نص كلمة بعنوان: زيارة الإمام الحسين وما يترتب عليها من فوائد في الدارين
مفهوم «الزيارة» عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام وعند باقي المدارس
مما أختص به أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو الارتباط المتعدد الوسائط بمحمد وآل محمد (ص) ومن هذه الوسائط هي زيارة المعصومين عليهم السلام، في كل زمان أتيح لهم ذلك ربما يشاركهم البعض من المذاهب الإسلامية الأخرى في أصل الموضوع وان لم يختلفوا ولا اقل لم يرتّبوا أثرا بيّنا على أن مسألة الزيارة للقبور مفتوحة على مصراعيها لذلك تجد أن الزيارة عند أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام تختلف في الكثير من الجوانب عند غيرهم أيضا ربما شاركنا طرف من أتباع المذاهب الإسلامية التي ترى ولا اقل الجواز في زيارة القبور تكريماً لأصحابها أيضا هنالك ثمة مفارقات وبنظرة سريعة إلى حال المسلمين مع قبور العظماء عندهم يجد شبه ما يشكل صورة متكاملة على أن الغالبية العظماء من المسلمين على جوازها وجماعة أخرى وهي الخاصة على تأكيد الاستحباب فيها.
أهل البيت عليهم السلام لا إشكال أنهم الصفوة الذين اصطفاهم الله بين بني البشر وان هذا الاصطفاء ترتّب عليه اثر كبير، اثر في الدنيا نعيشه ونلمسه لما تفرّع عنه من مكاسب ضخمة للانسان بما هو انسان، وأما في الآخرة فهو رصيد سوف نقف عليه ولو بعد حين. وقتها عندما يرفع الغطاء عن بصيرتنا قبل بصرنا نجد أنفسنا أمام شيئاً قدمناه لذلك تجسّد أمامنا.
الزيارة عبادة، الزيارة سلوك، الزيارة أدب، الزيارة ثقافة، الزيارة علم، الزيارة باب من أبواب الرحمة المفتوحة بين العبد وخالقه، هذه الرواية عن النبي الأعظم (ص) تؤمّن لنا ما ندّعيه من لابدية الزيارة بل ومن لابدية التكرار لها بل ولو أمكن الانسان لو لم يوجد المزاحم لاختار الجوار لأي منهم عليهم الصلاة والسلام على أشياء كثيرة لكنها بالنتيجة هي الحياة!. الإمام الحسين عليه السلام لا إشكال أن زيارته لها خصوصية، خصوصية هذه الزيارة أصّلت لها السنة المطهرة هنالكم سيل من الروايات عند الفريقين لزيارة الإمام الحسين عليه السلام في حالة من التدافع العجيب الغريب كثير منا عندما يريد أن يدلل على شيء أو يقنع طرفا آخر على قضية يتمسك بموروثنا، موروثنا لا يحظى بالتسليم على إطلاقه عند غيرنا لذلك اقصر الطرق أن تتعامل مع الطرف الآخر على أساس من مكتسباته في موروثه الحديثي وأنا أقول لكم ما في أحاديث القوم من الروايات سواء كان في مقامات أهل البيت، او في مراتب أهل البيت في الدنيا والآخرة الشيء الكثير، العلامة الجليل والمرجع الكبير السيد الفيروز آبادي & استخلص كتاباً اسماه «فضائل الخمسة من الصحاح الستة» وهو من الكتب المهمة اليوم، والروايات كلها وكم لذلك من نظير وكم تخلف من كمّ كثير، البعض يقول نحن في غنى، روايتنا تكفينا، نعم روايات أهل البيت بطرقنا المعتبرة نور وفيها كفاية وزيادة ولكن ما عسى أن تصنع مع من يضع خطين متقاطعين عليك قبل موروثك الا أن تتعامل معه على أساس من موروثه لعل وعسى! لماذا الإمام الحسين؟ لماذا الاصرار على زيارة الإمام الحسين عليه السلام؟ لان الإمام الحسين عليه السلام في نهضته يعني فيما يعنيه، يعني الاسلام، يعني التجدد، يعني التأصيل لعمليات الإصلاح المتعاقبة جيلاً بعد جيل.
وقفة مع زيد الشهيد
في مثل هذه الأيام نعيش ذكرى شهادة زيد بن علي بن الحسين هذا الرجل العظيم والمظلوم في نفس الوقت، زيد الشهيد وجهٌ من وجوه الطائفة وقمر من أقمار بني هاشم وطود من أطوار الكفاح والنضال والثورة على الظلم والجور ورمز من رموز العدالة على وجه الأرض، زيد الشهيد عالم جليل ومحدث كبير وشجاع ربما كلمة شجاع لا توفيه حقه وخير دليل على ذلك لو لم يكن زيد الشهيد يعني أكثر مما ذكرت لما نكّل به بعد وفاته شر تنكيل، أن يقتل الانسان ثم يدفن ويجرى عليه الماء حتى لا تتم عملية الاعتداء على جسده حفر له في ساقية ماء ثم اجري الماء عليه عيون السلطة في تلك الفترة وقعت على خيط رفيع كما يقول من خلاله اهتدت الى قبره أخرجوه من قبره! صلبوه في الكناسة في الكوفة! في الكوفة منطقة اسمها الكناسة من ذلك الزمن الى هذا الزمن هذه المنطقة ليست محمودة، صلب في بعض النصوص حتى بنت الفاختة عشها في جوفه ـ يعني انظر الى المدة الزمنية التي بقي فيها مصلوباً! ـ حتى مرّت به زوجته وقالت: أما آن لهذا الفارس ان يترجل؟ انزلوه ـ مع ان كرامة المسلم تحتم بأن يدفن ـ الا انهم عمدوا إلى حرق جثته[2] وان ما دفن منه هو رفاته وهذا القبر الموجود اليوم فيه رفاته! بالنتيجة هذا واحد من وجوه مدرسة أهل البيت ^ تكالب عليه الزمن، تكالبت عليه أقلام المؤرخين، وأحيانا المؤرخ يقتنص من هنا وهناك دون أن يخضع النص لتحقيق والتدقيق والغربلة لذلك تصل الصورة مشوّهة وفي ذهن الكثيرين مشوشة، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يكتبنا وإياكم من زوار الحسين وان يجعلنا وإياكم من المترددين على عتباتهم الطاهرة بدءاً من نبينا الأعظم (ص) ومرورا بائمتنا وسيدتنا واحد بعد الآخر.
همسة خفيفة حول «الزيارة» خاصة زيارة الأربعين (المشاية)
هناك همسة خفيفة بودي ان اشير اليها؛ الزيارة مهما كان الأمر فهي مستحبة وفي أعلى الدرجات هي مستحبة مؤكدة لكن علينا أن لا نقدّم المهم على الأهم، الزيارة مهمة، تعظيم شعيرة، إثبات وجود، إرسال رسائل للعالم من حولنا والدنيا اليوم مقبلة علينا تبحث عن هذه المدرسة لكن هنالكم شيء أهم خصوصاً في الجانب النسوي ويتجلى أمره في هذه الأيام في زيارة الأربعين، بعض النساء يخرجن للزيارة على طريقة المشاية على ما يقولون، طبعاً هذا الأمر يحتاج الى وقت، هناك مجموعة من الأمور الشرعية تفرض وجودها فمثلاً أن هذه المرأة التي خرجت هل كان برضا من زوجها أم على خلاف في رغبته؟ هناك ثمة حقوق للزوج صفتها هي الوجوب بينما الزيارة تبقى مستحبة، الزيارة مهمة، لكن شؤون الزوج أهم والأهم مقدم على المهم، لو خرجت الزوجة من بيت زوجها على أنها لم تحصل رضاه والرغبة في خروجها هل يختلف حكمها عن المرأة التي خرجت من بيت زوجها إلى السوق مثلا؟ اقول له: لا نفس الشيء و نفس الكلام خرجت في زيارة الإمام الحسين ماشية خمسمائة كيلومتر أكثر اقل من غير اذن زوجها خرجت من بيتها من غير إذن زوجها حتى لو ذهبت كي تزور أختها في الروايات تلعنها الملائكة حتى تعود إلى بيتها في رواية[3]، في رواية حتى يرضى عنها زوجها يجب ان نلتفت الى هذا الشيء.
بالنسبة للرجال كذلك، يجب ان نلتفت في هذه الايام هناك حديث متداول في المجالس حول زيارة الاربعين فترى الحديث يدور مثلاً حول: متى تذهب، وهل تذهب مشاية، ومن اين تذهب و...، مهلاً! إن الدين ليس كله زيارة هناك اشياء كثيرة موجودة أهم من الزيارة قد دعانا الإمام الحسين لها؛ اذا اردنا ان نستخلصها بعبارة واحدة تكون: «لطلب الاصلاح في امة جدي» كما يقول الامام الحسين عليه السلام طلب الاصلاح في عباداتهم، طلب الاصلاح في تربيتهم، طلب الاصلاح في علاقاتهم، طلب الاصلاح... وهكذا القائمة تطول.
لينظر الانسان الى نفسه ويرى مثلاً هل لديه مع جاره مشاكل؟ اذا كانت فعليه ان يصلح أموره مع جاره هذا أفضل من الزيارة، عنده أمانة او اقتراض من شخص ولم يسدده، عليه ان يسدده كي يذهب الى الامام الحسين نظيفاً من الوسخ والدرن، والنظافة ليس في البدن والثوب فحسب بل لابد ان تكون روحه طاهرة مطهرة من الوسخ والنجاسات؛ لان الامام الحسين لا يقبل منه سوى ذلك؛ لان محمد وآل محمد منتهى الطيب وهم لا يقبلون الا من الطيبين.
هو يعرف ان عليه حق شرعي متعلق بذمته حتماً وجزماً الا انه يذهب ويزور الإمام الحسين، يزور الإمام علي، يزور الرضا عليه السلام لا يا حبيبي هذا لا يصلح، يعمل مقاولاً عمله انتهى، العمال يطلبون اجورهم، يركضون وراءه سنة او سنتين أو أكثر حتى يصلوا اليه فيقول لهم والله أريد ان اذهب وازور الإمام الحسين! هذا الامر غير صحيح غير صحيح غير صحيح، مثل هذا مثل ذاك الصوفي الذي مر على بائع في السوق فاشترى منه تفاحة وشاغل البائع في التفاحة الثانية وأدرجها في جيب جبته ومشى، التفاحة الأولى هو أكلها، التفاحة الثانية تصدّق بها! التفت إليه تلميذه وقال له: أراك صنعت عجبا أيها الشيخ! قال: لم اعمل الا ما هو المطلوب! قال: كيف؟ قال: أنا سرقتها بمعصية، وأتصدق بها فتكون عندي عشر حسنات فسيئة واحدة مقابل عشر حسنات؛ فالنتيجة تكون عندي تسعة حسنات!
«النتيجة تتبع اخس المقدمات» فعندما تكون المقدمة فاسدة فلا تبقى عشرة حسنات ولا هم يحزنون. هذا فيه إثم والعياذ بالله، فيا حبيبي يا من يصل إليك صوتي هذه مسؤولية شرعية قد يقول القائل: والله لماذا السيد محمد رضا يريد الناس ان لا يزوروا الناس؟! لا بالعكس! الشخص الذي انعم الله عليه، الزوجة التي أخذت اذن من زوجها، والأمور طيبة طبيعية بالعكس.
الله لا يحرمنا من الوصول ولا يحرم احد من الوصول لكن بشرط ان يكون المسار صحيحاً.
سامحونا طولنا عليكم.