زينب الكبرى(عليها السلام) قدوة المرأة الصالحة
المتتبع لحياة السيدة زينب الكبرى"عليها السلام" يرى بأنها ترعرعت في كنف أصحاب الكساء (عليهم السلام) في بيت الطهارة والعصمة وتلقت تربيتها في حجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ,وكانت تعلم بعلم المنايا والبلايا ,ودليل ذلك بقول الإمام السجاد (عليه السلام) لها: (يا عمة أنت بحمد الله عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة) أنّ هذا الكلام حجّة على أن زينب بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت محدثة أي ملهمة، وأنّ علمها كان من العلوم اللدنيّة والآثار الباطنيّة ,فقد حازت على الصفات الحميدة التي لم يحزها أحد بعد أمها فتوحدت فيها العفاف والحجاب حتى لم يراها أحد في زمان أبيها وأخويها إلى يوم الطف ,وتوحدت في البلاغة والفصاحة حين خطبتها في الكوفة كأبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وأما توحدها بالصبر والبلاء فأول البلاء وفاة جدها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم), والمشهد الثاني بأمها المرأة الكاملة فاطمة الزهراء(عليها السلام) وهي بين الحائط والباب ونادت "وعلياه" لم يجبها الإمام(عليه السلام) وإنما أجابتها العقيلة زينب(عليها السلام) فأتت لها بالماء.والمشهد الثالث الإمام علي (عليه السلام) الذي قضى ليلته الأخيرة وآخر سويعات الدنيا في بيت زينب (عليها السلام) فخرج من الدار بعد وضوءه بمرأى من زينب , فصل نافلته فبرج بدمه فنال الشهادة بطابعها التشريعي فأتى به الحسن والحسين إلى بيت زينب فاستقبلته فاكتملت شخصيتها عند مصرع أبيها . وأما المشهد الرابع عند مصرع أخيها الحسن المسموم فدخلت والحسين يمرضه وخرجت آتية له بالماء ودخلت وفارقت روحه الطاهرة , والمشهد الخامس وهي في صدارة الركب الحسيني إلى الطف , فاستقبلت مصارع أبناء أخوتها والمصرع الجلل مصرع الحسين (عليه السلام) في رواية كانت حاملة معها ماء للحسين (عليه السلام) قبل قتله , وفي رواية أتت بعد شهادته ورفعته بهيئة الجلوس قائلة "أي رب تقبل هذا القربان أي رب إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى" .
وفي الختام بين سماحة العلامة الأسباب الناجحة في شخصية الصديقة الصغرى زينب الكبرى بامتلاكها الجرأة في اتخاذ القرار والموقف المبني على الوعي والتفكير وطول نظر بعلمها بعلم البلايا والمنايا , فعلى المرأة الاقتداء بالسيدة الطاهرة بعلمها وعبادتها التي لم تترك عبادتها وقيام صلاة الليل وهي في شديد محنتها وبلائها وفجعتها بمصاب أخيها الحسين (عليه السلام) , فعلى المرأة التكيف بظروف الحياة وحياة زوجها وطبيعة عمله , وعدم مراقبة الرجل ومتابعة خصوصياته فإن ذلك يورث عدم الثقة فغيرة المرأة كفر وغيرة الرجل إيمان .
وعلى الرجال بناء شخصيتهم بالتقوى والورع عن محارم الله , والحفاظ على الصلاة فإنها عمود دينكم إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها ,فهي ميزان قبول الأعمال .
وعلى الآباء الموازنة بين الإفراط والتفريط في تربية أبنائهم فإن ذلك سبب في عدم المثالية في التربية , وذلك بعدم الإفراط بالدين عن الدنيا , والتفريط بالابتعاد عن مدرسة أهل البيت واللهو بأمور الدنيا قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ).
للاستماع إلى الخطبة اضغط على الرابط