آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي
ولد في ايران وهاجر الى النجف الاشرف وبعد لم يتسم العقد الثاني من عمره الشريف تردد على حلقات البحث فيها ليستقربه المطاف ضمن منظومة اركان الحوزة النجفية واقطابها واعني بذلك شيخ الاصوليين المحقق الأصفهاني وامام مدرستها الميرزا النائيني ليتخرج على يديهما حاملاً راية هذه المدرسة حتى اخر أيامه محلقاً بها في أعلى الافاق وقد تخرج من محضر درسه وعلى يديه جمع من اصحاب النظر والاجتهاد اضاؤا الدنيا بضياء عطائهم الوافر ولو لم يكن الا السيد الشهيد الصدر الأول لكفى قوة شخصية علمية وسلاسة بيان متدفق وإحاطه واسعة بالمباني وأسسها جعلت منه مميزاً بين أعلام عصره.
قرر لإستاذه الميرزا وكأنه لم يقرر له إلا هو حيث المصدر الأكثر وثوقاً بين مجموعة من قرر,يزينه برشفات قلمه المبارك بتعليقاتٍ قوية السبك شديدة الملاحظة قوية الحجة والبرهان.
وأما نثاره العلمي المكتوب فلمعجمه الرجالي مكانته الخاصة بين مجموع الموضوعات الرجالية ,حيث التتبع الواسع والاختيار الموفق في الكثير من الموارد.
وفي التفسير كتب وكم هو جميل أن يسترسل غير أن واشية الحواشي أبت إلا قطع الطريق متلصصة من وراء ألف قناع وقناع لتكون سبباً في حرمان الأمة واحداً من أكثر التفاسير إثراءً في بعده العلمي يدلل على المدعى ما ضمنه في جزءه الأول وهو الوليد الذي جاء يتيماً أو قل دون حرج وأده أخوته عنوةً مع سبق الإصرار والترصد.
وربما يستغرب البعض من الناس عندما يطلع على معلومة مفادها أن السيد الخوئي كان من أولئك الذين ينضمون الشعر بل قد تقلب في الكثير من بحوره وما منظومته إلا الدليل الذي لا يدحض على المدعى.
لكن المأسوف له أن تجد الأمة وإلى يومنا المعاين تعيش حالة من التوقف أمام الفقيه الشاعر وكأن الشعر سُبة الفقيه ,غير أن ما أظنه وأظنه جازماً أن ما خلا الشعر بمقدور الانسان أن يكتسبه بأي لونٍ من ألوان البحث والمعالجة لكن الشاعرية والشعر تبقى مفردةً عصيةً لا تكون إلا للأوحدي من الناس لذلك لا غرابة في البين عندما تحارب المفردة وبأشد الأساليب.
ولست هنا ممن ينصب نفسه محللاً نفسياً حيث أن الاختصاص حقيقة لا بد من التسليم بها لكن السؤال هل سيتراجع أولئك النفر الذين بنوا ثقافتهم على رفض الشعر متمسكين بمقولة للسيوطي في جامعه من أن الشعر والخطابة مضيعة للتحصيل على ما كانوا عليه من نتيجة؟
وليت شعري ما بال هذا السيوطي يتنكر لذاته الشاعره ولفظه المتدفق والذي جاء منسجماً مع إبداعه العلمي على غزارة انتاجه!! فهل استعان بظهير على الوقت؟ أم أن كل هذا النتاج جاء وليد حياة أخرى بعد موت لا نعلمها!؟
إن السيد الخوئي في حياته العلمية كالشمس في رابعة النهار لا تحتاج إلى موضح ومظهر لها بل من خلالها نستمد الظهور.
وهنا فمن الجميل جداً أن تخرج هذه الشخصية مما يحاول البعض أن يجعلها أسيرة قرائتهم الضيقة وأبعاده المحدودة. فهو لم يشاء يوماً أن يكون مضافاً إلى جهة بعينها وإن أدعت مثل ذلك لنفسها.
غادر السيد الدنيا عام 1413هـ ليكون شاهداً عدلاً على واحدةٍ من أقسى المراحل دموية على المشهد الحوزوي حيث تم التعقب وعلى أيادي سوداء للبعث الحاقد الكثير من الشخصيات التي لو كُتب لها البقاء لزينت الدنيا بنور عطائها العلمي والفكري والأدبي والأخلاقي.غاب الشامت من بيننا ليبقى الشاهد في عالم صفائه.
وحيث أن للفقيد مكانته الخاصة عند عموم أبناء المذهب الشريف فإن الخاصية عند أبناء الحوزة لا شك أنها الأقرب لحمة والأشد بنية وليد ما قدم من جميل طال القريب والبعيد إن بالمباشر أو الواسطة, جعل الله ذلك في ميزان حسناته الباقية.
من هنا وعرفاناً بحقه جاءت هاتان المرثيتان بصمة اعتراف بعظيم ما كان عليه.
القصيد الأولى بعنوان " صدى الفقد "