آية الله سماحة السيد محمد الناصر
وجدت فيه قلباً بمساحة الدنيا الواسعة على الرغم مما هو فيه من معانات كبيرة مع مرض ألزمه فراش العلة مايربو على ربع قرن من الزمن الصعب واذا كانت سويعات معدودة من الحمى تدخل الإنسان القوي حدود الهلوسة الحادة فإن سماحته كان يخرج من الساعة الى الاخرى وهو اصلوب عوداً و اثبت جناناً واكثر قرباً من الله.
تسليم منقطع النصير بما قُسم له من نصيب في هذه الدنيا.
يزوره العامة من الناس والخاصة منهم ليخففوا عنه بعض ما هو فيه وإذا بهم يجدون فيه بلسماً لجراحهم ومسحة رحمة على قلوبهم.
كنت أتردد عليه بحكم القرابة القريبة لأتزود من روحانيته القوية بالله والمفعمة بالحب والاطمئنان الكبير
هاجر إلى النجف لاستكمال مراتبه العلمية فوجد فيها ضالته المنشودة.
فاستغرق بكل وسعه على التحصيل مقبلا على تهذيب النفس تقلب على محض من رواد البحث الخارج أفاد منهم ما تسنى له.
ليعود بعد ذلك إلى موطنة الأصلي ومسقط رأسه أحساء الحب والولاء والخير لتحتضنه بين جنباتها فاتحة له أحضانها مشرعة له أبوابها .
فأمَّ الجماعة في لوحة من الرهبة الروحانية والتجديد الإبداعي في تصحيح مسار المجتمع من حوله من خلال بيان الأحكام وفض الخصومات وما إلى ذلك مما يناط عادةً برجل الدين العامل بعلمه الناذر للأمة نفسه.
و ألقى القضاء بكله بين يديه وتهرب منه إيماناً منه بخطورة الوضع وصعوبة المرحلة وحراجة الموقف.
فكر راجعاً إلى العراق ليجد في ذلك مساحة اطمئنان واسعة بعيد عن أجواء الجدلية الاجتماعية حول هذا المنصب الخطير.
وهنا أقول . لا يكاد ينقضي عجبي بين ما عليه ذالك الجليل من ورع وترفع على مواطن النشاح وبين ما تذبح له القرابين اليوم من أُناس أبو لا نفسهم إلا الاقتراب من مساحة الامتحان اختياراً فأين يكمن الخلل يا ترى.
هل هو ضرب من التخلي عن المسؤولية عند أولئك؟ أم هو الورع المتربع في نفسيات صقلتها مدرسة الترويض النفسي؟ أم هي الرغبة الملحة عند أبناء اليوم في القيام بأكثر الأدوار تعقيداً؟.
لست أدري غير أني أدري أن فك المعادلة هنا صعب جداً.
عوداً إلى بدء
لقد كان على درجة من العلم عالية واستحضار للمعلومة مذهل على رغم تقدمه في السن نسبياً مع الأخذ بما هو فيه من علة ملزمة غير أن سرعة البديهة كانت فيه السمة الأبرز.
ابتسامه ترتسم على محياه تخجل البدر في أجمل لياليه تتسلل إلى قلب المقبل عليه دون أن تنتظر الإذن من أحد.
كرم يخجل النسيم من اللطف ويُدخل الإنسان أمام حسابات خاصة في تحليل الموقف. وشاءت السماء أن يكون أكثر قرباً منها فأرسلت رسولها وجد الرسول مهمة سهلة هذه المرة.حيث النفسية المسلمة بأمر الله وقضائه فخرجت الروح إلى بارئها في هدوء كامل . وذلك في شهر الرسالة شعبان سنة1423هـ
لتكون بعد ذالك في عالم طالما تشوقت إليه.
ولي فيهِ هذه المرثية التي تأخرت كثيراً لكنها جاءت تخبُ كما شاءت لها الظروف أن تكون فكانت.
غياب القمر
أشـرق كمـا البـدر مـزق داجــى الظُّلَم
أشــرق كـمـا الـبـدر يــا نـبـراس اُمتـنـا
سـرعـان مــا أغلـقـت أبـــواب حـارتـنـا
يـجـري الـوفـاء الــذي تُبـنـا قـواعــده
لـولا الـقـرار الــذي أصــدرت مــن زمــنٍ
لـــو صـادفــت عـتـبـات الـبــاب قـافـلـة
لـمـا أتـــى بـلــدة العـتـبـان ســـار بـهــا
أحـكـام شــرع لأهـــل الـحــي جّـسـدهـا
حتـى إذا حــلّ رمـضـان الــذي حـمـدت
أمــســى يـــــردد أوراداً بـــــلا مــلـــلِ
أتـيـتـنـا وصــغــار الــحـــي يـنـخـرهــم
فـصـرت تـدعـو إلــى التعلـيـم منهـمـكـاً
هـنــاك ســـارت بــنــا لـلـمـجـد قـافـلــةُ
حيـث انتشـى أهـلُ هـذا الحـي بعدظمـاً
مـــا عـــاد فـيـنـا فـقـيـرٌ بـعــد مـعـرفـةٍ
قـد أخطـأ البـعـض تشخيـصـاً فطوقـهـم
سـبـحـان مـــن قـــدم التعـلـيـم مـبـتـدراً
قــل لــي عـلـى مــا كـتــاب الله نـتـركـه
أصــدع بـمــا شـــاءت الأقـــدار تعـلـنـه
يـابـن الـهـدى " ياأبـاعـدنـان" مـعــذرةً
تمضـي الليالـي ويبقـى الـمـرءُ مابقـيـت
آيـــات شُـكــرٍ لـــرب الـبـيــت أرفـعـهــا
كــم شـيّـد القـادمـون الأرض فــي ورعٍٍ
يجريى التقى في الهدات الصيد منسجماً
كم فـي الرجـال الأولـى سـارت ركائبهـم
تهفـو إلــى السـيـد المحـبـوب جمـهـرةٌ
شُّــــمٌّ إذا مــــا أردا الـحـاقــدون بــنـــا
يــا حـجـة الله بــات الـديـن فــي خـطــرٍ
متـى نــرى وجـهـك الـوضـاء مبتسـمـاً
وعــــدٌ مــــن الله أن يـبـعـثُـك خـاتـمــةً
آل الـرسـول ومــن نـرجــو شفاعـتـهـم