رأت السلطة آنذاك في نفي أبي ذر إلى بلاد الشام وجبل عامل الحل الأمثل لها ليكون تحت الرقابة والاستقصاء , لكن ذلك كان على قصر نظر فأما النظرة البعيدة وواقع الحال للمستقبل شكلت نقطة هامة وركيزة قوية  للأجيال والواقع المعاصر ويعود هذا بمقدم أبي ذر في أرضها حيث وسع مدرسة أهل البيت إلى تلك البقاع وكان الناطق الغير المعلن للعترة الطاهرة,فنهجت أبناء أبي ذر على نهجه نهج علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلم تتزحزح عند أصعب الظروف.

      فجبل عامل سلسلة جبال ممتدة من سلسلة جبال تنوخ من تركيا مرورا بسوريا و جنوب لبنان , فيها من التراث الفكري والثقافي ما يجب علينا أن نعرفه نحن ولكن معرفتنا بها بدأت عند بدأ الحروب المفروضة عليها واكتفينا بالأحداث الإعلامية السياسية . في القرن الثامن الهجري بدأت تضع جانبها الفكري والثقافي على الموقع . من هنا تشكلت حوزة جبل عامل والتفت حولها جماعات مختلفة في مدرستها واستطاعت المنافسة مع مدارس الحوزات الأخرى , وتمد حوزة النجف الأشرف بالحراك العلمي .

     فمن أهم خصائص رموز مدرسة جبل عامل الشيخ عبد العال الكركي , والسيد محسن الأمين , والشيخ البهائي , والشيخ محمد حسن الحر العاملي صاحب الوسائل , والشهيد الأول محمد بن مكي ,والشهيد الثاني زين الدين العاملي صاحب المسالك , والسيد عبد الحسين شرف الدين صاحب المراجعات, والسيد محسن الأمين  صاحب أعيان الشيعة .

   الانفتاح على جميع ألوان الطيف من حولها جعلها متميزة على باقي المدارس الحوزوية الأخرى التي تفتقد هذه الميزة , أتت تلك الميزة لاختلاف التيارات الفكرية والدينية والمذهبية في أرضها احتاجت إلى قرار على أساس منه حفظ الأمة  لذلك تحركت على جميع الأصعدة وخرجت من القوقعة الذاتية الفكرية إلى ملامسة المجتمع ومحاكاة واقع العصر .

   وفي ختام خطبة سماحة العلامة السيد محمد رضا السلمان حث المصلين وجموع المؤمنين بالقراءة الحثيثة التي خلفتها تلك الأعلام وبالتراث الفكري والثقافي والبحث الشديد على امتلاك تلك الكتب الثمينة التي تحمل تراث مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) والخروج من القوقعة الذاتية , ولا نكون ممن همها علفها ولا نقف عند أمر ليس من تخصصنا وخارج عن حدود عملنا , وعدم هدر الأموال في غير محلها , والابتعاد عن آماكن هدر الوقت والانشغال بالدنيا عن الدين .

للاستماع إلى الخطبة اضغط على الرابط