الحوزة و محاكاة الواقع
في ظل تداخل الثقافات الأخرى على بغداد و من خلال الترجمة الضخمة التي سلكتها الخلافة في ذلك الوقت وتدفق العلماء والمفكرين من جميع الأمصار والمذاهب والأديان إلا أن لحوزة بغداد الروية والسكينة في سيرها فلم تكن في وسطها النفسيات المتهيجة بل العكس من ذلك استطاعت الانفتاح على المشهد والتعايش مع المدرسة السنية على وجه الخصوص , في بغداد وضع الأسس للمذاهب الإسلامية واستطاعت المدرسة السنية أن تتفاعل مع النصوص النبوية أكثر من تربع على رأس المذاهب , فالحراك العلمي إذا احتوتها أيادي أمينة وصلت إلى أعلى مراتبها العلمية ؛فحظر كم هائل من العلماء بين علمائنا وعلماء السنة فهذه دلالة على روح التقارب وروح الرغبة في التعايش وتبادل الفكر والعلم فيما بينهم , فعلماء السنة كانوا مندفعين على التعلم عند علمائنا , وتبادلت الإجازات فيما بينهم , فبدأت الشروح على المتون والتعليقات بين الطرفين فهناك المئات على تعليق الكتب من المتون من كتب علمائنا .
فنصيب حوزة الإحساء من حوزة بغداد العالم الجليل الشيخ أبو صالح السليلي ,مسقط رأسه ناظرة في التويثير حيث هاجر منها إلى بغداد والتحم مع العلماء هناك , فقال فيه السيد علي بن طاووس إن هذا الرجل ليس إمامي الهوى , وذلك لمشيخته وسط العامة , فالموسوعة الكبيرة "الذريعة إلى تصنيف الشيعة " لصاحبها أغا بزرك الطهراني حيث صنف الشيخ الجليل في تصنيفه , فسرد سماحة العلامة السيد محمد رضا السلمان الدلائل القاطعة على مسلكه إلى المدرسة الإمامية ردا على السيد بن طاووس وذلك ما ألفه سماحة الشيخ أبو صالح السليلي من كتب منها "الفتن" حيث أسرد الروايات الهائلة لأهل البيت "عليهم السلام".
ففي عهد السيد المرتضى بلغت حوزة بغداد أعلى مراتبها فألفت الموسوعات الكبيرة ولكن الأحوال تبدلت باستباحة المغول بغداد وحوزتها برمتها وألقت بالكتب نحو دجلة والفرات حتى تحول الماء أسود من لون أحبار الكتب وزجوا بالعلماء إلى السجون وشردت بهم إلى أمصار أخرى فمن ضمنهم العالم الشيخ الطوسي فأسس حوزة النجف الكبرى والتي سيكون لها النصيب من المحاضرات في الأسابيع الآتية .
وفي ختام خطبته وجه سماحته المصلين إلى الاستفادة من دروس أم البنين (عليها السلام) التي أخلصت في عملها للشهيدة الزهراء بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إخلاصا منقطع النظير .
ونبه سماحته بان ضيف الشهر هو (الدكتور عبد العزيز البحراني) فعلى الشباب وبالخصوص طلاب وطالبات الثانوية الاستفادة . حيث يشكلون المستقبل الزاهر , ويغلب عليهم الحيرة في اختيار التخصص المناسب وعدم الإلمام الكافي بالاختبارات والمقابلات والقبول التي تجريها الجامعات , فعليهم الحضور والاستفادة .
للإستماع للمحاضرة أضغط على الرابط