الأصول في أقوى مبانيها, ومدرسة التفسير في أوسع أبوابها, ومدرسة الحكمة في أحكم قواعدها, ليجد ضالته المنشودة تتمثل في أشخاص أعلام قلما يجود الدهر بأمثالهم إن لم يتعذر عليه ذلك, يقف في الطليعة منهم : آية العلم والمعرفة مفتق دقائق أمهات المسائل الأغا ضياء الدين العراقي, وملكة صاحب السليقة السليمة والذوق الرفيع الميرزا النائيني, لتكمل العقد الأصولي بعلامة فنه العقلي المحقق الأصفهاني الكمباني.

وحيث كان ميالاً بطبعه إلى مدرسة السير والمعرفة فما كان لأحد أن يحقق مراده ويأخذ بيده إلى أعلى مدارج الأنس والمعرفة إلا من القلة المفرقة بكلها بين يديه واقتربت مسارات الأنس منه عارف العرفاء وسيد السالكين القاضي الطبطبائي, لتكون بيد الحجة البادكوبي لمسة الختام على صفحات روح روضتها الحكمة وصقلتها العبادة.

وبعد أن استكمل تلك الأدوار انحدر راجعاً إلى موطنه ومسقط رأسه حيث توقف فيه فترة قصيرة ليعود من جديد لكن هذه المرة صوب مدينة العلم والشهادة قم المقدسة بعد أن استكملت أدوار البناء المعرفي على أيدي أفذاذ نذروا أنفسهم للأخذ بها إلى مدارج الرقي والريادة وهو ما تسنى لهم حيث تمثل اليوم قبلة أفئدة القاصدين للتحصيل الحوزوي.

أقول وقد كان تواجده فيها قد مثل إضافة هامة في هذا الجانب حيث كان لبحثه الخارج رواده ومريدوه.

أما هديه العرفاني ومنهجه السلوكي فحدث ولا حرج حيث كان من أهم أركان مدرسته وأقوى قواعدها.

وعندما كانت الحوزة في قم تبحث عن مربي أخلاقي كانت الإشارة من سيد عرفاء عصره الإمام الراحل الخميني العظيم تشير إلى شخصه العارف, وعندما قدم اعتذاره عن ذلك أكد السيد الإمام لابدية إرشاده إلى شخصية لها القدرة على ذلك, وفي هذا ما فيه من الثقة الكاملة فيما كان عليه من خاصية ومن المعلوم أن العظيم لا يعرفه إلا العظماء أمثاله.

وفي أواخر سني حياته المباركة وبعد رحيل جيل المرجعيات العليا, أجمعت جامعة المدرسين في قم على مرجعيته بين مجموعة من الأعلام فيها.

غير أن يد المنون امتدت إليه بعد عمر قضاه بين أوراد الوصل والوصول صوب عالم الوحة ليخرج من هذه الدنيا وحيداً إلا من أنس لزمه أغناه عن كثرة العدد المثقلة بالسلب, لتعرج روحه هادئةً مطمئنةً صوب المبدئ لتكون بذلك قد قطعت آخر مراتب الوصول .

ولي فيه مرثيتان : الأولى بعنوان "بهجت العارفين" وفيها أقول:

أبكـى الشريعـة مـذ وافتهـا فاجـعـة
فقـد التقـى زلـزل الدنيـا بمـن فيـهـا
غـداة جــاءت بــه الأخـبـار iiمعلـنـة
موت الرشـاد ضحـاً فارتـج iiواديهـا
يـا بهجـة الـكـون أنــوارٌ تـعـج iiبـنـا
تذكـي الأنـام وكـم سـارت iiبساريهـا
قـرأت كـل علـوم السالكـيـن iiهــدى
ورحـت فـرداً قبيـل الفـجـر iiتنشيـهـا
مواطن القرب عند القبـر iiشاخصـة
بنـت الكليـم الـتـي تـزجـي iiمعانيـهـا
حـوريـة الآل فــي قــم فـتـنـت بـهــا
فـي كـل يـوم علـى الميـعـاد iiتأتيـهـا
مــا غيـرتـك حـيــاة الـعـلـم iiأنـمـلـة
بـل غيـرت مـن سعـى يومـاً iiليلفيهـا
فـأنــت ســـرٌ وللـرحـمـن iiأشـرعــة
ودون هـــذا وذا حــبــلٌ iiلـصـاريـهـا
وليـلـة الـقـدر قــد وافـتـك iiمرسـلـة
حـب الإلـه دجـىً فأسـعـد iiبصافيـهـا
يــا مظـهـراً لقـضـاء الله يــا iiقـــدراً
حـوائـج الخـلـق قــد مــدت أياديـهـا
فرحـت تفـرغ مــن آيــات محكمـهـا
مـا صيـر التـرب تبـراً فـي نواحيهـا
صلـت عليـك مـن الرحمـن أقربـهـا
ملائـكـاً أشـرعـت حـمــداً iiوتألـيـهـا
من عرش زهدك في قم أضأت سناً
كـل البطـاح فمـا الدنيـا ومـن iiفيـهـا
صــلاة ليـلـك أمــواج أنـسـت iiبـهــا
الغـوث تسـأل خوفـاً مــن خوافيـهـا
لكـنـك الـفـرد قـــد قضيـتـهـا iiحـدبــاً
لـلآل تدعـو وتمضـي فـي iiمراثيـهـا
تـقــارع الـجــهل بالتـوجـيـه iiمـتـخـذاً
مـن هـدي طـه منـاراً عـم دياجيـهـا
فـعـدت لله فـــرداً صـالـحـاً iiعـرفــت
فـيــك الحـيـاة تقـيـاً حــيـن iiتقضـيها
 
المرثية الثانية بعنوان "مرثية شيخ العرفاء" وأقول فيها:
أشرقـت بـدراً مـا عـراك iiأفــولُ
والموت في شرع الإله iiوصـولُ
فأضأت كونـاً بالعلـوم تقاصـرت
عـن درك حرفـك نظـرة وعقـولُ
إذ كنت من هدي الهـداة iiمـزوداً
بالـورد وصـلاً هـام فيـه رعـيـلُ
ورسمـت بالحبـر المـنـور دورةً
من كـل فـن فانتـشـى المعــقـولُ
لله أنـــت كـــم أنـــرت عـوالـمـاً
لــولاك ألغـى كـونـها iiالمجهـولُ
نـفـس تمنـيـك الـوصـول لـعـالـم
يدنـيـك مـنـه الـحـمـد والتهـلـيـلُ
يا قطب أرباب الكمال تقاصـرت
عن وصف سرك جذبـةً وحلـولُ
بالأمس فـي بيـت الإلـه تواصـل
والحـزن بـادٍ والـدمـوع iiسـيـولُ
والناس في حـرم الصـلاة iiتألـق
القـلـب حــزنً والبـكـاء عـويــلُ
يا "بهجت"السير الطويل توارد
هـذا العـروج فكيـف تــم رحـيـلُ
يا "بهجت" الدين الحنيف تحنناً
أبكـيـك عـــزاً فالـبـكـاء طـويــلُ
لكـن مـن عـرف الفقـيـد iiيـقـوده
للـدمـع ذات صـيـغ منـهـا دلـيـلُ
يا مسحة الروح الكبيرة iiأورقت
أغـراس زرعـك أيهـا iiالمأمـولُ
فاهنأ بعيشـك قـرب بنـت محمـد
يحويـك روضـاً أنـت فـيـه نـزيـلُ
ثــم المـلائـك والقـلـوب iiتـحـلـق
تـدنـيـك قـــربــاً سـجــدة ومثــولُ