أسباب ضعف حوزة النجف الأشرف وظهور حوزة الحلة
عندما يقوم العالم ببث علومه ومعارفه إلى تلامذته يرى فيهم القوامة والصلابة بنور العلم من علوم آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) يواجهون به الآخرين , فهي الرمزية والقيادة في خروج الناس من الجهل إلى العلم تكمن في العالم الشيخ الطوسي الذي بنا الصرح العظيم وهي "حوزة النجف " فعندما غابت هذه الرمزية دب الضعف في حوزتها وكبدتها الشيء الكثير , فقداسة المرجع تبقى محفوظة ولكن علمه يبقى في قضية النقوض والقبول , وبعد العصمة عنه ,فالخطر كل الخطر تغييب الشخصيات البارزة والعالمة حيث يجعلهم طعم سهل وفريسة سهلة للطغاة والظالمين وهذا ما حدث في عهد حزب البعث الظالم . فالعالم عندما لا يساير عصره وظروف زمانه ومجاراة الواقع المحاط به سيبقى في طي النسيان وخذلان الزمان عليه وهذا ما زاد حوزة النجف الأشرف سوءا إضافة أنهم لم يأت منهم بشيء جديد كأستاذهم الشيخ الطوسي . فالزمن الماضي كان العالم يواجه صعوبة في عملية الاستنباط في الرواية بخلاف واقعنا المعاصر فقد سهلت وذلك لكثرة المسائل الملحة , فعندما يقوم العالم بالشرح والتوضيح ولا أحد يشكل إليه ولا يناقشه فهذا يعني التسليم له , كما قال السيد الإمام في بحثه مع تلامذته ليس نحن في مجلس عزاء وليس أنا بمعصوم .فأخذت تلامذة الشيخ الطوسي بتوسيع دائرة ضعف حوزة النجف بخروجهم إلى " قم المقدسة " وأقطارأخرى كالحلة .
فمن الذين أسسوا حوزة الحلة الشيخ المحقق الحلي صاحب الشرائع ,نشأ في بيئة علمية ودينية , وفي وسط الحلة المعروفة آنذاك بالفضل والعلم والزعامة الدينية , ومن طرائف الخواطر التي بقيت من حياة المحقق الحلي ما جرت من محاور فقهية بينه وبين الخواجة نصير الدين الطوسي، حيث يروى انه قد حضر المحقق الطوسي يوما في حلقة درس المحقق الحلي في الحلة، فقطع المحقق الحلي درسه إجلالا وإكبارا للمحقق الطوسي لعظم قدره وجلالة مكانته فطلب الطوسي من الحلي إكمال الدرس، فوصل الحلي إلى بحث مسألة استحباب التياسر للمصلي بالعراق، فاعترض الطوسي قائلا: بأنه لا وجه لهذا الاستحباب، لأن التياسر أن كان من القبلة إلى غير القبلة فهو حرام، وإن كان من غيرها إليها، فهو واجب، فأجاب المحقق، بأنه من القبلة إلى القبلة، فسكت الخواجة نصير الدين الطوسي. امتاز المحقق الحلي بكفاءات ومؤهلات رفيعة ، هيئته ليصبح علم هذه الأمة وعالمها الورع بفضل نشأته الدينية وتربية أسرته وبفضل أساتذته الذين ترعرع على أيديهم، حتى قال عنه صاحب أعيان الشيعة: كفاه جلالة قدر، اشتهاره بالمحقق، فلم يشتهر من علماء الإمامية، على كثرتهم في كل عصر بهذا اللقب غيره وقد نشأ الفقيه الحلي، مولعا وناظما للشعر ومنشأ ومنشدا للأدب والإنشاء بغزارة على رغم انشغاله في العلوم الدينية. ومن أعلام حوزة الحلة ابن داوود , وابن طاووس ,وصفي الدين الحلي صاحب البديعية .
وفي ختام خطبته وجه سماحة السيد المصلين بالاهتمام البالغ بـ ( نهج البلاغة ) وحفظ نصوصها والامتثال بأقوال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) واخذ الدروس التربوية , واستقلال الإجازة بالعمل بخطب الإمام وأقواله القصيرة , وجعل وقتا لذلك .
للإستماع للمحاضرة أضغط على الرابط