آية الله الشيخ محمد سليمان الهاجري
فقيه مسلم الاجتهاد اجيز من استاذه آية الله العظمى الشيخ يوسف الخراساني احد مراجع الدين في حوزة كربلاء واساتذة البحث الخارج فيها وآية الله العظمى السيد عبدالله الشيرازي. تلقى معارفه الأولى في مسقط رأسه الاحساء على أيدي جملة من أعلامها , ثم توجه صوب كربلاء المقدسة حيث أجهد نفسه في سبيل تحصيل الملكات العلمية والروحية حتى نال القدح المعلى منها
عاد إلى الاحساء بعد أن أمسك بكل أسباب رجل الدين الناجح في بناء النفس والقادر على إثراء المشهد من حوله.
لذلك استدار حوله نخبة من فضلاء موطنه رغبةً منهم في التزود من مخزون علمه الواسع
أكب على بناء جيل من حوله تخرج منهم نخبة من الأفاضل والخطباء.
ذكر البعض له بعض رسائل في محاور عدة من أبواب الفقه لم يرى النور منها حتى الساعة شيءٌ يذكر
عُرف عنه القاطعية في الأمور دون تردد مما خلق جواً خاصاً من حوله لا يقترب منه إلا من كانت لديه أسرار فك الشفرات المطلسمة.
وجود مجموعة من المقومات صيرت منه رجل القضاء القوي لعل في مقدمتها تسلطه الكامل على أبوب الفقه فيما يعني القاضي في مجال قضائه.
ولو كانت روح المجاملة نجد طريقها إلى حياته لكان له بين العامة من الناس ما كان لغيره , غير أن شعوره بالمسؤولية تارةً ورغبةً في رسم معالم مدرسة تنأ بنفسها عن الوقوع في مثل هذه الأجواء ألزمه التمسك بما كان يراه الأنسب في تعاطيه مع ما كان حوله.
ولا يعني ذلك خطأ الآخرين بل لكلٍ طريقته الخاصة وأسلوبه المتفرد وعلى هذا يقع التمايز.
ومساحة نقد التجارب أمر مشروع حبذا لو وجد طريقه إلى عالمنا حتى نجاري الأمم التي سبقتنا لا على شيء سوى أنها فتحت للنقد مجاله ,فنقد الفعل والتجربة يُظهر بعد ذلك ما يبهر العقول من تطور بات يلف الدنيا بأسرها.
أما نحن فلا زلنا في دائرة " أحسنت مولانا " والتي لا تتسع لأكثر من مساحة تركيبها الهجائي أو مساحة فرد وجد فيها ملئ فراغ.
أعود من جديد لأقول هذه الصراحة لم تمنعه من أن يصل إلى واحد من أهم المناصب الدينية والرسمية " القضاء"
وبعد وفاة العلامة الحجة الشيخ باقر أبو خمسين نهض سماحته بأعباء القضاء.
ولي في هذا الجانب مقطوعة شعرية قصيرة أقول فيها:
زهـــر الـلــوز وغـنــت ودنى من منصب العدل الـذي شاءه الرحمن في لـوح القـدر لأبـن سلمـان جمـوع أنصـتـت تبتغى الحكم ولم تخش الضرر حيـث أن العـدل فـي ساحتـه نظرةً تسمو على نقـد البشـر سَلُمـت كـفٌ ودامــت طلـعـةٌ بـرُؤهـا يتـجـلـى عـنــا الـكــدر فأجلـهـا حكمـتـاً فــي ظـلـهـا يحـفـظ الـحـق لأبـنــاء هـجــر طــربــاً بلدة الاحسـاء مـذ لاح القمـر |
وحيث أن الفقيد الكبير قد قدم لأبناء مجتمعه ما بمقدوره ومستطاعه فقد كان ليوم فقده أُثره الكبير أيضاً على أبناء ذلك المجتمع الذي عُرف عنه الأيمان وحب العلماء.
لذلك ما أن ترامى لأسماع الناس خبر نعيه حتى تقاطر المؤمنون من كل حدب وصوب رغبةً في تكريمه جزاء ما قدم.
وقد أُقيمت له مراسم العزاء حيث شارك فيها الخاص والعام.
وبفقده تكون الاحساء قد ودعت واحداً من أعلامها في العصر الحديث.
وكلنا رغبة وإصرار على أن نجد نثار عطاءه العلمي قد شق طريقه إلى عالم المكتبات العامة والخاصة.
ولا غرابة هنا أن ينبري أصحاب القرائح بنظم ما جاش في نفوسهم من لوعة فراق أسفر عن روائع أدبية خالدة هي بمثابة بصمة عرفان بالجميل.
ولي في رثاءه هذه المقطوعة والتي أسال الله أن تكون بمثابة شكرٌ على جميلٍ مسدى.
إن يـوم الفقـد قـد ألغـى القـرار وأقـام الحـزن فـي كــل الـديـار عندمـا أُعلـن عـن فـقـد الــذي قـــوَّم الأمـــر بـعــزمٍ واقـتــدار فتعـالـت صـرخـةٌ ضـجـت لـهــا في سماء الكون أطراف المـزار وتــلاقــت زفــــرة الأم الــتــي تـســأل الـنـصـرة لـيــلاً ونـهــار بـصــراخٍ مـــزق الـقـلـب كــــم مزقت شمس الأسى كل ذمار وإذا الآلاف هـــبــــت نـــحــــوه لتعيد الأمر فـي نفـس المسـار غـيـر أن الـدمـع فــي سـابـعـه جسَّـد المـوقـف حـبـاً وافتـخـار فـإلـى الرحـمـن يــا رمــزاً لـــه في قلوب الناس همسٌ واعتبار عــرف الـنـاس مـقـامـاً صـنـتـه عـنـدمـا غـادرتـنـا عـــدلاً يُـــدار فمقـام العـدل عــرشٌ سـامـق يـتـبـارى فـيــه أقـطــابٌ كـبــار رحــــم الله فـقــيــداً لـلـتـقــى طـلـق الدنـيـا بتطبـيـق الـقــرار |