خاصية النجف الأشرف

خاصية النجف الأشرف

عدد الزوار: 641

2009-06-26

       فبدأ سماحته الحديث عن حياة الإمام الهادي (عليه السلام) وأسباب التخلص من أهل البيت (عليهم السلام )الواحد تلو الآخر, في حين لم يقدموا للبشرية إلا الجميل , وذلك لأنهم يجسدون الرسالة المحمدية , واحتياج الأمة إليهم وبعلمهم ,والعزوف عن بهارج الدنيا وزخرفها الغرور , فكان الإمام سلام الله عليه يزاول العمل بنفسه مع وجود الغلمان والخدم وذلك تيمنا وامتثالا لجده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولأمير المؤمنين (عليه السلام) , حيث من هذه الصورة الجميلة تجعل من الفرد المؤمن الموالي الحث على العمل بنفسه وتذليل العقبات والصعوبات عن طريقه للوصول إلى النجاح فمن الأمور التي تذيب العقبات وتذللها الصدقة فإنها تدفع البلاء المبرم وتسهل الطريق أمام الرجل الهادف .

 

    ثم انتقل سماحته بالمصلين إلى أسباب سقوط بغداد من أيدي العباسيين , من أسبابها الضعف الديلمي على بغداد القادم من الفرس و أسسوا فيما بعد الدولة البويهية  وهؤلاء معروفون بولائهم لأهل البيت , والعروق التركية الذين انتشروا في الدولة العباسية بالهتك والفساد وهم ميالون للطرب وبعيدين عن السلف, ومن أسباب سقوط بغداد الجانب السلفي الذي لم يكن وليد العصر وأخشى ما نخشاه أن نغرس السلفية في أوساطنا , فمن الممكن أن يغرس الفرد منا السلفية في أسرته , فالسلفية إذا كانت ذات أصول تشريعية إسلامية فهذه السلفية التي تدعون أئمتنا لذلك وأما الالتزام بالنص المطلق دون أخذ العقل فهذه سلفية فاسدة هادمة .

     فمن خلال ذلك المشهد انتقل الشيخ الطوسي إلى النجف مؤسسا حوزتها ومخرجا علماء يناطح بهم رؤوس الأمة  ,ففي النجف خاصية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هي الروح الجاذبة فكيف لا تكون كذلك  ؟وهي من صنع محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال : (أنا مدينة العلم وعلي باباها فمن أراد المدينة والحكمة فليأتها من باباها ) , فجاءها الشيخ الطوسي طارقا بابها ممتثلا بقول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفتحت له أبوابها , فأخذ الأحاديث من النقل والدراية إلى البحث والدراسة فرسخ علم الأصول وأسس مدرسة التدوين , فاستطاع أن يتجرد من شخصيته الفارسية بغزارة علمه في علوم اللغة العربية وكأنه أبن الرافدين فوجدت تلامذته بين يديه جالسة أمام بحر متلاطم من العلم والعلوم المتنوعة من التفسير والحديث واللغة والتصنيف .

 

     وفي ختام خطبته وجه المصلين إلى ملاحظات هامة ينبغي العمل بها نحو مستقبل زاهر لأبنائهم ولأسرهم ولمجتمعهم , فالعطلة تساوي معناها بالعاطل والعاطل يدخل في دائرة الفشل , والفشل تناقض النجاح الذي تدعونا أئمتنا ( عليهم السلام ) فعلينا الخروج من تلك الدائرة البائسة نحو التغيير إلى الأفضل ورسم الأهداف التربوية المحمدية والعمل بها في فترة تصل مداها ثلاثة أشهر , فيها تقام صقل الموهبة في أطفالنا , والابتعاد عن الآلات التي تهدر الوقت في فساد أطفالنا وضياعهم في وسط صحبة فاسدة لا تناسبهم أعمارا ولا أخلاقا ولا سلوكا , والابتعاد عن السهر البعيد عن ذكر الله سبحانه ,فعلى الأسر أن تلتزم بمدرسة أهل البيت ( عليهم السلام) والعمل بالمبادئ الحسينية التي من أجلها قامت الثورة الحسينية ضد الظلم والفساد .

    فعلى المرء إنصاف الناس من نفسه , والابتعاد عما لا يعنيه فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه , فالعمل بذلك يبعده عن كثير من العقبات والسقطات التي تدخل  الإنسان في دائرة الحرج وعدم المعرفة وإلصاق الجهل بين عينيه . فعلينا أخذ الدروس من العالم الجليل الفقيد الشيخ محمد تقي بهجت المصادف ذكرى الأربعين لرحيله .

 

للإستماع للمحاضرة أضغط على الرابط