نص كلمة: سماحته يشارك الأخوات المؤمنات الذكرى الأولى لشهادة الصديقة الطاهرة

نص كلمة: سماحته يشارك الأخوات المؤمنات الذكرى الأولى لشهادة الصديقة الطاهرة

عدد الزوار: 618

2014-02-23

الزهراء سلام الله عليها في القرآن الكريم

الزهراء سلام الله عليها امرأة استثنائيةٌ في هذا الوجود، لم تجاريها ولن تجاريها امرأةٌ من نساء العالمين. السيدة الزهراء سلام الله عليها في القرآن الكريم لها موضعٌ اختصت به؛ لأنها من ذلك البيت الذي اصطفته السماء بين بيوتات بني البشر في سورة الكوثر الزهراء سلام الله عليها لها حضورها وان اختلف المفسرون في ذلك إلا أن ما عليه مدرسة أهل البيت عليهم السلام أن سبب النزول لهذه السورة المباركة هو طمأنة النبي (ص) على أن النسل مستمر وان الكوثر هو تحفة السماء لك لذلك جاءت ﴿اِنّا اَعطَينـٰكَ الكَوثَر﴾  والكوثر على الأصح في التفاسير هي السيدة الشهيدة المظلومة فاطمة بنت النبي محمد (ص) واستغربُ كثيرا ممن يحاول أن يدوي ذراع هذه السورة ويحوزها عن فاطمة سلام الله عليها إلى بعض الإستظهارات والإستحسانات فان كانت مقبولة بادئ لبدء لكن آخر السورة دليل على ان المراد هي الزهراء سلام الله عليها؛ لأن الذي عيّر النبي بالأبتر لم يعيّره في رسالته، ولم يعيّره في نهراً في الجنة لم يكن له، وإنما عيّره كونه لا نسل له فذيل السورة نهاية السورة دليل على أن المراد بصدرها هي الزهراء سلام الله عليها ﴿اِنّا اَعطَينـٰكَ الكَوثَر﴾ امتنان من السماء على النبي الأعظم (ص) ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ و انحَر﴾ شكرا لله سبحانه وتعالى على هذه النعمة الكبرى ﴿اِنَّ شانِئَكَ هُوَ الاَبتَر[2] ذلك الذي عيّر النبي (ص) انه لا نسل له وهذا شيء من السماء لا اظن قراءة خارج هذا الحد تصل بنا الى نتيجة إلا على أساس من لا يرغب في أن تكون الفضيلة ثابتة لزهراء سلام الله عليها ولأهل بيت العصمة.

سورة الدهر أو سورة الإنسان أيضاً استعرضت واحداً من المواقف الذي كان للزهراء سلام الله عليها دورها المهم والأساس والمؤثر فيها الا وهي الصدقة بما هو موجود في اليد، وعندما يكون الإنفاق من عدم سيكون أكثر مقبولية وثواباً مما لو كان من موجود. الروايات الواردة في إطعام المسكين المتضمنة في هذه السورة تعني الأيام الثلاثة التي صامتها الزهراء سلام الله عليها وأهل بيت النبوة من اجل الاستشفاء لسبط النبي (ص) وكان إفطارهم على قرص من شعير. وما كاد أن يطرحوا الفطور بين أيديهم بعد الغروب بعد صيام ذلك اليوم، إلا والباب تطرق، الروايات متعددة أيضاً فبعضها تقول أن الطارق هو جبرائيل عليه السلام، بعض الروايات الاخرى تقول: لا ان الطارق كان فقيرا ويتيما ومسكينا من أهل المدينة.[3] هذه السورة يعبر عنها بالسورة المباركة وهي مباركة باعتبار ان القرآن بما هو هو مبارك من قبل الله سبحانه وتعالى لكن هنا تخصيص لهذه السورة لماذا؟ لان آيات هذه السورة تؤصل لمجموعة من الأمور المهمة منها؛ أن أهل هذا البيت عليهم الصلاة والسلام يعيشون الأمة من حولهم حيث من السهل عليهم أن يجوعوا ليشبع غيرهم، أن يضمأوا ليروى غيرهم، أن يعيشوا حالة من الحرج والضعف في سبيل أن لا يعيش هذه الحالة أبناء الأمة من حولهم، وفي هذا درسٌ كبير.

للزهراء سلام الله عليها نصيب في سورة الاحزاب في الآية الثالثة والثلاثين: ﴿اِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ اَهلَ البَيتِ و يُطَهِّرَكُم تَطهيرا﴾ المشمولين بهذه الآية الشريفة من سورة الأحزاب هم عبارة عن: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام.

في سورة الشورى الآية الثالثة والعشرين أيضاً السماء تعطي للزهراء سلام الله عليها نصيبها: ﴿قُل لا اَسـئَلُكُم عَلَيهِ اَجرًا اِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربىٰ﴾ إذن للزهراء مواطن ثلاثة حضورها ثابت وبيّن لا ينكره إلا متعصب ولا يغادر مساحته إلا ناصب، وأما من طهّر نفسه من الشوائب واستعان بالقرائن من هنا وهناك، والقرائن في الكثير من الحالات هي معصومة، باعتبار أنها روايات صحيحة صادرة عنهم، عليهم افضل الصلاة والسلام وتضمنت القرينة تلو الاخرى على أن المراد هم هؤلاء الائمة المعصومين عليهم السلام وفي بعض المواطن كما أشرت هي الزهراء سلام الله عليها بنت النبي محمد (ص).

الزهراء عليها السلام في عين النبي (ص) وفي معطيات الرسالة

 أما الزهراء سلام الله عليها في عين الرسالة فقد حظيت من النبي (ص) بالقسط الأوفى يكفي أن النبي (ص) كان يقف على بابها ويستأذن ثم يدخل ويقبل الزهراء سلام الله عليها في رواية النبي يقبل الزهراء بين عينيها أي في جبهتها والزهراء سلام الله عليها تنحني على كف النبي الأعظم وتقبّلها[4] أيضاً هذا فيه درس ومدرسة ما عسى أن يكون حال الآباء والأمهات والأبناء والبنات فيما لو سادت هذه الطريقة من تبادل التحية بين الآباء والأبناء أو بالعكس هل يعني ذلك إلا المحبة والسلام والسمو والرفعة والاقتراب من النهج المحمدي الذي قدمته الزهراء سلام الله عليها مجسداً في ارض الواقع؟ الزهراء سلام الله عليها يقول النبي عنها وفيها: من عرف هذه فقد عرفها من عرف الزهراء فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد (ص) وهي بضعةٌ مني وهي قلبي الذي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني[5] النبي يعلم بالآتي يعلم بخفايا الأيام يعلم بدخائل النفوس لذلك يعطي هذه الإشارة ويثبت هذه الشفرة وهذا هو نهج القرآن الذي سار عليه، فالقرآن أيضاً يعطي مجموعة من الإشارات ﴿و ما مُحَمَّدٌ اِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ اَفَاِن ماتَ اَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلىٰ اَعقـٰبِكُم[6] مات النبي وهذه حقيقة والسبب في وفاة النبي عندما يأذن الله سبحانه وتعالى للمهدي سلام الله عليه فانه سيبيّنه وسوف يوضع النقاط على الحروف لكن بالنتيجة خرج من الدنيا والقرآن قد أعطى إشارة واضحة بأن انقلاباً سوف يحدث وهذا ما حصل، فالنبي يقول فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، هذه المسألة لا تقف عند حدود بنوة وأبوة بل أنها مسألة مربوطة بالسماء. مختصر تفسير الثعالبي وهذا من علماء العامة هو يثبت هذه الحقيقة هو ينقل هذه الرواية.

حديثٌ آخر أيضاً عن النبي (ص) يعني الزهراء في عين النبي الزهراء في معطيات الرسالة يقول (ص): كمل من الرجال كثير، وفعلاً الأنبياء كملوا، الرسل كملوا، الأولياء الصالحون كملوا، أصلاً يستعصي على الإنسان المعدد أن يقف على عدد ثم يقول ها هنا انتهى من كمل من الرجال إلى اليوم، قد يكمل من الرجال كثير يقول: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران هذه السيدة الجليلة العظيمة الذي جاء ذكرها في القرآن وآسيه بنت مزاحم امرأة فرعون هذه المؤمنة الصابرة التي عاشت في قصرا لم يجمع بين جنباته إلا الظلم والطغيان رغم ذلك صبرت، أدخلت في أصناف العذاب وصبرت هذه كملت وخديجة بنت خويلد سلام الله عليها وفي الحديث الشريف لولا سيف علي لولا كفالت أبو طالب لولا مال خديجة هذا مهم[7] ولولا كلام النبي محمد لما مثل الدين فهي مثلت العنصر النسائي المكمّل لهذا المربع المقدس في أضلاعه الأربعة؛ النبي نبي الرحمة، المولى علي عليه السلام والذي لا ينكر عطائه إلا جاحد وأبو طالب مؤمن قريش وأخيراً السيدة خديجة سلام الله عليها خير دليل على عظمة هذه المرأة بعد ما قدمته، أن الله سبحانه وتعالى اصطفاها وعاءاً لأطهر نسمة في الجانب النسوي من بني البشر ألا وهي المرأة الرابعة فاطمة بنت النبي محمد (ص) كما جاء في الفصول المهمة الصحيفة سبعة وعشرين.

السيدة الزهراء سلام الله عليها عند العامة

 أما السيدة الزهراء سلام الله عليها في مدرسة الحديث عند العامة؛ فالسيدة الزهراء سلام الله عليها تحدثن النسوة في المدينة عن جلالة قدرها وعن عظم شأنها، ومن هؤلاء النسوة، زوجة النبي عائشة، وكلكم يعلم ما تعنيه هذه المرأة! اسمعوا ماذا تقول عن الزهراء سلام الله عليها كما في ذخائر العقبى، الصحيفة أربعة وخمسين تقول: ما رأيت أحداً ـ هذه عائشة ـ ما رأيت أحداً كان أهدأ وأصدق لهجةً من فاطمة سلام الله عليها. في النص: ما رأيتُ أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها. تجسّد هذا الأمر في مواطن عديدة خصوصاً مع الخليفة الأول وفي خطبة الزهراء ما يؤمّن الدليل على المدعى.

جوانب من المدرسة والعطاء الزهرائي

أيتها الأخوات المؤمنات الفاطميات في سيرهن ونهجهن وعبادتهن وطاعتهن وتربيتهن وحفاظتهن مما على بيوتهن؛ الزهراء سلام الله عليها تعني الشيء الكثير ولا ينبغي أن تعتقد الواحدة منكن أنها عندما تعقد مجلساً انتهت من عهدة التكليف مع الزهراء أو عندما تبكي أو تلطم أو تكتب شعراً أو تنضم أو تهيئ مشهداً تمثيليا تخرج من خلاله وتبرز المأساة، أنها خرجت من عهدة التكليف لا ابدا، الزهراء سلام الله عليها مدرسة لا في جانب واحد وإنما في جوانب متعددة لذلك الزهراء في عطائها جامعةُ كبرى أرادتها السماء أن تتجسد فتجسدت برعاية من النبي الأعظم محمد (ص).

عطائها العلمي

 الزهراء سلام الله عليها العالمة والعلم في مدرسة الزهراء ثابت الأصول متكثر الفروع لكن حيث أننا استغرقنا في جوانب معينة جاءت على حساب الجوانب الأخرى وفي مقدمتها هذا الجانب وهو جانب العلم عند الزهراء ليس منا من لا يعرف أن الزهراء ظلمت ولكن كم منا من يعلم أن الزهراء سلام الله عليها كانت عالمة وما ورد عنها من الأحاديث يصب في هذا الجانب نتعاطاه كما ينبغي فنحن نعتني بالروايات التي تأتي لنا بالجانب المأساوي ولابد من المحافظة على هذا الشيء، جانب المظلومية جانب المشهد العدائي الذي جرى على الزهراء سلام الله عليها يذكر ويشير له في الأخير لا ينبغي أن نرفع اليد عنه بل علينا أن نحافظ عليه قدر إمكاننا لكن علينا أن لا نصرف نظرا عن بقية الجوانب علينا أن نجعل من هذا الجانب سبباً مهماً في أن نتحرك على أساس منه لقراءة بقية الجوانب منها جانب العلم عند الزهراء سلام الله عليها جانب التفسير اغرقت الزهراء سلام الله عليها هذا الجانب لكن ظلم الظلمة، تخلي الأتباع عن مسؤولياتهم أوصلنا إلى ما أوصلنا إليه بحيث قرون من الزمن نقضيها ماذا يعني مصحف فاطمة مع من تتحدث ومن سيفهمك؟

تدوين السنة المطهرة

 الأمر الثاني تدوين السنة المطهرة هذه الصيحة الطويلة العريضة حول مصحف فاطمة وما مصحف فاطمة الا عبارة عن سنة مدوّنة، هناك مجموعة من الأسرار لم تصل إلى الأمة؛ لأن الأمة غير مهيأة لتعاطي تلك الأسرار فبقيت تلك الاسرار في حدود أهل هذا البيت عليهم السلام وهي لا تعني الجانب التشريعي وإنما تعني جوانب أخرى وبيان بعض المواطن التي يعنيها التشريع، الزهراء سلام الله عليها كانت تسمع من النبي وتدوّن وكان الأمين جبرائيل أيضاً بعد وفاة النبي يحدث الزهراء سلام الله عليها[8]، هذا الحديث على أي نحو كان، كيف كان، أين كان، متى كان و... هذه الامور ليس من شأننا أن نهدر الكثير من الوقت فيها، بالنتيجة هي من الأمور المسلّمة التي لا مجال لأن يأخذ الإنسان ويعطي فيها كثيراً، الا إذا ما كان متأثرا في قراءاته و إسقاطاته ببعض معطيات المدارس الأخرى التي لا يسعدها ولا تعيش حالة من السرور إذا ما علمت أن شيئاً يصب في صالح الزهراء سلام الله عليها.

التعريف بمقامات اهل البيت عليهم السلام

الدور الثالث من الأدوار التي قامت بها الزهراء سلام الله عليها هو التعريف بمقامات أهل العصمة من أهل بيت النبي محمد (ص) وهذا دورٌ مهم ومسؤولية ثقيلة نهضت بأعبائه الزهراء سلام الله عليها، فعندما تقرؤون خطبة الزهراء سلام الله عليها تجدون أن هناك شحاً في فهم حقيقة النبي في اوساط المهاجرين والأنصار واضح وبيّن لذلك اضطرت الزهراء سلام الله عليها أن تستعرض هذا الجانب من حيات النبي ومن حيات علي، البعض يقول: لماذا انتم تبالغون؟ لماذا تقولون أن الأمور وصلت إلى هذا الحد؟ نعم ان الأمة قد عمي عليها، وأدخلت في دهاليز مظلمة والى يومنا، هذه الأمور كلها كانت تجري على هذا النحو! تصورن أيتها الأخوات ان الإمام علي عليه السلام يقتل في مسجد الكوفة، فعندما وصل هذا الخبر الى الشام اصبح هؤلاء يتداولون فيما بينهم: أو كان علي بن أبو طالب يصلي؟هذا المقدار من التعتيم، هذا المقدار من تغيب للحقيقة، هذا المقدار من جنح هؤلاء عن الجادة! بعد كل هذا يأتينا شخص ويقول: كم انكم كنتم تبالغون في الزهراء سلام الله عليها، والعجيب ان الذي يتفوه بهذا الكلام هو من داخل دائرتنا وليس من خارجها. الزهراء سلام الله عليها لها من المقام لو اجتمعت الجن والأنس على ان يفكوا شفرة او معطى من اسم فاطمة لاستعصى عليهم ذلك، لذلك القراءات متعددة والعلماء يعطون التفاسير بقدر بضاعتهم، أما ما تعنيه فاطمة اسماً وحقيقةً فهو ما فطم عنه البشر في جانب المعرفة إلا أن يأذن الله سبحانه وتعالى لوجه الإمام المهدي بالاشراق، حينئذ تتكشف الحقائق تتبيّن الأمور حينها ستعرف الأمة من هي الزهراء سلام الله عليها، وإلا فاليوم الامة لا تعرف الأمة وأصلاً لا يراد لها ان تعرف حقيقة الزهراء، لان الامة متى ما عرفت الزهراء فهذا يعني الشيء الكثير، يعني ان ظلماً قد وقع، يعني أن تجاوزاً قد حصل، يعني ويعني... وهذا طبعاً سوف يزعج البعض. ودائماً وأبداً الكامل يعرّي الناقص، أحياناً الناقص يبقى ناقصا وليس لديه أي مشكلة مع نفسه بالنتيجة هو ناقص؛ لكن عندما يأتي الكامل امامه يشعر الناقص أن الكامل أمامه فيعيش حالة واقعية والتي يفترض أن يكون قد التفت لها وصحح من وضعه، لذلك تجد هذا الازعاج وهذا التعتيم.

 

الاهتمام الكبير بمصادر الشريعة و فلسفة الاحكام

 الزهراء سلام الله عليها أيضاً كانت مهتمة اهتماماً كبيراً بمصادر الشريعة وفلسفة الأحكام ولولا إني أخشى أن المطلب يطول ويطول كثيرا لاستعرضت بعض الجوانب، وهي كثيرة؛ فلسفة التكاليف الشرعية من الصوم والصلاة إلى الحج إلى الأمر بالمعروف الى النهي عن المنكر إلى... الزهراء سلام الله عليها كانت تفلسف الأحكام فلسفة ليس فلسفة بشرية صرفة والتي يتعاطاها الإنسان في مدرسة أو في حوزة ثم يحاول أن يسقطها على النصوص الشريفة، لا، فالزهراء عليها السلام كانت كما كان النبي الذي: ﴿ما يَنطِقُ عَنِ الهَوىٰ ٭ اِن هُوَ اِلّا وحى يوحىٰ[9] الزهراء سلام الله عليها ايضاً لا تنطق عن الهوى؛ لأن المحدث لها إما جبرائيل من السماء كالذي كان يحدث بعد حيات النبي (ص)، أو الذي كانت تتلقاه من لسان النبي الأعظم محمد (ص) مباشرة.

الاهتمام بالأخلاق العامة

المورد الخامس؛ اهتمام الزهراء بالأخلاق العامة؛ مشيت الزهراء سلوك، مشيت الزهراء أدب، تربيت الزهراء لأبنائها منهج، مفردة بسيطة أيتها الأخوات أتناولها هنا وهي؛ لنفترض ونرى الكثير من النساء ماذا تصنع مع أولادهن الذين يغطون بنوم عميق إذا ما دخل وقت الصلاة، هل يبادرن لإيقاظ أبنائهن من الأولاد والبنات؟ ام لا يهمهن ذلك، سواء صلوا الابناء ام لم يصلوا! طيب لنرى الزهراء سلام الله عليها ماذا كانت تفعل إذا ما دخل وقت الصلاة؛ فالزهراء سلام الله عليها كان اذا دخل وقت الصلاة أدرجت على الحسن والحسين الماء وألبستهما النظيف من ثيابهما، رجّلت شعريهما، ألمستهما شيئاً من الطيب ودفعتهما إلى مسجد رسول الله (ص).

لنرى ما هي مقدار المساحة التي تشغلها هذه المدرسة وهذا السلوك وهذا المنهج في التعاطي مع أبنائنا. عندما تقول امرأة: أنا فاطمية، أنا أسير على درب فاطمة حينها لا يمكن ان تتعامل على اساس اللامبالاة وان هذا الشيء لا يعنيني؛

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** ولا يلين إذا قومته الخشب[10]

إذا الشخص لم يصلح الأمور بادئ ذي بدء أي حينما يكون الولد برعم، والبنت لا تزال في هذا الدور فلا يمكن ان يصلح الأمور بعد ذلك او على الاقل سوف تحتاج إلى جهد اكبر، فسلوك الزهراء العام كان كسلوك رسول الله (ص) فإذا سارت جللها الحياء والخجل، ولم يكن هذا الدور هو الدور الوحيد للزهراء وانتهى الامر لا تعالوا وانظروا الى دور الزهراء في الحكم والسياسة العامة فهو مدرسة ونهضة وثورة وحركة وتضحية واستقامة وصبر، فقد جرى عليها ما جرى وجرى على بعلها ما جرى، فكانت تنظر الى هذه الصورة التي يذكرها امير المؤمنين علي عليه السلام فيقول: إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى أبايع[11]. فالزهراء سلام الله عليها كانت تخرج كي تنصر الحق وتنقذ الإمامة من المأزق. قد يتطاول احد ويقول ان الإمام علي رجل لماذا لا يدافع عن نفسه! منطق التطاول على المعصوم منطق خطير جداً، الإستحسانات شيطانية والعياذ بالله الذي يوحي ببعض الأفكار المسمومة هو إبليس عليه لعائن الله، علينا أن نسد الفرج والثغرات كي ننهض بالمشروع الفاطمي.

في يوم القيامة الزهراء سلام الله عليها ينصب لها منبر من نور يوضع عليه عرش من الرحمة فيقال لها: اشفعي تشفعي، حينها تلتقط شيعتها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء[12] كيف يتم التمييز بين الجيد وبين الرديء؟ الرجل إذا احب وعمل، والمرأة إذا تجسدت سلوكاً فاطمياً تتمايز عن غيرها، وإلا مجرد ادعاء ولا يوجد سير على نهج الزهراء سلام الله عليها حينئذ يصعب التشخيص.

فللزهراء سلام الله عليها وقفة على أساس منها غيرت مسار الحياة في وسط الأمة.

الزهراء عليها السلام قارئة للتاريخ الانساني

أيضاً هنالكم أمر آخر وهو أن الزهراء سلام الله عليها كانت قارئة للتاريخ الإنساني في بعديه الوضعي والسماوي، مجموعة من المدارس ساست حيات البشر قسم منها وضعياً أي ان الناس وضعوه وتفانوا عليه، وقسم آخر لا السماء تدخلت فيه فأخذ نهجاً سماوياً. في الأغلب الأعم الأكثر تدخلت الايدي العابثة في المسارين لذلك أخفق الإنسان في مشروعه الإنساني في الكثير من مساحاته فلم يكن ناجحاً ولم يكن موفقاً هو جنى على نفسه، ربما تسأل واحدة منكن: لماذا كل هذا جرى؟ لأن الزهراء سلام الله عليها أولاً امتثلت لأمر السماء، تكليفها الشرعي هو أن تدافع عن الإمامة وحيث نذرت نفسها لهذا المشروع عليها أن تعد نفسها لما هو المحتمل في اقل التقادير الذي أصبح واقعاً مراً ولا أقل تحول إلى واقع مرّ. الجانب الثاني؛ رعاية التكليف في جانبه الآخر ألا وهو الحجاب، الزهراء سلام الله عليها لم يرى لها شخص ولم يسمع لها صوت إلا في المواطن التي يملي التكليف الشرعي عليها أن تكون حاضرة في الموقف كما يسجل ذلك التاريخ والسنة المطهرة، للزهراء مواقف في مكة ولها مواقف في المدينة أملأها التكليف الشرعي عليها لكن ما وراء ذلك ما هو؟ هو الجلال، هو الصورة الحقيقية لما أرادته السماء للمرأة المسلمة أن تكون عليه من الشرف ومن العفة ومن العزّ ومن التقى ومن الورع عن محارم الله. الزهراء معصومة لكنها مدرسة الحجاب، الزهراء سلام الله عليها قدمت انموذجاً في هذا الجانب ودرس مهم ومؤثر في نفس الوقت عندما انحازت الخلافة عن علي عليه السلام إلى غيره أرادوا علياً أن يبايع أن يدخل فيما دخل فيه الناس روايتان أو طريقان الأول؛ أن الإمام علي كان في بيت فاطمة عليها السلام، الآخر أن علي لم يكن في بيت فاطمة وانما كان في ضيعة له لأنه نئا بنفسه عن الناس وهذا حدث بعد ما تم دفن النبي (ص)، الإمام علي عليه السلام لم يكن في البيت أو كان في البيت مسألة الهجوم على الدار مسألة محتومة ومحسومة شيء غير قابل للرد لماذا. لأن كتب العامة مملوءة بها وتصوير هذا المشهد في كتب العامة أكثر من كتب الخاصة، ولا يمكن من احد ان يفعل امراً خطأ ويأتي مصراً ويقول انا فعلت هذا الخطأ! أدباءهم، شعرائهم يتغنون بهذا الشيء

وقولة لعلي قالها عمر *** أكرم بسامعها أعظم بملقيها[13]

تصور أن الشاعر يعتز بالموقف! أصلاً الزهراء سلام الله عليها بناءاً على الرواية سواء كان الإمام علي موجوداً ام لم يكن موجوداً لكن هذا المقدار حصل أن الجماعة جمعوا الحطب، هموا بإضرام النار، أشعلوا النار على الصحيح رجع إليها جمعٌ، الرجل تقدم، طرق الباب، كلمته الزهراء، سأل عن علي عليه السلام، حاول أن يعالج فتح الباب، الزهراء سلام الله عليها لاذت خلف الباب، لماذا لاذت خلف الباب؟ لأن الزهراء تصورت أن الرجل يحجزه الإيمان على ارتكاب ما ارتكب، أن شيمة الرجال ونخوة الأعراب ستقف حائلا دون ان يتصرف معها تصرفاً غير محمود، لكن الذي حصل العكس من ذلك تماماً ثلاث روايات اذكرها سريعاً لأنني لست خطيبا وهذا يعني ان هذه الكرامة لم احصل عليها إلى اليوم، اسأل من الله سبحانه وتعالى اللطف والتوفيق:

 المشهد الأول

أن الرجل تقدم ومن خلفه جلب من الناس مهاجرين وأنصار أحرار وعبيد كلهم اشتركوا في رواية أكثر من ثلاثمائه شخص أكثر من ثلاثمائة شخص تقدم الرجل الزهراء سلام الله عليها تدافعه الباب وهو ينادي ليخرج علي وإلا اضرمت عليكم، الذي حصل أن الزهراء سلام الله بالنتيجة هي امرأة وهذا رجل. في رواية يقول: فتحت الباب فأغشاني نورها هممت أن أعود فتذكرت فعل محمد، الإنسان المؤمن المفروض ان لا يتفوه بهذا الكلام يقول: فوضعت رجلي في الجدار وأسندت ظهري الباب عصرتها حتى سمعت خشخشة أضلاعها هذا مشهد

مشهد آخر

 أيضاً الزهراء سلام الله عليها تعالج الباب وهو يدافعه يقول: فأغشاني نور من وجهها رفعت يدي لطمتها على وجهها، هذا أيضاً حصل ووقع. المرة الثالثة لما وقعت الزهراء سلام الله عليها أخذ يلوعها بسوطه هذا مشهد هناك روايات مشهورة وهي روايات كثيرة في هذا الجانب، الزهراء سلام الله عليها بناءاً على أن المولى في داخل الدار هجموا على دار الزهراء والزهراء خلف الباب كلما دخل رجل عصر الزهراء في ذلك الباب حتى اخرجوا علي ملبباً بحمائل سيفه طرف العمامة على وجه أخرجوه من الدار كلما مروا به على جماعة صاحوا بهم خذوه، خرجت الزهراء سلام الله عليها وهي في حالة مخض كي تخلص علي عليه السلام استل الرجل سوطه من الغلام وأخذ يضربها ضرباً عنيفاً ثم استعان بابن الوليد أخذ يضرب الزهراء بكعب سيفه في خاصرتها.[14]

الزهراء سلام الله عليها مظلومة وظلامتها ثابتة ومستقرة.

اللهم أنا نقسم عليك بحق ظلامة الزهراء سلام الله عليها أن تجمعنا على ولايتها، وأن تجعلنا ممن تنالهم الشفاعة على يديها، اللهم اجعلنا ممن يحيي أمرها وأن يكون ممن يأخذ بثأرها ممن ظلمها، اللهم اكتبنا من الزائرين المترددين على ضريحها وضريح أبيها وبعلها والمعصومين من ولدها. أسأل من الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا ولكم كل خير وتوفيق وسداد وأنا اعتذر عن كل تقصير. وشكري الخاص لبنت العم السيدة الفاضلة لإتاحتها هذه الفرصة، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يكون هذا في ميزان الأعمال لنا ولكم.

ولروح من مضى علينا وعليكم وجميع شيعة أمير المؤمنين بالأخص سماحة العم المرحوم آية الله سيد ناصر رحم الله من يقرأ الفاتحة مع الصلوات.