أقطاب حوزة النجف
الكلام عن الزهراء عليها السلام فيه من النورانية الشيء الكثير, وما يصلنا عنها من طرق كثيرة لابد له من الغربلة, ومن الأمور التي تستوجب الوقوف عندها, تكونها حتى ولادتها , ترعرعها , انتقالها إلى بيت الزوجية , الأمومة, والقيادة النسوية في وسط الأمة.
ومن الآيات التي تدلل على فضل الزهراء وعظمتها آية المباهلة فالنبي صلى الله عليه وآله لم يدعو للمباهلة من النساء سوى فاطمة عليها السلام ومن الأولاد سوى ريحانتاه الحسن والحسين عليهما السلام ومن الأنفس سوى الإمام علي عليه السلام كما ورد في التفسير الكبير وكشاف الزمخشري.
كما كان للروايات نصيب في بيان فضلها سلام الله عليها ومنها ما يرويه حبر الأمة عبد الله بن عباس :( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : اللهم إنك تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأحبب من أحبهم وأبغض من أبغضهم ووالي من والاهم وعادي من عاداهم والعن أعداءهم -وفي رواية والعن من عاداهم-واجعلهم مطهرين من كل ذنب وأيدهم بروح القدس ).
والزهراء سلام الله عليها في حياتها الكثير من الجوانب التي لا ينبغي أن نقصرها على الجانب المأساوي ونغفل عن جانب القيم والعلوم التي أسدتها للبشرية عامة.
ثم انتقل سماحته ليكمل حديثه الذي بدأه عن حوزة النجف وأعلامها ومن بينهم العلامة الحلي , أول من أطلق عليه لقب العلامة باستحقاق , فقد كان عالماً له العديد من القراءات , وخير دليل ما خلفه وراءه متمثلاً في المكتبة السيارة , كما طرق باب علم الكلام واستطاع بما ألهم من ذهنية أن يقترب من المدرسة الحنفية ويصحح , وجمع آراء المدرسة الإمامية في كتابه المختلف .
أيضاً الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري الذي كان مصداقاً لقوله تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله) , خلّف كتاب المكاسب المحرمة وقدم الرسائل في الأصول , كما أسس لمدرسة فقه و أصول كبرى هي سيدة الموقف في الحوزات العلمية.
كذلك الأخاوند الخرساني والذي حمل فكراً سياسياً , واستطاع أن يجمع بين السلطة السياسية والدينية والعلمية.
كما أشار إلى أقطاب مدرسة الأصول في الابداع وهم الشيخ الأصفهاني والميرزا النائيني و الأغا ضياء الدين العراقي ومن تلامذتهم السيد الشهرودي والسيد الخوئي والسيد الإمام والسيد محسن الحكيم , الذي يعد نقلةً نوعيةً في مدرسة المرجعية الشيعية فهو أصولي كتابه حقائق الأصول , وفقيه موسوعته الكبرى المستمسك في شرح العروة الوثقى تدلل على سلامة ذوق العرب في استنطاق النص وحرفنة العجم في التحرك في النص.
تلى ذلك الحديث عن أسباب الضعف الذي أصاب حوزة النجف بعد هذا العصر الذهبي على يد البعث , إلى أن جاء السيد الخوئي الذي استطاع بما حباه الله من حافظة وقادة وبديهة حاضرة واستعداد ذاتي أن ينشئ قاعدة من نوع خاص , كما أشار إلى أثر مدرسة الكبار في صقل مواهب السيد الخوئي فقد تخضرم على يدي العلامة الأصفهاني والعلامة النائيني ثم تطرق للحديث عن كوكبة من تلامذة السيد الخوئي رضوان الله عليه منهم الشيخ الوحيد الخراساني والميرزا التبريزي والسيد علي البهشتي والسيد الروحاني والميرزا الغروي والصدر الأول والصدر الثاني وسماحة المرجع السيد علي السيستاني رضوان الله عليهم وأشار إلى ما خلفه السيد الخوئي من آثار علمية فقد كتب في الرجال وأعطى في الأصول والفقه والتفسير.
وختم سماحته خطبته متسائلاً عن السبب الذي يقف خلف عدم تقديم هذه الكوكبة من العلماء كما يجب سواء على النطاق الضيق أو النطاق الواسع.
للاستماع
أو من خلال الرابط