الإمام علي (ع) قصة الإسلام الخالدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
قال تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُوْنَ ~ عَنِ النَّبَأ العَظِيْمِ ~ الَّذِي هُمْ فِيْهِ مُخْتَلِفُوْنَ ~ كَلا سَيَعْلَمُوْنَ ~ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُوْنَ﴾([2]).
أعظم الله أجرك يا صاحب الزمان في أمير المؤمنين (ع)، وعظم الله أجورنا وأجوركم بهذا المصاب.
عن النبي الأعظم (ص) أنه قال لعلي (ع): «يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة»([3]).
من أين أبدأ معك يا علي؟ من يوم شهادتك الخالد؟ أم من مكة حيث ولدت في بيت الله، في الكعبة المشرفة على الرخامة الحمراء؟ أم أبدأ معك من أبيك العظيم شيبة الحمد ووجه مكة؟
أم أبدأ معك من أمك السيدة الجليلة الطاهرة حاضنة النبوة ومنجبة الإمامة؟ أم من النشأة التي يتكفلها سيد البشر محمد (ص) وترسم أبعادها السماء وتعيش مصداقيتها الأرض؟
أنت يا علي القرآن الناطق، تحرك بحركتك وسرى في الآفاق على لسانك. آمنت بآياته ودافعت عن معطياته.
يا علي.. أنت من محمد بمثابة النور من النور. نورٌ تلاقى فأشرقت الدنيا. نورٌ امتداده سماوي، ونهايته سماوية، وهو ما لم يتسنَّ لأحد من البشر قبلك إلا ما كان متحققاً بالمصدر الأول، أعني بذلك نبيناً محمداً (ص) لذلك كانت لك السراية في كل شيء، فما من موطن سمو ورفعة إلا وأنت يا علي محدثه، ولا من موطن عزةٍ وكرامة إلا وأنت الذي رفع رايته.
يا علي.. إن ذُكرت ليلة المبيت فأنت صاحبها، في وقت أحجم فيه الكثيرون وانطووا على أنفسهم، بل بعضهم لما تَجرِ الشهادة على لسانه. وإن ذُكرت سيرة الهجرة المباركة فأنت فخرها، إذ سافرتَ جهراً وهاجرت ظاهراً تحمل الظعينة من الفواطم، بينما غيرك كان يلوذ لواذاً، ويكمن نهاراً ليتحرك ليلاً.
يا علي.. وصل النبي (ص) إلى المدينة المنورة ولم يدخلها، إنما استقر في أطرافها حيث قُبا، حتى وصلت يا علي وقد تورمت قدماك، وأخذت منك مشقة الطريق مأخذها. الدم يتقاطر من قدميك، لكنك لم تفلّ لك شوكة.
يا علي.. عندما يتحرك النبي (ص) ليضمد جراحك ويمسح العرق عن جبينك الأقدس، ففي ذلك الكثير من الدلالة، لأن القطرات المتحدرة ليست كالقطرات التي تتحدر من جبين ليس كأجبنة بني البشر، إنما في كل قطرة منها آية تُقرأ، وكرامة تحفظ، وسيرة يصلى من أجلها على النبي محمد (ص).
ويؤاخي النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار، ويستبقيك يا علي لنفسه، لأنك منه كنفسه، ولو وجد في غيرك من يشغل ذلك لدخل في دائرة المنافسة، وأنى له بذلك.
ويشاء الله تعالى أن يدخل المسلمون فيما لا يرغبون فيه من الحروب الطاحنة، وتأبى راية النصر أن ترفرف إلا في يدك، وأن تفارق كفك.
يا علي.. هي راية حمد ورحمة كانت خفاقة على رؤوس المستضعفين، تأخذ بهم إلى سبل العزة والركامة، وكانت تعني فيما تعنيه النصر الكبير المؤزر الذي دفع باتجاهه نبي الرحمة والعظمة محمد (ص).
وتمضي الأيام، وتقوى شوكة الإسلام، ولولاك يا علي لما قويت، ولما استقرت، ولما استدامت، لأنك من النبي (ص) وهو منك: «علي مني وأنا من علي، وعلي وليّ كل مؤمن بعدي»([4]). تشهد لك بذلك بدرٌ الكبرى التي كبرت بما أمضاه سيفك المهدى من السماء للحبيب المصطفى، ليصافح كفاً لا تعرف إلا ما يتناسب مع إرادة السماء، فكان سيفاً لأنك كنت ماضياً في الله، لا تأخذك في الله لومة لائم، وكانت السماء تكنفك، والنبي (ص) يدفعك، وثباتك واستقرارك وإيمانك يحوطك.
يا علي.. أنت في بدر قطب الرحى، وفي أحد العظمى الكلمة الفصل، وفي خيبر الفتح كنت الإمضاء الدائم، وفي خندق الفصل برز الإسلام كله إلى الشرك كله، فلولاك إذّاك لمات الدين. هكذا كان الأمر، فأبيت إلا أن تكتب للإسلام بقاءً، وإلا أن ترفع رأس النبي (ص) عالياً، بعد أن حصل ما حصل في معركة أحد. وأنت أنت يا علي، لا تعرف إلا العلو في كل موطنٍ من المواطن.
وجاء فتح مكة وارتفعت الراية خفاقة، أما ما سطر فيها فهي كلمات المحبة والسلام والمودة والألفة وإسقاط ما كان قد علق. هكذا كنت يا علي: «اليوم يوم المرحمة، اليوم تحمى الحرمة». كلمة ما ظنّ مكيٌّ وقتها أنها ستلامس له أذناً، وأبيتَ يا علي إلا أن تطرق قلوبهم من خلال آذانهم، قبل أن تطرق أبوابهم لترفرف عليها بجناح السلم والعزة والكرامة الإسلامية التي لم يألفوها، بل نابذوا محمداً (ص) عليها وقاتلوه وضايقوه وتآمروا عليه، ولكن لا يصح إلا الصحيح، مضوا فيها طلقاء أُلبست في أعناقهم، وأُحكم قيدها إلى يوم الدين.
وأبيتَ يا علي إلا أن يكون الإسلام في مكة هو المنطلق كما كان في يومه الأول في غار حراء وأنت إلى جانب النبي (ص) وفي بيت النبي (ص) وأنت إلى جانبه، وفي شعب أبي طالب وأنت إلى جانبه.
ووفيت للبيت الحرام، وكنت باراً بالكعبة المشرفة عندما احتضنتك وليداً، وعندما جئتها يوم الفتح ترتقي أشرف وأطهر منكب عرفه الوجود، وهو منكب رسول الله (ص) لتعتلي الكعبة تحطم الأصنام من فوقها واحداً بعد الآخر، على مرأى ومسمع من طابورين حاقدين: شركٌ لم يأخذ الإسلام بعدُ من قلبه مأخذه، ونفاقٌ متردد متلصص يتحين الفرصة فيك يا علي، ولكنك أبيت إلا أن تكون كما أراد لك الله تعالى:
أنت العلي الذي فوق العلا رفعا ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا
وأنت أنت الذي حطت له قدٌ في موضع يدَه الرحمن قد وضعا
يا علي.. ودنا الرحيل من أشرف مَن شرّف الوجود بأقدامه الطاهرة، أعني بذلك النبي الأعظم (ص) وإذا بك الأقرب منه جسداً وروحاً، في وقت غاب فيه الكثيرون، أو غُيِّبوا، والبعض الآخر طُرد من شرف المقام وعظمته.
هكذا كنت يا علي مفردة مميزة، فكيف لا تحارب ولا تقصى؟ وكيف لا تقاتل بجميع أنواع الأسلحة، من لسان جارح، أو قلم منكفئ، أو سيف أبى إلا أن يستقر في هامتك، لكن القضية هي القضية، لا مزايدة عليها، لأنك أنت النبأ العظيم، ولأنك من محمد (ص) كنفسه، ولأنك أنت الذي لم ترض لنفسك إلا أن تكون أنت، لا كما أراد الآخرون لك أن تكون.
وتحملت الأمانة صابراً محتسباً تجمع المسلمين ولا تفرقهم، تحنو على الكبير منهم وتعطف على الصغير، وتشاركهم الرأي والمشورة وتشاطرهم الأفراح والأتراح. وقفتك عندهم تجسد ما أرادته السماء من خلال الرسالة الخالدة، وما هي إلا الرحمة الواسعة والسلام الدائم والعطف الجياش، هكذا كنت يا علي.
إن الحروب إذا ما دخلها الرجل اشتد قلبه، لكنك دخلت الحروب كلها، وخضت غمارها، وحسمتها لصالح الإسلام، وبقيت في نهاية المطاف ذلك الرجل الذي يقف في محرابه متبتلاً خاشعاً متضرعاً: «إلهي، عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك..» «يسألك التوبة، وحسن الأوبة، والنزوع عن الحوبة، ومن النار فكاك رقبته، والعفو عما في ربقته».
هذا هو علي الذي يتضرع إلى الله في فكاك رقبته، سيفكّ رقابنا جميعاً من النار. فعلينا أن نعين علياً (ع) بورع واجتهاد، من خلال قراءة سيرته والتمثل بطريقته في الحياة التي سار بها.
وفي الكوفة حططت رحلك يا علي، بعد أن ضاقت بك البلاد والعباد ذرعاً، لأنهم لا يتحملون الشمس في وضح النهار، ولا القمر في ليل صافٍ، إنما ألفوا شيئاً لا يتسق مع هذا المسار، وهذه الآيات العظمى.
واخترت الكوفة، وليتها وفت إليك بما تستحق يا علي، فأبت إلا أن تنطوي صفحتك مضمّخةً بالدماء، ولكن قبل ذلك لنا ولك معها وقفة.
ففي الكوفة حططت رحلك عندما ألقت الخلافة قيادها بين يديك، فما الذي فعلت يا علي كي يحصل ما يحصل ويجري ما جرى ويكون المشهد مأساوياً بما لم يكن مألوفاً قبل ذلك؟ أفرغت عليهم العلوم وفتحت لهم الآفاق في العلم والمعرفة والآداب والسلوك، وأنصفت الجميع من الجميع، وكنت أنت الذي تشرف على ذلك كه.
عندما كنت تجد للعلم حَمَلة كنت تفرغ عليهم. وعندما أحجم عنك القوم، وحاولوا مقاطعتك في أكثر من موطن، لم يروا منك إلا خيراً.
يقول علي (ع) ذات يوم: «سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله لا تسألونني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقتها وسائقتها. فقام إليه رجل فقال: أخبرني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شعر، فقال له علي (ع): والله لقد حدثني خليلي أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكاً يلعنك، وأن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطاناً يغويك، وأن في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله (ص). وكان ابنه قاتل الحسين (ع) يومئذ طفلاً يحبو، وهو سنان بن أنس النخعي([5]).
وهذه القضية لا تتعلق بفرد، إنما تتعلق بأفراد كثر، يشكلون مجاميع تحركت منذ اليوم الأول، واستمرت حركتها إلى يومنا هذا، ولن تقف حتى يجري العدل المطلق على يدي صاحب العدل المطلق، الخلف الباقي من آل محمد (عج).
أشغلوك يا علي بحروب طواحن ثلاث، كانت كفيلة أن تعرقل المسيرة، وأن تدخل المسلمين بما لا تحمد عقباه، وكانت كفيلة أن لا يبقى للإسلام اسم ولا رسم. لكنك يا علي كنت في صفها الأول، فالراية في شمالك والسيف في يمينك، وأصحابك الأتقياء البررة الأوفياء عن يمينك وشمالك وخلفك. كنت تخوض بهم غمار الحروب لم تتلكأ ولم تنكفئ، وكنت تضع راية النصر كما كان رسول الله (ص) وتأبى أن تغادر مساحة الرحمة التي انتهجتها منهجاً وسلوكاً حياً، تحيا بتطبيقاته أفراد الأمة في كل مكان، وعبر كل تاريخ.
أشغلوك يا علي بحروب لم تكن تثار في وجهك قبل ذلك، إنما كانت النار تحت الرماد ينتظرون من يصلى بها، فما كنت إلا أنت يا علي، تصلى بنار مياسمها في أيادي رجال رأوا النبي (ص) وحفظوا القرآن الكريم يحيون الليل بالعبادة، تقدموا في مواطن وتوقفوا في مواطن، ولكن لما وجدوك الفرد الذي ألقت الخلافة قيادها بين يديك، وعلموا أن يوم العدالة اقترب من رقاب بعضهم، أبوا إلا أن يظهروا النفاق، وإلا أن يلبسوا ثوباً على خلافه، إنه الشقاق المعلن المكشوف الواضح الذي لا ينضح إلا سماً زعافاً، ولا يتحرك إلا بسيف قاتل، لكنك بقيت كما أنت.
أتوك في الجمل من مكة إلى البصرة بجيش جرار، فمن كان رجال ذلك الموقف؟ ألم يكونوا من مكة ويثرب؟ ألم يكن النبي (ص) يؤم جماعتهم؟ ألم يسمعوا خطابه ويرووا الأحاديث عنه؟ ثم نسمع بعد ذلك مقولة عدالة الصحابة، فأي عدل وعدالة على إطلاقها وهي التي لا يرضاها أصغر مسلم ناهيك عن عالم متضلع؟.
أجبروك يا علي عليها، وخضت غمارها، وسترت شرف النبي (ص) وأرجعت أم المؤمنين مصونة محترمة رغم الدماء التي أدخلت المسلمين فيها، وأرجعتها إلى المدينة، وأسكنتها بيتها معززة مكرمة لأنها واحدة ممن ينطبق عليهن الأمر بالوفاء والإحسان إليهن، وهن نساء النبي (ص).
وأجبروك على خوض معركة صفين، وليتهم تركوك يا علي في الكوفة آمناً مستقراً، فلما عرفوا أن الاستقرار لك يعني في ما يعنيه ترتيب الأوراق الإسلامية من جديد على أساس الكفاءات لا حساب القرابة والصداقة والصحبة والمسيرة الواحدة أيّاً كان المؤثر فيها، وقفوا في وجهك. فقد قدمت مالك الأشتر، وكانت الكفاءة سيدة الموقف، وتقدم غيره ممن تقدم في مواطن.
وانتهت صفين، ليحاكموك ظلماً وعدواناً، ويطلقوا حكمهم القاسي عليك بتكفيرك. فأي إسلام لا يكون لعلي (ع) فيه نصيب؟ وأي إسلام نقرؤه ما لم يكن ذلك الإسلام الذي كتبه علي (ع) بجهاده؟ وأي إسلام نقبله إن لم يكن ببصمة علي (ع)؟ هذا هو الإسلام المجمع عليه بين الفريقين. وهناك المئات من الروايات عندنا وعندهم، كلها تجتمع في محور واحد مفاده: لولا علي (ع) لما بقي للإسلام اسم ولا رسم، منذ يومه الأول حتى غادر الدنيا.
وأجبروه على التحكيم، ثم حكموا عليه بالكفر، ثم استباحوا دمه في شهر الله في بيت من بيوت الله.
ثم النهروان، وما أدراكم ما النهروان! حدّث عنها ولا حرج، فلا زال الباب مفتوحاً إلى يومنا هذا لم يغلق، رغم أن الإمام علياً (ع) استأصل الكثير منهم، فلم يبق من الآلاف الأربعة إلا أفراد قلائل، قيل إنهم تسعة على أفضل التقادير.
وانتهت النهروان، ولم يبق بيت إلا وفيه نائحة، ولكن الذين أفلتوا من سيف علي (ع) هم الذين يغرسون السيف في صدور المؤمنين والمستضعفين، وهم الذين يقتلون المؤمنين بتفجير مساجدهم، وهم الذين يقتلون الأبرياء من نساء وأطفال في المدن والقرى، وهم أولئك الذين يستهدفون الأمن في كل مكان ترفع للأمن فيه راية.
وعندما أردت يا علي أن تختم هذه الحياة، أبيت إلا أن توقعها بتوقيع الشهادة، في واحد من بيوت الله، فكان المسجد الأعظم في الكوفة المساحة المفضلة عندك، لأنك ارتقيت أعواده، ونورت للناس طريقهم من خلال ما أفرغت عليهم من العلوم. فالحديث عنك يا علي حديث عن ذاكرة الإسلام الكبرى ومشروعه المقدس.
ورحلت يا علي، وبقيت يا علي في آن واحد، وهذا لا يتأتى إلا للأوحدي من الناس، لأنك أردت أن تكون كما أنت، لا كما أراده الناس لك، فرحلت جسداً وبقيت روحاً سيالةً، لها إشراقها وإسقاطها وإمضاؤها في قلب كل مؤمن شريف نظيف، لا يحمل في داخله مثقال حبة خردل من حقد. وقد هلك فيك اثنان: محبٌّ غالٍ وعدوٌّ قالٍ، فأما الأول فقد أفرط في المحبة حتى ساواك بالله، ولسنا معه، وأما الثاني فقد أبغضك حتى صب من حقده عليه ما استطاع أن يصب، ولسنا معه كذلك.
حتى جاءت الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك، وهي الليلة الأولى من ليالي القدر العظمى الشريفة ليخضب كريمتك من دم رأسك. وقضيت يومك العشرين لا تنطق إلا بالحكمة، ولا تشير إلا بالموعظة والرأي السديد، وكان الجميع يرغب أن يسمع منك الكلمة الأخيرة.
وعندما دخلت الليلة الحادية والعشرون، كان موعدك الأخير مع السماء أن تعرج هذه الروح، التي أتعبها المحيط من حولها فبقيت صامدة تضمد جراحها وآلامها وأوجاعها، لا تستمد عطفاً من أحد، ولا تنحني عند مكابر أبداً، إنها الروح التي صنعتها السماء، وأخذت بها النبوة، وجسدتها أنت يا علي.
وينتهي الكلام، وتبقى أنت يا علي، يتشرف من يتحدث عنك لأنك أنت الشرف، ويسمو من يدنو منك لأنك أنت السمو، ويكمل من ينشد الكمال في هذه الدنيا لأنك معناه الأول والأخير، فسلام الله عليك يا علي مظلوماً، مرتحلاً، شافعاً مشفَّعاً للمؤمنين والمسلمين عامة.
رزقنا الله وإياكم زيارته وشفاعته إنه ولي ذلك.
والحمد لله رب العالمين.