آية الله العظمى المقدس السيد ناصر آل سلمان
اشراقة طافحة بالعطاء وفقاهة ذات طابع محافظ وادب رفيع وشاعرية خلاقة تقلب في شئون الحكمة المتعالية مع مجاهدة للنفس اكسبته صفة "المقدس" بين من عاشروه وعرفوه تصدى للمرجعية واستطاع ان يخطو بها فيما يعود إلى ابناء مجتمعه خطوات ثابته ولا ادل على ذلك من إرجاع مقلديه إلى مرجعية محلية اخرى تمثلت بعد ذلك في الشيخ حبيب بن قرين قدس. لقد صاحب أيام مرجعيته تقلبات سياسية كبيرة ألزمته أخذ جانب الصبر والمجارات حفاظاًعلى النوع من حوله, وإن كان ذلك يستوجب التنازل عن الكثير من مكتسباته الشخصية.
كان للواقع الواسع من حوله أكبر الأثر في الابتعاد بالمشهد عن الكثير من مواقع الجذب مما دفع به أن يعيش في تعاطيه ما يسمى اليوم بالممانعة فلا أخذ ولا عطاءإلا حيث أراد.
نظراً لغزارة علمه التف من حوله جماعة من أهل الفضل وتمرسوا على يديه حتى بات يشار إلى الواحد منهم بالبنان.
وحيث أن شخصيته كانت متعددة الثقافات واسعة الاطلاع فقد أوجدت مساحة لكل من كان ينشد ضالته في علامة يملئ مساحته بحكم مستدل أو رأي مفلسف أو حكمة نافعة وشاهد من أدب سبر من أجله أغوار الكتب والأسفار.
وعندما أردت كتابة مرثيته لم أجد الزمن البعيد بيني وبينه الذي يفرض نفسه بل قذفتني عابراً لساعاته وأيامه إلى أحضان زمن الحدث الجلل والخطب المروع.
وعلى ما أظن أن من قرأ الفقيد من خلال ما سطرته أنامل خطيب العراقين السيد محمد حسن الشخص"رح" لا يجد نفسه إلا بين يدي صاحب الترجمة حيث عرفه من عرفه نظماً ونثراً مما لا مزيد عليه.
من هنا تركت الكثير مما يمكن أن يقال لأن الغير أفاض فيه أو أشار إليه,ولكل مجتهد نصيب .
وهنا كم كان بودي أن يقام مشروع دراسات شاملة لسير هؤلاء الأعلام ومن تقدمهم من الذين أضافوا للمشهد الأحسائي الشيء الكثير من البريق والتوهج.
إن حياة الأحساء فيها من الرموز والأعلام ما فيه الكفاية وزيادة لمن أراد أن يقدم شيئاً يذكر .
من هذا وذاك نستخلص دروس وعبر وفوائد وفكر لعل في الطليعة منها زرع روح الثقة في النشئ الجديد الذي يتهجى أولى الإفرادات في مسيرته بكل تفاصيلها العلمية والعملية.
يضاف إلى ذلك إعادة القراءة لما قدموه كي تتم الاستفادة منه فيما هو الآتي من الأيام حيث أن في تجارب الآخرين مدرسة حياة متجددة , كما أن للوقفة مع الماضي عطائها فإن لاستشراف الماضي ألفة من هنا لابدية المزاوجة بين المرحلتين أمر مفروغ منه لا يدفعه دافع ولا يمنعه مانع.
وألا يكون مثل ذلك فإن مراوحة للمكان تبقى تفرض نفسها من جديد وقتها نبقى أسارى قصص أحداث يضعف بريقها مع مرور الأيام.
إن الأحساء التي أنجبت وخرجت في يوم من الأيام أمثال أولئك العظماء كرشيد الهجري والكوكبة المشرقة من آل العبدي النبلاء والشيخ الأوحد الأحسائي وشيخ مدرسة الحديث ابن أبي جمهور وغيرهم كثير ليست عاجزة عن أن تمد المشهد بأسماء لها قيمتها في رسم معالم جديدة على أساس منها يعود للمشهد العلمي والأدبي الأحسائي بريقه من جديد ويثبت حضوره بين المدارس والمعاهد العلمية الأخرى.
إن الإصرار والمتابعة والالتفات صوب الهدف هو العامل الذي يقرب مسافة البعيد ليجعل منها أرضيته سهلة ينقش عليها مظاهر العطاء والإنتاج العلمي والفكري والأدبي وهل الأمم إلا هذه التجليات.