نص كلمة : سر تكوين الزهراء

نص كلمة : سر تكوين الزهراء

عدد الزوار: 1008

2015-03-13

الزهراء؛ حوراء إنسية

حديثٌ شريفٌ عن النبي (ص) ترويه إحدى زوجاته وهي أم المؤمنين عائشة، عائشة لها الكثير من الروايات ورواياتها لا تجعل فيها واسطة، لأنها كانت في بيت النبي (ص) تسمع منه مباشرةً، غاية ما في الأمر هذه الروايات لابد من إخضاعها للتدقيق والتمحيص، واحدة من الروايات التي ترويها عن النبي (ص) ولها قيمتها، لان الذين خرجوها أيضاً هم من علماء العامة واستشهد بها علماء الخاصة في كثير من المواطن، ذكرها الطبري في كتابه ذخائر العقبى، وذكرها الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد وكلاهما عالمين ومؤرخين من العامة، ولكل واحد منهما قيمته عند قومه، الرواية ترويها عائشة عن النبي (ص) انه قال: إني لما اسري بي إلى السماء، هذه الرواية أيضا تنطوي على دليل دامغ على ان الزهراء لم تولد قبل البعثة وإنما ولدت بعد البعثة، خلاف لما يدعيه علماء العامة، طبعا هناك خلاف كبير حول ولادت الزهراء سلام الله عليها، انها ولدت قبل البعثة أو بعد البعثة، يعني هل ولدت قبل البعثة بخمس سنوات أو بعد البعثة بخمس سنوات، حيث يكون الفارق بين الفريقين عشر سنوات اي تكون الزهراء قد استشهدت لثمانية عشر ربيع، أو ثمانية وعشرين ربيع بناءا على تاريخ مولدها، والزهراء سلام الله عليها اختلاف في مولدها، اختلاف في شهادتها، اختلاف في قبرها، وكلها شهاداتٌ تاريخية على ان الزهراء سلام الله عليها مظلومة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، الرواية تقول ان النبي (ص) قال: إني لما اسري بي إلى السماء أدخلني جبرائيل الجنة فناولني منها تفاحةً، يعني من تفاح الجنة وليس من هذا التفاح المتداول بين أيدينا وان كان سيدة الفواكه التفاح لها قيمتها، يقول النبي (ص) لعائشة: فأكلتها، اي أكل التفاحة التي هي من الجنة فصارت نطفة في صلبي، لاحظوا ان دورة الاستفادة من الأكل كما يقول أصحاب العلوم الطبيعية معلومة معروفة وهي اثنين وسبعين ساعة (ثلاثة أيام) حتى تأخذ واقعها الطبيعي واستقرارها، فالنبي (ص) عندما أكل التفاحة يقول تحولت يعني اخذت طورا آخر لم تحتاج الى الدورة المعلومة، وفي هذا سر ان كينونة الزهراء سلام الله عليها لم تخضع للأسباب الطبيعية وإنما خضعت لعالم الغيب لا يعرفه إلا الخالق وهو الله والواسطة وهو النبي الأعظم محمد (ص)، فصارت نطفةً في صلبي فلما نزلت واقعت خديجة، ومعروف ان السيدة خديجة بين نساء النبي لها استثناء، هي سيدة نساء النبي، خديجة أم الكل في الكل، وأحد أهم فضائل السيدة خديجة انها شكلت سلام الله عليها وعاءاً وظرفا لتلك النطفة الاستثنائية الخاصة وهي المتشكلة من التفاحة المخصوصة، فاطمة من تلك التفاحة، ففاطمة من تلك النطفة وهي حوراء إنسية لذلك نقرء في زيارتها «السلام على الحوار الإنسية»؛ يعني عالم مركب من عنصرين عالم طبيعي وعالم ما وراء الطبيعة، هذه الخصوصية، هذه الحالة من الاستثناء مختصة بالزهراء سلام الله عليها، ولا يمكنك ان تأتي على امرأة وتقول عنها بانها حوراء إنسية، خذها من أمنا حواء ذات التكون الخاص وامرر بالسيدة مريم أيضا ذات الاستثناء الخاص في ولدها، لكن ما حظيت به الزهراء حالة فوق الاستثناء، فالنبي (ص) يردف في كلامه لعائشة يقول: كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها[1] يقبل من؟ يقبل الزهراء سلام الله عليها.

الزهراء؛ بلسم جروح النبي (ص)

 ذه الزهراء عاشت مجللة مدللة في بيت أبيها الرسول المصطفى أما كانت تنهض بدور في منتهى الصعوبة والتعقيد لان النبي كان في مكة يقذف في الحجارة ادمي في أكثر من مرة ومرة وفي أكثر من موطن وموطن الزهراء كانت تستقبله وتضمد جراحه، هذه السيدة الجليلة استمرت مع هذه الحالة إلى المدينة المنورة النبي (ص) في معركة احد كما هو معلوم لديكم عندما دارت الدائرة على جيوش المسلمين بعد تخليهم عن امتثال أوامر النبي (ص) التف عليه خالد ابن الوليد وجعل من الهزيمة نصر ومن النصر هزيمة في تلك الفترة المعينة في تلك الواقعة النبي (ص) ضرب ونال السيف من أسنانه، الرواية تقول  كسرت رباعيته[2] يعني الأسنان المتقدمة، احدهم يصف حال النبي (ص) بعد ان كسرت رباعيته فيقول: والله ما كنت أميز أيهما أكثر إشراقاً ابتسامته قبل سقوط رباعيته أم بعده! فبلسم الجراح كانت الزهراء سلام الله عليها، النبي (ص) له زوجات متعددة اما التي كانت تنهض بالمهمة هي الزهراء، هذه الزهراء استمر معها الحال سلام الله عليها إلى ان زفت لعلي (ع) وأخذت عنوان الأمانة عندما قال النبي (ص) لعلي: يا علي هذه وديعتي عندك، عبر عنها «بالوديعة» أنت عندما تريد ان تأتمن شخص على شيء لابد وان تأخذ الاحتياطات التامة، يعني ان لا ينزل بك نازلة في تلك الأمانة، ان ترد الأمانة كما هي، حتى في أمورنا المادية البسيطة مثلا عندما يريد ان يسافر الشخص يجعل بيته أو أمواله عند شخص لابد ان يكون الطرف المقابل أمينا، فما بالك وهذه الأمانة هي أقدس أمانة (الزهراء سلام الله عليها)، النبي (ص) يلتفت إلى الإمام علي (ع) يقول له: هذه وديعتي عندك، وأخذها الامام عليٌ (ع)، هناك حديثٌ ينقل عن النبي (ص) انه قال: إذا كان يوم القيامة ناد مناد يا أهل الجمع يعني في المحشر غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة[3] هذا الحديث أيضا منقول بنفس الطرق المذكورة، لكن أيها الأحبة أنا لا ادري سمعوا أم لم يسمعوا! أم سمعوا وخالفوا النبي الذي يقول للأمة عما هو الواقع في المحشر: غضوا أبصاركم اي لا تنظروا إلى شخص فاطمة في عرصات القيامة ووقتها كل امرء له من شأنه ما يكفيه عن سائر الأمور، كيف حصلت الجرأة بتلك الكيفية، الرواية تقول بان الذين هجموا على دار فاطمة كانوا ثلاثمائة نفر في أيديهم الحطب، وقنفذ بيده السوط، وابن الوليد بيده الرمح، في يوم القيامة: غضوا أبصاركم كيف يقع في الدنيا ما حصل، هؤلاء كيف يقابلون النبي (ص)؟! يقول الرجل طرقت الباب وقلت اخرج يا علي، يقول: كلمتني فاطمة، يقول: عالجت الباب وهي تدافعه، هذه هي المرأة التي يجب ان يغضوا البصر عنها في يوم المحشر، يقول: فتحت الباب فأغشى ناظري نورها، يقول: فرفعت يدي ولطمتها على وجهها!! وقتها خرت على الأرض! رواية اخرى تقول: وضع رجله في الجدار وظهره في الباب وعصرها! يقول: حتى سمعت خشخشت أضلاعها في صدرها، الزهراء قيمة ثقيلة لكن الأمة لم تحفظها، لذلك نرى التخبط اليوم، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يكتبنا وإياكم من الزائرين لها، المتمسكين بولاية أمير المؤمنين (ع)، النائلين الشفاعة على يديها، وان يجعلنا من ذلك الحب المنتقى يوم القيامة[4] بفضل شفاعة فاطمة بنت النبي محمد (ص).