نص كلمة بعنوان :دور القرآن على أهل الإيمان
مما لا شك فيه ان للقرآن دوراً، وهذا الدور هو بمثابة الاصل الاول الذي يبنى عليه أي صرح اسلامي يراد له الثبات والاستقرار والاستحكام، والنبي (ص) تحرك في الامة على انه الانسان القرآني الاول فكان الخُلُق الذي يسير به بين عامة الناس هو الخُلُق القرآني والنعت القرآني {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}([1]) وهو تصديق لما كان عليه النبي (ص)، والرسالة هي رسالة الاخلاق في مرحلتها الاولى، ومن تسلح بهذا السلاح على اساس من البناء القرآني يستطيع ان يتصرف في الكثير من الامور الاعتبارية خارجاً، ونحن حينما نضع ايدينا على رؤوس الامة منذ الصدر الاول وإلى يومنا هذا، نجد ان هؤلاء الرموز يمثل القرآن في وجدانهم سمة خاصة وبارزة ومؤثرة، يعني خذها من الصحابة الخلص كسلمان وعمار ومقداد وابي ذر، فهؤلاء قبل كل شيء كانوا من حملة القرآن، وعدم تسليط الضوء على هذا الجانب بالشكل الكافي يقع ضمن الاشكاليات التي ينبغي ان نتجاوزها، والسر في ذلك اننا نتحرك مع هؤلاء بناءً على هذه الحيثية حيثية العاطفة او الميل العاطفي بناءً على الولاء، وهذا الامر لابد منه والتمسك به امر ضروري، ولكن ينبغي ان يسافر لهؤلاء الاعلام الى مساحات اوسع بناءً على ما كانوا يتمتعون به من امتيازات، وواحدة من هذه الامتيازات انهم حملة القرآن، وحملة القرآن على نحو القراءة وعلى نحو التلقين وعلى نحو التأمل والتدبر وعلى نحو التأصيل والتفريع، وكل هؤلاء وغيرهم أكثر من ذلك كأصحاب الائمة (ع) الذين تصدروا القوائم كانوا ايضاً من حملة القرآن، ومع كل امام طبقة معينة فيها نخبة ومن النخبة ايضاً اخص الاخص ما استطاعوا ان يسجلوا حضوراً لولا ان القرآن كان بين ايديهم ويتحرك في وجدانهم ويعمل عمله المباشر في الحراك العقلي الذي اضفى على مشروعهم الشيء الكثير، وعلماء الامة اصلاً لا يمكن ان نتصور فقيهاً لامعاً ومؤثراً ومجدداً منهم الا والقرآن في يمينه، ولا يمكن اصلاً للفقيه ان يصبح فقيهاً فاعلاً مجدداً ما لم يتعاطَ القرآن ويتعاهده في الدرجة الاولى. نعم، قد يصبح فقيهاً لكن في حدود دائرة الفقاهة المتواضعة وأما ان يكون قادراً على التجديد والتغيير والتأصيل والابحار في السفينة الى ابعد، فهذا حصراً على ان يكون الكتاب في يمينه والسنة في شماله ويتحرك بجهد عقلي بعد تزكية النفس {اتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}([2]) ومن أفضل وسائل التقوى او الوسائل التي تحدث حالة التقوى في وجدان الانسان هو القرآن.
والكلام حول القرآن له ابتداء ولكن لا نهاية له. نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من حملة القرآن الكريم تلاوةً واستظهاراً وتأملاً وتدبراً واستنطاقاً، ونسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم بين يدي حامل القرآن الاول النبي الاعظم محمد (ص)، وألتمس منكم جميعاً وانتم حملة القرآن ان لا تنسوا والدتي في الدعاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.