دماء عاشوراء تستحق التأمل ،والساحة تتطلب الهدوء والتعقل

دماء عاشوراء تستحق التأمل ،والساحة تتطلب الهدوء والتعقل

عدد الزوار: 922

2011-11-27

 وعنى بهم الشيخ الأصفهاني صاحب اليد الطولى في التأسيس إلى مربعات لم تألفها حوزة النجف من قبل ، تلاه الميرزا النائيني مضيفا لمسة من السحر البياني والدقة العقلية والاقتراب من الذوق العرفي ، قد أكمل مسيرته الآغا ضياء الدين العراقي الذي تخرج على يديه أقطاب العلم وجهابذة المذهب ، قيض الله بعد هذه المنظومة العلمائية البديعة الشهيد السيد الصدر الذي تغلغل من وراء تلك المدارس الثلاث .

وبعد القوة والمتانة التي سادت بها النجف من حولها ،وبعد أن كانت مرتعا لطلاب العلم من كل أقطار الدنيا تسلل إليها الضعف فشلها وكسّر جنحيها وكان يختبئ خلف ذلك حزب البعث الذي تسبب في تراجعها وانكماش مسيرتها

وعن ذلك يقول :ما أن وصل حزب البعث إلى سدة الحكم حتى  تسبب في إهدار طاقات النجف الأشرف  المادية والبشرية والعلمية .

 وسرد الأساليب التي سلكها الحزب المقبور لينسف الحوزة  من حملات نفي وتهجير مسعورة  طالت كثيرا من الأقطاب العلمية بأرقام مهولة ، كما عمد البعث للتضييق بزعيم الحوزة أبي القاسم الخوئي فالاستجوابات العشوائية التي تعقب كل درس ليست ذات هم مقابل عمليات التصفية والإبادة التي يتعرض لها البشر في النجف آنذاك ،وخلق أجواء رعب تفوح منها روائح القتل وعفونة السجون .

وبمجرد أن التفت النظام إلى دور الديوانيات الكبرى في التنوير العلمي حتى جعل نصيبها الشمع الأحمر و الدهاليز المجهولة مصير أصحابها وروادها.

كما قام البعث بزرع الجواسيس والعملاء بين أدراج الحوزة وصفوفها على هيئة رجال معممين تسببوا في تنفير الطلبة ورجال الدين خوفا على أهليهم ورقابهم .

وكان لتوجه بعض أبناء الأسر العلمية إلى الدراسة الأكاديمية  دورا في خنق ما تبقى للحوزة من أنفاس ، الأمر الذي أسهم في أن تغيب المرجعية عن بعض البيوتات وتنتقل إلى بيوت أخرى ما جرّ أن ينحسر الفكر العلمي عند بيوتٍ كانت مضرب المثل و تشق إليها الأنفس للسؤال ... والحال نفسه يجد صداه عند الساحة الأدبية و التحصيلية.

وتفرع عن حوزة النجف في لحظات وهنها مجموعة من الحوزات التي تنقلت من موضع لموضع من حوزة أصفهان ومشهد والبحرين والقطيف والاحساء،  وعاشت ذروة ازدهارها حتى تخلل أطرافها الضعف والهرم فلم يكتب لها الاستمرار و عادت لحضن أمها – النجف الأشرف-  ونبه إلى أنه ليس لأحد أن يقلل من تلك الروافد التي انبعثت هنا أوهناك فقد أثرت بنهوضها دفعا في مسيرة الحوزة الأم وكانت امتدادا لصوتها وهيمنتها .

 وانطلق بتسلسل محكم من حوزة النجف التي فقدت كثيرا من عدتها وعتادها، إلى حوزة قم المقدسة التي تتربع منذ أكثر من 1000 عام على قمة الهرم .

مستعرضا بعض الروايات عن المعصومين التي تنبأ بشأن عظيم لهذه الأرض الطاهرة فما أن افتتحت أبوابها حتى تدفق إليها طلبة العلم وكان لهم تحصيل العلوم الحوزوية الأصيلة وأصبح ما يُحصل في قرن من الزمان بات يحصل في عقد واحد ،واستشهد سماحته برواية لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها " كأني ببني الأحمر – إشارة إلى فارس _ يعلمون أبناءكم القرآن في مسجدكم هذا " ويعني به مسجد الكوفة ، ويستدرك سماحته الرواية بأخرى توثقها الأسانيد والرواة " مكة أمان الله ، المدينة أمان محمد ، الكوفة أمان علي ، قم عش وأمان بيت آل محمد " وبقيت وحدها حوزة "قم" تتنفس القوة وتهيمن على من حولها كزرع أخرج شطئه و كامتداد لفصل نجفي تعجب الزراع ليغيظ  بها الله الكفار والمنافقين و تثير الرعب والحسد في قلوب الشانئين.

وختم سماحته خطبة الأمس يؤكد على أهمية اقتناص شهر محرم الحرام , وعلى أهمية المشاركة في عاشوراء بالتزام الهدوء التام ؛ مشيرا إلى أن المرحلة حساسة وخطيرة وفيها تجاذبات ونحن ليس لنا إلا الظاهر وفي العمق تغيب عنا الكثير من الحقائق وحتى لا نغرق ونجر الذين حولنا للضياع والغرق والهلاك .

واستطرد ينوه على ضرورة اختيار الخطيب الجيد المتمكن من رسالته ؛الذي يملك القدرة والتأثير ويحيط بثقافة تشبع نهم الشباب وتجيب عن تساؤلات الجميع .

مبينا أن على المستمع أن ينظم لنفسه جدولا لإحياء مجالس أبا عبد الله الحسين كما الجدول الذي ينظمه لاختباراته .

وخاطب سماحته الخطباء بضرورة أن يعون ما يقدمون في موائد الحسين الفكرية وألا يحيكوا خطبهم خبط عشواء ،مشددا عليهم استحضار مصادر لكل ما يردون في خطبهم وأن يتجنبوا الروايات المشبعة بالدس والمتهمة بالضعف ،و ألا يتطرقوا لكرامات قد لا يكون لثبوتها صحة على الإطلاق ، وعليهم أن يعون ما يقولون فالحسين حسيب عليهم يوم القيامة .   

للاستماع إلى الخطبة اضغط على الرابط