نص كلمة بعنوان: ثمار الدعاء للإمام الحجة عليه السلام

نص كلمة بعنوان: ثمار الدعاء للإمام الحجة عليه السلام

عدد الزوار: 606

2013-05-16

البضع: هو الجزء من الشيء. والزهراء (ع) مدرسة قائمة بذاتها، والطرق الموصلة إليها، والأبواب المفتحة كثيرة، وما على الإنسان إلا أن يسلك الطريق ويدخل الباب، ليؤذن له بالدخول، لينتقل بين أروقة تلك المدرسة الطافحة بالعلم والأدب والجهاد والتضحية.

فهي أم أبيها، والنسمة التي أُتحف بها النبي الأعظم محمد (ص). ومن أقصر الطرق الموصلة إليها هو الخلف الباقي من آل محمد (ص) ، حيث إننا نعيش في ظل ولايته العظمى على الكون بأسره، فهو الإمام المفترض الطاعة على جميع البشر، وهو الامتداد الطبيعي والولائي لنور النبوة. فتشديد العلاقة مع المهدي (عج) يعني أننا داخل دائرة مدرسة الزهراء (ع).

لقد قرأنا ولم نقرأ، ولو أكثرنا من القراءة فلن نصل، لأن الزهراء (ع) فيض لا نهاية له، حتى يرث الله الأرض ومن عليها ويبدأ فيض من نوع آخر، ألا وهو الفيض في عرصات القيامة، حيث توضع الموازين القسط والعدل بين الناس، ما كان بينهم، وما كان بين خالقهم، أو بين أئمتهم وساداتهم وقاداتهم. والزهراء (ع) هي التي تثقل الميزان، من هنا فإننا أحوج ما نكون أن نشدد العلاقة معها من خلال أقصر الطرق، ألا وهو المهدي (عج) .

والطرق الموصلة إلى المهدي (ع) كثيرة أيضاً، أنتقي منها طريقاً واحداً، لعلمي أنه الأقصر والأسهل والأسرع، ألا وهو الدعاء للخلف المهدي بتعجيل الفرج، لنقل الأمة من واقع مرير إلى واقع يفيض بالسعادة والعدالة على جميع بني البشر.

وهنا سؤال يفرض نفسه: هل أن المهدي (ع) بحاجة ماسة لدعائنا أم نحن بحاجة لذلك؟ بطبيعة الحال نحن الأحوج لذلك، ويجب أن نكون أكثر حرصاً على أن نرتبط به من خلال الدعاء، فالدعاء مردودات سريعة علينا. وثمة فوائد يجب أن نقتنصها في هذا العالم قبل حلول الساعة المنتظرة المرتقبة، ومنها أن الله تعالى بالدعاء للمهدي (عج) يقضي حاجة الداعي لأن خروج المهدي (عج) يعني قضاء حوائج المستضعفين على وجه الأرض، وهذا النوع من قضاء الحوائج ترشدنا إليه الكثير من النصوص الصادرة عنهم (ع).

يقول الإمام علي (ع): «قضاء حقوق الإخوان أشرف أعمال المتقين»([2]). فسعي الإنسان للتفريج عن مهموم، أو رفع كرب مكروب، أو قضاء حاجة محتاج، أو مد يد العون لمن طلب العون، قضاءٌ للحوائج. ونحن عندما نمد أيدينا بالدعاء لتعجيل الفرج، فذلك يعني أننا أسهمنا في تعجيل قضاء الحوائج.

ومن المعلوم أن الإنسان يمكنه في موارد الخير أن يكثر أو يُقلّ، فالأمر عائد إليه، لكن الخسارة والربح تصبان دائماً وأبداً في صالحة أو بعكس صالحه.

كما أن الداعي للإمام المهدي (ع) بتعجيل الفرج سوف يقدم الله تعالى له يد العون ويسهل له موارد المساعدة، وهذا من اللطف بالإنسان، والكرامة له. وهذه المساعدة قد تكون في الميدان البسيط أو الميدان الحرج: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ([3])، والنصرة بمعنى المساعدة، سواء في ميدان الوغى والنزال والمجابهة، أم في ميدان الحياة العامة، كما لو طُلبت المعونة أو الشهادة أو غير ذلك من ألوان المساعدة في ميادين الحياة العامة. وبعض الناس قد يتشاغل إذا ما طُلب منه أن يقدم معونة في باب من الأبواب أو جانب من جوانب الحياة، وهذا خلاف ما جاءت به مدرسة أهل البيت (ع).

و عن رجل من الأصحاب قال: كنت أطوف بالبيت، فأتاني رجل من أصحابنا، فسألني قرض دينارين، وكنت قد طفت خمسة أشواط، فقلت له: أتم أسبوعي ثم أخرج. فلما دخلت في السادس اعتمد علي أبو عبد الله (ع) ووضع يده على منكبي، قال: فأتممت سبعي ودخلت في الآخر لاعتماد أبي عبد الله (ع) عليّ، فكنت كلما جئت إلى الركن أومأ إليّ الرجل، فقال أبو عبد الله (ع): من كان هذا يومئ إليك؟ قلت: جعلت فداك، هذا رجل من مواليك، سألني قرض دينارين، قلت أتم أسبوعي وأخرج إليك، قال: فدفعني أبو عبد الله (ع) وقال: اذهب فأعطهما إياه... فلما كان من الغد دخلت عليه وعنده عدة من أصحابنا يحدثهم، فلما رآني قطع الحديث وقال: لئن أمشي مع أخٍ لي في حاجة، حتى أقضي له، أحب إلي من أن أعتق ألف نسمة، وأحمل على ألف فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة([4]).

كما أن الدعاء للمهدي (ع) بتعجيل الفرج فيه إدخالٌ للسرور على قلبه وقلب أمه الزهراء (ع)، باعتبار أن الزهراء (ع) تقرأ في الداعي أنه لولا قربه وطهره وزكاته ومعرفته، لما دعا للمهدي (عج) بالفرج.

ثم إن الداعين للمهدي (ع) بالفرج على شُعب وأصناف، فمنهم المستعد تمام الاستعداد، فلو أن المهدي (عج) خرج فهو حاضر للقائه، لا يخشى شيئاً.

ومنهم من يدعو له بالفرج، ولكن دعاءه ليس أكثر من لقلقة لسان، فلو أن المهدي (عج) خرج وأسند له مهمة فهو ليس على استعداد لتأديتها، لأنه لم يتهيأ مسبقاً لها.

وهناك صنف أسوأ حالاً؛ لأن صحيفته سوداء، فما خرج من لسانه لا يتجاوز الحروف، لأنه مخالف لواقعه تماماً، وهذا يسلك طريقاً يعرف مبتداه، ويجهل منتهاه، ولا يقف على خصائصه، وهذه مصيبة وطامة عظمى.

يروي المحدث الكليني في الكافي عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: «ما عبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن»([5]).

قد يتصور البعض أن كثرة الصلاة والصيام وتلاوة القرآن وبناء المساجد والحسينيات، ودعم الجمعيات، هو ما يدخل السرور على قلوب المؤمنين. نعم، في هذه الأمور إدخال للسرور على قلوب المؤمنين، لا سيما إذا كان عنصر الإخلاص لله سبحانه وتعالى حاضراً، فإن لم يكن حاضراً فهذه مشكلة، لكن الأهم من ذلك أن يُدخل السرور على قلب أخيه المؤمن، وهو كلام الإمام الباقر (ع).

ولكي ندرك أهمية ذلك علينا أن نقرأ الضدّ، لأن الأمر الحسن لا يُصبح واضحاً وجلياً في حُسنه إلا إذا قرأنا ضده، فلا نعرف قيمة العلم ومقامه إلا إذا وضعنا الجهل بجانبه، ورأينا ما يترتب عليه من أخطار. وكذلك الحب، لا ندرك قيمته إلا إذا وضعنا بجانبه البغض والكره والحسد، عندئذٍ ندرك أن شجرة الحب وارفة الظل، يانعة الثمر. وهكذا تعرف الأمور بأضدادها.

فأفضل ما يقدم المرء بين يدي الله تعالى، إدخال السرور على قلب المؤمن، أما إذا رأى أن إدخال السرور ليس من شأنه، فهذا خلاف ما أرادته مدرسة أهل البيت (ع). بل قد يُدخل الأذى والبلاء أحياناً على قلب أخيه المؤمن، سواء كان جاراً أم ابن قبيلة أم أحد أفراد المجتمع أو الوطن أو الدين أو المذهب أو الأمة أجمع. فالشغل الشاغل للبعض التفتيش عن كل ما من شأنه إدخال الأذى على القلوب.

فعلى المرء أن يكون حريصاً كل الحرص على هذا الجانب، ليفتح مسيراً يوصل إلى بابٍ إذا ما فتح فإنه يفتح على عوالم الزهراء (ع) بنت النبي محمد (ص).

أسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.