نص كلمة: سماحته يشارك بكلمه في العتبة المقدسة للسيدة المعصومة عليها السلام

نص كلمة: سماحته يشارك بكلمه في العتبة المقدسة للسيدة المعصومة عليها السلام

عدد الزوار: 606

2014-05-25

قبسات علوية

علي عليه السلام حياة من المسجد إلى المسجد، ولم يتسنى هذا لأحد من البشر على الإطلاق، علي وليد المسجد، علي وليد الكعبة، علي هو الإنسان الوحيد الذي وضع قدمه الأولى في موضع رب الجلال وضع يده:

انت العلي الذي فوق العلى رفعا  ٭٭٭  ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا

أنت أنت الذي حطت له قدم ٭٭٭ في موضع يده الرحمن قد وضعا[4]

هذا هو علي عليه السلام في مرحلته الأولى، أمه سيدة طاهرة هاشمية في نسبها، تؤم البيت، تستقبل الكعبة، يأتيها المخاض، غيرها من النساء الكمل طردن من المسجد وبها رحب، وكفاها علواً وارتفاعاً وشموخاً لو لم يكن في داخلها ذلك الجنين النوراني لما تسنى لها أن يتحقق ما تحقق وان كانت على ما هي عليه من العُلو والعظمة، أتاها المخاض، فتشت عن زاوية تلوذ بها، لكن للسماء يد، همّت أن تدخل الكعبة، أغلقوا الباب في وجهها، أخذت ما لا يتم شوطاً كاملاً عند الركن اليماني، توقفت، رفعت يديها للسماء ضارعة، النور من بطنها يسبقها إلى المكان الذي ينبغي أن تلوذ به، الجدار ينشق عن ابتسامة لم يعرفها الوجود قبل ذلك، الإنسان يبتسم في وجه أخيه الإنسان وهي علامة إيمان بارزة، لكن أن يبتسم الجماد في وجه الإنسان هذا الذي يحتاج إلى الكثير من الوقفات والتأمل والتفسير، ابتسم جدار الكعبة منشقاً، ودخلت السيدة تحمل في داخلها، في جوفها، في بطنها لاهوت الأبد، الجدار يعود كحالته الأولى وكأن شيئاً لم يكن، أيامٌ ثلاثة؛ أكلها من السماء، عنايتها عناية السماء، وفي اليوم الثالث همت بالخروج وقريشٌ تنتظرها عند باب الكعبة، لكن الذي حصل أن النبي الأعظم محمد (ص) كان مشغولاً بطواف وإذا به يتوقف عند تلك النقطة التي ابتسم الجدار عندها - أي عند ركن اليماني - رفع النبي يده ضارعاً إلى الله سبحانه وتعالى أن يجمع بين النور والنور في موطن النور وإذا بالجدار يبتسم مرةً أخرى، ينشّق الجدار عن ابتسامة خاصة، يد القدرة الإلهية هي التي حددت معالمها، السيدةُ الجليلة في منتهى الهدوء والسكون والاستقرار تخرج من ذلك الشق، من تلك الابتسامة اللاهوتية، تحمل بين يديها ذلك الطفل الصغير الذي ارتسمت على محياه كلمات التوحيد، خرجت به تحمله وإذا بالنبي يستقبله، تصوروا أيها الأحبة من إخوة وأخوات! ما عسى أن تكون تلك اللحظة التي يلتقي فيها نور النبوة بنور الإمامة ونور الإمامة بنور النبوة؟ هل نعثر على لحظة توازيها جلالاً وسمواً وارتفاعا؟ علي عليه السلام مع النبي في كل حركاته وسكناته، في أقواله وفي أفعاله، علي عليه السلام يرفع له من قبل النبي في كل يوم علم، كرامة لا يليق بها إلا علي عليه السلام وبها يتقدم ويثبت قواعد التقدم، إذا أردنا أن نتحدث عن الإنسان الكامل الذي صنعته النبوة عبر مسيرتها من آدم حتى الخاتم (عليهم الصلاة والسلام) فلن نعثر على إنسان يحقق لنا هذه الرغبة إلاّ فيمن تمثل فيه علي وهو علي، علي عليه السلام هو الإنسان الذي تجلت فيه قدسية الأرض وعظمت السماء، علي عليه السلام إذا ما أردنا أن نقيس به احدً من البشر أسأنا لعلي عليه السلام، لأن علي فيما تجاوز حدود النبي لا يمكن أن يقاس به لا نبيٌ ولا وصيٌ ولا رسول، علي عليه السلام استثناءٌ من عالم الأنوار، واستثناءٌ في عوالم الذرّ، واستثناءٌ في عوالم البشر، علي عليه السلام هو الإنسان الكامل في علمه والحديث الذي طرق مسامعكم فيه الدلالة الواضحة والبينة النبي الأعظم يقول: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وليسأل كل واحد منا هل اقتربنا من هذه المدينة؟ وإذا ما اقتربنا هل اقتربنا على مستوى المطابقة بين القول والفعل ام اننا اكتفينا بالنسبة على نحو الولادة؟ نعم لآبائنا علينا فضل، ولأمهاتنا علينا فضل؛

لا عذب الله أمي أنها شربت *** حب الوصي وغذتنيه باللبن

وكان لي والد يهوى أبا حسن *** فصرت من ذي وذا أهوى أبا حسن

هذه كرامةٌ ووسام وشرف على صدور الآباء والأمهات؛ لأنهم وضعونا في دائرة الحب، في دائرة الولاء، في دائرة الامتثال والانقياد لمحمد وآل محمد (ص). مع شديد الأسف هذا الباب المفضي لهذه المدينة لا نكرر الطرق له بإلحاح، حال أن القفل الذي وضع عليه، فيه من الشدة والغلظة الشيء الكثير. هي كلمة لكنها قاسية: دعوه فان الرجل...[5] هذه الكلمة هي التي أغلقت الباب وأحكمت اقفاله، لذلك تعذر على الكثير من الناس الوصول والولوج إلى تلك المدرسة وسيكون انشاء الله حلّه وفكّه في يد الخليفة الباقي من آل محمد عجل الله تعالى فرجه الشريف. علي عليه السلام الإنسان الكامل في عبادته، علي عليه السلام هو الذي من حقه أن يقول مخاطباً رب السماء: «ما عبدتك خوفا من نارك، ولا شوقا إلى جنتك، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»[6]، لا عبادة التجار في الدنيا حيث يؤخذ ويعطى على حسابها، ولا عبادة يرتجى منها الدخول في مكان يكرم به المؤمن، لماذا؟ لأن الجنة في كل خصائصها ما هي إلا نعمة تدار في كف محمد وعلي صلوات الله عليهما. علي عليه السلام الإنسان الفرد الوحيد الذي من حقه أن يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني»[7] وليس من حق أحد أن يقولها وان قالها فهو مخطئ أو متجني أو جاهل أو متجاهل. علي عليه السلام أيضاً هو الذي يقول: «سلوني عن طرق السماء أنا اعلم بها من طرق الأرض»[8] وهو على الأرض يدرج، لله درّك يا علي، لله أنت حيث شئت أن تكون، أنت يا علي، علي عليه السلام في عبادته انصهارٌ تامٌ في عالم الوحدة، علي عليه السلام تجلت مكامنُ العظمة في استرساله العبادي في ليلة الهرير وهي البصمة الفارقة والتي قدمها لنا التاريخ شاهداً، علي عليه السلام الإنسان الكامل في نهجه حيث مجامع الاضداد ولو فتشت عن فرد بعد ان تستثني النبي - لأن له الخاصية الكبرى - لم تجد إلا علي عليه السلام يجمع بين تلك الاضداد، علي عليه السلام الاضداد تجتمع فيه ابتداءً وانتهاءً، أيضاً علي عليه السلام هو الإنسان الكامل في آدابه وحكمته، الممازجة بين الأدب والحكمة تحتاج إلى جُهد طويل إذا ما وضعت في ميزان الإنسان العادي، لذلك تحتاج إذا ما أراد الإنسان العادي أن يصل إلى معينها الصافي أن يقطع المشاوير الطويلة حتى يذلل العقبات ويطهر النفس وينطلق من خلال تحليقه إلى الآفاق السماوية من حوله حتى يستبصر لما هو المكتنز في الآية والرواية والحكمة وما إلى ذلك. علي عليه السلام هو الذي من حقه أن يقول: والله ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وفيه وبعده[9] كثيرٌ من الناس، كثيرٌ ممن عاشوا وقت علي عليه السلام أو تقدموه، أو تأخروا عنه، وربما الى يومنا هذا الكثير الأكثر من ذلك إن تسنى لهم الأمر أن ينطلقوا على أساس من الارادة الإلهية كبت بهم المحطة الثانية واذا ما أسعفهم القدر على أن يتخطوا هذه المرحلة أو الخطوة الثانية فالثالثة فيها من الصعوبة الشيء الكثير، لماذا؟ لانها تعني الإخلاص والاخلاص يعني شيء الكثير. الإمام علي عليه السلام أيضاً كمالٌ في صبره وأناته، علي عليه السلام صبر على الحوادث والمصائب العظيمة التي لا تتحملها الجبال الرواسي مَن مِن الناس يهجم على داره ويصبر؟ وتلطم حليلته ويصبر؟ ويسقط الجنين (محسن) ويصبر؟ ويقاد بحمائل سيفه ذلك السيف الذي طالما حسم المعارك بين يدي رسول الله ويصبر؟ علي عليه السلام هو التجلي، علي عليه السلام هو الكمال، وإذا ما أردنا أن نطرق أبواب السماء فعلينا بعلي، وإذا ما أردنا أن نرتمي في أحضان الرسالة فعلينا بعلي، وإذا ما أردنا أن نعيش الولاء ولاءً فعلينا بعلي، علي عليه السلام مبتدانا، علي عليه السلام مقتدانا، علي عليه السلام منتهانا، وبين يديه نضع الأعمال، وإذا ما خطت أعمالنا قطرنا فيها حروف اسم علي عليه السلام لتثقل، وإذا ما ثقلت فتحت لنا أبواب الجنان ندخلها حيث نشاء، هي بشارة منهم لشيعتهم أيها الأحبة الموالي إذا ما خرج من الدنيا على ولائه يوم القيامة يختار الباب الذي منه يلج إلى القيامة وكفانا وكفاكم وكفى المؤمنين كرامة ذلك الأمر.

قصيدة في مدح السيدة المعصومة عليها السلام

 قصيدة تمنيت أن تكون قريبة جداً من المناسبتين لكن بضني أن المعصومة (سلام الله عليها) تستحق الكثير، فإذا ما تغنينا فيها واقتربنا من مساحتها فنحن في مساحة محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) والقصيدة حديثة عهد أقول لها ولقم المقدسة أيها الأحبة مدينة قم لها خاصيتها؛ لأنها عش آل محمد[10] وما من بركة نزلت على أهل هذه المدينة إلاّ ببركتها، وهي إنسانةٌ عظيمة وان وفاتها في عمر الورد خيرُ دليل حسيّ عملي على عظمتها أن يدخل الإمام الخميني (قدس سره) ولواءُ النصر في يده بعد أن أطاح بأعتى طاغية عرفته الأرض عند هذه السيدة الجليلة يلقي السلام عليها قبل أن يلقي السلام على أهل بيته، يأتي في حالة من الخشوع مطأطأ الرأس، حامدا لله سبحانه وتعالى وساجدا سيد بهذه العظمة وانجاز بهذه العظمة، لكنه عند المعصومة تتجلى الأمور كما هي الحقيقة. أقول في هذه القصيدة:

 

جئت          إلى          قم         أستجلي         معانيها
أراقب          الشمس         كم         هونت         فيها
وأسأل       العقل       في       تحقيق       ما      نطقت
به        النصوص       وأجرت       مجد       ماضيها
أروض         النفس         بالأنوار        قد        ملئت
كل       الربوع       رؤى       في      كون      باريها
واطرق       الباب       كي       ادنوا       إلى       قدر
ما        حقق        السعي        إلا       من       تفانيها
أسرجت       ليلي       وضعت       النظم       مسبحتي
أغمضت      عيني      أناجي      من      غذت      فيها
معصومة         الآل         نورٌ        ليس        يدركه
ان       كنت       تسأل       فسأل       قول       باريها
هي       الكمال       بها       الأضداد      قد      جمعت
هي         الصفاء         رمى        بالطف        واديها
هي        العطاء        فسل        أصحاب        مدرسة
راج       الحديث       بها       من       حيث       يأتيها
هي        الجود       لأهل       الدار       ان       عمدوا
يكفيك         مما         جرى         حرباً        وتطفيها
بها        الإمام        أقام        الدين        في       زمن
لو       لم       تكن       فاطمٌ       ما      كان      يبنيها
هي           العلوم           وعلم          الله          قرّبه
للباحثين          شعاعٌ          لاح          من         فيها
يا      طلعت      الشمس      في      أطراف      مملكت
يا        بسمة        البدر       في       إحدى       لياليها
يا       نجمة       القطب       في      أسرار      مجتمع
تطارحٌ          القول          من         يد         مناجيها
انت الخلود (المعصومة سلام الله عليها) وهذا العز يعرفه
من       طلق       الناس       بحثاً       عن       معانيها
بنت          البتول          ملاكٌ         سر         عالمه
نور           الإله          فقدر          حين          تأتيها
فرب         بيت         من         الذكرى         نحاربه
فكيف           والمنحنى           بالشوق           يرويها
هنا           نقيم           على           تمثال          قافية
أعرفت         وصل         فيه         كوناً        اسميها
معصومة       الآل       هل      جاد      الزمان      بها
كلا          لعمري          فكنه         الذات         تفتيها
إذا        تلاقت        بحور        العلم        قيل       لنا
بنت        الرسول        غدت        بالعذب       تسقيها
في        كل        شبر        من       الشبّاك       منقبةٌ
تدير        كوناً        سما        في        سره       فيها
أخاف         شيئا        من        الماضي        وأسقطه
أيام          كانت         سهام         البغي         ترميها
لكنني       ارتمي       من       غير       ما       عمدت
استرجع        الجرح        نزفا        في       مضانيها
يا        بنت        فاطمة       روح       الله       أسسها
معاقل            الحق           فاخضرت           بواديها
واستنهضت        من        معال        الحق        الوية
روح         الإله         غدى         بالسعي        يعليها
واليوم     في     كف     روح    روح    الله    يحرسها
يجسد             الفكر             الطافا            ويجريها
ويحمل           الراية           الخضراء           منتهجاً
قول          الهداة         رسولاً         في         نواديها
هذه        الحياة        وما       دامت       بلا       عمل
وسر                       السر                       يمضيها
إليك        اضرع        يا        قدس       يحار       به
أهل         الكمال         فهل        أمضيت        راويها
ودعت        قبراً       له       في       القلب       موقعه
لو        كان        ودي        أنا      أبقى         أغاديها  

 أحبتي من المؤمنين والمؤمنات اشكر لكم هذا الإصغاء والتوجه شكري أيضاً للإخوة القائمين على هذا الحفل البهيج وأخص بالشكر أخي سماحة الشيخ عبدالحميد اليشمي لإتاحته هذه الفرصة، اسأل من الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم على الخير وعلى حب محمد وآل محمد.